قصة "التمساح الأخضر".. أسطورة التنس ورمز Lacoste أحد أشهر العلامات التجارية في عالم الموضة
لاكوست "Lacoste" علامة تجارية شهيرة، يُزينها تمساح أخضر، ترمز إلى الفخامة والأناقة. لكن هل تعلم أن قصة هذه العلامة التجارية بدأت من ملاعب التنس؟
أسطورة التنس وصاحب "التمساح الأخضر"
كان وراء "Lacoste" لاعب تنس استثنائي يُدعى "رينيه لاكوست". اشتهر لاكوست بمهاراته الفائقة في الملعب، وشخصيته العنيدة التي لم تستسلم أبدًا، مما أكسبه لقب "التمساح".
من هو أسطورة التنس رينيه لاكوست؟
ولد رينيه لاكوست عام 1904، وورث عن والده شغفًا كبيرًا بالرياضة، دُفع به إلى الالتحاق بمدرسة "متعددة التقانات- Polytechnique" المرموقة، (يُدرَس فيها العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات مثل مدارس STEM) في سن 18 عامًا، لكن شغفه بالتنس كان أقوى من أيّ دراسة، إذ لم يجد رينيه نفسه في مقاعد الدراسة، فترك "بوليتكنيك" ليُكرس نفسه لموهبته الرياضية الاستثنائية.
بداية مبكرة لمسيرة مُذهلة
لم يكن حب رينيه للتنس وليد اللحظة، بل كان عشقًا حقيقيًا منذ صغره، ففي سن 18 عامًا فقط، (في عام 1922)، شارك في بطولة ويمبلدون، ونجح في الوصول إلى الدور الأول، مُعلنًا عن موهبة استثنائية واعدة.
1926.. نقطة تحول في مسيرة لاكوست
بعد 4 سنوات فقط من مشاركته الأولى في ويمبلدون، (في عام 1926)، وفي سن 22 عامًا، حقق رينيه لاكوست إنجازًا هائلاً باحتلاله المرتبة الأولى عالميًا في لعبة التنس. وخلال تلك الفترة، بدأ مسيرته المُذهلة مع فريق "الفُرسان الأربعة - The Four Musketeers" الفرنسي، محققًا سلسلة من الانتصارات المُذهلة.
"الفُرسان الأربعة" و"كأس ديفيس"
انضم رينيه لاكوست إلى فريق "الفُرسان الأربعة" ليُصبح أحد أهم أعضاء هذا الفريق الأسطوري، وخلال مشاركته معهم، حقق الفريق بطولة "كأس ديفيس - Davis Cup" لـ6 مرات متتالية، مُعلنًا عن هيمنتهم على عالم التنس في ذلك الوقت.
إنجازات فردية لا مثيل لها
بالإضافة إلى إنجازاته مع "الفُرسان الأربعة"، حقق رينيه لاكوست إنجازات فردية لا مثيل لها، حيث فاز ببطولة "كأس ديفيس" 7 مرات، وبطولة "الفرنسية المفتوحة" 3 مرات، وبطولة "البطولة الأمريكية المفتوحة" مرة واحدة.
إلهامٌ مستمد من التنس
في العشرينات، كانت لعبة التنس تُلعب بزيّ رسمي مملٍ وغير مريح، مكونًا من قميص أبيض بأكمام طويلة وبناطيل طويلة وربطة عنق، ووجد رينيه لاكوست، بطل التنس المُخضرم، أنّ هذا الزيّ مُقيدٌ وغير مريح، مما يُعيق حركته على الملعب.
فكرة ثورية تُغيّر عالم الموضة
سعى لاكوست لإيجاد حلٍّ لهذه المشكلة، فابتكر قميصًا رياضيًا جديدًا يُناسب احتياجات لاعبي التنس. كان هذا القميص مصنوعًا من نسيج "petit pique" المُريح، ويتميز بأكمام قصيرة وياقة مفتوحة.
أطلق لاكوست على هذا القميص اسم "Polo"، وأصبح رمزًا للأناقة والراحة في عالم الموضة الرياضية.
