"متلازمة الشخصية الرئيسة".. عندما تكون بطل روايتك ومحورها!
شخصٌ يرى نفسه "بطل الرواية"، يُركِّز على نفسه فقط، ولا يتعاطف مع الآخرين، وهو دوماً بحاجةٍ إلى إعجاب وثناء من حوله؛ باذِلاً قصارى جهده لبلوغ ذلك، وهو ليس نرجسياً، وإن تشابه معه، بل هو مُصاب بما يُعرَف بـ"متلازمة الشخصية الرئيسة"، فما أسبابها؟ وكيف يمكن التعامل معها؟
ما هي متلازمة الشخصية الرئيسة؟
"متلازمة الشخصة الرئيسة" مُصطَلح يُطلَق لوصف شخص يرى نفسه على أنّه "الشخصية الرئيسة" أو "بطل الرواية" في حياته؛ إذ يميل المصابون بتلك المتلازمة إلى النظر إلى حياتهم على أنّها فيلم سينمائي، هم نجومه.
ورغم أنّ اسمها متلازمة، فهي ليست متلازمة فعلية أو اضطراب نفسي، فقد نشأ المُصطلح في الأساس على منصات التواصل الاجتماعي، ويُستخدَم لوصف الأشخاص الذين لديهم بعض الميول النرجسية، إذ يميل هؤلاء الأشخاص إلى الظنّ بأنّهم هم الأهم في أغلب المواقف والتفاعلات مع الناس.
بعبارةٍ أخرى، لا يرى المصاب بمتلازمة الشخصية الرئيسة كل ما يحدث حوله في العالم إلّا من نظرة أحادية، وهو كيفية تأثيره عليه، وربّما لا يكون ذلك سيئاً بالضرورة، لكنّه قد يُؤدِّي إلى:
- قلة التعاطف مع الآخرين.
- خراب العلاقات.
- الانخراط في بعض السلوكيات لجذب الانتباه.
علامات متلازمة الشخصية الرئيسة
متلازمة الشخصية الرئيسة ليست تشخيصاً رسمياً، فلا تُوجَد معايير مُحدّدة لتوضيح متى يكون شخص ما مُصاباً بها، لكن يمكن وصف شخص بأنّه يُعانِي تلك المتلازمة حال ظهور العلامات الآتية:
1. التركيز الشديد على الذات:
قد يظهر التركيز الشديد على الذات في عدة أمور، مثل الحديث المستمر عن الذات، أو الشعور بحاجتك المستمرة إلى أن تكون مركز اهتمام الآخرين، والانشغال الدائم حول ذاتك، وقد يصل الأمر أحياناً لدرجة أن يرى المُصاب نفسه أعلى من الآخرين، ما قد يُؤدِّي إلى الشعور بالاستحقاق أو أنّه يستحق معاملة خاصة.
2. الحاجة إلى إعجاب الآخرين:
غالباً ما يكون المُصابون بمتلازمة الشخصية الرئيسة بحاجة ماسة إلى الإعجاب والثناء من الآخرين، وقد يبذلون قصارى جهدهم لجعل أنفسهم يبدون بمظهرٍ جيد في نظر الآخرين، وغالباً ما ينتقدون أنفسهم بشدة إذا لم يتلقّوا الإعجاب الذي يظنُّون أنّهم يستحقونه.
اقرأ أيضًا:"متلازمة النائم طويلاً": لماذا ينام بعض الناس أكثر من غيرهم؟
3. قلة التعاطف مع الآخرين:
لا يتعاطف المصاب بمتلازمة الشخصية الرئيسية مع الآخرين، كما أنّه غير قادر على فهم ما يشعر به الآخرون، وهذا قد يجعله يتصرّف ببرود وبغياب تامٍ لأي تعاطف مع من حوله.
4. الإستمرارية وصعوبة العلاج:
متلازمة الشخصية الرئيسة حالة مزمنة، ما يعني أنّها تستمر فترة طويلة ويصعب علاجها، وقد يكون من الصعب جداً على الأشخص المُصابين بتلك المتلازمة التعامل مع أعراضهم بمفردهم، بل غالباً ما يحتاجون إلى مساعدة مُعالِج مختص.
5. ضعف الوعي الذاتي:
يفتقر المصاب بتلك المتلازمة أيضاً إلى القدرة على رؤية حالته أو أنّه بالفعل يُعانِي مشكلة، وهذا قد يجعل طلب المساعدة أو الحصول على العلاج أمراً صعباً بالنسبة له، فهو لا يدري أنّ لديه مشكلة بالفعل.
6. عدم وجود الحافز أو الدافع
غالباً ما يواجه الأشخاص الذين يُعانُون متلازمة الشخصية الرئيسة الكثير من المشكلات في تحفيز أنفسهم على فعل أي شيء خارج اهتماماتهم الخاصة، وهذا قد يجعله المصاب كسلاناً وغير مُنتِج، وربّما يُسبِّب له مشكلات في حياته الشخصية والمهنية.
اقرأ أيضًا:"أموات على قيد الحياة".. ماذا تعرف عن متلازمة الجثمان السائر؟
7. علامات أخرى
كذلك هناك علامات أخرى تدل على متلازمة الشخصية الرئيسية، مثل:
- التركيز على الذات في كل محادثة أو حوار.
- إضفاء الطابع الرومانسي على التجارب أو العلاقات.
- الانفصال عن قِيمه أو احتياجاته الحقيقية.
- الانكباب على وسائل التواصل الاجتماعي "الإعجابات" للتثبّت منها.
