لكل رائد أعمال.. 8 مفاهيم أساسية في علم الاقتصاد يجب الإلمام بها
ريادة الأعمال هي حجر الأساس في أي اقتصاد مزدهر، إذ تشكل الشركات الناشئة محركًا للابتكار والنمو. ونستعرض في هذا التقرير بعض المفاهيم الاقتصادية الأساسية التي يجب على رواد الأعمال فهمها لضمان النجاح، فمن خلال فهم مبادئ من ضمنها المنفعة الحدية، وتكاليف الإنتاج الحدية، واقتصاديات الحجم، وهيكل السوق، يمكنهم اتخاذ قرارات مستنيرة حول كيفية تخصيص مواردهم وتحقيق أهدافهم.
ونلقي الضوء كذلك على أهمية فهم الآثار الخارجية، مثل التلوث، التي يمكنها أن تلحق الضرر بالمجتمع. كما نتطرق إلى مفهوم "الاقتصار بالمقبول" الذي يُشير إلى اتخاذ قرارات مرضية بدلاً من السعي وراء حلول مثالية قد لا تكون قابلة للتحقيق.
مفاهيم اقتصادية مهمة
في عالم الأعمال، غالبًا ما تتفوق الخبرة العملية على المعرفة النظرية بفارق كبير. ومع ذلك، لا يعني هذا أن الجهل ميزة.
ويمكن للمفاهيم الاقتصادية أن تكون بمثابة نماذج ذهنية مفيدة تمنحك منظورًا مختلفًا عن بيئة عملك. ومع وضع هذا الأمر في الاعتبار، نقدم فيما يلي عدة مفاهيم أساسية من علم الاقتصاد يمكن أن تقدم لك رؤى قيّمة حول أعمالك.
1. العرض والطلب
يمثل العرض والطلب العلاقة بين كمية سلعة أو خدمة يوفرها المنتجون والكمية التي يطلبها المستهلكون. هذا التوازن المسمى بـ"توازن السوق" هو ما يحدد أسعار السلع، وفقًا لعلماء الاقتصاد الكلاسيكيين.
على سبيل المثال، عندما يزداد الطلب على منتج ما، لكن عرضه يبقى ثابتًا، يميل السعر إلى الارتفاع.
يساعد فهم ديناميكيات العرض والطلب رواد الأعمال على توقع اتجاهات السوق، وتعديل استراتيجيات التسعير، وتحديد فرص النمو.
بشكل عام، يصعب اختراق الأسواق القديمة التي وصلت إلى حالة توازن ثابتة، وتنشأ معظم فرص الشركات الناشئة في الأسواق الجديدة الديناميكية التي يوجد فيها طلب غير مشبع.
2. تكلفة الفرصة البديلة
تكلفة الفرصة البديلة تشير إلى قيمة أفضل خيار بديل تتخلى عنه عند اتخاذ قرار ما. فعلى سبيل المثال، إذا اختار رائد أعمال استثمار موارد في مشروع واحد، فإن تكلفة الفرصة البديلة هي الفائدة المحتملة لاستثمار تلك الموارد في مكان آخر.
يساعد إدراك تكاليف الفرص البديلة رواد الأعمال على تقييم الخيارات الصعبة، وتحديد أولويات الاستثمارات، وتخصيص الموارد بكفاءة.
وبالنسبة لمعظم الموارد القيمة، تكون تكاليف الفرصة البديلة عالية. فعلى سبيل المثال، إذا كنت مطور برمجيات خبيرًا، فإن تكلفة الفرصة البديلة لقيامك بأي شيء آخر في العمل إلى جانب تطوير البرمجيات تكون عالية جدًا، ما يعني أنه من الأفضل عادةً تكليف الآخرين بأنشطة أساسية أخرى.
3. المنفعة الحدية
تقيس المنفعة الحدية الرضا الإضافي الذي يجنيه المستهلك من استهلاك وحدة إضافية من سلعة أو خدمة. وكلما أقبل المستهلكون على كمية أكبر من منتج ما، تميل المنفعة الحدية إلى التناقص.
على سبيل المثال، قد يكون كوب الماء الأول ذا قيمة كبيرة بالنسبة لك عندما تكون عطشًا، ولكن من غير المرجح أن يكون للكوب الإضافي أي قيمة على الإطلاق لأن عطشك قد رُوي بالفعل.
يستطيع رواد الأعمال الاستفادة من مفهوم المنفعة الحدية لتحسين عروض المنتجات، وتعزيز رضا العملاء، وتحديد استراتيجيات تسعير تضمن القيمة العليا للعملاء.
اقرأ أيضًا: كيف يضمن رائد الأعمال صحته النفسية في بيئة عمل تنافسية؟
4. تكاليف إنتاجية الحدية
تمثل تكاليف الإنتاج الحدية التكلفة الإضافية التي يتم تكبدها لإنتاج وحدة إضافية من سلعة أو خدمة. فعلى سبيل المثال، عندما يقرر عمل ما زيادة الإنتاج، فإنه يتكبد تكاليف إضافية مثل العمالة والمواد والمصاريف التشغيلية.
