نجمة ميشلان.. تعرف على الوسام الذي تتسابق عليه أفخم مطاعم العالم
على الرغم من شهرة براند ميشلان Michelin عالميًّا بتصنيع إطارات السيارات، فإن الشركة التي تتخذ من باريس مقرًا لها تشتهر أيضًا بدليلها العريق الذي يُعرف بـ"دليل ميشلان السنوي Michelin Guide".
وفق معايير هذا الدليل يُمنح وسام يُعرف بنجمة ميشلان Michelin Star لأفضل المطاعم في العالم تقديرًا لهم ولتمييزهم بين بقية المطاعم. في هذا المقال سنتحدث بمزيدٍ من التفصيل عن دليل ونجمة ميشلان لنعرف عنها كل شيء بدايةً من تاريخها وليس انتهاءً بالمعايير التي تُمنح على أساسها.
تاريخ نجمة ميشلان
بدأت نجمة ميشلان، التي أصبحت الآن انعكاسًا لمدى جودة المطاعم، بدايةً متواضعة في أوائل القرن العشرين وذلك عندما قدّم الأخوان أندريه وإدوارن ميشلان "مؤسسا الشركة الشهيرة" -في عام 1900- النسخة الأولى لما يعرف بدليل ميشلان، الذي كان الهدف الأساسي منه تشجيع السفر على الطرق الفرنسية عن طريق تقديم خرائط وتعليمات لإصلاح الإطارات، فضلاً عن قوائم بأشهر المطاعم والفنادق.
بحلول عشرينيات القرن الماضي، بدأ الدليل في الشيء الذي يشتهر به إلى الآن وهو تصنيف المطاعم؛ في البداية كان بنجمةٍ واحدة، ولكنه امتد في عام 1931 إلى نجمتين وثلاث. في ذلك الوقت كانت النجمة الواحدة تشير إلى أن المطعم يستحق التوقف عنده إذا كان على طريق سفرك، والنجمتان إلى درجةٍ أكبر من الاستحقاق، في حين دلّت النجمات الثلاث على أن المطعم يستحق زيارة خاصة.
دفع الدليل المطاعم والطهاة لتقديم أفضل ما لديهم للحصول على العِرفان المتمثل في نجمة ميشلان، وذلك لأن هذا الوسام يجذب عشاق الطعام من جميع أنحاء العالم، ناهيك عن أنه يدل على مدى تفرّد المطعم، ومن ثم تزداد مكانته وشهرته في العموم.
معايير الحصول على نجمة ميشلان
تبدأ عملية الحصول على نجمة ميشلان بزيارةٍ من مفتشٍ مجهول الهوية مُدرب على أعلى مستوى. هذا المفتش، والذي غالبًا ما يكون طاهيًا ذا خبرةٍ كبيرة، يزور المطعم لعددٍ من المرات ليكون التقييم شاملاً ودقيقًا قدر الإمكان. وطبعًا لا تكون الزيارة مُعلنة لتحري الأمانة والشفافية.
أما عن معايير التقييم نفسها فهي كالآتي:
1. جودة المكونات: يتصدر هذا المعيار قائمة المعايير اللازمة للحصول على نجمة ميشلان، حيث يبحث المفتشون عن أجود المكونات، والتي لا يجب أن تكون الأغلى بالضرورة. بهذه المناسبة يقول مايكل إليس، وهو المدير الدوليّ لدليل ميشلان Michelin guide: "لقد رأيت البنجر وثعبان البحر في قائمة طعام أحد المطاعم"!
2. إتقان آليات طهي الطعام: تعكس الآليات المُستخدمة في طهي الطعام مهارة ومعرفة الشيف، ولهذا لا عجب أن المفتشين يولون اهتمامًا كبيرًا لهذا المعيار الذي يدل على مدى حرفية الطهي، وتناسق القوام، وتوازن النكهات، وهذا بغض النظر عن الطبق المُقدم.
3. انعكاس شخصية الشيف على الطعام: يُعطي المعيار الثالث هوية للطعام؛ هوية تجعل المتذوق يعرف أن هذا الطبق ينتمي إلى ذاك المطعم، والذي يستحق الإشادة لأنه منح بدوره الثقة للطهاة الذين يعملون به، وهو ما أدى في النهاية إلى الطبق المميز.
4. القيمة مقابل السعر: على الرغم من أن مفتشي ميشلان لا يقيمون المطاعم على أساس الديكور، أو مستوى الخدمة نفسه، فإنهم يضعون القيمة مقابل السعر ضمن أولويات التقييم حتى يشعر الضيوف أنهم يحصلون على قيمةٍ حقيقية مقابل السعر الذي يدفعونه، خاصةً أن المطاعم الفاخرة التي تحصل على هذه النجمة تُعرَف بأسعارها المرتفعة نوعًا ما.
