اضطراب إدمان المواد المخدرة.. الأنواع والأعراض وطرق العلاج
كم من عقلٍ تلاعبت به المواد المخدرة حتى بات أسيرها، تُحرِّكه كيف شاءت بشعور النشوة الذي يغمر المرء من قمة رأسه إلى أخمص قدميه، لكنّها مع ذلك تحمل ضررًا بالغًا على الصحة الجسدية والنفسية على حدٍّ سواء، فقد تُغيّر ضربات القلب، وربّما تُسبِّب الاكتئاب والقلق.
بل إنّها قد تكون مميتة أحيانًا كما يحدث مع إدمان المواد الأفيونية، التي قد تُبطِئ التنفس أو تُوقِفه في بعض الأحيان، لذلك فإنَّ اضطراب إدمان المواد المخدرة يختلف عن غيره من الاضطرابات النفسية، فهو أشدّها خطورة وأشرسها على الصحة النفسية والجسدية، فما أعراضه؟ وكيف يمكن علاجه؟
ما هو اضطراب إدمان المواد المخدرة؟
أحد الاضطرابات النفسية التي تُؤثِّر في دماغ الإنسان وسلوكه، بما يُفقِده القدرة على ضبط نفسه إزاء المواد غير المشروعة، مثل المواد الأفيونية أو الكحوليات وغيرها، ورغم تضرّر المرء من إدمان هذه المواد إلّا إنّه عاجز عن التخلّي عنها بأي حالٍ من الأحوال.
وتكرار استخدام تلك المواد والعكوف عليها قد يُغيِّر طريقة عمل الدماغ، وهذه التغيّرات قد تستمر فترة طويلة حتى بعد انتهاء التسمُّم الناجم عن تلك المواد. "مقصود التسمم هنا هو المتعة الشديدة والنشوة التي يحصل عليها الإنسان مع تناول المواد المخدرة".
كما يؤدي استخدام تلك المواد بمرور الوقت إلى بلوغ التحمّل "Tolerance"، أو تعوّد الجسم عليها ما يعني الحاجة إلى زيادة الجرعة للحصول على نفس المتعة والنشوة التي كان تتحقّق من قبل مع جرعةٍ أقل، وهو ما يُفضِي إلى الإدمان.
ولو رغب المرء في التوقف عن إدمان المواد المخدرة، فإنّ أعراض الانسحاب ستُطارِده، خاصةً مع سحب مادة اعتادها الجسم لفترة طويلة، ومِنْ ثَمّ يُعانِي أعراض الانسحاب ورغبة شديدة في معاودة الإدمان.
وأظهرت دراسات تصوير الدماغ وجود تغيُّرات بالفعل في مناطق الدماغ التي تتعلّق بالحُكم واتخاذ القرار، والتعلّم والذاكرة، والتحكُّم في السلوك، ما يعكس الأثر البالغ لاضطراب إدمان المواد المخدرة.
أنواع اضطراب إدمان المواد المخدرة
قد يُدمِن الإنسان أي شيءٍ يُحقِّق له متعة ونشوة لم يشعُر بها من قبل، ومن أبرز المواد المُسبِّبة للإدمان:
التبغ
التبغ من المواد التي قد تُسبِّب الإدمان. نعم، هو ليس كالمُخدّرات، لكنّه يحتوي على النيكوتين الذي يمنح الإنسان القليل من المتعة والطاقة، ثُمّ سُرعان ما يزول تأثيره، فيحتاج الإنسان إلى الحصول على المزيد من التبغ؛ أي تدخين السجائر حتى تصير إدمانًا.
الكحول
يمتص الجسم الكحول بسرعة من المعدة والأمعاء الدقيقة، وسُرعان ما يسري في مجرى الدم؛ مُضعِفًا وظائف الدماغ والمهارات الحركية للإنسان، بل قد يُؤثِّر الكحول في كل عضوٍ في الجسم بلا استثناء، حتى الأجنّة في بطون الأمهات قد يتضرّر نموها.