- الشعور بالحاجة إلى التفوق على الآخرين للبقاء محطّ أنظار وانتباه الآخرين..
أسباب متلازمة الشخصية الرئيسة
هناك العديد من العوامل التي قد تُسهِم في حدوث متلازمة الشخصية الرئيسة، ولعل أكثرها شيوعاً:
1. الأبوّة النرجسية:
قد تؤدي تربية الطفل من قِبل أبوين يُقدِّمان له رعاية مفرطة أو يدعمانه بشكلٍ مفرط إلى إصابته بمتلازمة الشخصية الرئيسة لاحقاً، أو قد يكون أكثر عُرضةً للإصابة بها فيما بعد، وذلك لأنّ هؤلاء الأطفال لن يتعلّموا كيفية التعامل مع الفشل أو النكسات، وسيعتمدون بدلاً من ذلك على الوالدَين للحصول على الدعم والموافقة.
2. ضعف الثقة بالنفس:
غالباً ما يكون المُصابون بمتلازمة الشخصية الرئيسة، ضِعاف الثقة بأنفسهم، لأنّهم يشعرون بأنّهم بحاجةٍ إلى أن يكونوا كاملين في أعيُن الآخرين ومعصومين من الخطأ، كي يجعلوا أنفسهم يشعرون بتحسُّن.
3. التجارب غير السارّة:
قد يؤدي مرور الإنسان بحدثٍ مؤلم أو سلسلة من الأحداث العصيبة إلى أن يكون أكثر عُرضةً للإصابة بمتلازمة الشخصية الرئيسة، لأنّ هذه الأحداث قد تجعله يشعر بالعجز وفقدان السيطرة، ومِنْ ثَمّ الشعور بأنّه بحاجة إلى تولّي المسؤولية والتحكّم في كل شيءٍ في حياته.
اقرأ أيضًا:عندما تتمرّد أناملك عليك.. ما هي متلازمة اليد الغريبة؟
هل لمتلازمة الشخصية الرئيسية علاقة بالنرجسية؟
قد تتشابه بعض سمات "متلازمة الشخصية الرئيسية" مع "اضطراب الشخصية النرجسية"، فالمصاب باضطراب الشخصية النرجسية يمتلك إحساساً كبيراً وغير واقعي بالذات، كما تكون حاجة المرء شديدة إلى أن ينال إعجاب الآخرين.
والأمر نفسه ينطبق على متلازمة الشخصية الرئيسة، لكن ليس بالقدر نفسه عند النرجسي، كما أنّ اضطراب الشخصية النرجسية اضطراب نفسي، له تشخيصه وطرق علاجه، وقد يُؤثِّر بدرجةٍ بالغة في حياة الشخص وعلاقاته.
تأثيرات متلازمة الشخصية الرئيسة
قد تُؤثِّر متلازمة الشخصية الرئيسية بطرق مختلفة في حياة الشخص، وكذلك في علاقته بالآخرين، وأبرز هذه التأثيرات:
1. مشكلات العلاقات:
يُواجِه المصابون بمتلازمة الشخصية الرئيسة صعوبة في الحفاظ على علاقات سويّة مع الآخرين، بسبب شعورهم المتضخم بأهميتهم الذاتية، وعدم تعاطفهم مع الغير، كما قد ينتقدون الآخرين، بما يُشعِل فتيل الصراع في العلاقات معهم.
2. مشكلات متعلقة بالعمل:
قد لا يعمل المصاب بمتلازمة الشخصية الرئيسة بشكلٍ صحيح، لأنّه غالباً ما يفتقر إلى الحافز، ولا يستطيع التركيز على المهام التي لا يمتلك شغفاً تجاهها، كما قد يصعب العمل معه بسبب سلوكه الأناني.
3. العُزلة الاجتماعية:
بسبب افتقارهم إلى التعاطف مع الآخرين والمهارات الاجتماعية الأخرى، فقد يُفضِّل المصاب بتلك المتلازمة قضاء وقته بمفرده، وهذا قد يجعله أكثر عُرضةً للإصابة بالاكتئاب أو الاضطرابات النفسية الأخرى.
اقرأ أيضًا:"متلازمة الاغتراب الوالدي".. عندما يدفع الطفل ضريبة انفصال الأبوين
كيفية علاج متلازمة الشخصية الرئيسة
تختلف طرق العلاج حسب الأعراض التي يُعانِيها المُصاب بالمتلازمة، ولكن أكثر طرق العلاج الأكثر شيوعاً هي:
1. العلاج الفردي:
يُساعِد المُعالِج الشخص في فهم حالته ونفسه بشكلٍ أفضل، كما يُعلِّمه كيف يتعامل مع المشاعر والسلوكيات التي تُسبِّب مشكلات له في علاقاته.
2. العلاج الجماعي:
قد يكون العلاج الجماعي مفيداً أيضاً، لأنّه يساعد المصاب بمتلازمة الشخصية الرئيسة، بما يسمح له بالتفاعل مع الآخرين، الذين يتعاملون مع مشكلات مماثلة، فيمكنهم التعلّم من بعضهم كيفية التعامل مع مشكلاتهم.
3. الأدوية:
قد يحتاج بعض المصابين إلى أدوية لتخفيف بعض الأعراض، مثل أدوية الاكتئاب أو أدوية الذهان، ومع ذلك يجب أن تكون الأدوية ملاذاً أخيراً، وبالتأكيد يجب أن تلتزم بوصفة طبية تحت إشراف الطبيب المختص الذي يمكنه مناقشة الحالة وتحديد مسارات العلاج.