تركي الفوزان الرئيس التنفيذي للاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية: الرؤية تجاوزت كل التوقعات.. وحلمي ذهبية أولمبية
بدأ تركي الفوزان شغفه بعالم الألعاب الإلكترونية قبل سنوات طويلة، تدرج في عدة مواقع مكنته من اكتساب خبرات متنوعة، وصولًا إلى منصبه الحالي، ليس فقط رئيسًا تنفيذيًّا للاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية في المملكة العربية السعودية بل أيضًا هو رئيس تنفيذي للاتحاد الخليجي والعربي للرياضات الإلكترونية.
برز دوره في تطوير هذا القطاع والارتقاء به إلى مستويات جديدة، وصولًا إلى إقامة الحدث الرياضي الأكبر من نوعه عالميًّا "مونديال الرياضات الإلكترونية" في نسخته الأولى، الذي استضافته بوليفارد رياض سيتي من 3 يوليو حتى 25 أغسطس 2024، الحدث الذي فتح آفاقًا جديدة وواسعة لعشاق الألعاب والرياضات الإلكترونية، وشارك به نخبة من اللاعبين والأندية على مستوى العالم وجعل من العاصمة الرياض وجهة عالمية لمحبي هذه الرياضة.
يعود تركي الفوزان في حواره مع منصة الرجل إلى طفولته وعلاقته بوالديه وأثر كل هذا على مسيرته المهنية، ويتوقف عند أثر رؤية السعودية 2030 على تطور الرياضات الإلكترونية في المملكة، وكيف أسهمت في خلق بيئة داعمة ومحفزة لهذا القطاع الحيوي، ويتحدث أيضًا عن تجربته الشخصية وعلاقته بالألعاب الإلكترونية، إضافة إلى تطلعاته المستقبلية ورؤيته للارتقاء بقطاع الرياضات الإلكترونية في السعودية إلى آفاق جديدة.
كيف تحب أن تقدم نفسك؟
أخوكم تركي بن مشاري الفوزان، ابن، أخ، زوج، وظيفتي هي شغفي، فأنا جيمر منذ الصغر، وقادني هذا الشغف إلى اتخاذه كمسيرة مهنية، تدرجت فيها من خلال العديد من الأدوار التي تعلمت منها الكثير وصولًا إلى الدور الحالي الذي يتيح لي فرصة تقديم المزيد من العطاء للارتقاء بقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية والوصول به إلى أبعاد جديدة تفتح المزيد من الفرص أمام مجتمعه وعشاقه ومحبيه لتحقيق أهدافهم وتطلعاتهم.
ما الذي يميز طفولة تركي الفوزان؟
كانت طفولة جميلة وسط عائلة محبة. وكنت أقضي الكثير من الوقت في اللعب مع الأصدقاء والأقارب خارج المنزل، وأمام شاشة التلفاز والحاسب وأجهزة الألعاب الإلكترونية.
امتنان وتقدير
كيف أثرت علاقتك بوالديك على حياتك المهنية؟
لم أكن لأصل إلى ما وصلت إليه لولا فضل الله أولًا، ثم دعم الوالد رحمة الله عليه ووالدتي حفظها الله. لقد شكلت علاقتي بهما الأساس الذي بنيت عليه شخصيتي. قيمهما وتوجيهاتهما لا تزال تؤثر على قراراتي وتوجهاتي في حياتي الشخصية والمهنية، من بناء الثقة بالنفس، إلى الموازنة بين المسؤولية والشغف، والعمل الجاد، والقيادة بالقدوة، والانفتاح على وجهات النظر المختلفة، وغيرها الكثير.
ولا يمكنني أن أجد الكلمات التي أصف بها مدى امتناني وتقديري لوالدتي العزيزة على كل ما قامت به وما زالت تقوم به من أجلي، وأسال الله أن يعيننا على برها وأن يجعلنا سببًا في سعادتها وراحتها وأن يطيل في عمرها على طاعته، فهي الداعم الأول لي منذ بداية مسيرتي وهي السبب لوقوفي اليوم كـ تركي ولطالما كانت السند لي في جميع محطاتي.
