قبل أن تتورط.. ما عدد الموظفين الذي تحتاج إليه شركتك؟
لعلكم ما زلتم تذكرون عمليات الطرد الجماعية التي قام بها الملياردير "إيلون ماسك" عقب شرائه "تويتر"، ليقلص عدد الموظفين بنسبة 80٪ من 8000 موظف إلى 1500 موظف فقط، ما أثار ضجة حول إمكانية الشركة بالاستمرار بعدد قليل من الموظفين.
ضجة مماثلة رافقت قيام شركة "ميتا" بخفض عدد موظفيها بنسبة 22٪ مطلع العام الجاري، والمفاجأة الأكبر كانت إعلانها زيادة بنسبة 25٪ في الإيرادات، ما أدى الى أرباح بلغت ١٤ مليار دولار عن العام السابق.
تقليص عدد الموظفين كان سمة هذا العام، الذي شهد عمليات تسريح جماعية في مختلف المجالات والشركات، "آي روبوت" سرحت 31٪ من موظفيها، ومجلة "تايم" استغنت عن 15٪ من طاقم التحرير، و"لوس أنجليس تايمز" سرحت 20٪ من طاقمها، و"أمازون" 35٪ من الموظفين، واللائحة تطول.
ومع ذلك فإن جميع هذه الشركات ما زالت تنمو، وبعضها حقق أرباحاً أكبر من الأعوام السابقة، وهذا يعطي عبرة واضحة ومباشرة، تدلل على أن الشركات تنمو بشكل إستثنائي من دون توظيف عدد كبير من الأشخاص، ولذلك عليك أن تتعرف على العدد الأنسب الذي تحتاج إليه شركتك من الموظفين قبل أن تتورط في فخ التوظيف الكثيف للعمالة.
"كثرة الطباخين تفسد الطبخة"!
توظيف عدد أكثر مما هو مطلوب فعلياً ممارسة شائعة، ولعلك تقوم بذلك من دون أن تدرك، خصوصاً أن الغالبية ترى بأن زيادة عدد الموظفين دليل على النمو والتوسع، بينما الواقع هو أنها تؤدي إلى مشكلات مالية خطيرة، وقد تعيق النمو الفعلي.
"كثرة الطباخين تفسد الطبخة"، من الأمثال الشعبية التي تنطبق وبدقة على هذه المشكلة، ولعلك لمست ذلك في الاجتماع الأخير في عملك، حيث قام أكثر من شخص بالإجابة عن استفسار حول مسار معين في المشروع، بينما هناك عشرات الأشخاص المكلفين، الذين تتقاطع مهامهم بشكل كبير ومتكرر، ما يعني القيام بالمهمة نفسها بمقاربات مختلفة، وهذا بطبيعة الحال يعني نتيجة سيئة.
لماذا توظف الشركات عدداً أكبر مما تحتاج إليه؟
هناك بعض الأسباب التي يُعتقد أنها وراء توظيف الشركات لأعداد كبيرة من الموظفين أكثر مما تحتاج إليه فعلياً، ومنها:
- عدم معرفة المهام المنوطة بالموظفين!
إذا قمنا بسؤالك حالياً عن عدد الموظفين الذين لا يمكنك الاستغناء عنهم، هل يمكنك الإجابة عن ذلك؟
الطريقة الوحيدة للاجابة، هي معرفة المهام التي يقوم بها كل موظف، أو من خلال طرح السؤال بشكل معاكس: "ما هو عدد الموظفين الذين يمكنك الاستغناء عنهم؟"
في الواقع، فإن أحد الأسباب الرئيسة للتوظيف الزائد هو الفشل في تقييم حجم العمل بدقة داخل المنظمة، فعندما لا يكون لدى المديرين فهم واضح للمهام والمسؤوليات المطلوبة لتحقيق أهداف المنظمة، قد يميلون إلى توظيف موظفين أكثر من حجم العمل المتوافر.
- الخوف من نقص الموظفين
الخوف من النقص قد يؤدي إلى الإفراط بالتوظيف، وغالباً ما تشعر كمدير بالضغط لضمان إكمال جميع المهام بكفاءة، ما يؤدي إلى توخي الحذر، والحرص على توظيف أكبر عدد ممكن من الموظفين لضمان ذلك.
وعلى سبيل المثال، قد تتردد قبل تقليص عدد الموظفين في قسم خدمة العملاء، لأن ذلك قد يؤدي لفترة انتظار أطول، ومن ثم تزيد تكاليفك من دون زيادة متناسبة في الإنتاجية.
