"جياني فيرساتشي".. مؤسس "Versace" الذي ترك إرثًا عظيمًا وقُتل لسبب مجهول
كانت وما زالت العلامة الفاخرة "فيرساتشي" Versace من أيقونات الموضة والأزياء؛ يكفي أن مؤسسها، جياني فيرساتشي، والذي يعد أحد أفضل مصممي الأزياء في الثمانينيات والتسعينيات، صمم أزياءً خاصة لشخصيات مثل الأميرة ديانا، وعازف البيانو الشهير السير إلتون جون، والمغنية المعروفة تينا تورنر، وغيرهم.
المثير، والمؤسف في قصته في آنٍ واحد، أنه قُتِل بالرصاص خارج منزله في ساوث بيتش بولاية فلوريدا عام 1997، فلماذا يا تُرى؟ وما قصة تأسيس هذه العلامة الفاخرة؟
من هو جياني فيرساتشي؟
وُلِدَ مصمم الأزياء الشهير في الثاني من ديسمبر عام 1946 في مدينة ريدجو كالابريا الإيطالية. نشأ "جياني" في بيئة وعالمٍ من التصميم، إذ كانت والدته تدير مشروعها الخاص في مجال الخياطة -كان المشروع عبارة عن متجرٍ صغير-، وهي التي علّمته أسرار المهنة بعد أن أنهى دراسته الثانوية.
وفي عام 1972، وبعد أن استقى الخبرات اللازمة من والدته، انتقل "جياني فيرساتي" إلى مدينة ميلانو، إذ بدأ العمل كمصممٍ مستقل للعلامات التجارية الإيطالية، مثل "Genny"، وبعد أن اكتسب مزيدًا من الخبرات بشكلٍ احترافي، بدأ أخيرًا مشروعه الخاص للملابس النسائية في عام 1978، وكان المشروع مشروعًا عائليًا يُشاركه فيه أخوه "سانتو" وأخته "دوناتيلا"، وهذا المشروع بالتأكيد هو العلامة التجارية الفاخرة؛ "فيرساتشي" Versace.
يقول "جياني": "أنا مثل فيليني (يقصد المخرج الإيطالي فيدريكو فيليني الذي كان عادةً ما يُشرك أصدقاءه وعائلته في أفلامه)، أحب أن تكون عائلتي بجواري، أنا إيطاليٌّ نموذجيّ، أحب عشيرتي".
الجرأة في التصميم
بعد أن أطلق "جياني فيرساتشي" أول خط ملابسٍ "للبراند" في عام 1978 في مدينة ميلانو، عاد في 1989 وأطلق مجموعته الأولى من الأزياء الراقية "Atelier Versace" واستمر في تطويرها موسعًا من العلامة التجارية التي ستصبح لاحقًا أيقونة في عالم الموضة والأزياء، والتي ستمتد لتشمل المفروشات المنزلية والعطور بالمناسبة.
اشتُهِرَ "فيرساتشي" بتحدي معايير الموضة التقليدية، واستطاع أن يُثبت نفسه كمصممٍ مبتكر مستعد لتحمل المخاطر، وكان يستلهم تصاميمه من مجالات وألوان مختلفة تجمع ما بين الفن الهوليوودي والهندسة المعمارية والموسيقى والثقافة المعاصرة؛ كان خليطًا من الثقافات المتجانسة التي ميَّزت المصمم الرائع وإبداعاته، والذي كان دائمًا ما يُفضل السعادة على الأناقة، إذ قال: "أنا أفضل الشخص المبتذل السعيد على الشخص الأنيق التعيس".
في ذلك الوقت، كان يُنظَر لـ"فيرساتشي" على أنه المنافس المناهض لـ"أرماني"، جورجو أرماني مؤسس العلامة الشهيرة "Armani"، إذ كان "جياني" مصممًا مندفعًا جريئًا، في حين أن "أرماني" كان كلاسيكيًا على مستوى التصميم.
على الرغم من أن "جياني فيرساتشي" كان مسوقًا موهوبًا، فإنه كان يستعين بالمشاهير، وتحديدًا عارضات الأزياء المعروفات في ذلك الوقت مثل البريطانية "نعومي كامبل"، لجذب الانتباه إلى علامته التجارية، وإن كان ذلك جزءًا من براعة التسويق لو فكرنا في الأمر.
بالطبع لم تكن عارضات الأزياء الوسيلة التسويقية الوحيدة بالنسبة لـ"فيرساتشي"، فهو كان يستعين بأشهر الشخصيات عمومًا، وأشهر وجوه الموضة التي يمكن أن تُقدّم للجمهور ابتكارات "جياني" التصميمة على أكمل وجه، مثل محررة مجلة "Vogue" الشهيرة "آنا وينتور"، والمغنية وكاتبة الأغاني الأمريكية "ليزا ماري بريسلي"، والغنية عن التعريف "مادونا"، وحتى الشخصيات المثيرة للجدل مثل "وودي آلن" وزوجته، و"هيو غرانت"، و"إليزابيث هيرلي"، وغيرهم.