كيف ساهمت مستويات التعليم المختلفة في بناء شخصيتك؟
كل مرحلة أضافت طبقة جديدة إلى شخصيتي وكفاءاتي. زودني التعليم بالأساس المعرفي والمهارات التحليلية، بينما ساهمت الخبرات خارج الفصول الدراسية في تطوير مهاراتي العملية والقيادية. ومن المهم أن يتم تطبيق ما نتعلمه على أرض الواقع ونقله للآخرين للاستفادة منه. تطبيق ما نتعلمه هو ما يحول المعرفة إلى خبرة حقيقية.
الرؤية نقلة نوعية
كيف أثرت رؤية السعودية 2030 على تطور الرياضة في المملكة العربية السعودية؟
لم تؤثر رؤية السعودية 2030 على تطوير الرياضة في المملكة العربية السعودية فحسب، بل حفزت حركة التحول العامة التي تشهدها البلاد منذ نحو عقد من الزمان. وعلى الرغم من أن فرص وآفاق قطاع الرياضة في المملكة كانت مميزة، فإن رؤية السعودية 2030 مهدت الطريق لنقلة نوعية على الصعيد الوطني.
ونجحت مستهدفات رؤية السعودية 2030 في خلق مجتمع نابض بالحياة، حيث تحسنت نوعية الحياة بشكل ملحوظ. ويُعزى هذا الإنجاز إلى التركيز على الرفاهية الجسدية والاجتماعية، وتشجيع المجتمع السعودي على اتباع نمط حياة صحي. كما تجاوزت هذه الرؤية إطار المنافسات الرياضية التقليدية، لتشمل مجالات جديدة مثل الرياضات الإلكترونية، ما يعكس نجاح رؤية السعودية 2030 في تحقيق تقدم ملموس تحت راية القيادة الحكيمة حفظها الله.
كيف دعمت رؤية السعودية 2030 الرياضات الإلكترونية؟
كانت رؤية السعودية 2030 المحرك الرئيس وراء نهضة قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية في المملكة، كونه يستحوذ على اهتمام شريحة كبيرة من الشباب. وجرى اختيار هذا القطاع كأحد القطاعات الـ 13 ذات الأولوية عندما جرى تقديم رؤية السعودية عام 2015، نظرًا لحجم السوق الواعد على مستوى المنطقة، حيث تبلغ نسبة ممارسي الألعاب الإلكترونية من سكان الشرق الأوسط 73% ومع وجود 63% من سكان المملكة البالغ عددهم 32 مليون نسمة تحت سن الـ 30، أدركنا الإمكانات الهائلة لهذا القطاع. واليوم، أثبتت النتائج أن رؤية السعودية 2030 قد نجحت في تحويل هذه الإمكانات إلى واقع ملموس، متجاوزة كل التوقعات.
استثمارات ناجحة
وعلى الجانب الآخر، كيف دعمت الرياضات الإلكترونية رؤية السعودية 2030؟
حققت المبادرات والاستثمارات الكبيرة في قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية نجاحًا باهرًا، حيث ساهمت في خلق مشهد حيوي ومزدهر يجذب ملايين الشباب السعودي. وتعد الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية التي أطلقها سمو سيدي ولي العهد –حفظه الله- خير دليل على هذه الجهود.
وتؤكد هذه الاستراتيجية، التي جرى إطلاقها في عام 2022، على جهود تنمية قطاع الرياضات الإلكترونية وتطوير بنيته التحتية.
