تجاوز الخوف من الصالة الرياضية.. كيف تتغلب على الرُهاب الرياضي؟
الشعور بالخوف من الصالة الرياضية أصبح أحد الأعراض النفسية التي تصيب بعض الرياضيين المبتدئين، وهي ليست عرضًا نادرًا، بل نستطيع القول بأنه منتشر بين المتدربين الجدد.
فالرهاب الرياضي من الصالة الرياضية يأتي من مجرد تفكير المتدرب بمخالطة من هم أفضل منه جسديًّا، ما يجعله يشعر بالرهبة من مشاركتهم حتى لغرف تبديل الملابس، وسماعه لقرقعة الأوزان، بل حتى التدرب بجانب رواد الصالة الرياضية.
إذا كان الرهاب الرياضي هو ما يجعلك تبتعد عن الذهاب للجيم، فلا داعي لتهويل الأمر، لأنك تستطيع التغلب على تلك المشكلة، فقط طالع السطور التالية لتعرف الحل.
ما هو الرهاب الرياضي؟
الرهاب الرياضي أو الخوف من الدخول للصالة الرياضية، هو شعور المتدرب بالقلق والتوتر من الدخول إلى الصالة الرياضية لعدة أسباب تتنامى جذورها داخل عقله، مثل الشعور بالإحراج بسبب شكل الجسم الخارجي، أو من ممارسة تمرين معين أمام المتدربين داخل الصالة الرياضية، وربما الشعور بالقلق من حكم الناس على مدى القوة البدني والمستوى الرياضي للمتدرب.
والحقيقة أن جميع تلك الأعراض يمكن إدراجها بحسب "جمعية الطب النفسي الأمريكية" تحت مُسمى "اضطرابات القلق"، التي تصيب 30% من البالغين، والتي يمكن أن تظهر أعراضها على شكل توتر بدني عضلي بالنسبة للرياضيين.
كما يعد الخوف من المجهول، وعدم الإلمام بكم الأجهزة والمعدات، وافتقار المهارات الرئيسة لأداء التمارين، من العناصر التي تشكل الشعور بالخوف لدى البعض من الدخول إلى الصالة الرياضية .
ما الذي يمكن أن يسبب الرهاب الرياضي؟
مثل غيره من أنواع القلق، فإن حالة الرهاب الرياضي أو الخوف من الدخول إلى الصالة الرياضية له عدة سيناريوهات شائعة، مثل:
- إذا كنت مبتدئًا
عندما تذهب إلى الصالة الرياضية للمرة الأولى في حياتك أو بعد مرور وقت طويل على ذهابك منذ المرة الأخيرة، فمن الطبيعي أن تشعر بالرهبة وبعض القلق، لأن عقلك يرسم لك سيناريو عن نظرة الناس لك ولجسدك.
وتسمى تلك الحالة من القلق باسم "القلق الظرفي"، التي يتشبث عقلك بها بسبب تعرضك لموقف غير مألوف بالنسبة لك، وهو الذهاب إلى الصالة الرياضية، ورؤية مجتمع جديد تمامًا عما اعتاده.
- القلق من التجديد
تلك النقطة تخص المبتدئين وبعض المتقدمين، الذين اضطروا لتغيير صالاتهم الرياضية التي اعتادوا الذهاب إليها دائمًا، فالتنقل إلى أماكن جديدة، وعدم معرفة موضع الأجهزة والمعدات الرياضية في الصالة الجديدة، ومخالطة أشخاص جدد، من مُسببات التوتر لدى البعض.
- ذعر غرفة تغيير الملابس!
قد تبدو الأمور سوداوية للبعض عند التفكير بالاضطرار إلى تغيير الملابس أمام الآخرين داخل الصالة الرياضية، خاصة أن الكثير من الصالات الرياضية لا توجد فيها غرف منفصلة لتغيير الملابس، وبالطبع بالنسبة للمتدرب المبتدئ، فإن رؤية المتدربين لجسده داخل غرفة تغيير الملابس قد تشكل أحد مسببات القلق والذعر من دخول الصالة الرياضية.