وبناء على ذلك، يمكن القول إن انخفاض تكاليف الإنتاج الحدية هو السبب وراء قابلية توسع بعض الأشياء بشكل كبير، بينما لا يكون الأمر كذلك بالنسبة لبعضها الآخر.
والمعلومات "بسبب التقدم التكنولوجي" قابلة للتوسع بشكل كبير تقريبًا إلى ما لا نهاية، بينما يصعب عادةً إنتاج المنتجات المادية بكميات كبيرة، ولهذا السبب، تتعامل معظم مشاريع الشركات الناشئة مع منتجات البرمجيات.
5. اقتصاديات الحجم
تتحقق اقتصاديات الحجم عندما تنخفض التكلفة المتوسطة للوحدة الواحدة مع زيادة مستوى الإنتاج. وغالبًا ما يسمح الإنتاج على نطاق أوسع للشركات بتوزيع التكاليف الثابتة على عدد أكبر من الوحدات، ما يؤدي إلى توفير في التكاليف.
ويمكن لرواد الأعمال الاستفادة من اقتصاديات الحجم لزيادة الكفاءة، وتقليل تكاليف الوحدة، وتحسين القدرة التنافسية في السوق.
كما تشكل اقتصاديات الحجم حاجزًا قويًا أمام الدخول لأسواق معينة، ويصعب دخول الأسواق كشركة ناشئة صغيرة، إذ حققت شركات كبيرة اقتصاديات حجم هائلة لأنك لن تكون قادرًا على منافسة السعر.
6. هيكل السوق
يشير هيكل السوق إلى خصائص السوق، بما في ذلك عدد الشركات، درجة المنافسة، والعوائق التي تحول دون الدخول إلى السوق، وتؤثر هياكل السوق المختلفة، مثل المنافسة الكاملة، المنافسة الاحتكارية، احتكار القلة، والاحتكار، على سلوك التسعير، وتباين المنتجات، وديناميكيات السوق. ولهذا يعد فهم هياكل السوق المختلفة أمرًا ضروريًا لرواد الأعمال من أجل اختيار السوق المناسب لمشاريعهم الجديدة.
7. الآثار الخارجية
الآثار الخارجية هي الآثار الجانبية غير المقصودة للأنشطة الاقتصادية التي تؤثر على أطراف ثالثة غير مشاركة في المعاملة.
فعلى سبيل المثال، يفرض التلوث الناجم عن عمليات التصنيع تكاليف على المجتمع في صورة أضرار بيئية ومخاطر صحية. ويعد فهم وإدارة الآثار الخارجية لأعمالك أمرًا ضروريًا للتأكد من أنك لا تدمر القيمة لبعض أصحاب المصلحة بينما تخلق قيمة للآخرين.
8. الاكتفاء بالمقبول "نظرية الاقتصار"
يُعد "الاقتصار بالمقبول" أو "الاكتفاء بالموجود" مفهومًا قدّمه الاقتصادي "هربرت سيمون"، الذي يقترح أن الأفراد غالبًا ما يتخذون قرارات مُرضية أو "جيدة بما فيه الكفاية" بدلاً من القرارات المثالية.
وفي سياق ريادة الأعمال، يعترف مفهوم الاقتصار بالمحدودية التي تواجه عملية صُنع القرار العقلاني وتعقيد بيئات الأعمال في العالم الحقيقي. وفي كثير من الأحيان، يكون اتخاذ القرار بسرعة وحزم أفضل من الوقوع في العجز التحليلي بسبب عدم توافر المعلومات المثالية.
وعلى هذا الأساس، يمكن القول إن فهم المفاهيم الاقتصادية الأساسية يشكل عنصرًا حيويًا لنجاح أي رائد أعمال في عالم متغير. ومن خلال إدراك مبادئ مثل المنفعة الحدية، وتكاليف الإنتاج الحدية، واقتصاديات الحجم، وهيكل السوق، يمكن لرواد الأعمال اتخاذ قرارات مستنيرة حول كيفية تخصيص مواردهم وتحقيق أهدافهم.
ولا تقتصر مسؤولية رواد الأعمال على تحقيق الربح فقط، بل يجب عليهم أيضًا مراعاة الآثار الخارجية لأعمالهم على المجتمع.
كما يُمكن لمفهوم "الاقتصار بالمقبول" أن يُساعد رواد الأعمال على اتخاذ قرارات سريعة وفعّالة في ظل بيئة الأعمال المعقدة.
ويمكن القول في الختام إن ريادة الأعمال تعد رحلة مليئة بالتحديات والفرص، ومن خلال المعرفة والمهارات الاقتصادية، يمكن لرواد الأعمال بناء مشاريع قوية ومستدامة تُسهم في إحداث تأثير إيجابي على المجتمع.