وتتأكّد معاناة الإنسان من اضطراب إدمان الكحول مع تأثيره على حياته اليومية، فلا يستطيع العمل كما اعتاد، أو تتأثّر علاقته بالآخرين.
كذلك فإنّ الإفراط في تناول الكحول له آثار مدمرة على الصحة على المدى الطويل، فقد يزيد خطر الإصابة بـ :
- السرطان.
- مرض الكبد.
- السكتة الدماغية.
المواد الأفيونية
المواد الأفيونية من المواد التي تُسبِّب إدمانًا شديدًا، فبمرور الوقت ومع استمرار تناولها، تزداد رغبة الإنسان في الحصول عليها، وهذا قد يبعث على تغيّرات في وظائف الدماغ.
والمواد الأفيونية هي فئة من الأدوية مصنوعة من مواد كيميائية طبيعية أو اصطناعية موجودة في نبات خشخاش الأفيون.
ويشمل إدمانها إدمان المواد غير القانونية، مثل الهيروين، والأدوية الموصوفة لتخفيف الألم، مثل المورفين الذي يستخدمه الأطباء في حالات الألم الشديدة، وفي العمليات الجراحية.
ومن الأعراض التي قد يُسبِّبها إدمان المواد الأفيونية:
- الاهتياج الجسدي.
- الارتباك.
- الاكتئاب أو القلق.
- الغثيان.
- الإمساك.
- ضحالة التنفّس أو بطئه "المواد الأفيونية مع الجرعات العالية قد تُثبِّط مراكز التنفس في جذع الدماغ".
ولو صار التنفس بطيئًا مع إدمان المواد الأفيونية، فقد ينقص أكسجين الجسم، وعندما لا يصل إلى الدماغ ما يكفي من الأكسجين، قد يتلف الدماغ بصورةٍ دائمة، أو يقع المرء فريسة للغيبوبة، أو قد يتوفّى.
ومن علامات الجرعة الزائدة من المواد الأفيونية:
- فقدان الوعي.
- القيء.
- عدم الاستجابة؛ أي أنّه لا يمكن إيقاظه.
- التنفس البطيء، أو غير المنتظم، أو عدم التنفّس على الإطلاق.
- بطء النبض، أو عدم انتظامه، أو انعدامه بالكُلّية.
والحصول على جرعة عالية من المواد الأفيونية حالة طارئة تستدعي الحصول على رعايةٍ طبية فورية، لتناول الأدوية المضادة للمواد الأفيونية، مثل نالوكسون.
الكوكايين
الكوكايين أحد المواد المُنبِّهة القوية، وهو أحد أقدم الأدوية المعروفة، وقد يُؤدّي تعاطي الكوكايين بصورة متكررة إلى الإدمان والمعاناة من عواقب صحية خطيرة.
وقد اكتشف العلماء مناطق داخل الدماغ تُنتِج مشاعر المتعة عند تحفيزها، ويبدو أنّها هي الأكثر تأثُّرًا بالكوكايين، وتُسمّى المنطقة السقيفية البطنية "Ventral tegmental area"؛ إذ تمتد الخلايا العصبية الناشئة فيها إلى منطقة الدماغ المعروفة بالنواة المُتكئة "Nucleus Accumbens"، وهي أحد مراكز المتعة الرئيسة في الدماغ.
وتعود قدرة الكوكايين على الإدمان في أنّه يمنع الخلايا العصبية من إعادة امتصاص الدوبامين؛ أي أنّه يظل خارجها مُحدِثًا تأثيره المُسبِّب لمشاعر السعادة، فهو جزء من نظام المكافأة في الدماغ، وهو متورّط بشكل مباشر أو غير مباشر في الخصائص الإدمانية لأي عقارٍ يُسبِّب الإدمان.
ومع تناول الكوكايين مرارًا وتكرارًا، يعتاده الجسم، ثُمّ يحتاج الإنسان إلى جرعةٍ أكبر منه لتحقيق نفس مستوى المتعة الذي كان يُحقّق سابقًا مع جرعةٍ أقل، وهكذا مرارًا وتكرارًا إلى أن يصير المرء مُدمنًا عليه، بحاجةٍ إلى جرعات عالية منه باستمرار.