- ازدحام الصالة الرياضية
الصالة الرياضية ليست مكانًا هادئًا، ولا ينبغي أن تبدو كذلك، خاصةً في أوقات الذروة، ولكن قد يشعر البعض بالتوتر من الازدحام والأصوات المرتفعة للأجهزة والآلات الرياضية وأصوات تشجيع الرياضيين لبعضهم، وربما تكون هذه الأجواء مثيرة لتوتر وخوف البعض من الذهاب إلى الصالة الرياضية.
وبجانب الأصوات العالية، فإن بعض الأشخاص يعانون ذعر الأماكن المزدحمة، ربما لما سببه "فيروس كورونا" من إغلاقات، وربما كانت فكرة عودة الحياة مرة أخرى لطبيعتها ما زالت غير واردة بالنسبة للبعض.
اقرأ أيضًا: تنوع التمارين الرياضية.. طريقك للحصول على أفضل نتائج برنامجك التدريبي
كيف يمكن التغلب على الرهاب الرياضي؟
للأسف، لعبت المقاطع المصورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي دورًا بارزًا في وضع معايير غير حقيقة، أو ملزمة حول الجسم المثالي الجذاب، ما جعل الكثير من المبتدئين يشعرون بالإحباط وانعدام الثقة والرهاب الرياضي، بشأن إمكاناتهم البدنية الحالية، وهو ما أثر -ربما- على الصحة العقلية والنفسية للمتدربين.
لكن هذا الأمر يجب ألاّ يثنيك عزيزي الرجل عن تسليح نفسك بالمعرفة العلمية، والقوة النفسية قبل البدنية، لإحداث فارق إيجابي لصحتك النفسية، ويساعدك على التخلص من حالة الخوف من الذهاب إلى الصالة الرياضية بواسطة عدة طرق مثل:
- تجنب المجهول!
أحد الأسباب الرئيسة في شعور البعض بالخوف من الصالة الرياضية، هو تصوير عقولهم بأنهم مُقدمون على المجهول، فالمكان غريب عنهم، والأشخاص داخل الصالة الرياضية غير معروفين بالنسبة لهم، حتى كيفية أداء التمارين الرياضية.
لهذا احرص على تجميع بعض المعلومات عن الصالة الرياضية التي تود الالتحاق بها، وقم بزيارتها افتراضيًّا عبر الإنترنت، وتعرف على كيفية أداء التمارين الرياضية بقدر استطاعتك، حتى لا تشعر بأنك وحيد.
- خذ وقتك!
داخل الصالة الرياضية تذكر دائمًا أنك لست بحاجة إلى إثبات أي شيء للآخرين، ومن ثم يجب أن تتخلص من الشعور بأنك مضطر لبذل أكثر من طاقتك البدنية والنفسية منذ يومك الأول.
والأفضل أن تحدد لنفسك هدفًا بدنيًّا بسيطًا تقوم به، وتشعر بالارتياح في أثناء قيامك بذلك، سواء كان ذلك بممارسة بعض تمارين الكارديو الخفيفة أو تمارين التمدد لتهيئة العضلات.
- ابحث عن المساعدة
الاعتماد على مدرب شخصي تثق به يتمتع بخبرة وسمعة جيدة في المجال الرياضي حل رائع، لاختصار الأوقات الصعبة من عدم التأقلم داخل الصالة الرياضية، فبجانب الفوائد النفسية وتعزيز شعورك بالثقة وسماع الكلمات التشجيعية، يمدك المدرب الشخصي بالأساليب الصحيحة لأداء التمارين الرياضية، ومن ثم تجنب التعرض للإصابات التي قد تصيبك بالإحباط.
وبالطبع ستحصل على العناية الغذائية المتخصصة، بما يفيدك في سرعة الحصول على النتائج المرضية، التي بلا شك ستزيد من ثقتك بنفسك مع مرور الوقت، كما يمكنك الذهاب إلى الصالة الرياضية برفقة أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء، ومن ثم الشعور بالراحة النفسية وقضاء وقت ممتع ومفيد مع من تحب.
