اضطراب الشخصية الهستيرية.. أسبابه وأعراضه وكيفية العلاج
أن يلغي الإنسان شخصيته، ويجعلها مقتصرة فقط على جذب انتباه الآخرين مهما كانت تصرفاته غريبة أو غير مناسبة للموقف الحالي، هو ما يعنيه اضطراب الشخصية الهستيرية. إذ يميل المُصاب بذلك الاضطراب إلى إظهار عواطفه بشكلٍ مبالغٍ فيه عند التعامل مع الآخرين، ما قد يُؤدِّي إلى صعوبة إقامة علاقاتٍ مع الآخرين.
ما هو اضطراب الشخصية الهستيري؟
اضطراب مزمن يتسم بنمطٍ ثابت من سلوكيات البحث عن الانتباه وإظهار العواطف بشكلٍ مبالغٍ فيه. وعادةً ما يظهر هذا الاضطراب في أواخر مرحلة المراهقة أو مرحلة البلوغ المبكرة.
وقد يشعر المُصابون باضطراب الشخصية الهستيرية بأنهم ليسوا ذوي قيمة كبيرة عندما لا تكون الأضواء مسلطة عليهم، ما يؤدي إلى الحاجة إلى لفت انتباه الآخرين والانخراط في سلوكيات تُساعد على ذلك، فيما يُعرف بـ "اضطراب الشخصية الهستيرية".
كما ينطوي هذا الاضطراب على التركيز على الذات وتجاهل الآخرين، بالإضافة إلى سرعة الملل وقلة الصبر. وربما يشعر من حولهم بالحرج من سلوكياتهم المبالغ فيها.
أعراض اضطراب الشخصية الهستيري
قد يمتلك أي شخص بعض السمات المسرحية التي تظهر في بعض المواقف، مثل الحفلات مع الأصدقاء، لكن لا يعني وجودها ضرورة الإصابة باضطراب الشخصية الهستيري أو أي اضطراب آخر في الشخصية، إذ علاماتها وأعراضها أوسع من ذلك، وتظهر باستمرار، وتشمل:
1. سلوكيات لجذب الانتباه
يشعر المُصاب باضطراب الشخصية الهستيري بالحاجة المستمرة للتصرُّف بطرقٍ مُعيّنة للحصول على الاهتمام، وعندما لا يحصل على الاهتمام الذي يريده، قد يشعر بخيبة أمل شديدة.
ولجذب ذلك الانتباه، قد ينخرط في بعض السلوكيات المختلفة، مثل:
- ارتداء الملابس بشكلٍ دراماتيكي أو استفزازي.
- اختلاق قصصٍ عنك أو المبالغة في وصف الأشياء التي حدثت لك.
- إغراق الآخرين بالمجاملات وتصريحات الحب حتى لو قابلتهم للتو.
- المبالغة في أعراض المرض أو اختلاقها.
- الوقوع في حوادث طفيفة تتطلّب من الآخرين إنقاذك.
وهي ليست محاولات مُتعمّدة للتلاعب بالآخرين، لكنّها غالبًا ما تكون سلوكيات على غير وعيٍ كاملٍ من المُصاب، تستمر معه على مرّ السنين، وفي كل مرة يحصل فيها على اهتمام بأي من هذه السلوكيات، يُحِب ذلك، ما يُؤدّي إلى تكرار تلك السلوكيات للحصول على مزيدٍ من الاهتمام.
لكن قد تتفوّق حاجتك إلى الاهتمام على أي شيءٍ آخر، لهذا السبب قد تكون بعض سلوكياتك غير مناسبة للآخرين، ولنفس السبب أيضًا قد تنجذب إلى الأشخاص الذين يساعدونك في الحصول على مزيدٍ من الاهتمام، مهما كانت شخصياتهم أو صفاتهم.
2. سلوكيات الإغراء
قد يتصرَّف بطريقةٍ غزلية، أو بسلوكٍ مثير جنسيًا حتى في المواقف والأماكن التي قد يُنظَر فيها إلى هذا على أنّه غير مناسب كما هو الحال في المكتب مع زملائه في العمل مثلًا، وهي ليست محاولة للدخول في علاقة حميمية مع الآخرين، بل طريقة مختلفة، غير واعية، لجذب انتباه من حوله.
