تصفية الذهن وتخفيف التوتر.. فوائد ركوب الأمواج للصحة النفسية
قد تعلو أمواج البحر بين فينة وأخرى، وربّما لا تكون مُتوقّعة في بعض الأحيان، لكن بعض الناس يستهويهم ركوب الأمواج، ويتمكّنون من تحديد الأمواج المناسبة لفعل ذلك بدقة.
إنّ ركوب الأمواج من الرياضات الممتعة جدًا، بل إنها تساعد على تحسين الصحة النفسية وتخفيف الاكتئاب والقلق، وزيادة الثقة بالنفس، وأيضًا تعزيز التواصل مع الآخرين.
كما أنّها من الرياضات التي تُحسِّن اللياقة البدنية وتُقوِّي عضلات الجسم بالكامل، فهل تتوقّف فوائدها عند هذا الحد؟ وكيف يمكن أن تستمتع بفوائدها بأمان دون خوفٍ من الماء؟
كيف يُحسِّن ركوب الأمواج الصحة النفسية ويُخفِّف الاكتئاب والقلق؟
أُجريت دراسة نُشِرت عام 2019 في "Psychology of Sport and Exercise"، لبحث آثار برنامج العلاج بركوب الأمواج لمدة 6 أسابيع لأفراد الخدمة العسكرية الأمريكية، وقد وجد الباحثون أنّ ركوب الأمواج يُخفِّف الاكتئاب والقلق بين المشاركِين ويُعزِّز المزاج عمومًا.
من ناحيةٍ أخرى فإنّ وجود الإنسان في الطبيعة له العديد من الفوائد لصحته النفسية، لكن الأنشطة المائية تحديدًا لديها القدرة على مساعدة الأشخاص الذين يُعانُون اضطرابات نفسية.
وحسب بحثٍ نشر عام 2020 في "Global Journal of Community Psychology Practice"، فإنَّ ركوب الأمواج ساعد على تخفيف اضطراب الاكتئاب الشديد وكذلك اضطراب ما بعد الصدمة، وقد بدا أنّ المُستفيد بشكلٍ أكبر من ركوب الأمواج من يُعانُون كلا الاضطرابَين معًا.
ركوب الأمواج وسيلة لتعزيز الثقة بالنفس
قد تساعدك تجربة الأنشطة التي اعتبرتها ذات مرة مستحيلة، مثل ركوب الأمواج، في تعزيز ثقتك بنفسك، والشعور بثقة أكبر في قدراتك.
وقد أظهرت دراسة صغيرة عام 2021 نُشِرت في "Frontiers in Psychology" أنّ تسعة مراهقين أستراليين التزموا برنامج العلاج بركوب الأمواج لمدة 8 أسابيع، فتحسّنت ثقتهم بأنفسهم واحترامهم لذواتهم.
ركوب الأمواج وزيادة التواصل الاجتماعي
الوحدة وقلة التواصل مع الآخرين مُنذِرة بالمعاناة من اضطراباتٍ نفسية، وفي المقابل فإنّ ركوب الأمواج يُوفِّر فرصة لمقابلة أشخاصٍ جدد، وكذلك فرص أفضل للتواصل والاستمتاع مع الآخرين.
وقد استكشفت دراسة نشرت عام 2017 في "HSOA Journal of Community Medicine and Public Healthcare" فوائد علاج ركوب الأمواج لـ48 طفلًا ومراهقًا، وحسب النتائج فإنّ ركوب الأمواج قد ساعد على تحسين المهارات الاجتماعية، والعلاقات الشخصية والتنظيم العاطفي، إلى جانب إدارة الوقت ومهارات حل المشكلات.
وفي دراسةٍ أخرى نشرت عام 2021 في "Frontiers in Psychology"، فإنّ ركوب الأمواج ساعد على تحسين التواصل الاجتماعي والمهارات الشخصية.
مزايا أن تكون وسط البحر بعيدًا عن التكنولوجيا
يتطلّب ركوب الأمواج أن تضبط وضعية جسمك جيدًا، وتُولِي اهتمامًا كافيًا لحركة الأمواج، لمعرفة متى وكيف تتحرّك بطريقةٍ صحيحة، وذلك بعيدًا عن استخدام الهاتف الذكي أو الأجهزة الإلكترونية التي تكون محيطة بك على اليابسة، ما يساعدك على التركيز في اللحظة الحالية عند ركوب الأمواج وزيادة اليقظة، كما يُسهِم ذلك في تخفيف التوتر وزيادة الهدوء والاسترخاء.
أيضًا فإنّ قضاء بعض الوقت في البيئات الطبيعية، مثل المحيط، لا يفيد الصحة النفسية فقط، بل يجعلك تستمتع بجمال المياه والطبيعة الخلّابة من حولك، إثر تدفّق الأمواج مع صوتها المميّز الذي لا تكاد تخطئه أذنك.
أهمية ركوب الأمواج للمصابين بالتوحد
التوحد هو اضطراب يؤثر في التواصل والسلوك، ومُعالَجة المعلومات الحسّية، ولا يُعالِج ركوب الأمواج التوحد، لكن أصوات المحيط وتكرار قدوم الأمواج، يمكن أن يُوفِّر تجربة حسّية، يجدها العديد من المصابين بالتوحد مريحة ومهدئة بالنسبة لهم.