- اهتم بالتخطيط
إن الالتزام بخطة رياضية محددة لا تساعدك في استغلال وقتك داخل الصالة الرياضية بمثالية فحسب، بل أيضًا تعمل على تخلصك من الرهاب الرياضي، وذلك بسبب ابتعادك عن العشوائية، التي تجعلك تشعر بالتوتر والاضطراب بشأن ترتيب تمارينك أو المجموعة العضلية المستهدفة، ومن ثم الإحساس بالحيرة وانطفاء رغبتك في ممارسة التمارين الرياضية.
اقرأ أيضًا: صباحاً أم مساءً.. أيهما التوقيت الأفضل لممارسة التمارين الرياضية؟
- التقط أنفاسك!
إذا شعرت بالاضطراب والتوتر داخل الصالة الرياضية، احرص على استخدام تقنية التنفس بعمق، وذلك لإجبار معدتك على التمدد، ومن ثم خفض الجسم لمستويات هرمون التوتر و"الكرتيزول" داخليًّا، وهو ما يجعلك تشعر بالهدوء والصفاء الذهني مرة أخرى بعد دقائق قليلة.
هل يؤدي الذهاب للصالة الرياضية إلى تقليل القلق والتوتر؟
ربطت العديد من الدراسات العلمية بين أهمية الذهاب إلى الصالة الرياضية، وممارسة التمارين، بانخفاض مستويات القلق والتوتر والاكتئاب، وتحسين الصحة النفسية واستقرارها، ولم تخيب نتائج الدراسات العلمية ظنون المتخصصين، حيث تم إثبات وجود علاقة قوية بالفعل بين ممارسة التمارين الرياضية -بغض النظر عن نوعها- وبين مساعدة المتدربين في جني فوائد تحسين صحتهم العقلية المرتبطة بالقلق والتوتر.
وفي السياق نفسه، قسمت إحدى الدراسات 286 شخصًا لثلاث مجموعات، تمارس التمارين عالية الشدة ومنخفضة الشدة، بينما لم تمارس المجموعة الثالثة أي نشاط بدني، لتظهر النتائج تحسنًا واضحًا في مستويات القلق والتوتر لدى المجموعة الأولى والثانية، على عكس المجموعة الثالثة.
أما على صعيد المقارنة لمدى جودة المكتسبات النفسية بين ممارسة التمارين عالية ومنخفضة الشدة، فإن المشي السريع لمدة 10 دقائق فقط يكفي لتحسين وتخفيض مستويات القلق والتوتر .
بدائل أخرى للتغلب على الخوف من الذهاب إلى الصالة الرياضية
إذا كنت غير مستعد للذهاب إلى الصالة الرياضية، وتحتاج إلى المزيد من الوقت لاكتساب العزيمة اللازمة لذلك، فلا بأس، يمكنك تجربة بعض الحلول الأخرى التي تساعدك على ممارسة التمارين الرياضية، وجني المكتسبات البدنية والنفسية، ومن ثم مضاعفة مستويات الثقة في النفس والشعور بالرضا عن الشكل الخارجي لجسمك، وهو ما سيحعلك تقدم على الذهاب إلى الصالة الرياضية قريبًا.
وربما تكون ممارسة التمارين الرياضية في المنزل حلاً رائعًا للحصول على المكتسبات العضلية والنفسية اللازمة، لتشجيعك على الذهاب إلى الصالة الرياضية فيما بعد.
ومن مميزات ممارسة التمارين داخل المنزل، أنك لن تحتاج إلى الكثير من المعدات أو إلى مساحة شاسعة، وسيكفي قيامك بعملية بحث سريعة على شبكة الإنترنت لمعرفة أهم التمارين المنزلية الفعالة.
وإذا كنت لا ترغب في ممارسة التمارين المنزلية، فيمكنك أداء التمارين الرياضية في الهواء الطلق خارج المنزل، سواء في حديقة منزلك أو بالمشي أو الركض، أو حتى ممارسة ألعاب مثل التنس وكرة القدم أو السلة.