سيدة الأعمال رؤى صابر لـ"الرجل": أصنع الشوكولاتة لأُسعد الناس.. جدي معلمي الأول ووالدي سندي
تُعد رؤى بنت سعود صابر واحدة من أبرز الخبراء في صناعة الشوكولاتة وإدارة المشاريع الناشئة، بفضل خبرتها الممتدة لأكثر من 15 عامًا. شغلت منصب الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة "فيونكة" للشوكولاتة، حيث طورت مهاراتها في أشهر معاهد صناعة الشوكولاتة في فرنسا ومنهاتن، نيويورك.
انطلقت رحلة "رؤى" من شغفها بصناعة الشوكولاتة، حيث التحقت ببرنامج عالمي مرموق لصناع الشوكولاتة للقصور الملكية في بلجيكا، ممهدّدة بذلك الطريق نحو آفاقٍ أوسع.
لم تكتف "رؤى" بتطوير مهاراتها في هذا المجال، بل حرصت على صقل قدراتها القيادية والإدارية من خلال دراستها في كبرى الجامعات الأوروبية.
وإيمانًا منها بأهمية دور المرأة في النهوض بالمجتمع، سعت "رؤى" إلى تعزيز مشاركة المرأة في مجال الاستثمار الصناعي، فكانت لها مساهمات بارزة في توسيع مبادرة "صناعيو المستقبل".
لم يقتصر طموح "رؤى" على اكتساب المعرفة، بل حرصت على ترجمتها إلى واقع ملموس من خلال إطلاق فرعين متميزين لشوكولاتة "رؤى" وتأسيس مصنع ضخم. وإيمانًا منها بأهمية التاريخ والحضارة، تعمل "رؤى" حاليًّا على افتتاح متحف يعرض إبداعاتها في عالم الشوكولاتة، ليصبح صرحًا ثقافيًا يُخلّد اسمها وإنجازاتها.
في ثنايا هذا الحوار، تكشف "رؤى" عن سرّ نجاحها، والتحديات التي واجهتها وطموحاتها:
بداية، من هي رؤى صابر ببساطة؟
رؤى سعود صابر، صانعة شوكولاتة، مؤسسة ومالكة "فيونكة شوكولاتة". حصلت على درجة البكالوريوس من جامعة الملك عبد العزيز في العلوم الاجتماعية بمرتبة الشرف، وأكملت العديد من الدورات في أكبر معاهد الطهي، وكذلك في معاهد عريقة لتعليم صناعة الشوكولاتة مثل مدرسة الطبخ الفرنسية ومنهاتن، نيويورك.
التحقت ببرنامج عالمي لصناع الشوكولاتة للقصور الملكية في بلجيكا ومدرسة فنون الشوكولاتة بكندا. كما حصلت على شهادة في خبز الإفطار والمعجنات من المعهد الفرنسي للطهي، وشهادة في صحة الغذاء والسلامة من منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)، وشهادة في إدارة الأغذية والمشروبات من المنظمة نفسها.
بالإضافة إلى ذلك، شاركت في العديد من البرامج القيادية في جامعة انسياد للأعمال - برنامج "Leading for Results Intensive" وحصلت على شهادة في القيادة من أكاديمية ديل كارنيجي، وغيرها، ما أضاف قيمة كبيرة لمهاراتها الإدارية والقيادية.
لمسه جمالية وأناقة
كيف تبلورت العلامة التجارية "فيونكة"؟ ولماذا أسميتِ مشروعك بهذا الاسم؟
منذ كنت طفلة، كنت أعشق الشوكولاتة. ومن هنا، تبلورت فكرة مشروعي نتيجة شغفي بصنع الشوكولاتة كهواية.
بدأت رحلتي عندما أهدتني والدتي قالبًا لصب الشوكولاتة لأتمكن من المشاركة في أحد معارض الشوكولاتة مع بنات خالاتي. نالت منتجاتي إعجاب الزوار، ومن هنا اشتهرت وذاع صيتي بين الناس، وازدادت الطلبات.
وكنت من أوائل من عملوا في مجال الشوكولاتة الطازجة والمكشوفة بنكهات عربية أصيلة بذوق عالمي وحديث.
مع ازدياد الطلب، بدأ مشروعي يكبر، فبحثت عن مدارس طبخ لأصقل فيها موهبتي. وختمت دراستي ببرنامج ماستر كلاس عند طباخ الملك البلجيكي. ثم عدت إلى السعودية، وانهالت عليّ العروض الوظيفية.
