هل هناك فوائد للمياه المالحة؟ وما أضرار شُربها؟
لعذوبة الماء سرٌ لا نُدرِكه، فالماء لا طعم له، ومع ذلك نجد له مذاقًا يُميِّزه بالتأكيد عن المياه المالحة مثلاً أو غيرها من أنواع المياه، ورغم أنّ المُكوِّن الزائد في المياه المالحة هو الملح فقط، فإنّ ذلك يُؤمِّن للجسم بعض الفوائد، مثل تحسين الهضم، والتخلص من السموم، وأيضًا علاج احتقان الحلق، لكنّها لا تخلو كذلك من أضرار خاصةً مع الإفراط في تناولها، فهل ترجح كفّة الفوائد على الأضرار أم تثقل كفّة الأخيرة؟
فوائد المياه المالحة
رغم مذاقها المُغايِر للمياه العذبة، فإنّ للمياه المالحة فوائد عديدة لصحة الإنسان، بدءًا من ترطيب الجسم، ومرورًا بخسارة الوزن، وانتهاءً بتخفيف التوتر، كما يتضح فيما يلي:
1. ترطيب الجسم
يُساعِد شُرب الماء في أي حالةٍ كانت في ترطيب الجسم، والوقاية من الجفاف، وتتميّز المياه المالحة بقُدرتها على موازنة مستويات المعادن في الجسم إلى جانب تحقيق الرطوبة.
يحتاج الجسم عمومًا إلى اتّزان مستويات بعض المعادن لأداء مهامه على أفضل وجه، مثل الصوديوم والبوتاسيوم، والكالسيوم والمغنيسيوم؛ لذا فعندما يتناول الإنسان كمية من المياه المالحة، يستعيد ما يحتاج إليه الجسم من معادن أساسية، والتي قد تُفقَد في الطقس الحار، خاصةً مع ممارسة التمارين الرياضية أو النشاط البدني عمومًا.
2. الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي
مع عدم الإفراط في شُرب المياه المالحة، فبمقدورها تيسير الهضم، فحسب دراسةٍ منشورةٍ في مجلة الطب البديل والتكميلي "Journal of Alternative and Complementary Medicine"، فإنّ الماء المالِح يُحسِّن حركة الأمعاء، كما قد يُعزِّز إفراز العصارات الهاضمة، ما يُساعِد على تكسير الطعام وتسهيل الامتصاص، والاستفادة من العناصر الغذائية.
علاوةً على ذلك، تُساعِد المياه المالحة في الحفاظ على درجة حموضة المعدة، بما يُحسِّن الهضم عمومًا.
3. التخلُّص من السموم
تُخلِّص المياه الجسم من السموم، سواءٌ كانت مالحة أو عذبة، فشُرب الماء يزيد كمية البول، ومِنْ ثمّ يتخلّص الجسم من كمٍ أكبر من السموم، لكن ليس هذا هو التأثير الوحيد، فبتحسين المياه المالحة للهضم، تزيد عدد مرات قضاء الحاجة، ومِنْ ثمّ التخلُّص من السموم بدرجةٍ أكبر.
4. الحفاظ على البشرة
تُحافِظ المياه المالحة على البشرة عند استخدامها موضعيًا على البشرة، إذ تُساعِد في تقشير البشرة، كما تُسهِم في تخفيف بعض المشكلات الجلدية الشائعة، مثل:
- حب الشباب "ليست علاجًا مستقلاً لحب الشباب وإنّما من المواد المساعدة في تخفيف الاضطراب".
- الصدفية.
- الإكزيما.
- تخفيف التهاب الجلد التحسسي.
أيضًا للمياه المالحة دور في تخفيف التهابات البشرة، وتخليصها من السموم، ويُفضّل استخدام الملح الناعم بدلاً من الخشن، كما ينبغي أن تُستخدَم المياه المالحة غسولاً للبشرة لا أن تُفرَك البشرة بها، ويُفضّل أن تُستخدَم على البشرة مرة أو مرتين أسبوعيًا.
5. تعزيز خسارة الوزن
قد يُساعِد شُرب المياه المالحة في خسارة الوزن لكن بصورة غير مباشرة، فبتخليص الجسم من السموم وتطهير الجهاز الهضمي، قد تُسهِم في الحفاظ على الوزن، لكن هذا غير مؤكد، إذ إنه بمقدور الجسم التخلُّص من السموم دون تدخلٍ خارجي، ومع ذلك لا يفقد بعض الناس أوزانهم بهذا فقط.
6. التغلُّب على احتقان الحلق
المضمضة بالماء المالح من السُبل العلاجية المُتّبعة للتغلُّب على احتقان الحلق وتهيّجه، فحسب دراسةٍ، فإنّ المياه المالحة تحجب استجابة بعض العناصر المُحفِّزة لأعراض الحساسية واحتقان الحلق، مثل الجلوبيولين المناعي E، والهيستامين، والسيتوكينات المُؤيِّدة للالتهابات.
إضافةً إلى ذلك تُساعِد المياه المالحة على تفكيك المخاط، وتخفيف الالتهابات، بما يُؤدِّي إلى تحسُّن وظائف الرئة عمومًا، ومِنْ ثَمّ تُعدّ المياه المالحة - خاصةً الدافئة - علاجًا منزليًا لنزلات البرد، والحساسية، وغيرها من مشكلات الجهاز التنفسي.
