"كبار السن أكثر الضحايا".. ماذا تعرف عن متلازمة "ديوجانس"؟
تبدو ملامح من تجاوزوا الستين ربيعًا محفورةً بأثر الزمان، مكسوّة بخبرات لا يُضاهيهم فيها أحد، تشكّلت بمرور الشهور والسنوات، ومع ذلك فلكلّ جوادٍ كبوة، وقد يُصابُ بعض كبار السن بمتلازمة "ديوجانس" بعد ذلك العُمر الطويل، وفيها يُهمِلون نظافة منزلهم أو حتى نظافتهم الشخصية، ويُصبِحون عُرضةً لمختلف الأمراض، كما تزداد فرص الإصابة بها لدى كبار السن الذين يعيشون بمفردهم، فهل من سبيل للتعامُل مع هذه المتلازمة؟
ما هي متلازمة ديوجانس؟
هي اضطراب سلوكي يُصِيب كبار السن، سواء كانوا رجالاً أو نساءً، وتتضمّن أعراضه الرئيسة الاكتناز المُفرِط، وعدم نظافة المنزل، وإهمال النظافة الشخصية، كما يميل هؤلاء الأفراد إلى الانسحاب من المجتمع.
وأشارت الأبحاث إلى أنّ متلازمة ديوجانس أكثر شيوعًا بين الأشخاص ذوي الذكاء المتوسط، والذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا، ويعيشون بمُفردهم.
وغالبًا ما تُؤدِّي هذه المتلازمة إلى بعض الأمراض، مثل الالتهاب الرئوي، أو بعض الحوادث، مثل السقوط أو الحرائق، وقد ترتبط متلازمة ديوجانس ببعض الاضطرابات النفسية:
- الفِصام.
- اضطراب الوسواس القهري.
- الاكتئاب.
- الخرف.
- الإدمان، خاصةً الكحول.
أعراض متلازمة ديوجانس
تختلف أعراض متلازمة ديوجانس من إنسانٍ لآخر، لكن ثمّة سمات مشتركة تدلّ على المتلازمة، تتضمّن ما يلي:
- عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية، أو الصحة العامة.
- عدم الثقة في المجتمع، أو الغرباء.
- جنون العظمة، أو الشكّ العام.
- الانعزال والانفصال عن الآخرين.
- نزعة للوسواس القهري.
- الاكتناز المُفرِط، أو جمع الأدوات المنزلية والنفايات.
- ظروف معيشية غير صحية ولا آمنة.
- ضعف التغذية.
- الخوف أو عدم الثقة في الأطباء والمستشفيات.
- تشوّه تصور الواقع بالنسبة لهم.
- العداء مع الآخرين.
- عدم الرغبة في قبول مساعدة من الآخرين.
- عدم الشعور بأي حرجٍ أو عار بشأن انعدام النظافة في المكان.
- التهابات جلدية بسبب إهمال النظافة الشخصية.
الاكتناز ومتلازمة ديوجانس
وصف الباحثون متلازمة ديوجانس بأنّها أحد المظاهر الخاصة لاضطراب الاكتناز، إذ يُصبِح منزل المُصاب بمتلازمة ديوجانس غير نظيف ولا صحي، لدرجة أنّ الآخرين من خلفية ثقافية مماثلة، سيعتبرون أنّه من الضروري تنظيف المكان.
كذلك قد يكون الاكتناز خطرًا على الصحة العامّة؛ لأنّه يجلب الحشرات والقوارض إلى المكان، كما أنّ تراكُم الممتلكات والقمامة قد يكون وقودًا مناسبًا مع اشتعال أي حريق، ومن الصعب الهروب إذا اشتعل حريق مع هذه الممتلكات المُكتنَزة.
أسباب متلازمة ديوجانس
لا تتوافر أبحاث كافية لفهم سبب متلازمة ديوجانس، ومع ذلك افترضت بعض المصادر أنّ نصف المُصابِين بمتلازمة ديوجانس عانوا مسبقًا مشكلة صحية عقلية، وفي غياب أي مشكلة نفسية، يفترض الباحثون أنّ متلازمة ديوجانس قد تكون رد فعل للتوتر الناجِم عن حدثٍ مؤلم، مثل وفاة أحد أفراد الأسرة أو ما شابه ذلك.