حظيت بالدعم والتشجيع من عدة جهات، خاصة حاضنة أعمال "بيادر" وصندوق الأمير سلطان بن عبد العزيز لدعم المشاريع النسائية. ووجدت أن الصندوق هو أنسب خيار لفكرتي وطموحي.
أطلقت علامتي التجارية باسم "فيونكة" وتعني الشريطة المربوطة، والتي تُضفي دائمًا لمسة جمالية وأناقة على الهدايا. فتحت فرعين ومصنعًا، والمتحف قيد الإنشاء، وقد تم الانتهاء من 70% من مراحل بنائه بفضل الله تعالى وجهود فريق رائع عمل معنا بجهد وصبر وتضحيات وحب.
نشارك الناس احتفالاتهم
تخضع عادة مشروعات الشوكولاتة لعدد من المعايير أهمها الجودة وتحقيق الرفاهية، كيف يمكنك خلق هذه الجوانب في مشروعك؟
أجمل جزء في عملي هو أننا نشارك الناس احتفالاتهم. فالشوكولاتة تُرتبط دائمًا بالسعادة واللحظات الجميلة. ونحن حريصون دائمًا على تقديم أجود المنتجات المحلية والعالمية بأعلى المعايير، مع مراقبة أداء جميع المراحل بدقة منذ بداية التصنيع حتى وصولها إلى العميل.
كما نهتمّ كثيرًا بالتواصل مع العملاء لمعرفة مستوى الخدمة والجودة، وذلك لتحقيق هدفنا وتطوير أدائنا حتى نصل إلى مستوى عالمي يُفخر به بلدنا.
تعقيبًا على السؤال السابق، ما هي أهم عوامل النجاح في مشروع وبيئة عمل تمتلئ بالمنافسين؟
أهم عوامل النجاح في مشروعٍ وبيئةٍ مليئةٍ بالمنافسين هي صنعُ الفرص بدلًا من انتظارها. وتنقسم عوامل النجاح إلى قسمين:
أولاً: التركيز على المشروع نفسه، وذلك من خلال وضع خطة محددة وهدف واضح، ودراسة السوق ومعرفة الوقت المناسب للبدء. بالإضافة إلى تميز الفكرة وبناء فريق قوي وتطوير وتجديد مستمر، مع التركيز على التسويق والبحث عن الفرص.
ثانيًا: تنمية مهارات صاحب المشروع ورائد الأعمال، بما في ذلك التوازن والمرونة، مع النشاط الاجتماعي لبناء العلاقات والعمل على العلامة الشخصية.
اقرأ أيضًا: الفنانة والمصممة عهد العمودي لـ"الرجل": كل أعمالي الفنية تبدأ بسؤال ولحظة مكافأة نفسي لم تحن بعد..!
التوسع لا بُدَّ منه
ما التحديات التي واجهتك وكيف تغلبت عليها؟
كل مرحلة لها تحدياتها الخاصة، والتحدي عبارة عن خطوات لحلحلة الصعوبات التي تواجه أي مشروع في بدايته. من أهم التحديات كانت المعرفة بالأنظمة واستخراج التراخيص، وإيجاد حصة سوقية لعلامتي التجارية "فيونكة". وبعد أن وفقني الله وأصبح التوسع أمرًا لا بُد منه، واجهت تحدي إيجاد أيدٍ عاملة ماهرة، وتغلبت عليها بالصبر والإبداع وتنمية المواهب.
ماذا أضاف لك العمل في هذا المجال؟ وما سر نجاحك؟
على الرغم من صعوبة العمل في هذا المجال، إلا أن البدايات كانت مليئة بالحماس والشغف والتفاؤل، لها نكهة خاصة لا تُنسى. فأصغر إنجاز يُحدث وقعًا كبيرًا في القلب، وأول المبيعات كانت أكثر من مجرد فرحة وحافز لي لأتحمل أوقات الحيرة.
وبالنسبة لسر نجاحي، فهو صقل موهبتي ومهاراتي في صنع الشوكولاتة من خلال التدرب في أكاديميات الطبخ. كما أنني تعلمت من أخطائي، وتعلمتُ تكرار المحاولة حتى الوصول إلى هدفي. وبفضل الصبر والإصرار والعزيمة، حققتُ النجاح.
سند للمرأة
ما دور الرجل في حياتك؟
الرجل هو السند، وأنا ممتنة لوجوده في حياتي، سواء كان (الجد أو الأب أو الأخ أو الزوج أو الابن). فهو المعلم والرفيق والمستشار والشريك في رحلة الحياة بكل ما فيها من تحديات ونجاحات. وهو الكتف التي تستند إليها المرأة، فهو سندها وعزوتها. فالحياة مليئة بالمصاعب والمواقف التي تحتاج فيها المرأة إلى عضد يرافقها الدرب ويشاركها الرحلة، يستمع لها ويحتويها ويشجعها ويساندها في الأيام الصعبة.