وأظهرت الدراسات الحديثة أنّه خلال فترة الامتناع عن تعاطي الكوكايين، فقد تُحفِّز ذاكرة النشوة المرتبطة بتعاطي الكوكايين، أو مجرد التعرض لإشارات مرتبطة بتعاطيه، شغفًا هائلًا وانتكاسًا لتعاطيه مُجددًا، حتى بعد مرور فترات طويلة من الانقطاع عنه!
كما قد يُؤدِّي استخدام الكوكايين وإدمانه إلى مشكلات خطيرة على الأمد الطويل، مثل:
- التهيج واضطرابات المزاج.
- القلق.
- جنون العظمة "اضطراب الشخصية البارانوية".
- الهلوسة السمعية.
- اضطرابات القلب.
الكافيين
صدِّق أو لا تُصدِّق الكافيين قد يُسبِّب الإدمان. نعم، الكافيين الموجود في فنجان قهوتك، لكن إدمان الكافيين ليس كإدمان المواد الأفيونية، أو الكوكايين، أو الكحول.
فقد أُدرج اضطراب إدمان الكافيين في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، الإصدار الخامس "DSM-5"، الصادر عن جمعية الطب النفسي الأمريكية.
وأُقر تشخيص ذلك الاضطراب إن أدّى استخدام الكافيين إلى ضعفٍ أو مشكلات كبيرة، كما سيأتي في المعايير الثلاثة الأولى على الأقل من المعايير التالية، التي تحدث خلال 12 شهرًا:
- رغبة مستمرة في تناول الكافيين، أو فشل جهود تقليل تناوله، أو السيطرة على رغبتك فيه.
- استمرار تناول الكافيين على الرغم من معرفة احتمال تسبُّبه في مشكلات جسدية، أو نفسية مستمرة أو متكررة.
- أعراض الانسحاب، بالمعاناة من أعراض انسحاب الكافيين، أو الاضطرار إلى تناول الكافيين "أو مادة قريبة منه" لتخفيف أعراض الانسحاب.
- تناول الكافيين بكمياتٍ أكبر، أو على مدى فترة أطول مِمّا كُنتَ تقصد.
- استخدام الكافيين المتكرر، بما قد يُؤدّي إلى عدم الوفاء بالتزاماتك الرئيسة في العمل أو المدرسة أو المنزل "مثلاً التأخير المتكرر أو الغياب عن العمل".
- استمرار استخدام الكافيين على الرغم من وجود مشكلات اجتماعية، أو شخصية مستمرة أو متكررة يُسبِّبها أو يُفاقِمها الكافيين، مثل الجدال مع الزوجة حول عواقب إدمان الكافيين.
- التحمّل؛ أي الحاجة إلى زيادة الكمية التي تتناولها من الكافيين لتحقيق التأثير المطلوب، أو تناقُص تأثير الكافيين بدرجةٍ ملحوظة مع استمرار استخدام نفس الكمية منه.
- قضاء كثيرٍ من الوقت في الأنشطة اللازمة للحصول على الكافيين أو تناوله، أو التعافي من آثاره.
- الرغبة الشديدة والقوية في تناول الكافين.
جديرٌ بالذكر أنّ الكافيين يُؤثِّر في نظام المكافأة في الدماغ، ما يُؤدِّي إلى إطلاق الدوبامين، الذي يُشعِرك بالرضا، ويُحفِّز نظام المكافأة، بما يجعلك راغبًا في الحصول على الكافيين مُجددًا لإطلاق الدوبامين والإحساس بنفس الشعور، وهكذا دواليك.
ومن علامات إدمان الكافيين إثر تناوله بجرعات كبيرة:
- ارتفاع ضغط الدم.
- الدوخة.
- الصداع.
- العصبية.
- زيادة مُعدّل ضربات القلب.
- مشكلات النوم.