- التوقعات غير الدقيقة لمسار الأعمال
تدخل إلى متجرك وتلاحظ وجود 4 موظفين في قسم المبيعات، بالإضافة إلى موظفين على الصندوق، رغم أن المتجر لم يشهد زيادة في المبيعات منذ عطلة نهاية الأسبوع، أو ما يُوجب وجود هذا العدد من الموظفين.
عندما لا تتنبأ الشركة بإحتياجاتها من الموظفين بدقة بعد دراسة طلب العملاء، فقد ينتهي بها الأمر بعدد أكبر مما تحتاج إليه، فتحقيق التوازن يحتاج إلى المتابعة والاختيار وفق الأرقام، من خلال مزامنة مبيعات المتجر مع جداول الدوامات ونسبة مبيعات الموظفين، والآن بات لديك صورة واضحة تحدد لك ما إن كان من المنطقي مالياً زيادة عدد الموظفين أو تقليصه.
- الفشل في تدريب الموظفين على المهام المتعددة
تدريب الموظفين للقيام بمهام متعددة ليس مجرد مصطلح رائج، بل هو استراتيجية فعالة في التوظيف، لا ينبغي أن تفشل الشركات فيها، فعندما يستطيع الموظفون القيام بأدوار متعددة يمكن للشركات تحقيق التوازن في القوى العاملة، دون الحاجة إلى تعيين أشخاص إضافيين.
اقرأ أيضًا: كيف يمكنك التعامل مع الموظف الذي لا يلبي التوقعات؟
كيف تحدد عدد الموظفين الذين تحتاج إليهم بالضبط؟
جزء من عملية تحديد عدد الموظفين الذي تحتاج إليه شركتك يعود لتقديرك الشخصي، ولكن هناك طرق أكثر تقنية، بعضها قائم على الأرقام والنسب وبعضها على استراتيجيات تقييمية.
- العوامل المؤثرة في تحديد عدد الموظفين
- الإيرادات الشهرية: إحدى الطرق هي النظر إلى الإيرادات لكل موظف، وهي نسبة تُستخدم لمعرفة مقدار المال الذي يسهم به كل موظف في الشركة، من خلال تقسيم إجمالي الإيرادات خلال شهر معين على عدد الموظفين.
- خطط الفوائد: قد تؤثر الفوائد التي تقدمها على العدد، في حين أن خطة التأمين الصحي للشركات الصغيرة غالباً ما تعتبر قابلة للتطبيق إذا كان لديك بين موظف واحد و50 موظفاً، فقد يؤثر عدد الموظفين الذين توظفهم على مقدار التغطية التي يمكنك تقديمها.
- زيادة الإنتاجية: يمكن أن يساعد حساب الإيرادات لكل موظف على تحديد ما إذا كانوا يعملون بمعدل إنتاجي مقبول أم لا.
- المقاربة "التقنية" لاحتساب عدد الموظفين المناسب
- النظر في مؤشرات الأداء الرئيسة (KPIs): التي تقيس الأداء، من خلال مؤشرات حاسمة كالإيرادات لكل عميل، ومتوسط الحضور، والاحتفاظ بالعملاء وهامش الربح.
- مراجعة الموظفين الحاليين: لتحديد الحاجة لتقليص عمليات التوظيف أو توسيعها، يجب إجراء مراجعة تفصيلية لكيفية أداء الموظفين الحاليين.
- تحليل العائد على الاستثمار لكل موظف (ROI).
- النظر في احتياجاتك: بينما يعد الاستماع إلى موظفيك أمراً مهماً، عليك أيضاً فحص إحتياجات شركتك من وجهة نظرك كمالك أو مدير، فالموظف "المثقل" بالعمل من دون إنتاجية يجب استبداله.
عواقب التوظيف الزائد
- زيادة التكاليف: يؤدي التوظيف الزائد إلى زيادة كبيرة في النفقات، مثل الرواتب والمزايا وتكاليف التدريب والتكاليف العامة مثل المساحات المكتبية.
- انخفاض الإنتاجية: قد يؤدي وجود عدد كبير من الموظفين إلى تراجع في الإنتاجية، حيث قد يصبح الموظفون غير مبالين أو متكاسلين، ما يضعف جودة العمل ويقلل من القدرة على الابتكار والتكيف مع تغيرات السوق.
- فرص نمو مهني محدودة: فرص أقل من الترقيات والتطور المهني، ما يؤدي إلى الشعور بالإحباط وزيادة معدل الدوران.
- انخفاض المرونة: العدد الكبير من الموظفين يقلل قدرة المنظمة على التكيف مع تقلبات السوق أو الاستجابة للظروف غير المتوقعة.