"الرجل الملاك".. ماذا تعرف عن متلازمة أنجلمان؟
قريبة من التوحُّد، وتشترك مع اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط في بعض الأعراض، إلّا إنّها فريدة من نوعها، وليست بالاضطراب الأول ولا الثاني، وتُعرَف بـ"متلازمة أنجلمان" النادرة، التي قد يصحبها صغر حجم الرأس، أو إعاقة ذهنية للطفل، أو صعوبات التعلُّم، إلى جانب التشنّجات في بعض الأحيان، فما تلك المتلازمة وما أسبابها؟ وهل يمكن علاجها؟
ما هي متلازمة أنجلمان؟
متلازمة أنجلمان أو متلازمة الرجل الملاك، هي اضطراب وراثي نادر يُعانِي فيه الإنسان إعاقات تنموية وعقلية، ومشكلات في الحركة، ونوبات صرع، إلى جانب سلوك سعيد غير منطقي، وتُصِيب هذه المتلازمة واحدًا من كل 15,000 مولود، حسب مؤسسة متلازمة أنجلمان غير الربحية.
ولكل طفلٍ مُصاب بالمتلازمة سمات مُميّزة، لكن عادةً ما تُشخَّص المتلازمة عندما يتراوح عُمر الطفل بين 6 - 12 شهرًا، ونظرًا لنُدرة المتلازمة، فقد تُشخّص خطًأ على أنّها توحّد أو شلل دماغي.
أعراض متلازمة أنجلمان
سُميّت متلازمة أنجلمان على اسم طبيب الأطفال البريطاني "هاري أنجلمان"، الذي وصف الحالة عام 1965، وتختلف أعراض متلازمة أنجلمان من طفلٍ لآخر، كما أنّها واسعة النطاق، فتشمل أعراضًا جسدية وتنموية وسلوكية، وعصبية كذلك.
السِمات الجسدية
صِغر مُحِيط الرأس من السمات الجسدية المُصاحبة لمتلازمة أنجلمان، لكن ذلك لا يظهر في وقت الولادة وإنّما مع نمو الطفل، إذ يقصر نمو الرأس مقارنةً مع بقية الجسم، وهذا يُؤدِّي إلى صِغر الرأس، وكذلك الدماغ، ولا يُلاحَظ ذلك إلّا عندما يتراوح عُمر الطفل بين سنة واحدة إلى سنتين.
وإلى جانب ذلك تضمُّ الأعراض الجسدية لمتلازمة أنجلمان ما يلي:
- قِصر الرأس.
- تباعُد الموقَين "الموق هو زاوية العين التي يلتقي فيها الجفن العلوي بالسفلي".
- الحول.
- الشدَق.
- أسنان متباعدة على نطاقٍ واسع.
- أصابع مدببة مع إبهام عريض.
- نعومة راحة اليد مع ثنيات غير طبيعية بها.
- نقص تصبُّغ الجلد أو الشعر أو العين "غياب اللون".
ولا تُؤثِّر متلازمة أنجلمان في الطول أو حجم الأطراف ولا النمو الجنسي بخلاف غيرها من المتلازمات الجينية، كما لا يتأثّر البلوغ أو الخصوبة سواء عند الذكور أو الإناث المُصابين بمتلازمة أنجلمان.
لكن قد تظهر علامات جسدية أخرى مع تقدُّم العمر، مثل:
- زيادة الانحناء الجانبي التدريجي للعمود الفقري "الجنف".
- تضخُّم غير طبيعي للفك.
- القرنية المخروطية.
- السمنة، خاصةً عند السيدات.
السمات التنموية
تُعدّ الإعاقة الذهنية الشديدة من خصائص متلازمة أنجلمان، وكذلك قد لا تظهر أعراض ذلك حتى يتراوح عُمر الطفل بين 6 - 12 شهرًا، إذ يعجز عن أداء بعض السلوكيات التي ينبغي لمن بلغ عمره من الأطفال الآخرين أداءها، مثل الزحف أو الثرثرة وما إلى ذلك.
ومع تقدُّم الطفل في العُمر، تزداد الإعاقة وضوحًا، كما يبلغ مُعدّل ذكاء البالغين المُصابِين بمتلازمة أنجلمان أقل من 70، ما يعكس القصور في القدرة على التعلُّم، والإعاقة الذهنية الموجودة.
وإلى جانب ذلك، فقد يُعانِي المُصابون بمتلازمة أنجلمان غيابًا شبه تامٍ للكلام والكلمات، بل أغلبهم يُطوِّر أكثر من 5 - 10 كلمات في مفرداتهم "رغم ذلك، فهم شديدوا التقبُّل لأشكال التواصل غير اللفظية".
ومن السمات التنموية المُميِّزة لمتلازمة أنجلمان أيضًا:
- صعوبة التعلُّم، وربّما يكون ذلك بسبب ضعف قدرة الذاكرة على الاحتفاظ بالمعلومات وقصر فترة الانتباه.
- ضعف المهارات الحركية الدقيقة والجسيمة.