شراكة ناجحة مع أندريه جيلير
في عام 1933، تعاون رينيه لاكوست مع رجل الأعمال الفرنسي الشهير أندريه جيلير André Gillier، صاحب أكبر شركة لصناعة ملابس "التريكو" في ذلك الوقت، وأسّسا معًا شركة "Lacoste" لإنتاج وبيع قمصان Polo الشهيرة.
أول منتجات Lacoste
كان أول منتجٍ لشركة "Lacoste" هو قميص Polo بأكمام قصيرة يحمل شعار تمساح، وأُطلق على هذا القميص اسم "L. 12. 12".
وُضع هذا الكود لتمييزه عن المنتجات الأخرى، حيث يشير حرف "L" إلى اسم العلامة التجارية "Lacoste"، و"1" إلى التفرد، و"2" إلى كود الأكمام القصيرة، و"12" إلى كونه النموذج المبدئي الثاني عشر.
نجاحٌ هائلٌ ورمزٌ للأناقة
أثبت قميص Polo من "Lacoste" نجاحًا هائلاً، ولم يُعجب لاعبي التنس فقط، بل أعجب كل شخصٍ يبحث عن زيّ أنيق ومريح في الوقت نفسه.
اقرأ أيضًا: "جياني فيرساتشي".. مؤسس "Versace" الذي ترك إرثًا عظيمًا وقُتل لسبب مجهول
ولكن لحظة.. لِما التمساح؟
في مدينة بوسطن عام 1923، قبل تأسيس علامة Lacoste بعشر سنوات، لفتت حقيبة مصنوعة من جلد التمساح أنظار رينيه لاكوست، لاعب التنس المُخضرم.
أُعجب لاكوست بهذه الحقيبة كثيرًا، فوعده مدربه بشرائها له إن فاز في مباراته القادمة.
خسر لاكوست المباراة، لكن إصراره وروحه القتالية على الملعب لم تمرّ مرور الكرام.
فقد أطلقت الصحافة الأمريكية عليه لقب "التمساح" تكريمًا لمجهوده، ليُصبح هذا اللقب مُلازمًا له في عالم التنس.
شعار التمساح.. من الرهان إلى رمز عالمي
أُعجب لاكوست بلقب "التمساح" كثيرًا، فطلب من صديقه ومصمم الأزياء روبرت جورج أن يُصمّم له شعارًا على شكل تمساح ليُزين ستراته البيضاء التي كان يرتديها عند دخوله الملعب.
وهكذا، بدأت قصة "التمساح الأخضر" الشهير، الذي يُعدّ اليوم رمزًا لعلامة Lacoste العالمية.
Lacoste.. أول علامة تجارية تستخدم شعارًا مرئيًا على قمصان البولو
لم تقتصر قصة "التمساح" على كونه مجرد لقب مُلصقًا بلاكوست، بل أصبح رمزًا لعلامته التجارية "Lacoste"، وتُعدّ Lacoste أول علامة تجارية في تاريخ الموضة تستخدم شعارًا مرئيًا على قمصان البولو، ليُصبح "التمساح الأخضر" رمزًا للأناقة والراحة في عالم الملابس.
أكثر من مجرّد لقب
تختلف الروايات حول سبب إطلاق لقب "التمساح" على رينيه لاكوست. فبينما يرى البعض أنّ السبب هو رهان الحقيبة، يعتقد البعض الآخر أنّ ذلك يعود إلى أسلوبه العدواني في الملعب، مُشبهًا إياه بالتمساح. لكن بغض النظر عن السبب، تظل "Lacoste" علامة تجارية مُميزة في عالم الأزياء، بفضل قصة "التمساح الأخضر" المُلهمة التي تُجسّد روح الإصرار والابتكار.
نجاحات وعثرات براند Lacoste
في عام 1951، لم يقتصر "التمساح الأخضر" على قميص البولو الأبيض، بل توسعت تشكيلة Lacoste لتشمل مختلف أنواع الملابس. وفي عام 1953، حققت العلامة نقلة نوعية عندما اشترى ديفيد كريستال، مالك سلسلة Izod للملابس، 50% من حقوق تسويق الشركة في أمريكا.