5. الاستمرارية: المعيار الأخير لتقييم المطاعم ومعرفة ما إذا كانت مؤهلة لنجمة ميشلان أم لا، فالاستمرارية جزء لا يتجزأ من التجربة، والمفتشون لن يقبلوا بأي حالٍ أن يخدع المطعم ضيوفه بأن يُقدم لهم طبقًا لذيذًا مرةً واحدة فقط، وذلك يتم -حسبما يقول مايكل إليس- عن طريق زيارة المطعم مرتين أو ثلاث مرات بواسطة مفتشين مختلفين في كل مرة.
اقرأ أيضًا: بين التاريخ والفخامة.. هكذا بدأت علامة الأزياء العالمية Valentino
لماذا تحتاج المطاعم إلى نجمة ميشلان؟
على الرغم من أن نجوم ميشلان تُعد قمة التقدير في فنون الطهي، إذ ترمز إلى التميز والإتقان وتضع المطاعم في مرتبة النخبة، فإن احتياج المطاعم لهذا الوسام له بعدان آخران في غاية الأهمية؛ الأول اقتصادي والثاني ثقافي:
مع كل نجمة يحصل عليها المطعم تزداد مكانته الاقتصادية بنسبة كبيرة. يقول جويل روبوشون، وهو أكثر من حصل على نجمة ميشلان وتم انتخابه ليكون طاهي القرن، إن النجمة الواحدة تضمن للمطعم زيادةً في الأعمال بنسبة 20% تقريبًا، والنجمتان تضمنان له نحو 40% من الزيادة، مع وصول النسبة لـ 100% تقريبًا مع حصوله على النجمات الثلاث.
على الجانب الآخر، وهو الثقافيّ، فنجوم ميشلان تضع هالةً من الجاذبية حول المطاعم لتكون بمثابة المزارات السياحية وعوامل الجذبٍ لكل عشاق الطعام من حول العالم، فضلاً عن محبي الطعام من البلد الذي يتواجد فيه المطعم بالطبع.
انتشار عالمي
امتد دليل ميشلان، والذي بدأ في أوروبا، وتحديدًا فرنسا، ليشمل مختلف قارات وأنحاء العالم، من أمريكا الشمالية إلى آسيا وحتى الشرق الأوسط. ويعكس هذا التوسع العالمي قدرة الدليل على التكيف، ويدل على أن الطعام في حدِ ذاته هو لغة عالمية.
عبر دليل ميشلان المحيط الأطلسي في عام 2006 ليمنح نجومه لـ 39 مطعمًا في نيويورك، وفي عام 2007 و2008، وصل إلى سان فرانسيسكو ولوس أنغلوس ولاس فيغاس، وفي عام 2011 جاء دور شيكاغو لتحصل مطاعمها على ختم الجودة.
بالنسبة لآسيا، فكان التقدير الأول للمطبخ اليابانيّ في عام 2007 حيث مُنحت النجوم لطوكيو التي تميزت في ذلك الوقت بأشهى المأكولات، ثم تبعتها كيوتو وأوساكا ونارا وغيرها من المدن اليابانية، وفي عام 2009، وصل الدليل إلى هونغ كونغ وماكاو ما عزز من مكانة الشرق الأقصى، والتي ارتقت أكثر في عام 2016 مع انضمام سنغافورة ومطاعمها إلى القائمة.
ونال الشرق الأوسط حظه من نجوم ميشلان بفضل عددٍ من الدول التي تحتوي على مطاعم مميزة بهذه النجوم مثل السعودية والإمارات.
أشهر المطاعم الحاصلة على نجوم ميشلان الثلاث
حتى 2023، لم يتجاوز عدد المطاعم الحاصلة على نجوم ميشلان الثلاث الـ 140 مطعمًا، وهذا يدل على مدى صعوبة تحقيق هذا الإنجاز. يُمكنك الاطلاع على جميع المطاعم الحاصلة على العلامة الكاملة عبر موقع ميشلان الرسمي، ومن الأمثلة على هذه المطاعم:
مطعم "Geranium" الدنماركي: أول مطعم حاصل على هذا الاستحقاق والمملوك من قِبل الطاهين المتميزين والعالميين راسموس كوفود وسورين ليديت Søren Ledet. يتميز هذا المطعم بموقعه الراقي الذي يطل على أشهر الحدائق الدنماركية وقائمته النباتية الخالية من أي نوع من أنواع اللحوم.
مطعم " DiverXO" الإسباني: يقع في مدريد، وفيه يقدم الطاهي العالمي دابيز مونيوز تجربة غير عادية تفوق جميع التوقعات. المطعم يُعرف بأسلوبه المختلف وأطباقه الاثني عشر التي تمزج بين النكهات الآسيوية والحلويات المالحة، ما يجعل زيارته مغامرة تثير الفضول.
مطعم " Le Calandre" الإيطالي: بقيادة الشيف "ماسيميليانو- Massimiliano"، الذي يُعرَف بالشيف ماكس وهو أصغر طاهٍ يحصل على نجوم ميشلان الثلاث، يُقدم المطعم الإيطاليّ الشهير 3 فئات رئيسة من الأطباق؛ الكلاسيكية والبحرية والبرية، وجميعها استثنائية بلا ريب.