وقد حققت نتائج ملموسة من خلال 86 مبادرة شملت مختلف جوانب هذا القطاع، الأمر الذي ساهم في خلق بيئة محفزة للابتكار وريادة الأعمال، وعزز من مكانة المملكة كمركز عالمي للألعاب والرياضات الإلكترونية. وتسهم الاستراتيجية في دعم رؤية السعودية 2030 من خلال تنويع الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة وتوفير تجارب ترفيهية عالمية المستوى.
بصفتك الرئيس التنفيذي للاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية، كيف تقيّم مستوى مسابقات الرياضات الإلكترونية المختلفة في المملكة العربية السعودية؟
منذ تأسيسه في عام 2017، عمل الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية على تطوير مستوى المنافسات، بدءًا من الهواة وصولًا إلى المحترفين. ويسعدنا اليوم أن نشهد ثمار هذه الجهود، ونراها أمامنا تتحول إلى حقيقة ملموسة.
وعلى مدار السنوات السبع الماضية، قمنا بتنظيم واستضافة العديد من الفعاليات عالمية المستوى على الصعيد المحلي والعالمي، ومنها، بطولة "لاعبون بلا حدود"، الحدث الخيري الأكبر على مستوى العالم في الرياضات الإلكترونية والذي يأتي بتعاوننا مع عدد من الجمعيات الخيرية مثل مركز الملك سلمان للإغاثة، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، واليونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، التي جمعنا خلالها مبلغ 40 مليون دولار على مدار 4 سنوات ذهبت لأعمال الخير، بالإضافة إلى موسم الجيمرز في عامي 2022 و2023. وأتاحت هذه البطولات الفرصة أمام أكبر الأندية واللاعبين الواعدين للمنافسة على المسرح العالمي، واكتساب المزيد من الخبرات، وترسيخ مكانتهم بين نخبة نجوم الرياضات الإلكترونية.
اهتمام بالمواهب
كما أولينا اهتمامًا كبيرًا بتطوير المواهب السعودية الناشئة في مجال الرياضات الإلكترونية، إذ قمنا بإنشاء العديد من المسابقات المحلية مثل الدوري السعودي للرياضات الإلكترونية، ودوري المدارس للرياضات الإلكترونية، فضلًا عن دوري الجامعات السعودية للرياضات الإلكترونية. وتهدف هذه المسابقات إلى إرساء بيئة تنافسية تحفّز اللاعبين وتمكنهم من تطوير مهاراتهم والتأهل للمنافسات الدولية.
كيف بدأت قصة بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية؟
لا يمكن حصر أسباب بداية البطولة في عامل واحد، فجميع العوامل المتعلقة بقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية مترابطة ومتكاملة فيما بينها. وكانت رؤية السعودية 2030 والاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية بمنزلة حجر الأساس لهذا المشروع المميز، ولكن هناك العديد من العوامل الأخرى التي أسهمت في هذا النجاح، بما في ذلك الدعم المجتمعي والمبادرات الفردية، التي أدت جميعها دورًا حاسمًا في الوصول إلى هذا الحدث العالمي الكبير.
كما يمكن القول إن جذور هذا النجاح تعود إلى "موسم الجيمرز" في نسخته الأولى، التي شكلت نقطة تحول في تاريخ الألعاب والرياضات الإلكترونية بالمملكة. وقد مهد هذا الحدث المهم الطريق أمام كأس العالم للرياضات الإلكترونية، إذ أسهم في تعزيز البنية التحتية ورفع مستوى التنافسية.
وتأكيدًا على ذلك، شهدت بطولة موسم الجيمرز الأولى عام 2022 مشاركة ما يقارب 400 لاعب وما يزيد على 110 أندية دولية بمجموع جوائز بلغ 15 مليون دولار عبر 6 بطولات. وفي العام التالي، استضافت بطولة موسم الجيمرز: أرض الأبطال أكثر من 1330 لاعبًا و320 ناديًا دوليًّا بمجموع جوائز بلغ 45 مليون دولار عبر 12 بطولة. واليوم تستقبل بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية ما يزيد على 1500 لاعب، وأكثر من 500 نادٍ دولي بمجموع جوائز يتجاوز 60 مليون دولار عبر 22 بطولة. هذا النمو المتسارع يؤكد الدور المحوري الذي قامت به بطولة موسم الجيمرز في إرساء بنية تحتية قوية للألعاب والرياضات الإلكترونية بالمملكة، وتمهيد الطريق لتنظيم أحد أكبر الأحداث العالمية في هذا المجال.