مواد الاستنشاق
تشمل مواد الاستنشاق الهيدروكربونات المتطايرة، والغازات السامة الموجودة عادةً في المنتجات المنزلية، مثل الغراء ومخففات الطلاء ومنتجات التنظيف. وقد يُؤدّي الاستنشاق المتكرر لتلك المواد إلى إدمان استنشاقها.
وقد حدّد الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية "DSM-5" أعراض إدمان مواد الاستنشاق فيما يلي:
- استخدم الإنسان لمواد الاستنشاق بكميات أكبر أو لفتراتٍ أطول مِمّا خطط له.
- رغبة المرء في تقليل استخدام مواد الاستنشاق مع صعوبة القيام بذلك.
- قضاء كثيرٍ من الوقت في الحصول على المُستنشقات أو استخدامها، أو التعافي من آثارها.
- استمرار الرغبة الشديدة في الحصول على مزيدٍ من مواد الاستنشاق.
- فشل المرء بأداء مهامه المنزلية أو في العمل، بسبب إدمان مواد الاستنشاق.
- استمرار الإدمان رغم وجود مشكلات اجتماعية أو شخصية أو جسدية أو نفسية ناجمة عن تلك المواد.
- ارتكاب مخاطر في سبيل استخدام مواد الاستنشاق.
- التحمّل، ما يعني الحاجة إلى المزيد منها للحصول على نفس التأثير.
وتحمل مواد الاستنشاق مخاطر صحية خطيرة، فعلى المدى القصير قد تُسبِّب هلاوس وأوهام، كما قد تكون مميتة أيضًا، وتُسبِّب التشنجات أو الغيبوبة أو السكتة القلبية والوفاة.
أمّا آثارها على المدى الطويل فتشمل:
- تلف نخاع العظام "المُنتِج لخلايا الدم".
- تلف الدماغ.
- فقدان السمع.
- تلف الكبد.
- تلف الكلى.
العقاقير
قد يُدِمن بعض الناس بعض العقاقير أو الأدوية، سواء كانت أدوية موصوفة لغيرهم أو لهم، ومن أبرز تلك الأدوية:
- المُسكِّنات الأفيونية "سبق تناولها في فقرة المواد الأفيونية".
- المُنشّطات المُستخدمة لعلاج اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، مثل الأمفيتامين.
- أدوية القلق والنوم، مثل ألبرازولام وديازيبام.
فأدوية القلق والنوم "المُهدّئات والمنوّمات"، قد تُسبِّب:
- الضعف الجسدي.
- النعاس.
- ثقل اللسان.
- صعوبة التنفس.
وقد يُؤدّي الإفراط في تناول تلك الأدوية وتجاوز الجرعة التي أوصى بها الطبيب إلى الوقوع في شرك الإدمان.
الماريجوانا
إدمان الماريجوانا "القنب أو الحشيش" أحد اضطرابات إدمان المواد المخدرة، وقد أُدرِج في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، الطبعة الخامسة "DSM-5"، وهذا الاضطراب يُصِيب ما يقرب من 10% من نحو 193 مليون مُستخدِم للماريجوانا في العالم.
ويكفي لتشخيص اضطراب إدمان الماريجوانا وجود عرضين أو أكثر من الأعراض التالية التي تحدث خلال 12 شهرًا:
- الاستمرار في تعاطي الماريجوانا رغم المشكلات الجسدية أو النفسية.
- الاستمرار في تعاطيها رغم المشكلات الاجتماعية أو مشكلات العلاقات.
- اشتهاء الماريجوانا بقوة.
- صعوبة السيطرة على تعاطيك للماريجوانا أو الحد منه.
- التخلّي عن بعض الأنشطة أو تقليلها لصالح تعاطي الماريجوانا.
- مشكلات في العمل أو المنزل نتيجة التعاطي.
- قضاء كثيرٍ من الوقت في تعاطي الماريجوانا.
- تناول الماريجوانا حتى في المواقف التي قد تُعرِّضك لخطورة.
- تناول الماريجوانا بكميةٍ أكبر مِمّا كُنت تقصد.