وبالنسبة إلى قدوتي، فهو جدي الشيخ محمد صالح- حفظه الله-، فقد كان معلمي الأول في التجارة، كونه رجل أعمال ناجح. استفدت منه واكتسبت منه خبرة واسعة، فقد علمني أن التجارة شرف وسمعة طيبة قبل أي شيء مادي. وقدوتي كذلك والدي سعود صابر، مدير متقاعد في أرامكو السعودية. فقد كان أعظم سند لي، رافقني في رحلة نجاحي لحظة بلحظة، ودعمني وشجعني، وعلمني معنى الالتزام وتحمل المسؤولية وترتيب الأولويات.
إلى أين تتجه صناعة الشوكولاتة في المنطقة برأيك؟
باتت الساحة عامرة بإنجازات كبيرة في مجال صناعة الشوكولاتة، بعد أن كان معظم سوق الشوكولاتة في المملكة مستوردًا من الخارج. فقد أصبحت الشوكولاتة تُصنع داخل المملكة وبمعايير عالية الجودة، مما جعل المملكة بيئة جاذبة لشركات عالمية عريقة في مجال تصنيع الشوكولاتة.
بوصفك عضوًا في اللجنة الصناعية بالغرفة الشرقية أخبرينا عن دورك في دفع عجلة الاقتصاد بالمجال الصناعي؟
عملت على تعزيز التواصل وتبادل المعرفة في القطاع الصناعي، ودعم دور المرأة كمستثمرة في هذا المجال. كما قمت بتوسيع ونقل مبادرة "صناعيو المستقبل" إلى المنطقة الشرقية، والتي تهدف إلى تشجيع وتثقيف طلاب المدارس حول أهمية الصناعة في دفع عجلة الاقتصاد.
النجاح والاستمرارية
ما نصائحك لمن يرسمون خطواتهم الأولى في هذا المجال؟
أنصح بعدم التردد في تنفيذ المشروع، فالأيام والتجارب كفيلة بتعليمهم واكتساب الخبرة. وتركيزًا على الجودة، يجب تصنيع منتجات متنوعة تلبي احتياجات العملاء.
إلى جانب تعلم مهارات التعامل مع العملاء لتحقيق النجاح والاستمرارية.
ماذا يحمل المستقبل من حيث الابتكار والمشاريع الجديدة؟
حاليًا، نحن بصدد الانتهاء من مصنع بفكرة جديدة تسمح للعملاء بمشاهدة صنع الشوكولاتة بدءًا من مرحلة الصناعة والإنتاج والتغليف.
بطاقة تعريفية:
رؤى سعود صابر هي خبيرة في صناعة الشوكولاتة وريادة الأعمال. حصلت على درجة البكالوريوس في علم الاجتماع من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، وتلقت تدريبًا متقدمًا في صناعة الشوكولاتة من مدارس ومعاهد عالمية مرموقة. في كندا، تخرجت من مدرسة فنون الشوكولاتة المحترفة كمحترف معتمد في فن صناعة الشوكولاتة، وحصلت على شهادة في ضمان الجودة. كما حصلت على شهادة في صناعة الشوكولاتة الرائعة من مدرسة بارت فان كاوينبرجه في بلجيكا، وشهادة في خبز الإفطار والمعجنات، وبرنامج المحترفين في صناعة الشوكولاتة من المعهد الفرنسي للطهي.
على الصعيد المهني، رؤى هي المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة "ميس فيونكة" المتخصصة في بيع الشوكولاتة الفاخرة المصنوعة يدويًا، وشركة "فيونكا" لتقديم خدمات التموين وإدارة الشركات والأفراد، بالإضافة إلى شركة حلول الشوكولاتة التي تركز على إنتاج الشوكولاتة للشركات وتقديم خدمات التسمية الخاصة.
فيما يتعلق بالمشاركة المجتمعية، تعد رؤى عضوًا في مجلس رائدات الأعمال الشابات بمنطقة الشرقية وعضوًا في لجنة الصناعة بغرفة التجارة والصناعة بالشرقية.
رؤى متزوجة، وتتميز بمزيج من الخبرة العملية والعلمية، مما جعلها واحدة من أبرز الشخصيات في مجال صناعة الشوكولاتة وريادة الأعمال في المنطقة.