اقرأ أيضًا: كيف تسبب مؤسس "فيراري" في تأسيس "لامبورغيني" بطريقة غير مباشرة؟
أسلوب فيرساتشي التصميمي
على ذكر الممثلة البريطانية "إليزابيث هيرلي"، فإن أحد أشهر ابتكارات "جياني" التصميمة كان فستانًا أسود اللون تقوّمه دبابيس ذهبية ارتدته الممثلة المذكورة في العرض الأول لفيلمٍ صدر عام 1994. يُقال إن ذلك الفستان كان له فضلٌ كبير في جعل "إليزابيث" نجمة مشهورة، وفي نفس الوقت، وكما قالت "آنا وينتور" لصحيفة "نيويورك تايمز"، فإن "Versace" كانت "أول من أدرك قيمة مشاهير الصف الأول وعارضات الأزياء، كما كانت أول صعَّد الموضة على منصة إعلامية دولية".
أسلوب "فيرساتشي" في تصميم الملابس كان جريئًا بعض الشيء، أو ربما كان جريئًا جدًا، إذ وُجِّه له وابلٌ من الانتقادات وكثيرًا ما كان يتم السخرية من تصاميمه، أما الانتقادات فكانت لأن بعض التصاميم جنسية، وأما السخرية لأنها كانت غير مألوفة. رُغم كل ذلك، ذاع صيت "البراند" وأصبح الجميع يتهافت عليه خاصةً عندما رآه الجمهور على طاقم عمل مسلسل "Miami Vice" سواء على الشاشة أو خارجها، وذلك كان في عام 1986.
Versace تتوسع وتحظى بالعرفان
بسبب تصميماتها المبتكرة والمختلفة حقًا، عُرِضَت الكثير من أعمال "فيرساتشي" في العديد من المتاحف والكليات المختصة حول العالم، مثل المتحف الميداني الوطني في شيكاغو، والكلية الملكية للفنون في لندن، ومتحف مدينة كوبي في اليابان، ومتحف "كونستجويربيم" Kunstgewerbemuseum في ألمانيا.
بالإضافة إلى الملابس، قام المُصمم الشهير بتوسيع علامته التجارية في اتجاهات أخرى، إذ أطلق خطًا جديدًا من العطور "مثل عطر Signature الكلاسيكي في عام 1991"، وخطًا للأثاث والسلع المنزلية في عام 1993، كما نشر "فيرساتشي" عددًا من الكُتب لتحكي مسيرته ومسيرة علامته التجارية مثل "Rock and Royalty"، و"The Art of Being You"، و"Men Without Ties".
وتزينت مسيرة "فيرساتشي" المهنية اللامعة بالعديد من الجوائز، بما في ذلك 4 جوائز "Occhio d'Oro" (العين الذهبية Golden Eye)، وجائزة الأوسكار للأزياء الأمريكية عام 1993، ويكفي أنه يمكن العثور على بعض إبداعاته على المسارح، إذ يُشاد به وبتصاميمه في الكثير من العروض؛ على مستوى الباليه وغيره.
نهاية جياني فيرساتشي الصادمة
في الخامس عشر من يوليو 1997، وبعد الكشف عن مجموعة جديدة من التصاميم الراقية، كان "جياني" يستمتع بوقته في فيلته الفخمة في ميامي، والتي يعود تاريخها إلى ثلاثينيات القرن العشرين. لم يكد "جياني" يصل إلى الفيلّا حتى فوجِئ برجلٍ يطلق النار عليه ليرديه قتيلاً على الدَرَج بشكلٍ مأساوي.
القاتل كان شخصًا يبلغ من العمر 27 عامًا ويدعى "أندرو كونانان"، حدث الأمر بسرعة كما تقول المُحققة "بيرتا فالديز"، كل ما احتاج إليه المُجرم ليقتل "جياني" على الفور كان طلقة أو طلقتين. لاحقًا، اتضح أن "كونانان" كان واحدًا من أكثر 10 مجرمين مطلوبين من قِبَل مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، وأنه نفَّذ الجريمة بعدما قتل 4 رجال بالفعل وسافر جنوبًا -خصيصى- إلى ميامي ليجهز على المصمم الشهير.
لمجلة "PEOPLE"، قال صديق "جياني" وعارض الأزياء "خايمي ألبرتو" -كان من أوائل الذين وصلوا إلى مكانٍ الحادث-: "لقد دمر القاتل في ثانية واحدة ما بناه جياني على مدار 50 عامًا، كيف يمكن لأي شخصٍ أن يفعل ذلك لهذا الرجل؟"
بعد مرور 27 عامًا على تنفيذ العملية الشنيعة، لا أحد يعرف تحديدًا لماذا استُهدِفَ "جياني" أو ما إذا كان القاتل والمقتول قد تقابلا في يومٍ من الأيام أساسًا. لم يتم الإمساك بالقاتل، ولكنه وُجِدَ منتحرًا على متن قاربٍ في ميامي بعد تنفيذ الجريمة ببضعة أيام، وبهذا أُغلِقَت القضية.
إرث فيرساتشي
فقدت عائلة "فيرساتشي" المترابطة أحد أهم رجالها، ولكن إرثه ظل مستمرًا إلى يومنا هذا. "دوناتيلا"، شقيقة فيرساتشي التي كانت متعلقة به بشكلٍ لا يُصدق، أصبحت الصوت الإبداعي للشركة بعد "جياني"، وابنتها، "أليجرا"، ورثت حصةً قدرها 50% من الشركة، في حين أصبح الأخ "سانتو" الرئيس التنفيذي لعلامة "Versace" الفاخرة.