3. سطحية المشاعر وسرعة تقلُّبها
أشار موقع "Psychcentral" إلى أنَّ المُصاب باضطراب الشخصية الهستيرية يُعانِي تغيّرات مستمرة في مزاجه، وكذلك في اهتماماته وعواطفه، وهذه التغيّرات قد تكون سريعة وشديدة، بما قد يتعارض مع المواقف الحالية التي يمرّ بها هؤلاء.
كذلك قد يُؤدّي هذا التبدُّل التام في المشاعر والاهتمامات إلى ظنِّ الآخرين به أنّه غير صادق معهم.
ومن صور ذلك أن تشعر بحماسٍ شديدٍ تجاه علاقة أو مشروع ما، ثُمّ تفقد ذلك الاهتمام سريعًا، فمثلًا قد يدفعك ذلك إلى تغيير وظيفتك عِدّة مرات، أو ممارسة هوايات جديدة وتغييرها سريعًا، بل قد تُهمِل العلاقات الشخصية طويلة الأمد، كالصداقة أو الزواج، لإفساح المجال للأنشطة والعلاقات الجديدة!
4. التركيز على المظهر الجسدي
كذلك يُحاوِل المُصاب باضطراب الشخصية الهستيرية تغيير مظهره الخارجي باستمرار للفت انتباه من حوله إليه، وهذا قد يبرز في عِدّة صور، منها على سبيل المثال:
- تكرار تغيير لون الشعر أو تسريحته.
- ارتداء ملابس وأحذية برّاقة.
5. البهرجة والغموض في الخطاب مع الآخرين
يحب بعض الناس التحدُّث كثيرًا، لكن بعضهم دون قصد يُركِّز على شكل وأسلوب الكلام بدلًا من جوهره، فمثلًا قد يميل المرء إلى استخدام كلماتٍ كبيرة مبهرجة مع قليل من التفاصيل أو التفسيرات لها، وربّما تنزعج عندما يُواجِهك الآخرون بذلك خلال حوارك معهم، ولا تتمكّن من شرح كلماتك الكبيرة.
كذلك قد يُبدِي المُصاب باضطراب الشخصية الهستيرية رأيه حول شخصٍ ما دون سببٍ مُحدّد لذلك الرأي، فمثلًا قد يُخبِر أحدًا ما أنّه يُحِب ممثلًا وبأنّه الأفضل على الإطلاق، فإذا سُئِل لماذا يظنّ ذلك أو يراه الأفضل، شعر بالارتباك واكتفى بالرد على أنّه رائع؛ أي أنّه بنى رأيه هكذا دون معرفة حقيقية أو إلمامٍ بتفاصيل مُعيّنة تُفسّر رأيه.
6. الدرامية
يميل المُصابون باضطراب الشخصية الهستيرية إلى المبالغة في التعبير عن مشاعرهم وإضفاء الطابع الدرامي عليها. ولذلك فقد يُظهِرون تعبيرات عاطفية مُبالَغ فيها تجاه الآخرين. ومن الأمثلة على ذلك السعادة الشديدة أو التصرُّف بنشوة في كل مرةٍ ترى فيها شخصًا ما، حتى لو كان أول لقائك به قبل بضع ساعات أو كُنت تراه كل يوم.
هذه السلوكيات قد تكون جذابة للآخرين في البداية، لكنها قد لا تكون كذلك لاحقًا، ما يدفع الآخرين للتراجع عن علاقتهم بك.
7. سهل التأثُّر
قد يثق المُصاب باضطراب الشخصية الهستيرية بالآخرين بصورةٍ مفرطة، ويتأثّر كثيرًا بآرائهم. وهذا قد يدفعه إلى اتّباع ما يراه الناس أو الآخرون، حتى لو كان يتخذ قرارًا كبيرًا قد يُغيِّر مجرى حياته.
كذلك قد يتبنّى فلسفات أو أنماط حياة الآخرين بسرعة، حتى لو لم يفهمها تمامًا. وهذا قد يؤدي إلى مواكبة ما يقوله الآخرون ويفعلونه دون فهمٍ أو اقتناع حقيقي بذلك.