- التحمل، والحاجة إلى زيادة الكمية التي تتناولها للحصول على نفس التأثير.
- بروز أعراض الانسحاب عند التوقف عن تناول الماريجوانا، والتي تشمل الغضب والعدوانية، والعصبية والقلق، وصعوبة النوم، وفقدان الشهية وخسارة الوزن، والضجر والاكتئاب.
وقد يُؤدّي تعاطي الماريجوانا بكميات كبيرة إلى الهذيان، والذي قد يبرز في صورة:
- اضطراب الانتباه بعدم القدرة على التركيز واستمرار التشتت، وكذلك ضعف إدراك الإنسان للبيئة من حوله.
- اضطرابات الإدراك، مثل قصور الذاكرة، أو الارتباك، أو التوهان.
ما هي أعراض الإصابة باضطراب إدمان المواد المخدرة؟
وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، فإنّ أعراض اضطراب إدمان المواد المخدرة تشمل:
- تناول المادة بكميات كبيرة، ولفترة زمنية أطول مما كُنت تقصد.
- وجود رغبة قوية ومُلحّة في تعاطي المادة.
- فشل الجهود المبذولة للحد من تعاطي المادة، أو السيطرة على السلوك تجاهها.
- قضاء كثيرٍ من الوقت في محاولة الحصول على المادة أو تعاطيها، أو التعافي من آثارها.
- صعوبة الإيفاء بالمسؤوليات في العمل، أو المدرسة، أو المنزل بسبب تعاطي المخدرات.
- الاستمرار في استخدام المادة حتى لو سبَّبت مشاكل في العلاقات مع الآخرين.
- التخلِّي عن الأنشطة المهنية، أو الاجتماعية، أو الترفيهية بسبب تعاطي المخدرات.
- استخدام المواد مرارًا وتكرارًا، حتى لو كُنت في موقفٍ يُعرِّضك للخطورة.
- الاستمرار في تعاطي المخدرات رغم المعاناة من أعراض جسدية أو نفسية بسببها أو تفاقُمها بسببها.
- الحاجة إلى زيادة الجرعة أو الكمية المُتناوَلة من المادة للحصول على نفس التأثير.
- المعاناة من أعراض الانسحاب عند الانقطاع عن تناول المادة، وتخفّ هذه الأعراض بتناول المزيد منها، ما يتطلّب علاجًا احترافيًا للتخلص من إدمانها.
كذلك هناك أعراض أخرى، ذكرها "Cleveland Clinic"، تدل على اضطراب إدمان المواد المخدرة، مثل:
- الارتباك.
- إهمال تناول الطعام.
- الانسحاب من الأصدقاء والعائلة.
- تغيّرات مفاجئة في المزاج والسلوك.
- الانخراط في سلوكيات محفوفة بالمخاطر.
- السلوك العدواني أو الإنكار عندما يُواجَه الإنسان بتعاطيه للمخدرات.
- عدم الاهتمام بالمظهر الجسدي كما اعتدت في السابق.
- محاولة إخفاء تعاطي المخدرات، أو فعل ذلك بعيدًا عن الأعين.
عوامل خطر الإصابة باضطراب إدمان المواد المخدرة
قد تزيد بعض العوامل خطر الإصابة باضطراب إدمان المخدرة، سواء كانت منفردة أو مجتمعة معًا، ومن أبرز تلك العوامل:
1. عوامل بيولوجية
قد تزيد بعض الجينات أو كون المرء من عرقٍ مُعيّن، خطر الإصابة ببعض اضطرابات الصحة النفسية، ومنها إدمان المواد المخدرة، وكذلك الجنس، إذ تُشِير التقديرات إلى أنَّ ما يقرب من ثلثي الأشخاص في برامج علاج الإدمان هم من الرجال.
كذلك الجينات من العوامل التي قد تُسهِم في الإصابة باضطراب إدمان المواد المخدرة، بل هي مسؤولة عن نحو 40 - 60% من إمكانية تعرّض الإنسان لذلك الاضطراب، فلو كان أحد أقاربك من الدرجة الأولى "أب أو أخ" يُعانِي اضطراب إدمان المواد المخدرة، فرُبّما تُعانِي أيضًا نفس الاضطراب.