كذلك تُعدّ المياه المالحة مُفِيدة للأطفال الذين يُعانُون التهاب اللوز، إذ تسحب التركيزات المرتفعة من الملح في المياه السوائل المتراكمة في الأنسجة الملتهبة، ما يُساعِد على تخفيف الألم والتورُّم.
7. التخلُّص من رائحة القدم الكريهة
المياه المالحة أحد الطرق الطبيعية السهلة للتخلُّص من رائحة القدم، وذلك بغمسها في ماءٍ مالحٍ فقط، ورغم أنّ رائحة القدم قد تنتج من عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية، فإنّها قد تحدث أيضًا بسبب عدوى بكتيرية.
وتُعدّ المياه المالحة مضادًا طبيعيًّا للبكتيريا، ومِنْ ثَمّ فقد تُساعِد على منع نمو البكتيريا المُسبِّبة لرائحة القدم، واستخدامها لهذا الغرض يكون على النحو التالي:
- غمس القدم في ماءٍ مالحٍ دافئ بضع دقائق.
- غسل القدم بعد ذلك بماءٍ بارد، أو فركها بمكعبات الثلج.
- القيام بذلك بصفةٍ دوريةٍ للوقاية من فرط التعرُّق المُفضِي إلى رائحة القدم الكريهة.
اقرأ أيضًا:لماذا يستمر الشعور بالجفاف رغم شُرب الماء والسوائل؟
8. تخفيف التوتر
للمياه المالحة تأثيرٌ مُهدِّئ، ومِنْ ثَمّ فهي مُخفِّفة للتوتر، مُساعِدة على الاسترخاء، فبعض المعادن الموجودة في المياه المالحة، مثل المغنيسيوم تُساعِد على تهدئة الجهاز العصبي، ما يُحسِّن الحالة النفسية ويُزِيل التوتر عمومًا.
أضرار المياه المالحة
تحمل المياه المالحة فوائد عديدة للجسم نظريًا، لكنّها كذلك لها بعض العيوب، إذ قد تضر الجسم في بعض النواحي، مثل:
1. الإسهال
نعم، قد تُحسِّن المياه المالحة حركة الأمعاء والجهاز الهضمي، وتزيد عدد مرات قضاء الحاجة؛ للتخلُّص من السموم، لكنّها قد تُؤدِّي أيضًا إلى الإسهال، خاصةً مع كثرة شُرب المياه المالحة، وتكمن خطورة الإسهال في أنّه قد يُؤدِّي إلى الجفاف إثر فقد الجسم بعضًا من سوائله.
2. نقص بعض العناصر الغذائية
صحيحٌ أنّ المياه المالحة تُرطِّب الجسم كما تفعل المياه العذبة، وتمدّه ببعض المعادن الأساسية، إلّا إنّها خالية أيضًا من معادن أخرى يحتاج إليها الجسم، فهي تُوفِّر قدرًا لا بأس به من ملح كلوريد الصوديوم، لكن ماذا عن باقي العناصر والمعادن؟ وهذا ما قد يجعل الإنسان يُعانِي نقصًا في بعض العناصر الغذائية، خاصةً مع كثرة شُرب المياه المالحة، وعدم تعويض هذه العناصر من الطعام أو المكملات.
3. تلف الكلى
عادةً يحتوي كوب المياه المالحة المُحضَّر في المنزل، على كمية زائدة من الأملاح، وهذه الكمية الكبيرة قد تُسبِّب مشكلات للكلى تحديدًا "هي العضو المسؤول عن طرد الأملاح الزائدة في الجسم".
وقد يُؤدِّي احتياح الجسم مِنْ قِبل كميات الملح الكبيرة إلى تسريع تلف الكلى، ولا يخفى عليك أنّ الطعام الذي تتناوله يوميًا يحتوي على الملح، وربّما يوفر للجسم كفايته من الصوديوم، فكيف لو أُضِيف إلى جانب ذلك المياه المالحة بكميةٍ كبيرة؟ بالتأكيد ستتضرَّر الكلى في محاولة التعامل مع هذه الكمية الهائلة من الأملاح؛ لذلك ينبغي عدم الإفراط في شُرب المياه المالحة.
هل من الآمن شُرب مياه البحر؟
تحتوي مياه البحر على قدرٍ هائلٍ من الملح، أكبر من المياه المالحة المُحضّرة منزليًا، وقد يُؤدِّي شُرب مياه البحر إلى إلحاق ضررٍ هائلٍ بالكلى، إضافةً إلى تعريض الإنسان للجفاف، وهذا بخلاف المياه المُضاف إليها ملح المنزل، الذي يُمكِن ضبط كميته، وبصورةٍ عامةٍ لا يُوصِي الأطباء بشُرب مياه البحر، فحتى الرشفة الصغيرة من مياه البحر قد تُسبِّب القيء، كما أنّها تُقرِّب الإنسان خطوةً من الجفاف على الأقل.
أيهما أفضل المياه المالحة الدافئة أم العادية؟
المياه المالحة عمومًا مُفيدة للصحة - طالما لا تتناولها بإفراط - ويُنصَح بشُرب المياه المالحة الدافئة لتأثيراتها العلاجية، فهي تُحسِّن الهضم، وتُعالِج مشكلات الجهاز التنفسي، كما تُخفِّف التوتر أيضًا، ويُمكِن استخدامها في المنزل للتغلُّب على احتقان الحلق، والحساسية ونزلات البرد.
لكن تأكّد من ذوبان الملح بالكامل في المياه قبل شُربها، كما لا ينبغي الإفراط عمومًا في شُرب المياه المالحة.