أعاد كريستال تسويق Lacoste كرمز لتحقيق تكافؤ الفرص بالنسبة للرياضيين، ما جذب اهتمام المستهلكين الأمريكيين، لكنه أدى أيضًا إلى بعض الالتباس حول العلامة التجارية، حيث خلط بعضهم بين Lacoste وIzod.
ارتباط بالمشاهير ونجاح متواصل
على الرغم من ذلك، ارتبط اسم Lacoste بأسماء شخصيات شهيرة مثل الرئيس الأمريكي السابق دوايت أيزنهاور، والممثل جون وين، وبوب هوب، مما عزز من مكانتها كعلامة تجارية راقية. واستمر نجاح Lacoste خلال تلك الفترة، حيث تميزت بمنتجاتها عالية الجودة وتصاميمها الأنيقة.
قيادة جديدة ونقلة نوعية
في عام 1963، تولى برنارد لاكوست، ابن رينيه مؤسس الشركة، إدارتها، وشهدت Lacoste تحت قيادته نقلة نوعية هائلة، حيث زاد نشاط الشركة بشكل كبير وتوسعت خطوط إنتاجها لتشمل السراويل والعطور والنظارات الشمسية وأحذية التنس وغيرها من المنتجات.
شراكة تاريخية وعودة قوية
في عام 1971، أصبحت Lacoste الشريك الرسمي لبطولة التنس الفرنسية المفتوحة Roland-Garros، وهي الشراكة التي تستمر حتى يومنا هذا، أي لأكثر من 50 عامًا، وساهمت هذه الشراكة في تعزيز مكانة Lacoste كرمز للتنس والأناقة.
انفصال عن Izod
بعد عدد من العثرات، انفصلت Lacoste عن Izod في عام 1980 وعادت إلى مكانتها المرموقة كعلامة تجارية راقية، وفي المقابل، تم تقديم Izod كعلامة أزياء من الفئة المتوسطة.
العقد المظلم
لكن سرعان ما واجهت Lacoste مرة أخرى بعض التحديات، حيث شهدت فترة التسعينيات ما يُعرف بـ"العقد المظلم Dark Decade" للعلامة، حيث تعرضت لكبوات موجعة في الولايات المتحدة وفرنسا.
أرجع بعض الباحثين هذه الأزمة إلى شعبية Lacoste بين "شباب الضواحي" ما أضر بصورتها الراقية.
اقرأ أيضًا: "Rolex".. القصة الكاملة للساعات الأفخم في العالم
انتعاشة التمساح المستمرة حتى اليوم
مع بدايات القرن الواحد والعشرين، شهدت Lacoste نهضة جديدة، مدفوعة بتصاميمها المُبتكرة التي أعادت تنشيط العلامة التجارية وأعادت لها مكانتها المرموقة، ففي عام 2005، وصلت مبيعات Lacoste إلى 50 مليون منتج في أكثر من 110 دول حول العالم.
رحيل برنارد لاكوست وتأسيس مؤسسة Lacoste
في نفس عام 2005، واجهت Lacoste خسارة كبيرة بوفاة برنارد لاكوست، الذي قاد الشركة لسنوات عديدة، وانتقلت إدارة الشركة إلى أخيه الأصغر وشريكه المُقرب، ميشيل لاكوست.
وخلال فترة رئاسته، أسس ميشيل "مؤسسة Lacoste" لدعم المشاريع المجتمعية التي تُساعد الشباب المُستضعفين من خلال الرياضة، خاصةً التنس والجولف.
بيع Lacoste
في عام 2012، بيعت Lacoste إلى المجموعة السويسرية القابضة Maus Frères في صفقة قدرت قيمة "البراند" بمليار يورو. وجاء ذلك بعد خلافات عائلية بين ميشيل وابنته صوفي.
Lacoste اليوم
على الرغم من التحديات التي واجهتها، تُحقق Lacoste اليوم نجاحًا هائلاً، ففي عام 2023، حققت مبيعات استثنائية وصلت إلى 413.9 مليون دولار من السوق الإلكتروني فقط.
وتمتلك Lacoste تشكيلة متنوعة من الملابس الرجالية والنسائية، بالإضافة إلى الأحذية والعطور والمنتجات الجلدية مثل الحقائب والأحزمة والمحافظ.