ففي أوقات الشِدّة والحزن، قد تتعطل بعض الأنشطة اليومية، مثل الرعاية الشخصية، أو يتغاضى عنها المرء نفسه، وبسبب غياب الأبحاث الدقيقة، فما زال سبب المتلازمة مجهولاً، وكذلك مضاعفاتها.
عوامل خطر الإصابة بمتلازمة ديوجانس
أشار موقع "healthline" إلى بعض العوامل التي قد تُحفِّز ظهور أعراض متلازمة ديوجانس، وهذا قد يتضمّن الحوادث المؤلمة، مثل وفاة الزوج، أو أحد الأقارب، أو الطلاق، أو التقاعد، كما قد تُؤدِّي بعض المشكلات الطبية إلى المتلازمة، مثل:
- السكتة الدماغية.
- فقدان القدرة على الحركة نتيجة كسر العظام أو التهاب المفاصل.
- قصور القلب الاحتقاني.
- الخرف.
- مشكلات الرؤية.
- الاكتئاب.
- سبق الإصابة باضطرابات عقلية.
- سبق تعاطي المُخدِّرات.
- بعض السمات الشخصية، مثل الانطوائية أو الشك في الآخرين.
اقرأ أيضًا:عندما ينفطر فؤادك من شدة الحزن.. ما هي متلازمة القلب المكسور؟
علاج متلازمة ديوجانس
لا تُوجَد حتى الآن معايير تشخيص رسمي أو خطة علاج واضحة لمتلازمة ديوجانس، لكن أوصت بعض الدراسات بتجميع التاريخ الطبي والنفسي الكامل للفرد وإجراء الفحص البدني، وفحص الدم، واختبارات وظائف الأعضاء لتحديد الحالة الصحية عمومًا.
ومن السبل العلاجية المُتّبعة عمومًا ما يلي:
1. الأدوية والمشورة
حتى الآن لا تتوافر أدوية أو خيارات علاجية مُخصّصة أو مُحدّدة لمتلازمة ديوجانس، لكن قد تُساعِد أدوية الأمراض الأخرى في تخفيف بعض أعراض متلازمة ديوجانس، مثل جنون العظمة أو الهوس.
قد تُوصَف بعض الأدوية، مثل الأدوية المُضادة للذهان، أو أدوية الاكتئاب، حسب طبيعة الأعراض التي يُعانِيها المُصاب بمتلازمة ديوجانس.
لكن من المهم أيضًا مراعاة العوامل النفسية الأخرى التي قد تُسبِّب المتلازمة أو تُؤدِّي إلى استمرارها؛ لذلك قد يُساعِد العلاج النفسي أو الحصول على المشورة من قِبل مُعالِج مُختص.
2. الدعم الاجتماعي
تعمل العلاجات بشكلٍ أفضل إلى جانب أنظمة الدعم الأخرى، ولا يُفضّل الاعتماد على العلاج الدوائي أو النفسي وحده، فمثلاً قد يُساعِد التنظيف وترتيب الفوضى في المنزل، أو العناية الشخصية في تقليل شِدّة أعراض المتلازمة.
وإلى جانب ذلك، يخشى غالبية المُصابِين بمتلازمة ديوجانس المستشفيات، وقد يرفضون أي تدخلٍ طبي أو تناول للأدوية؛ لذلك ينبغي الاهتمام بهذا الجانب وهو دعم المُصاب بالمتلازمة، والتعامل معه بحذرٍ شديد، وعدم إهمال مشاعر المُصاب بمتلازمة ديوجانس.
ماذا قال ديوجانس للإسكندر الأكبر؟
تُوضِّح الحكايات القديمة أنّه عندما زار الإسكندر الأكبر كورنث، كان الفيلسوف اليوناني البسيط ديوجانس هو الشخص الوحيد الذي لم يذهب للتعبير عن احترامه للإسكندر، وقد وجده الإسكندر ملقيًا في الشمس، فسأل عمّا يمكنه فعله من أجله، فأجاب ديوجانس: "كُنتُ سأجعلك تقف بيني وبين الشمس".
صُدِم الإسكندر بما اعتبره عظمة ديوجانس، وبحسب ما ورد لاحقًا أنّه لو لم يكن الإسكندر الأكبر، فسيختار أن يكون ديوجانس، ومع ذلك وصف مُعاصِرو ديوجانس بأنّه يفتقر للخجل كما يزدري التنظيم الاجتماعي.