من بينها لامبورغيني: ماركات عالمية ربما لم تعرف أن فولكس فاجن تمتلكها
وُلدت علامة السيارات التجارية "فولكس فاجن Volkswagen"- التي تعني "سيارة الشعب" بالألمانية- من رحم رؤية تهدف إلى صناعة سيارة يُعتمد عليها وبأسعار معقولة للمواطن الألماني العادي.
وتبلورت هذه الفكرة الطموح عام 1937 عندما أنشأت "جبهة العمال الألمانية" الشركة تحت حكم النظام النازي. صُمّمت السيارة لحمل شخصين بالغين وثلاثة أطفال، مع سرعة قصوى تبلغ 100 كيلومتر في الساعة، والأهم من ذلك، أن تكون سيارة اقتصادية في استهلاك الوقود.
سيارات شركة فولكس فاجن
ولعب فرديناند بورشه، المهندس الذي أسس شركة "بورشه Porche"، دورًا بارزًا في نشأة سيارة الشعب "فولكس فاجن". إذ ركز بورشه على البساطة والمتانة رغم سعر السيارة الاقتصادي. ناهيك عن أنه امتلك رؤية ثاقبة ستجعل هذه العلامة التجارية من أنجح العلامات على الساحة، ليس فقط بسبب سياراتها، وإنما أيضًا بفضل "العلامات التجارية" التي تمتلكها، والتي لا يعرف الكثيرون أنها تابعة لها، أو على الأقل تملك أغلبية أسهمها تحت مظلة "مجموعة فولكس فاجن Volkswagen group".
بوغاتي Buggati
مثّل استحواذ فولكس فاجن على شركة بوغاتي Buggati (بـ 50 مليون دولار فقط!) في عام 1998 لحظةً مهمة في تاريخ السيارات. ففي ذلك الوقت، كانت بوغاتي تعاني صعوبات بينما كانت فولكس فاجن في أوج قوتها تحت قيادة فرديناند بيخ Ferdinand Piëch.
استغلت فولكس فاجن الفرصة واستحوذت على العلامة الفاخرة، لتُحوّلها لاحقًا إلى بوغاتي التي نعرفها اليوم. وكانت عملية الاستحواذ جزءًا من استراتيجية بعيدة المدى للعلامة الألمانية، وهو ما عاد بالنفع على الشركتين على حدٍ سواء.
أدى هذا الاستحواذ إلى إنعاش بوغاتي، ورأينا سيارات بتصميمات رائدة مثل بوغاتي فيرون التي وضعت معايير جديدة للسرعة والفخامة. ولكن يجدر بالذكر أنه في عام 2021، قررت شركة فولكس فاجن نقل الحصة الأكبر من بوغاتي إلى شركة Rimac Automobili الكرواتية، والتي باتت الآن تمتلك 55% من حصة العلامة الفرنسية الرائدة في صناعة السيارات.
بنتلي Bently
بنفس السيناريو تقريبًا، استغلت فولكس فاجن الظروف الصعبة التي واجهتها علامة السيارات الفاخرة "بنتلي" واستحوذت عليها عام 1998 أيضًا، مقابل 790 مليون دولار.
وكانت بنتلي قد تأسست عام 1919 على يد المهندس الإنجليزي "والتر أوين بنتلي" (W. O. Bentley)، وتاريخها حافل بالسيارات الفاخرة.
ومما يجب التنويه إليه أن استحواذ فولكس فاجن على بنتلي لم يقتصر على العلامة التجارية فقط، بل شمل الصفقة أيضًا المصنع الموجود في مدينة كرو الإنجليزية وحقوق استخدام اسم "رولز رويس" (حتى عام 2002 عندما استحوذت BMW على هذه الحقوق).
وكانت بنتلي قد امتلكت حقوق استخدام اسم رولز رويس لمدة 7 سنوات قبل أن تنفصل الشركتان عام 1998، وهو عام الاستحواذ.
ومثلما نهضت بنتلي من جديد بفضل هذا الاستحواذ، استفادت فولكس فاجن من دخولها بقوة إلى سوق السيارات الفاخرة، مستثمرةً سمعة بنتلي العريقة وتاريخها العريق. وقد خصصت فولكس فاجن حوالي مليار يورو للبحث والتطوير، مما أدى إلى تقديم تصميمات مميزة لبنتلي، مثل طراز "Continental GT1".
لامبورغيني Lamborghini
في العام نفسه 1998، وتعزيزًا لخطة التوسع الاستراتيجية، استحوذت فولكس فاجن على ماركة السيارات الفاخرة لامبورغيني بمبلغ 111 مليون دولار لتنضم إلى بوغاتي وبنتلي.