ووجد العلماء بعض الجينات التي قد تفسح المجال أمام ذلك الاضطراب، مثل تغيّر جين "CHRNA2" على الكروموسوم الثامن، الذي يرتبط بإدمان الماريجوانا.
2. البيئة والثقافة
قد تُؤثِّر بيئة الإنسان فيه سلبًا أو إيجابًا، فالعيش في بيئة ضارة قد يزيد خطر الإصابة باضطراب إدمان المواد المخدرة، مثل التعرّض للإساءة أو الإهمال في الطفولة، أو حتى الضغوطات الداخلية في أي مرحلة عمرية.
ومن العوامل المرتبطة بالبيئة، والتي قد تزيد خطر الإصابة باضطراب إدمان المواد المخدرة عند الشباب:
- إدمان أحد الأبوين للمواد المخدرة.
- ضعف الإنجازات الدراسية.
3. العمر
هناك أعمار يزداد معها خطر الإصابة باضطراب إدمان المواد المخدرة، خاصةً في مرحلة المراهقة؛ إذ يكون الدماغ في مرحلة النمو ولم ينضج بعد.
وإدمان المواد المُخدّرة يُؤثِّر في مناطق التحكّم في الدافع في الدماغ، ومِنْ ثَمّ فقد تُؤدِّي تغيّرات الدماغ الناجِمة عن ذلك إلى ضعف التحكّم في الذات والضعف في اتخاذ القرارات وإطلاق الأحكام.
4. الاضطرابات النفسية
قد تتسبَّب المعاناة من أحد اضطرابات الصحة النفسية في زيادة خطر الإصابة باضطراب إدمان المواد المخدرة، فقد يُعانِي بعض الناس اضطراب المواد المخدرة مع اضطرابٍ نفسيٍ آخر.
ومن أبرز الاضطرابات النفسية التي تزيد خطر الإصابة باضطراب إدمان المواد المخدرة:
- الاضطراب ثنائي القطب.
- اضطراب الشخصية الحدية.
- الاكتئاب.
- اضطراب القلق العام.
- اضطراب الهلع.
- اضطراب ما بعد الصدمة.
- الاضطرابات الذهانية.
- اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.
كيف يحدث إدمان المواد المخدرة؟
تُؤثِّر المواد المُخدِّرة أو المُسبِّبة للإدمان على نظام المكافأة في الدماغ، فالإنسان بطبيعته يسعى للحصول على مكافأة ما، وعادةً ما ينشط ذلك النظام مع ممارسة بعض السلوكيات الصحية التي تُشبِع شغف الإنسان وتُحقِّق له بعض المتعة.
فعندما تقضي بعض الوقت مع من تحب أو تتناول وجبة لذيذة، يُفرِز الجسم هرمون الدوبامين الذي يجعلك تشعر بالرضا والمتعة، ومِنْ ثمّ ترغب في قضاء بعض الوقت مع من تحب مجددًا، أو تناول تلك الوجبة مرة أخرى لتحفيز نظام المكافأة، والشعور بنفس الإحساس.
أمّا المواد المُسبِّبة للإدمان فتُطلِق كمية هائلة من الدوبامين في ذلك المسار العصبي، وبدلاً من أن تشعر بحافزٍ تجاه الأمور الطبيعية التي تحتاج إليها كالأكل أو العمل أو قضاء الوقت مع من تحب، فإنّ تلك الدفعة الهائلة من الدوبامين تُغيِّر طريقة التفكير والسلوك.
ويُؤدّي ذلك إلى رغبة عارمة غير صحية في الاستمرار في تعاطي تلك المادة المُخدّرة لما أحدثته من شعورٍ بالمتعة إثر إطلاق كميات هائلة من الدوبامين وإشعال نظام المكافأة في الدماغ في دورةٍ تستمر ولا تنقطع إلّا مع تلقِّي العلاج المناسب.