8. اعتبار الناس أقرب إليك مما هم عليه بالفعل
قد تشعر أنّك قريب جدًا مِمّن حولك، حتى لو قابلتهم للتو، ومن ثَمّ قد تتصرَّف بأسلوبٍ استعراضي أو تُظهِر مشاعرك لهم. لكن الآخرين قد بدأوا يتعرّفون عليك لتوهم، ومن ثَمّ فالمودة الشديدة التي تُظهِرها قد لا تكون صادقة بالنسبة إليهم.
نعم، أنت لا تتظاهر بأنّك تحب الآخرين، بل صادق في مشاعرك، لكن بالنسبة لهم فالأمور لا تسير هكذا. ولذلك قد تُواجِه تحدّيات في العلاقات مع الآخرين.
ما الفرق بين اضطراب الشخصية الهستيري والانفتاح؟
الانفتاح أو الانبساط هو سمة شخصية وليس اضطرابًا. وقد يُوصَف أحد بالانفتاح لأنه يستمتع بالتفاعل مع الناس ومليء بالحيوية. وهو عكس الانطوائي، الذي يُفضّل أن يقضي وقتًا أكبر مع نفسه، حتى لو كان يستمتع بالتواصل مع الآخرين.
أما المُصاب باضطراب الشخصية الهستيرية، فلديه رغبة لا تنتهي لجذب انتباه الآخرين. وهذا قد يقود إلى صعوبات تتعلّق باحترام الذات، أو حتى بالتواصل مع الآخرين. فربما منهم من لا يُحِب طريقة ذلك المُصاب باضطراب الشخصية الهستيرية رغم الود الشديد الذي يُظهِره.
هل اضطراب الشخصية الهستيرية مثل النرجسية؟
قد تتداخل اضطرابات الشخصية مع بعضها البعض، خاصةً لو تشابهت في بعض سماتها، إذ يتمتّع كل من المُصابِين باضطراب الشخصية الهستيري، وكذا المُصابِين باضطراب الشخصية النرجسية، بالحصول على كثيرٍ من الاهتمام.
لكن النرجسي يريد الاهتمام الناجِم عن تبجيله واحترامه، فهو يرى نفسه أعلى من غيره وأفضل، بينما المُصاب باضطراب الشخصية الهستيرية، يرغب في أي اهتمام، وليس يرى نفسه متفوقًا على أحد، وليس ضروريًا أن يكون الاهتمام مرتبطًا بالثناء عليه.
ما أسباب اضطراب الشخصية الهستيرية؟
لا يُوجَد سبب مُحدَّد لاضطراب الشخصية الهستيرية، لكن يظن الباحثون أنّ ذلك الاضطراب قد يحدث نتيجة مزيج من العوامل الجينية والبيئية، فمن العوامل التي قد تُسهِم في الإصابة به:
- الجينات: قد تنتقل بعض السمات الشخصية عبر الجينات الموروثة من أحد الأبوين، والتي قد تزيد أحيانًا خطر الإصابة باضطراب الشخصية الهستيرية.
- البيئة: البيئة المحيطة بالإنسان والتي نشأ فيها، والأحداث التي مرّ بها، وعلاقته مع أفراد أسرته؛ كل ذلك قد يُؤثِّر فيه، وقد يُسهِم بصورةٍ ما في الإصابة باضطراب الشخصية الهستيرية.
عوامل خطر الإصابة باضطراب الشخصية الهستيرية
قد تزيد بعض العوامل خطر الإصابة باضطراب الشخصية الهستيرية، مثل:
- التعرّض لإساءة لفظية.
- التعرّض لصدمة في مرحلة الطفولة.
كيفية تشخيص اضطراب الشخصية الهستيرية
تتشابه أعراض اضطراب الشخصية الهستيرية مع بعض الاضطرابات النفسية الأخرى، لذلك سيُحاوِل الطبيب استبعاد الاضطرابات أو الأمراض الأخرى التي قد تُسبِّب نفس الأعراض، ولا يُوجَد اختبار مُحدَّد لتشخيص ذلك الاضطراب.
لكن ذكر الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية "DSM-5" أنّه يجب أن تتوفَّر 5 علامات أو أكثر من الأعراض التالية لتشخيص اضطراب الشخصية الهستيرية:
- الإحساس بعدم ارتياحٍ في المواقف التي لا يكون فيها الشخص مركز الاهتمام.
- التفاعل مع الآخرين الذي يتسم غالبًا بسلوكٍ جنسي مُغر أو استفزازي غير لائق.
- التحول السريع في العواطف، وسطحية المشاعر.
