متلازمة ستندال.. عندما يصير الجمال عدوًا للإنسان!
لِلجمال لذّة تُبصِرها العين، لا يُضاهيها شيء، فكم من لوحةٍ فنية أخذت بلُبِّ مُبْصِرها، وكم من منحوتةٍ تاريخية حفرت أثرها في وُجدان إنسانٍ طالعها. وفي وسط كل ذلك الجمال، إذ بأُناسٍ تزداد ضربات قلوبهم، ويشعرون بقلقٍ جم إثر مُعاينتهم لذلك الجمال، في متلازمة غريبة فريدة من نوعها، تُعرَف بـ"متلازمة ستندال". فما الذي يجعل الإنسان مرتبكًا مضطربًا في حضرة الجمال؟ وهل تستمر تلك المتلازمة كُلّما كان الجمال قريبًا منه أم لا؟
ما هي متلازمة ستندال؟
متلازمة تصحبها أعراض نفسية وجسدية عند رؤية تجارب جمالية أو أعمالٍ فنية، أو أشياء ذات قيمة جمالية أو تاريخية كبيرة، ومن تلك الأعراض الهلوسة والشك، وسرعة ضربات القلب، وغيرها، ويُطلَق عليها أيضًا "متلازمة فلورنسا".
أعراض متلازمة ستندال
تظهر أعراض متلازمة ستندال عندما يقف الإنسان أمام قطعةٍ فنية جميلة، أو لوحةٍ فنية رائعة، خاصةً إذا كان المرء في أحد المتاحف أو المعارض، وعندما يتعرَّض الإنسان لهذه المنحوتات أو التحف أو اللوحات الجميلة، تبدأ الأعراض في الظهور:
- زيادة مُعدّل ضربات القلب وخفقانه.
- الدوار الشديد.
- نوبات الهلع.
- الارتباك.
- الغثيان.
- فقدان الذاكرة المُؤقَّت.
- الهلوسة (رؤية أو سماع أشياء أو أصوات غير موجودة في الواقع مثلًا).
- جنون الارتياب "جنون العظمة".
- ألم الصدر.
- القلق.
- الاكتئاب.
- الإغماء.
وقد كشفت دراسةٌ حسب موقع "mind" عن أنّ بعض المُصابِين قد يميلون إلى تدمير القطع الفنية الجميلة لتخفيف الأعراض التي يُعانُونها، فعادةً ما تكون الأعراض مُفاجئة، وتستمر فترة وجيزة؛ من يومين إلى ثمانية أيام.
وأشارت ذات الدراسة أيضًا إلى أنَّ:
- 66% من المرضى يُعانُون أعراضًا عصبية نفسية.
- 29% من المرضى يُعانُون تقلّبات مزاجية حادة.
- 5% من المرضى يُعانُون نوبات هلع وخلل الوظائف المستقلة، مثل ضغط الدم والهضم وغيرها من الوظائف اللاإرادية "لا يتحكم فيها الإنسان".
أسباب متلازمة ستندال
من الغريب أن يُصعَق المرء في حضرة الجمال، لكن ذلك هو الواقع في متلازمة ستندال، والأسباب تختلف من إنسانٍ لآخر، وما وصل إليه الباحثون بشأن الأسباب يتضمّن ما يلي:
1. السفر
يُظنُّ أنَّ السفر هو السبب الرئيس لمتلازمة ستندال، أو بالأحرى الاضطرابات العاطفية المُبالَغ فيها عند المُصابِين بتلك المتلازمة، فمثلًا لاحظ الباحثون أنَّ المُصابِين بها عادةً ما يكونوا عازبين، تتراوح أعمارهم بين 26 - 40 عامًا، وربّما يُحاوِلون التأقلم مع مجهود السفر، أو اضطراب الرحلات الجوية الطويلة.
بل زعم الباحثون أنَّ السفر قد يُؤدِّي إلى انزعاج نفسي، خاصةً إذا كان مُرتبطًا بـ:
- اكتساب المعرفة.
- اكتشافات جديدة.
- الإشباع الروحي.
- الثراء العاطفي.
اقرأ أيضًا:عندما ينفطر فؤادك من شدة الحزن.. ما هي متلازمة القلب المكسور؟
2. الصدمة الحضارية أو الثقافية
أشارت إحدى الدراسات إلى أنَّ السفر يُعدّ من أسباب التوتر؛ الأمر الذي قد يزيد الاضطرابات النفسية لدى الإنسان، والتي قد تتراوح بين الصدمة الحضارية "Culture shock" إلى أن تكون رحلة مُمرِضة للإنسان.
لذلك قد يحدث أي مرضٍ متعلّق بالسفر- مثل متلازمة ستندال- بسبب التأثير الكبير لتجارب المسافر مع التغيير القادم من ثقافة مختلفة وطريقة عيشٍ مختلفة عمّا ألفه واعتاده.