وبمرور الوقت يفقد الدماغ حساسيته تجاه تأثيرات تلك المادة، ما يجعل المُدمِن بحاجة إلى تناول المزيد منها للحصول على نفس التأثير السابق.
مضاعفات الإصابة باضطراب إدمان المواد المخدرة
قد يُؤدِّي اضطراب إدمان المواد المخدرة إلى مضاعفات جسدية ونفسية، بل وحتى تُؤثِّر في سلوك الشخص وعلاقاته مع من حوله ومع مجتمعه، وذلك مثل:
- الإمساك الناجم عن تناول المواد الأفيونية.
- السرطان، فقد يُؤدِّي إدمان التبغ "التدخين" إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطان.
- الإصابة خلال تعاطي حقن المواد المخدرة.
- الغيبوبة والوفاة إثر تناول جرعة زائدة من المواد المخدرة.
- الاكتئاب والقلق.
- اضطراب الوسواس القهري.
- مشكلات في العلاقات مع الآخرين.
- ارتكاب الجرائم.
- الاضطرابات التفارقية.
متى تزور الطبيب؟
يجب زيارة الطبيب حال المعاناة من أعراض اضطراب إدمان المواد المخدرة، خاصةً إذا أثّرت سلبًا في حياتهم وعلاقاتهم، كما يجب استشارة الطبيب مع صعوبة التوقف عن استخدام تلك المواد.
متى تطلب مساعدة طارئة؟
يجب التوجه إلى الطوارئ على الفور حال تلقِّي جرعة زائدة من المواد المخدرة، خاصةً المواد الأفيونية، فقد تُسبِّب:
- شحوب الوجه.
- الغيبوبة وعدم القدرة على إيقاظ المدمن.
- بطء أو توقف التنفس أو ضربات القلب.
- تغيّر لون الشفاه أو الأظافر إلى لون أرجواني أو أزرق "دليل على عدم وصول الأكسجين إلى خلايا الجسم كما ينبغي وهي حالة طارئة".
- القيء أو إصدار صوت غرغرة.
جديرٌ بالذكر أنّ الحصول على جرعة عالية من تلك المواد الإدمانية يُهدِّد الحياة، لذلك يجب التوجه إلى قسم الطوارئ بأحد المستشفيات سريعًا دون تأخير.
طرق علاج اضطراب إدمان المواد المخدرة
أظهرت الأبحاث طرقًا عِدّة لعلاج اضطراب إدمان المواد المخدرة، ويُوصِي الأطباء بالعلاج السلوكي منفردًا أو مقترنًا مع الأدوية.
1. العلاج السلوكي
تُساعِد أنواع العلاج السلوكي الآتية في علاج اضطراب إدمان المواد المخدرة عند البالغين، وكذلك الاضطابات النفسية الأخرى المتزامنة معه:
- العلاج المعرفي السلوكي: أحد أنواع العلاج النفسي، ويُساعِد المُدمِن على التعامل مع المواقف الصعبة من خلال تحدِّي الأفكار غير المنطقية وتغيير السلوكيات.
- العلاج السلوكي الجدلي: يهتمُّ ذلك العلاج بالحالة الراهنة للمريض والحالة العاطفية، كما يُعلِّمه كيف يتحكّم في مشاعره الشديدة، وكيف يحدّ من سلوكيات التدمير الذاتي "مثل محاولات الانتحار أو إيذاء النفس أو تعاطي المخدرات"، كما يساعد في تحسين علاقاته بالآخرين.
- المُعالجة الإلزامية المُجتمعية: نوع من العلاج النفسي القائم على المجتمع، يُقدِّم خدمات الصحة النفسية في بيئة مجتمعية بدلاً من البيئة السكنية أو المستشفى، وهو علاج فردي للغاية؛ أي يُناسِب كل مريضٍ على حدة، إذ تُركِّز خطة العلاج على نقاط قوة المريض واحتياجاته وأهدافه المستقبلية.