- استخدام المظهر الجسدي باستمرار للفت الانتباه إليه.
- استخدام أنماط الكلام التعبيرية بشكلٍ مفرط، والخالية من التفاصيل.
- الدرامية والمسرحية والتعبير المبالغ فيه عن العواطف.
- سهولة التأثُّر بالآخرين أو الظروف.
- اعتبار العلاقات أكثر حميمية مما هي عليه في الواقع.
ما الفرق بين اضطراب الشخصية الهستيرية والحدية؟
تتشابه بعض سمات اضطراب الشخصية الهستيرية مع الشخصية الحدية، مثل:
- تقلب المشاعر سريعًا.
- السلوك الاندفاعي.
- التعبير القوي عن العواطف.
ولذلك يعتقد بعض الخبراء أنّ اضطراب الشخصية الهستيري قد لا يكون متميزًا عن اضطراب الشخصية الحدية، ومع ذلك لم يُوافِق الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية على هذا الرأي.
وحسب ذلك الدليل "DSM-5"، فإنَّ اضطراب الشخصية الحدية أيضًا يتسم بسلوك جذب الانتباه والتقلب السريع في المشاعر، لكنّه ينفرد بسلوكيات التدمير الذاتي ونوبات الغضب الشديدة مع الأشخاص الذين يرتبطون مع الإنسان بعلاقة وثيقة، وكذلك الشعور بفراغٍ داخليٍ عميق، وأيضًا اضطراب الهوية، وهي أمور لا تتوفّر بتاتًا في اضطراب الشخصية الهستيرية.
مضاعفات اضطراب الشخصية الهستيرية
مع الأسف فإنَّ اضطراب الشخصية الهستيرية يحمل في جوانبه بعض المضاعفات، التي قد تُؤثِّر في علاقة الإنسان بالآخرين، وأيضًا في صحته النفسية، ومن مضاعفات ذلك الاضطراب:
- ضعف العلاقات: تكون علاقات المُصاب باضطراب الشخصية الهستيرية عاطفية مع غيره، لكنّها لا تستمر عادةً.
- اضطراب الأعراض الجسدية: ثمّة صلة قوية بين اضطراب الشخصية الهستيرية واضطراب الأعراض الجسدية، فقد يُعانِي بعض المُصابين باضطراب الشخصية الهستيرية مجموعة من مشكلات الصحة البدنية.
- الاكتئاب: يمرُّ المُصاب باضطراب الشخصية الهستيرية بالعديد من التقلبات في المزاج، ومِنْ ثَمّ فقد يُعانِي أحيانًا تدنِّي المزاج والاكتئاب.
- سلوكيات التنمر: يُؤثِّر اضطراب الشخصية الهستيرية في الفرد وكذلك من حوله، وربّما يُؤدِّي إلى التنمر والسلوكيات العدوانية.
طرق علاج اضطراب الشخصية الهستيرية
أشارت الأبحاث إلى أنّ العلاج النفسي قد يُساعِد في علاج اضطراب الشخصية الهستيرية وتحسين احترام المرء لذاته، ومساعدته على ضبط عواطفه، وتشمل سبل العلاج المُفيدة للمُصابِين بهذا الاضطراب:
1. العلاج النفسي الديناميكي
يُركِّز ذلك النوع من العلاج على الجذور النفسية وراء عدم الاستقرار العاطفي لدى المريض، بما يُمكِنه أيضًا من معرفة المشكلات التي يُواجهها في علاقاته مع الآخرين وسبب تلك المشكلات؛ تمهيدًا لحلها.
2. العلاج المعرفي السلوكي
علاج نفسي مُنظَّم، يُساعِد فيه المُعالِج المريض على معرفة أفكاره وعواطفه عن كثب، ومعرفة كيف تُؤثِّر في أفعاله، ثُمّ مساعدته على التخلص من الأفكار والسلوكيات السلبية، وتبنّي عادات صحية تجعل اضطراب الشخصية الهستيرية بعيدًا عنه.
3. العلاج النفسي الداعم
يُركِّز هذا النوع من العلاج على تخفيف الأعراض واستعادة ثقة الإنسان بنفسه، وتحسين مهارات التأقلم مع اضطراب الشخصية، كما يتضمّن أيضًا معرفة أنماط الاستجابة العاطفية أو سلوك الإنسان ومحاولة تغييره للأفضل.
