دليلك لكيفية إنقاذ نفسك وحياتك من إدمان العمل!
يعمل الكثيرون لساعات طويلة، لدرجة أن الـ8 ساعات المتعارف عليها والمفترضة، باتت حُلمًا بعيد المنال بين بيئات عمل أكثر تعقيدًا مما تبدو، إذ لم لم تعد مكانًا صالحًا للعمل، وهو شيء بالتأكيد لا يمكن تعميمه، كما لا يمكن إنكاره أيضًا.
ولعل المشكلة تكمن في اعتقادات المديرين الخاطئة، وربطهم غير المبرر في بعض الأحيان بين ساعات العمل ومعدل الإنتاجية، على الرغم من وجود الكثير من الدراسات المؤكدة والرصينة التي تنسف مثل هذه الخرافة.
ولأن البعض لايزال مُجبرًا على تحمل ذلك، إما لضغوط الحياة المعاصرة، أو لإدمانهم العمل، فقد أتينا إليكم بهذا الدليل، في محاولة لمساعدة هؤلاء على التعايش، وتحقيق جودة الحياة التي يسعون إليها.
إدمان العمل.. هل المشكلة منك؟
قبل أن تظلم مديرك، عليك أن تسأل نفسك: هل المشكلة منك؟ هل أنت مُدمن العمل أو "Workaholic" كما يقولون؟
بحسب تقريرٍ حديث صدر عن مؤسسة Mercer، فإن أكثر من 8 من كل 10 موظفين معرضون لـ"الاحتراق الوظيفي Burnout".
والاحتراق الوظيفي هو أحد الضغوطات المرتبطة بالعمل، التي تنطوي على الشعور بإرهاق ونفورٍ جسديّ ومعنوي من العمل، ورغبة عارمة في التوقف الفوري عنه، وغالبًا ما ينجم الاحتراق الوظيفي عن إدمان العمل، ولكن ما هو إدمان العمل؟
بحسب ما قالته "مليسا كلارك" لمجلة "فوربس"، وهي مؤلفة كتاب " Never Not Working: Why the Always-On Culture is Bad for Business"، فإن إدمان العمل هو أمرٌ قهري، يدفعنا إلى العمل بشكلٍ مفرط، ويُعرف بأربعة أبعاد:
1. البُعد السلوكي: يدفع الشخص للعمل لفترات أكثر مما يُتوقع منه.
2. البعد التحفيزي: حيث يشعر الشخص بأنه يجب أن يعمل دائمًا.
3. البعد العاطفي: يجعل الشخص يشعر بالخزي، أو القلق، أو الإحباط عندما يكون بعيدًا عن العمل لسببٍ أو لآخر.
4. البعد الفكري: يدفع الشخص للتفكير الدائم في العمل والتشتت المستمر عندما يكون بعيدًا عنه.
الشاهد هنا أن سبب تعاستك في العمل قد لا يكون بسبب مديرك، وإنما بسببك أنت، لأنك مُدمن العمل، ولا تستطيع العيش بدونه دون أن تعي ذلك. وعلى كلٍ؛ سنركز في هذا الدليل على مساعدة مدمني العمل -وليس المُجبرين على ذلك- على استعادة حياتهم إن صح التعبير.
كيف تتخلص من إدمان العمل وتستعيد حياتك؟
مبدئيًا، لا تجعل كلمة "إدمان" تُخيفك، فبعيدًا عن أن هذا الوصف قد يكون دقيقًا بالفعل، ولكنه لا يعني أنه غير قابل للعلاج، وأول خطوة في سبيل ذلك تكون بإدراكك للمشكلة.
اسأل نفسك: هل أمتلك الأبعاد الأربعة أو الصفات التي تحدثت عنها "مليسا كلارك"؟
هل حقًا لا أستطيع التخلي عن العمل؟
وبالجواب الصادق على مثل هذه النوعية من الأسئلة ستكون قد قطعت شوطًا كبيرًا.
إذا لم تستطع التغلب على إدمانك للعمل بعد إدراكه، وهذا متوقعٌ وطبيعي، كوننا نتحدث عن أحد أنواع الإدمان في النهاية، فانتقل إلى المرحلة الثانية، وهي استشارة طبيب مختص، أو انخرط في برامج إعادة التأهيل التي من شأنها أن تساعدك على قهر هذا النوع من السلوكيات.