وكان للشراكات الاستراتيجية دور أساسي في نجاح هذا المشروع، حيث تعاون الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية مع مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية، وحظيت البطولة بدعم واسع من 21 علامة تجارية وشركة محلية ودولية، الأمر الذي أسهم في تحويل فكرة ومشروع الحدث إلى واقع.
مستقبل واعد
بعد هذه المسيرة كيف تصف علاقتك بالألعاب والرياضات الإلكترونية؟
كما ذكرت سابقًا، فأنا محب للألعاب الإلكترونية منذ الصغر، وأعتقد أن علاقتي بالألعاب والرياضات الإلكترونية هي مزيج من الشغف الشخصي والالتزام المهني والرؤية المستقبلية. إنها علاقة متطورة باستمرار، تدفعني للنمو والابتكار وتشكل جزءًا أساسيًّا من هويتي المهنية والشخصية. ويمكنني أن أختصرها بكوني لاعبًا، ومتابعًا، ومُمكّنًا.
ما تطلعاتك للمستقبل؟
بالنظر إلى النجاح الباهر الذي حققته النسخة الافتتاحية لكأس العالم للرياضات الإلكترونية، فإن مستقبل هذا الحدث يبدو واعدًا للغاية، حيث لاقى إشادة واسعة من قبل الرياضيين والجمهور ومجتمع الألعاب والرياضات الإلكترونية العالمي، ما يؤكد أننا على الطريق الصحيح.
وشهدت النسخة الأولى مستوى غير مسبوق من التنافسية داخل منطقة SEF أرينا، الصرح الفريد من نوعه، الذي يُعد أكبر منطقة ألعاب ورياضات إلكترونية في العالم بمساحة تقارب 35,000 متر مربع، وذلك بفضل مجموع الجوائز الضخم والتنوع الكبير في الفعاليات والأنشطة المصاحبة. ونجحت المملكة في تنظيم أكبر حدث في تاريخ قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية على مستوى العالم، ما يضع معايير جديدة لهذه الفئة من الأحداث ويؤسس لنسخ مقبلة أكثر إثارة.
ونسعى جاهدين لجعل المملكة العربية السعودية القوة الدافعة في صناعة الألعاب والرياضات الإلكترونية العالمية. فمن خلال الاستثمار في المواهب المحلية وتعزيز البنية التحتية، نهدف إلى بناء بيئة محفزة للإبداع والابتكار، تجذب أفضل الكفاءات العالمية. نحن نؤمن بأن مستقبل الألعاب الإلكترونية واعد، ونطمح إلى أن تكون المملكة في قلب هذا المستقبل المشرق.
هوايات وأمنية
كيف هي علاقتك مع العائلة؟
علاقتي بعائلتي وطيدة جدًّا، وهي المكان الذي ألجأ إليه للشعور بالسعادة والابتعاد عن هموم العمل وضغوطه، وشاكر لهم تحملهم لقضائي وقتًا طويلًا في العمل.
ما هواياتك واهتماماتك؟
أستمتع بقضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء داخل المنزل وخارجه. كما أحب ممارسة الغوص وركوب الدراجات النارية، إلى جانب الألعاب الإلكترونية بكل تأكيد.
ما الأمنية التي تتمناها؟
أتمنى أن ننجح في تحقيق ميدالية ذهبية أولمبية باسم المملكة العربية السعودية في دورة الألعاب الأولمبية للرياضات الإلكترونية، التي ستقام على أرض الوطن في العام المقبل.