عقب الاستحواذ، أُعيدت هيكلة لامبورغيني إلى ثلاث شركات بمهام مختلفة؛ الأولى Automobili Lamborghini S.p.A.، وهي التي أُسست عام 1963 على يد صانع السيارات الشهير فيروتشيو لامبورغيني، بالإضافة إلى شركتي Matri Marini Lamborghini لإنتاج محركات القوارب السريعة، وLamborghini ArtiMarca S.p.A للإكسسوارات الحصرية.
الجدير بالذكر أن فولكس فاجن كانت قد استحوذت أيضًا على ماركة السيارات Audi في الستينيات ووكلتها لإتمام صفقة لامبورغيني، ولقد بدأ الأمر عندما أرسلت فولكس فاجن من خلال Audi خطابًا لمالك الحصة الأكبر من لامبورغيني في ذلك الوقت تومي سوهارتو Tommy Suharto، وكان من أهداف هذا الاستحواذ أن تُحسن Audi من مكانتها في السوق وهو ما تم مقابل 111 مليون دولار رُغم أن توقعات المحللين وقتها كانت تشير إلى 30-70 مليون جنيه استرليني فقط.
اقرأ أيضًا: قصة "التمساح الأخضر".. أسطورة التنس ورمز Lacoste أحد أشهر العلامات التجارية في عالم الموضة
دوكاتي Ducati
هذه المرة ليست في 1998، وإنما في يوليو 2012، وذلك عندما استحوذت فولكس فاجن على براند الدراجات النارية الشهير دوكاتي لتكون العلامة التجارية الحادية عشرة التابعة لإدارة الشركة الألمانية.
وكما هو متوقع، عادت الصفقة بالفائدة على الطرفين حيث عززت من وجود فولكس فاجن في قطاع الدراجات النارية الفاخرة من جهة، ومن جهةٍ أخرى باعت دوكاتي أكثر من 44 ألف وحدة في ذلك العام مُحققة مبيعات قياسية بلغت 480 مليون يورو.
وتُعرف دوكاتي في موطنها الأم (إيطاليا) بـ"لا روسّا- La Rossa" بسبب اللون الأحمر المميز لدراجاتها النارية الشهيرة، وكانت الشركة قد مهدت الطريق للتوسع في آسيا بإنشائها لمصنعٍ جديد في تايلاند. وتعمل دوكاتي الآن كعلامةٍ تجارية مستقلة تحت مظلة شركة Audi AG التابعة بدورها لفولكس فاجن.
بورش Porche
قصة استحواذ فولكس فاجن على بورش هي قصةٌ درامية بامتياز؛ الأمر بدأ بشكلٍ عكسي بمحاولة استحواذ بورش على 75% من أسهم فولكس فاجن في بداية الألفية الجديدة لتقفز أسهم الأخيرة بشكلٍ غير مسبوق وتصبح الشركة الأكثر قيمةً في العالم وقتها.
على الرغم من استراتيجيتها الطموح، تسببت الديون المتراكمة على بورش في إيقاف محاولتها للاستحواذ على سيارة الشعب ما دفعها في النهاية إلى طرح خيارٍ آخر وهو الاندماج بدلًا من الاستحواذ، وبالفعل، حدث الاندماج بشراء "فاجن" لـ 49.9% من أسهم بورش، وفي 2012، استحوذت فولكس فاجن على النسبة المتبقية (50.1%) مقابل 4.46 مليار يورو لتمتلك بذلك شركة بورش بالكامل.
اليوم، تمتلك فولكس فاجن 75% من حصة بورش بعد أن باعت 25% من الأسهم في 2022.
سكودا Skoda
على عكس ماركات السيارات المذكورة التي استحوذت عليها فولكس فاجن، فإن سكودا ليست موجهةً للأثرياء، وإنما لهؤلاء الذين يبحثون عن أكثر السيارات العملية بسعرٍ مناسب، وهذا لا ينفي شهرة سكودا بالطبع.
تم إنشاء سكودا في جمهورية التشيك عام 1895، في البداية كانت تُسمى Laurin & Klement (تيمنًا بمؤسسيها) ولم تكن شركة سيارات، وإنما دراجات، فتلك كانت وسيلة التنقل الشائعة في ذلك الوقت ثم تم تأميمها تحت النظام الشيوعي عام 1948، وتحولت لشركةٍ خاصة في عام 1992.
أما استحواذ فولكس فاجن على سكودا فكان في عام 2000، وتلك الخطوة كانت موفقةً جدًا كونها ساعدت الشركة الألمانية على الوصول لشريحة أكبر من المستهلكين واقتحام الأسواق الحساسة للسعر، وهو ما تم بفضل خبرة سكودا في هذا السوق والقيمة والجودة الممتازين مقابل السعر.
وتحرص سكودا تحت إدارة "فاجن" على تحقيق الاستدامة قدر المستطاع عن طريق الحد من أثرها على البيئة وذلك بتبني أهداف الإنتاج المحايد لثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030 في منشآتها الموجودة بالتشيك والهند تحديدًا، ولقد حققت نتائج جيدة جدًا إلى الآن.