ونتيجة لذلك، فإنّ هذه الأعراض المتعلقة بالسفر، والناجمة عن رؤية ثقافة مختلفة، قد تُؤدِّي لاضطرابات عاطفية أو نفسية يرتدّ أثرها في أي مرحلة من مراحل الرحلة، والتي قد تكون بالقُرب من المنحوتات أو اللوحات الفنية، التي تعكس ثقافة أخرى بلا شك.
3. العلاقة بين الفن والمشاعر
تتطوّر متلازمة ستندال عمومًا عند السُّياح المُولعين بالفن والمُغرمين بالجمال، وتنشأ الأعراض عندما يكونون في الأماكن التي تنزع فتيل مشاعرهم تجاه الجمال أو التي تعني لهم معنى عاطفيًا عميقًا؛ إذ يتشكّل رابط بين العاطفة والعلم في أعمق مساحات العقل.
كذلك تظهر أعراض المتلازمة عندما يُدهَش الإنسان بشدة من جمال ما يراه، أو ما يعتبر أنّ جماله هائلًا، لكن هذه التاثيرات تستمر فترةً قصيرةً عادةً، ولا تتطلّب تدخلًا طبيًا.
لكن في حالات أخرى، قد يستجيب الجسم بطريقةٍ أخرى؛ تُشبِه الإغماء إلى حدٍ كبير أو ذروة النشوة الجنسية! فيضطر المُصاب إلى الابتعاد عن القطعة الفنية التي رآها لعدم قدرته على تحمُّل ذلك الجمال (حسبما يراه).
وذلك يعني أنّ متلازمة ستندال هي نوع من الصدمة الفنية، وفي هذا السياق فإنّ المتلازمة غير محصورة في الأعمال الفنية فحسب، بل قد تحدث أيضًا مع المناظر الطبيعية الخلّابة.
4. مشكلات صحية
أكّدت الدراسات أنّ معاناة المرء من اضطرابات نفسية أو مشكلات صحية خطيرة، قد يزيد خطر الإصابة بمتلازمة ستندال، خاصةً إذا أزعجتهم رحلتهم أو سفرهم تجاه المكان الذي يحوي الجمال الذي يبغونه.
علاج متلازمة ستندال
تُعدّ أعراض متلازمة ستندال مؤقتة، ولا تتطلّب تدخلًا طبيًا على الأرجح، لكن إذا كُنت تشعر بالقلق وزيادة معدل ضربات القلب وما إلى ذلك عندما تُبصِر عملًا فنيًا، فرُبّما تتغلب على تلك الأعراض بالحصول على قسطٍ من الراحة والابتعاد فقط عن تلك المنطقة.
فإذا كُنتَ لا تزال غير مرتاح، ففكِّر في التنفُّس العميق أو غيرها من تقنيات الاسترخاء، وفي حال أُصِبت بإغماء مثلًا، فمن الضروري تجنُّب الإصابات وعلاجها إن وقعت، وتلك الحالة قد تتطلّب تدخلًا طبيًا بلا شك.
وقم بالتحدُّث إلى الطبيب واستشارته إذا كانت لديك مخاوف بشأن تجربتك مع الجمال، فقد يُساعِدك في تشخيص الأمر، فرُبّما تُعانِي اضطراب القلق وليس متلازمة ستندال، ومن الخيارات العلاجية المُقترَحة للعلاج في بعض الحالات، خاصةً مع تكرُّر الأعراض:
- العلاج المعرفي السلوكي.
- أدوية الاكتئاب.
اقرأ أيضًا:كيف تعرف أنك مصاب بـ"متلازمة البطة"؟ إليك الأعراض وطرق المواجهة
التعايُش مع متلازمة ستندال
حسب موقع "healthline"، فإنَّ متلازمة ستندال نادرة، ولكن بمجرد إصابتك بها مرة، فقد تكون مُعرّضًا للإصابة بها مرة أخرى في المستقبل، خاصةً إذا واجهت قطعة فنية، خطفت مشاعرك.
لذا إذا كُنتَ تُخطِّط للسفر لمكانٍ تُعرَض فيه قطع فنية تاريخية، فرُبّما من الأفضل الراحة لفترة طويلة نسبيًا مسبقًا للمساهمة في تقليل خطر الإصابة بمتلازمة ستندال، كما ينبغي أن تُعلِم رفيقك في السفر أنّك قد تحتاج إلى المساعدة، وكيف له أن يُساعِدك بأفضل طريقة.
مآل متلازمة ستندال
متلازمة ستندال متلازمة غريبة مُثِيرة للجدل عمومًا، وليست أعراضها واحدة عند كل الناس، كما أنّ أعراضها ليست فريدة للغاية، فقد يُعانِي أي شخصٍ زيادة مُعدّل ضربات القلب أو الغثيان في أي لحظةٍ لأي سببٍ كان.
ولم تجد الأبحاث السريرية علاجًا لها حتى الآن، بل إصابة الإنسان بها مرة عند وقوفه أمام قطعة جمالية، قد يعني احتمال تكرُّر إصابته بها مستقبلًا عندما يُواجِه ذلك الجمال من جديد وإن لم يكُن مماثلًا لما رآه من قبل، فالجمال هو الجمال مهما اختلفت أشكاله.