4. العلاج الجماعي
يجتمع مجموعة من الأشخاص معًا لوصف ومناقشة مشكلاتهم معًا تحت إشراف مُعالِج أو طبيب نفسي، وهذا النوع من العلاج قد يكون مفيدًا خاصةً للمُصابين باضطراب الشخصية الهستيرية، خاصةً إذا كانوا مع أشخاصٍ آخرين يُعانُون نفس الاضطراب.
5. الأدوية
لا تُوجَد أدوية مُعيّنة لعلاج اضطراب الشخصية الهستيرية، ومع ذلك فقد يصف الطبيب بعض الأدوية أحيانًا إذا تزامنت اضطرابات نفسية أخرى مع اضطراب الشخصية الهستيرية، مثل مضادات الاكتئاب أو مضادات الذهان.
كيف تتعامل مع اضطراب الشخصية الهستيرية؟
إلى جانب العلاج، قد تحتاج إلى بعض النصائح للتعامل مع اضطراب الشخصية الهستيرية، ومن النصائح التي قد تُعِينك في ذلك:
1. بناء علاقات آمنة
يُعدّ لارتباط غير الآمن أو العلاقات غير الآمنة من العوامل المساهمة في اضطراب الشخصية الهستيرية، لذلك ينبغي البدء من هنا وإقامة علاقات آمنة وذلك من خلال:
- استكشاف أسلوب تعلقك بالآخرين: ربّما عندما كُنتَ صغيرًا، كان أحد أبويك يتعامل مع مشكلة جسدية أو نفسية لديه، تمنعه من الاهتمام بك كما ينبغي، وهذا قد يخلق أسلوب تعلق غير صحي أو غير آمن مع الآخرين، يُفضِي إلى اضطراب الشخصية الهستيرية، لذلك حاول أن تتواصل مع والدك لفهم التحديات التي واجهها معك في السابق، فهذا قد يُوفِّر صورة أفضل حول نمط تعلقك بالآخرين.
- البحث عن العلاقات مع أشخاص مناسبين: حاوِل أن تتواصل مع الأشخاص المستقرين في العلاقات ولا يتقلّبون كثيرًا مع الآخرين، فهؤلاء الأشخاص يعرفون كيف يضعون الحدود المناسبة في العلاقة وتقدير من يتعاملون معه، كما قد يكونون داعمين لك وبمقدورك الوثوق بهم، وهم مُرحّبون لتواصلك معهم.
- تعزيز ذكائك العاطفي: يتضمّن الذكاء العاطفي قدرتك على فهم مشاعرك وإدارتها والتعاطف مع الآخرين، فمثلًا يمكنك استخدامه لمعرفة متى يُسِيء سلوكك الدرامي إلى الآخرين، والتحكُّم في ذلك بشكلٍ أفضل، كما يمكن الاستفادة منه في توصيل احتياجاتك بشكلٍ أفضل.
2. تعزيز الوعي بنفسك
إذا كُنت تُعانِي اضطراب الشخصية الهستيرية، فقد لا تُلاحِظ العلاقة بين عواطفك وسلوكك وأثر ذلك في حياتك، بل لا تدري كيف انتهى بك الأمر في مواقف غير سارة، سواء في العمل أو في علاقاتك مع الآخرين، لذلك تحتاج إلى أن تكون أكثر وعيًا بنفسك، وهذا من خلال:
- معرفة رغباتك واحتياجاتك: إذا كُنتَ في حفلةٍ ما، فربما ترغب في أن يُنظَر إليك على أنّك جذاب، أو ربّما تريد لفت انتباه أحد من أفراد أُسرتك، كيف يمكنك عادةٍ تلبية هذه الاحتياجات؟ هل ترتدي ملابس قد يراها الآخرون غير مناسبة لهذه المناسبة مثلًا؟ إذا بدا أن تصرُّفك يدفع الناس بعيدًا عنك، فحاوِل أن تبحث عن طريقةٍ أخرى لجذب الانتباه، أو ركِّز على جذب الآخرين للتحدث معك خلال الحفلة، بدلًا من الإقدام على تصرفات جاذبة للانتباه وغريبة في أعين الآخرين.