- الجماعات العلاجية: علاج طويل الأمد يُركِّز على مساعدة المُصابِين باضطراب إدمان المواد المخدرة على تطوير قيم وسلوكيات جديدة وأكثر صحة فيما يتعلّق بتعاطي المخدرات وغيرها من الاضطرابات النفسية الأخرى التي قد تتزامن معها.
- إدارة الطوارئ: يُشجِّع ذلك النوع من العلاج على السلوكيات الصحية من خلال تقديم مكافآت على السلوكيات المرغوبة، فهو يُوفِّر شيئًا ذا قيمة نقدية للمُصابِين باضطراب إدمان المواد المخدرة لتحفيزهم على عدم تعاطيها، فمثلاً إذا كانت نتيجة اختبار المخدرات سلبية، يُتاح للمرء فرصة الحصول على جائزة أو هدية.
أمّا العلاج السلوكي الذي يُناسِب الأطفال والمراهقين، فيشمل:
- العلاج الأُسري الاستراتيجي قصير الأمد: يستهدف العلاج التفاعلات الأُسرية التي يُعتقد أنّها تُحافِظ على أو تُفاقِم اضطراب إدمان المواد المخدرة لدى المراهقين.
- العلاج الأسري مُتعدِّد الأبعاد: يعمل المُعالِج مع الأسرة بأكملها لمعالجة مشكلات سلوك المراهقين المُتعدِّدة في نفس الوقت، مثل تعاطي المخدرات والمشكلات المدرسية، والانحراف وغيرها.
- العلاج مُتعدِّد النظم: يستهدف العوامل الرئيسة المُرتبطة بالسلوك الخطير المُعادِي للمجتمع عند الأطفال والمراهقين الذين يُعانُون اضطراب إدمان المواد المخدرة.
2. الأدوية
الأدوية جزء رئيس من خطة علاج إدمان المواد المخدرة، إذ تُساعِد في تعديل كيمياء الدماغ واستعادة توازنها الطبيعي، كما تُسهِم في تخفيف الرغبة الشديدة في التعاطي، وكذلك أعراض الانسحاب، لكن قد تختلف الأدوية المُستخدمة تبعًا لنوع المادة المُتعاطاة:
- تعاطي المواد الأفيونية: يُستخدَم في العلاج ميثادون أو بوبرينورفين، أو نالتريكسون، وهي أدوية أقرّتها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية "FDA".
- تعاطي الكحول: يُستخدَم معه نالتريكسون وأكامبروسات وثنائي السفليرام.
- التبغ: قد تساعد لصقة النيكوتين أو الرذاذ أو المستحلب، كما قد يصف الأطباء أيضًا بوبروبيون أو فارنيكلين.
طرق الوقاية من اضطراب إدمان المواد المخدرة
التعليم بداية طريق الوقاية من اضطراب إدمان المواد المخدرة، خاصةً بين أفراد الأسرة وبعضهم البعض، ومن طرق الوقاية أيضًا:
- اتّباع تعليمات الأدوية الموصوفة بدقة، فلا يتناول الإنسان جرعة أكبر، فمثلاً قد يبدأ اضطراب إدمان المواد الأفيونية في إظهار أعراضه بعد 5 أيام فقط من إساءة استخدامه.
- عدم مشاركة الأدوية الموصوفة مع أي شخصٍ آخر ولا بيعه، بل خزِّنه دائمًا في مكانٍ آمنٍ بعيدًا عن أطفالك.
- إذا كان لديك أدوية موصوفة مُتبقِّية، مثل المواد الأفيونية، في نهاية علاجك، فابحث عن برنامج مجتمعي لاستعادة تلك الأدوية للتخلص منها بأمان.
جديرٌ بالذكر أنّ فرصة تعاطي المخدرات قد تزداد خلال أوقات التوتر أو التغيّرات الحياتية الكبيرة، مثل الطلاق أو فقدان وظيفة، أو وفاة أحد أفراد الأسرة، لذلك من الضروري التأقلم مع التغيّرات، وممارسة بعض الأنشطة التي قد تساعد على تجاوزها، مثل ممارسة الرياضة أو التأمل، أو تعلّم هواية جديدة.