وعلى الرغم من كل هذه المشكلات، فإنّ المتلازمة لا تتطوّر أعراضها؛ لذلك فإنّ المريض يتحسَّن مع العلاج البدني والتواصل المستمر، فبمقدور المُصابِين تعلُّم اللباس والأكل بالسكين والشوكة، والاستجابة للتعليمات الأساسية، وأداء الأعمال المنزلية.
اقرأ أيضًا:كل ما تريد معرفته عن "متلازمة الأيض".. وكيفية علاجها
السِمات السلوكية
السعادة هي المَعلم الواضح لمتلازمة أنجلمان، إذ يضحك المُصاب ويبتسم بصورةٍ مُتكرِّرة مع الحِفاظ على تلك الحالة من البهجة والسعادة باستمرار، كما تشمل الأعراض السلوكية أيضًا للمتلازمة ما يلي:
- فرط النشاط مع قصر فترة الانتباه.
- طول أوقات الضحك والابتسام دون مبرر.
- الحركة المستمرة والفضول اللامتناهي.
- عدم انتظام النوم "ما لا يزيد عن 4 - 5 ساعات من النوم في كل مرة"، وهذا قد يُعزِّز فرط النشاط لديهم.
- بروز اللسان.
- سيلان اللعاب.
- كثرة المضغ أو القيام بحركات الفم.
- افتتان غير طبيعي بالماء.
لكن مع تقدُّم الطفل في العُمر، تعتدل بعض هذه السلوكيات، ومع اقتراب مرحلة البلوغ، يهدأ فرط النشاط وأنماط النوم غير الصحية أو تختفي تمامًا.
السمات العصبية
يتسبَّب الخلل الجيني الكامن وراء متلازمة أنجلمان في ضعف وظائف الجهاز العصبي، ما يُؤدِّي إلى بروز مجموعة من الأعراض تُؤثِّر بصورةٍ مباشرة وغير مباشرة على الحركة والوظائف الأخرى:
- الرنح، يُعدّ من العلامات الباكرة لمتلازمة أنجلمان، وفيها يفقد المرء اتزّانه، وكذلك القدرة على تنسيق حركات العضلات، ما يُؤدِّي إلى اهتزاز الذراعين والساقين عند الحركة مثلاً.
- مشية صلبة، والمشي مع رفع المرفق وثني المعصم.
- 10 % من الأطفال لا يُمكِنهم السير دون مساعدة.
- ردود الفعل المنعكسة المُبالَغ فيها "يختبرها طبيب المخ والأعصاب".
- التشنجات عندما يتراوح عمر الطفل بين 2 - 3 سنوات مع قراءة غير طبيعية لرسم الدماغ.
- ضعف التغذية عند الرضع، بسبب عدم قدرة الجهاز العصبي على تنسيق عمل العضلات اللازمة للبلع، وإذا استمرّت هذه المشكلة حتى البلوغ، فقد تُؤدِّي إلى ارتجاع المريء.
أسباب متلازمة أنجلمان
تحدث متلازمة أنجلمان بسبب خللٍ جيني في الكروموسوم 15، ولا يُشترَط أن يكون أحد الأبوين مُصابًا بالمتلازمة كي يُعانِي منها الابن، ورغم ثبوت الخلل الجيني، فإنّ 10% من الحالات لم يُعرَف لها سبب.
هل يمكن علاج متلازمة أنجلمان؟
لا يُوجَد علاج جذري لمتلازمة أنجلمان؛ إذ لا يُمكِن تصحيح الخلل الجيني، ويُركِّز العلاج بالكامل على تقليل الأعراض، وتعزيز صحة الطفل المُصاب؛ لذا قد يتضمّن العلاج ما يلي:
- الأدوية المضادة للصرع: تُوصَف هذه الأدوية لتخفيف التشنجات التي قد يُعانِيها الطفل.
- الميلاتونين: قد يُساعِد في تحسين أنماط النوم ما قد يُسهِم أيضًا في تخفيف نوبات الصرع أو التشنجات.
- العلاج الجسدي: مع دعامات الكاحل الداعمة، فهذا يُساعِد في حركة الطفل، كما يحفظ مرونة المفاصل ويمنع تيبُّسها.
- العلاج الوظيفي: لتعلُّم الرعاية الذاتية، مثل ارتداء الملابس "عادةً تكون الملابس دون أزرار أو أربطة"، أو تنظيف الأسنان، أو الذهاب إلى الحمام بمفرده.
- علاج التخاطب واللغة: قد يُشكِّل التواصل اللغوي مع الطفل تحدّيًا طويلاً الأمد، ويُساعِد ذلك النوع من العلاج في التعرُّف على الكلمات والمفردات بما يُحسِّن التواصل الشفهي واللغوي مع الطفل.
- علاج ارتجاع المريء: للأطفال المُصابِين به إثر المتلازمة أو حتى البالغين، فقد تُوصَف أدوية مُثبِّطات مضخة البروتون، مثل أوميبرازول، وقد تحتاج بعض الحالات الشديدة إلى تدخلٍ جراحي بعملية تثنية القاع "fundoplication"؛ لتقوية العضلة العاصرة للمريء بما يمنع ارتجاع المريء.