- أدِر مشاعرك بشكلٍ أفضل: إذا فهمت مشاعرك جيدًا، ستكون قادرًا حتمًا على التعامل مع نفسك ومع غيرك بشكلٍ أفضل، فكثيرٌ منا لا يقدر أن يسيطر على مشاعره، خاصةً الشديدة التي تجعل من الصعب التفكير بعقلانية، فمثلًا إذا انتقدك شخصٌ ما، فقد ترفع صوتك وتخوض شجارًا لا طائل من ورائه، وهذا التعبير عن الغضب قد يكون بسبب الاستجابة العاطفية التي تُشعِرك بالراحة، بغض النظر عمّا قد يتطلّبه الموقف من حكمة وضبط للمشاعر.
3. تعزيز ثقتك بنفسك
عادةً ما يميل المُصابون باضطراب الشخصية الهستيرية إلى أن يروا أنفسهم بلا قيمة، ومِنْ ثَمّ يسعون لجذب انتباه الآخرين، وربّما يكون ذلك بسبب تجارب الطفولة المبكرة، مثل مضايقة الأشقاء، أو انتقاد الوالدين.
لذلك ينبغي للمرء تعزيز ثقته بنفسه وتقديره لذاته، وذلك من خلال:
- رصد الحديث السلبي عن نفسك: فكِّر في موقف (حقيقي أو مُتخيّل) يُقلِّل من احترامك لذاتك، وبما شعرت به في تلك اللحظة، ربّما شعرت بمشاعر غير طيّبة مع تصحيح صديق لسلوكك أو أنّك لا يُؤبَه بك عندما لم تُدعَ إلى حدثٍ اجتماعي. الآن تذكّر كيف كان حديثك مع نفسك في تلك المواقف، هل كُنتَ ترى نفسك بلا قيمة بالنسبة للآخرين؟ هل ساهم ذلك الحديث في الأفكار والأفعال التي جعلت الوضع أسوأ مما هو عليه؟
- مواجهة الحديث الذاتي السلبي: عندما تشعر بتجاهل الآخرين، أو تُعانِي رفضهم أو انتقادهم، فيُمكِنك أن تنطلق في أفكارٍ أكثر إيجابية، مثل أنّك لست بحاجةٍ إلى أن تكون مثاليًا، أو أنّ الجميع لن يحبك ولا بأس بذلك فلا تزال محبوبًا عند غيرهم.
- تنمية اهتماماتك الخاصة: قد تشعر بالغيرة عندما تعتقد أنّ شخصًا ما أشدّ جاذبية منك، وبدلًا من التركيز على ذلك، تذكّر أنّ لديك أسلوبك الفريد وهواياتك واهتماماتك، لذلك حاول أن تقضي بعض الوقت بمفردك كل أسبوع والقيام بشيءٍ ما (هواية مثلًا) تُشعِرك بالرضا، لنفسك لا لغيرك، أو ترك التركيز على نفسك تمامًا من خلال التطوع لمساعدة الآخرين، فهذا قد يزيد احترامك لذاتك ويُضِيف معنىً إلى حياتك.
4. السعي من أجل الاستقلال
قد يأتي اضطراب الشخصية الهستيرية مع إحساس منخفض بالاستقلالية، وربّما كُنت تُركِّز بشدة على الحصول على موافقة الآخرين لدرجة أنك لم يكُن لديك الكثير من الممارسة في اتخاذ القرارات بمفردك.
وربّما قد يساعدك أن تتعلّم كيف تكون أكثر استقلالية، في صرف تركيزك بعيدًا عن الأشخاص الآخرين، وأن تزيد ثقتك بنفسك.
وتدرّب على فصل آرائك ورغباتك واحتياجاتك عمّن حولك، وقد يساعدك تمرين اليوميات هذا:
- أولًا اكتب قائمة بالمعتقدات والقيم التي تمتلكها، ودع الخوف من أن يحكم عليك الآخرون.
- بعد ذلك، اكتب بعض رغباتك، ربّما تريد السفر إلى بلدٍ آخر، أو تطوير مواهبك الفنية، باختصار ما هي الأشياء التي تريدها، حتى لو لم يكُن هناك أي شخص آخر ليفعلها معك.
وهذا قد يساعد في تعزيز إحساسك بهويتك وفصله عن الآخرين، بما يساعد في التغلب على اضطراب الشخصية الهستيرية إلى جانب العلاج الاحترافي.