وحسب بحثٍ نشر عام 2018 في "International Journal of Disability, Development and Education"، فإنَّ العديد من آباء الأطفال المصابين بالتوحد قالوا إنّ ركوب الأمواج ساعد على تقليل القلق وتحسين النوم لدى أطفالهم.
ورغم محدودية الأبحاث حول ركوب الأمواج والتوحد عند البالغين، لكن هذه الفوائد يمكن تعميمها على أي عمر.
ركوب الأمواج بين المتعة وتحسين اللياقة البدنية
يُعدّ ركوب الأمواج أحد أشكال تدريبات الجسم بالكامل؛ إذ تعمل كل عضلات الجسم تقريبًا في أثنائه، بدءًا بعضلات الرقبة، مرورًا بعضلات الذراعين والكتفين، وصولًا إلى عضلات الجزء السفلي من الجسم، التي تساعد على توازن الجسم.
كذلك فإنّ ركوب الأمواج يُحسِّن لياقة القلب؛ إذ يزيد معدّل ضربات القلب، بما يساعد على إيصال مزيدٍ من الدم والأكسجين إلى عضلات الجسم، كما أنّ ركوب الأمواج يزيد مرونة العضلات والمفاصل.
ولأنّ ركوب الأمواج شكل من أشكال التمارين الرياضية، فقد ذكر موقع "Healthline" أنّ ممارسة التمارين الرياضية بانتظام يساعد في تخفيف أعراض الاكتئاب والقلق، كما أنّ التمارين الرياضية تُقلِّل فرص الإصابة بالاكتئاب.
كيف يحافظ ركوب الأمواج على صحة عظامك؟
ثمّة فرصة للحصول على فيتامين د خلال ركوب الأمواج تحت ضوء الشمس، فهي المصدر الأول لفيتامين د، وهو فيتامين ضروري لامتصاص الكالسيوم، الذي يُحافِظ على صحة العظام وصلابتها ويمنع هشاشتها.
اقرأ أيضًا:الجري.. رياضة سهلة وفوائد صحية لا تُحصى
ركوب الأمواج بديل لصالة الألعاب الرياضية
قد ترغب في الحصول على فوائد ممارسة الرياضة للصحة النفسية أو لتحسين لياقتك البدنية، وتجد صعوبة في الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية واستخدام الأجهزة الموجودة هناك.
لذا بدلًا من الذهاب إلى هناك والتعامل مع الآلات، يمكنك تجربة ركوب الأمواج والتعامل مع الماء، خاصةً أنّها تُحرِّك عضلات الجسم بالكامل تقريبًا.
هل لركوب الأمواج مخاطر؟ وكيف تمارسه بأمان؟
رغم الفوائد المتنوّعة لركوب الأمواج، لكن تظل هناك بعض المخاطر، مثل الغرق أو السقوط من على لوح التزلّج، لذا إليك بعض النصائح لركوب الأمواج بأمان:
1. زِد معرفتك بالمحيط:
يمكن أن يكون المحيط والأمواج غير متوقعة حتى في أفضل الأوقات، وقد تساعدك معرفة الأنواع المختلفة من الأمواج وكيف تنكسر على تحديد الموجات التي يسهل التزلج عليها، وأيّ منها يجب أن تبتعد عنه.
2. احذر التيّارات:
التيارات من المخاطر الرئيسة التي تهدِّد راكبي الأمواج قليلي الخبرة، فقد تحملك بعيدًا إلى البحر أو إلى أمواجٍ متقطعة كبيرة، لذا تأكّد من قدرتك على تحديد أماكن التيارات والابتعاد عنها، وعادةً ما تحتوي الشواطئ على لافتات تُحدِّد أماكن ذلك.
3. تعلّم لغة ركوب الأمواج:
ركوب الأمواج له لغة خاصّة به، فلا يستخدم راكبو الأمواج ذوو الخبرة مصطلحات ركوب الأمواج فحسب، بل يستخدمون أيضًا الصراخ وبعض الإشارات عندما يكونون في الماء، فإذا كُنت تتزحلق على الماء وسمعت صراخًا أو صفيرًا، فمن المحتمل أن يكون راكب أمواجٍ متمرّس على موجة متوجهًا نحوك، بما يعني "احترس، أنا قادم نحوك!".
4. لا تتمادَ في ركوب الأمواج:
يتطلّب ركوب الأمواج مستوى عاليًا من اللياقة البدنية، وراكبو الأمواج ذوو الخبرة تُصبِح لياقتهم جيدة جدًا بعد أن يمضوا آلاف الساعات في الماء، لذا تأكّد من عدم المبالغة في ممارسة ركوب الأمواج، خاصةً إذا كُنت مبتدئًا، لأنّ تعبك قد لا يمكّنك من البقاء طافيًا على سطح الماء إذا فقدت لوح التزلج، فعندما تبدأ بالتعب، اذهب إلى الشاطئ واسترح.