المستطيلات الحجرية مفاتيح لحضارة مفقودة

المستطيلات الحجرية مفاتيح لحضارة مفقودة

icon

 

كشفت دراسة علمية حديثة عن نتائج مثيرة حول توسع وانتشار الإنسان في شبه الجزيرة العربية خلال العصور الحجرية القديمة، مركزة على منطقة صحراء النفود في حائل بالسعودية. 

الدراسة التي بدأت في عام 2021، جاءت ضمن إطار مشروع "الجزيرة العربية الخضراء"، وهو مشروع بحثي يعنى بدراسة تاريخ انتشار الإنسان وتطوره في المنطقة خلال العصور الحجرية. 

وقد سلطت الدراسة الضوء بشكل خاص على "المستطيلات الحجرية"، وهي منشآت ضخمة تعود للعصر الهولوسيني، والتي تعتبر اكتشافاً مهماً في تاريخ آثار تلك الحقبة.

تقع المستطيلات الحجرية على أطراف صحراء النفود، وتشير إلى نمط حياة الإنسان في تلك الحقبة، حيث استخدمت لأغراض متعددة مثل الطقوس والشعائر الدينية، إضافة إلى دورها في العادات الاجتماعية، وربما كعلامات ترسيم للأراضي. 

ووفقًا للدراسة، لم تكن عملية بناء هذه المستطيلات معقدة للغاية، حيث يمكن لعدد قليل من الأفراد بناء مستطيل يصل طوله إلى 177 مترًا في غضون أسابيع قليلة، بينما كانت المنشآت الأكبر تستغرق شهورًا، ولكنها أُنجزت بشكل أسرع بفضل التعاون المجتمعي.

وأثبتت الدراسة أن هذه المستطيلات تقع غالبًا على مرتفعات تتراوح بين 880 و950 مترًا فوق سطح البحر، ما يعني أن اختيار مواقعها كان يتم بعناية شديدة لضمان الإطلالات الواسعة على المناظر الطبيعية المحيطة، وقربها من مصادر المياه والمواد الخام، وهذا يشير إلى تنظيم مجتمعات العصر الحجري الحديث وتخطيطها بشكل منهجي.

اقرأ أيضًا: "الزلازل السماوية" تثير الرعب منذ 1811.. والعلماء عاجزون عن اكتشاف سرها

هيئة التراث السعودية، التي تشرف على هذه الدراسة، أعلنت نتائجها في مجلة "The Holocene"، وهي جزء من تعاون دولي مع العديد من المؤسسات البحثية المرموقة، مثل: "معهد ماكس بلانك" وجامعتا "توبنجن" و"كولونيا" الألمانيتين، بالإضافة إلى مؤسسات سعودية مثل "جامعة الملك سعود" و"جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية"، وهو التعاون الذي يسهم في تعزيز الفهم العلمي لماضي الجزيرة العربية، ويمثل خطوة هامة نحو فهم أعمق للتراث الثقافي في المنطقة.

إلى جانب هذه الدراسة، تشرف هيئة التراث على 77 مشروعًا آخر للمسح والتنقيب الأثري في مختلف مناطق السعودية، وهذه المشروعات تهدف إلى توثيق التراث الإنساني والثقافي الذي تزخر به البلاد، وتتم بالشراكة مع فرق علمية دولية ومحلية. 

وتشمل المشاريع فحص الآثار المكتشفة، ودراسة كل فترة زمنية، وإعلان نتائج الاكتشافات بشكل دوري، وهي الجهود التي تُعد جزءًا من مساعي السعودية للحفاظ على تاريخها الغني، والمساهمة في الفهم العالمي لتطور المجتمعات البشرية في المنطقة.

تُعد المنشآت الحجرية في السعودية من أكبر المواقع الأثرية في العالم من حيث التنوع والشكل، مما يعزز أهمية هذه الاكتشافات في تقديم صورة أوضح عن ماضي شبه الجزيرة العربية.

 

x
اكتب الكلمات الرئيسية في البحث