حلٌ آخر، أو بالأحرى شخص آخر، يمكنك أن تلجأ إليه هو مديرك أو أحد أفراد الموارد البشرية حال كنت تمتلك علاقة قوية معهم، وإذا لم تكن تريد أن تلجأ لأي شخص، فبإمكانك أن تُحدث تغييرات متفاوتة، تبدأ بممارسة هواية جديدة، وحتى المجازفة وترك العمل؛ على الأقل لن تكون مجازفة بحياتك التي يوشك إدمان العمل أن يحولها لجحيم.
اقرأ أيضًا: "الموظف النرجسي".. كيف تتعامل معه دون إخلال بسير العمل؟
علاوة على كل ذلك، هناك بعض النصائح السريعة التي يمكنك أن تُجربها علها تُجدي معك:
1. إزالة السموم الرقمية: خصص وقتًا من يومك، ويُفضل أن يكون طويلًا قدر الإمكان، لقراءة كتابٍ، أو للذهاب في نزهة، أو لقضاء وقت مع الأصدقاء، المهم أن يكون بعيدًا عن التكنولوجيا تمامًا.
2. فرّغ ذهنك وتأمل: على الأقل حاول؛ نحن نعرف كيف يمكن للأمر أن يكون مؤرقًا وصعبًا للغاية في ظل كل هذه المشتتات، ولكن من حق جسدك عليك أن تحاول؛ كل يوم حتى تتقن الأمر.
3. خذ قسطك الكامل من النوم: أحد أفضل الحلول للتعامل مع الضغط النفسي، فالنوم الجيد وحصولك على قسطٍ كافٍ من الراحة -وهو نادرًا ما يحدث مع مدمني العمل- هو خطوة مهمة للغاية لكسر سلسلة أي إدمان، والنوم هنا لا يعني الهروب بلا شك.
4. توقف عن قول كلمة "نعم": هذه ليست نصيحة "تنمية بشرية"، وإنما منهجٌ حياتيّ يجب أن تتبعه، إذا حاول أحدهم أن يستغلك أو إذا كنت مُرهقًا ولا ترغب بتأدية هذا الأمر؛ فقط قل لا، بأسلوبٍ مهذب طبعًا، واسأل نفسك: هل لديّ وقت لإنجاز هذه المهمة فعلًا؟ هل يسمح مجهودي بذلك؟ هل هي مهمةٌ تستحق أصلًا؟ ماذا سيحدث إذا رفضت؟
5. ابتعد عن المشتتات: اختر مهمةً واحدة وركز على إنجازها؛ اعمل بذكاء، لا بجهدٍ أكبر، وهذه ليست "تنمية بشرية" أيضًا.
6. عيّن رقيبًا عليك: سواء كان زميلاً في العمل، أو صديقًا مقربًا، أو أحد أفراد العائلة؛ فقط ابحث عن شخص يمكنه أن يحاسبك وأن يكون رقيبًا عليك؛ يجعلك تخجل من نفسك إذا قصّرت في سبيل كسر عادة إدمان العمل.
7. تتبع ساعات عملك دائمًا: وهذا جزءٌ من فكرة إدراك المشكلة؛ الأمر أشبه بتتبع ساعات استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي، ما قد يدفعك للإقلاع عنها، على الأقل مؤقتًا، اعكس ذلك على العمل وستلاحظ أنك قد تخجل من نفسك عندما تلاحظ تقصيرك في حق نفسك، أو عائلتك، أو أصدقائك، إلخ.
8. ضع معادلة الحياة والعمل نصب عينيك دائمًا: هذا هو الهدف من الدليل الذي نقدمه؛ الهدف الذي إذا حققته ستتغير حياتك إلى الأفضل بشكلٍ جذري، والهدف الذي لن يتحقق بمجرد العمل بالنصائح أعلاه، وإنما بامتلاك رغبة عارمة في التغيير لأجلك ولأجل من تحب وتهتم لأمره ويهتمون لأمرك.
وفي النهاية، تذكر أننا نعمل لأجل أن نحيا، لا العكس، وكلما وجدت نفسك تفني نفسك في العمل، حاول أن تقرأ عن "إدمان العمل- Workaholism" وعن القصص المرعبة والمصائر الموحشة للمصابين بهذه النوع من الإدمان، الذي قد يستهين به البعض.