استراتيجيات التراجع.. 5 أسباب تخبرك بضرورة وقف نمو شركتك
ربما يطمح كل رائد أو رجل أعمال في تعزيز إنتاجيته، والسعي بشتى السبل إلى تكبير مشروعه الخاص والمساهمة في توسيع نطاق أعماله لضمان الاستمرارية، وتحقيق الربح المنشود على المدى البعيد.
ورغم المحاولات التي يبذلها بعضهم على أمل الارتقاء بالمستوى المطلوب في مناحي البيزنس المختلفة لضمان تحقيق الأهداف من وراء مشروعه وفي مقدمتها الربحية، لكن أحيانًا تحدث بعض الظروف التي تفرض عليهم واقعًا مختلفًا، يضطرون على إثره لتغيير بوصلتهم والسير بالاتجاه العكسي.
وبالنظر للتجارب الواقعية، نجد أن معظم أصحاب الأعمال الصغيرة يرغبون في توسيع نطاق شركاتهم، لا سيما في ظل وجود عديد الأسباب التي تدفعهم لتوسيع أعمالهم، بما في ذلك وفورات الحجم، أو كما يُعرف في الاقتصاد الجزئي بـ"مزايا التكلفة التي تحصل عليها الشركات بسبب حجم عملها".
لكن في مقابل ذلك، نجد أن هناك بعض رواد الأعمال - الذين يمكنهم عادةً توسيع نطاق أعمالهم - يقررون تقييد أو إبطاء نمو مشاريعهم، وهو ما نلقي عليه الضوء باستفاضة من خلال السطور التالية.
تحول مسار رواد الأعمال
هناك لحظات في مسار رواد الأعمال تُجبرهم على اتخاذ القرار بتوقيف أو إبطاء نمو شركاتهم. وقد يكون ذلك القرار في إطار اضطرارهم للاستجابة لظروف معينة تحيط بهم، مثل التحديات الاقتصادية المتغيرة، أو قد يكون نتاج استراتيجية استباقية تتيح لهم تحسين جودة الخدمات أو المنتجات قبل التوسع.
وما تجدر الإشارة إليه بهذا الخصوص هو أن بعض من رواد الأعمال يعتبرون أن تحقيق الاستقرار المالي الفردي يعد هدفًا أكثر أهمية في بعض الأحيان من تحقيق النمو السريع للشركة.
وكذلك قد يكون توقف النمو خيارًا استراتيجيًا لتجنب المخاطر المالية المحتملة المرتبطة بالتوسع السريع، أو للحفاظ على جودة الخدمة أو المنتج الحالي. ولهذا فإن قرار رواد الأعمال بتوقيف النمو يعكس توازنًا حكيمًا بين تلبية احتياجات العملاء الحالية وتحقيق استدامة طويلة الأمد لعمليات الشركة.
وأمام تلك المعضلة التي يواجهها كثيرون من العاملين في مجال البيزنس، حين يتعرضون لظروف معينة، فإنهم يجدون أنفسهم أمام المفاضلة بين خيارين، إما الصمود والبقاء، أو الانسحاب والتوقف.
والحقيقة أنه نتيجة لأسباب متعددة، قد يحتاج رواد الأعمال أحيانًا إلى إبطاء أو إيقاف نمو شركاتهم.
ونستعرض فيما يلي أبرز 5 أسباب رئيسة تفسر سر لجوء رواد الأعمال إلى تقييد نمو أعمالهم، وهي:
أسباب التوقف عن نمو الشركات
1. الوقت اللازم لتحقيق الربحية
قد تستغرق الشركات الجديدة بعض الوقت للوصول إلى الربحية، حيث يقوم أصحابها بتنقيح نموذج الأعمال. وكثيرًا ما تلقى رواد الأعمال نصائح بضرورة التأكد من أن لديهم نموذج أعمال ربحي قبل التوسع.
فمثلاً إذا كلفك صُنع منتج 7 دولارات كخامات وعمالة، ثم قمت ببيعه بـ 5 دولارات، فلن تسترد الفارق بزيادة الحجم. وأشار خبراء إلى سابق تعاملهم مع شركة تقدم خدمة الرعاية الصحية بالمنازل، وهي الخدمة التي كانت تكلفهم كأجور أكثر من القيمة التي يدفعها العميل، ما يعني أن البقاء لفترة طويلة شيء غير وارد بالنسبة لأي عمل أو نشاط تجاري يتبع نموذجًا يتسبب في خسارة المال.
اقرأ أيضًا: ريادة الأعمال.. مفهومها وأهم مصطلحاتها ومهاراتها المطلوبة
2. العمل من أجل عدم تعريض الاستقرار المالي للخطر
حين توفر النشاطات التجارية سيولة نقدية كافية لأصحابها بغرض تحقيق أهدافهم المالية، فإن كثيرين يقررون عدم تحمل المخاطر الإضافية المرتبطة بالنمو الإضافي. وسبق أن تحدث عن ذلك صاحب ورشة متخصصة في إصلاح السيارات، حيث قال: "القيمة الخاصة بمنزلي، سياراتي، بيتي على النهر، زورقي، زلاجاتي المائية والمبنى الذي يحتوي على شركتي هي قيمة مدفوعة، بمعنى أني أمتلك نمط حياة أحبه".
وتابع قائلاً: "نعم، يمكنني أن أوسع عملي، لكن ذلك سيعني فتح أماكن جديدة، وسأكون مضطرًا للاستثمار بشكل كبير في المعدات والمباني، ما سيكون محفوفًا بالمخاطر. لدي بالفعل كل ما أريد؛ ولن أخاطر بفقدانه".
3. عدم الرغبة في التخلي
يمكن ضرب مثال هنا برسام رائع يجيد فن الطلاء الداخلي، ويحب القيام بتشطيبات مميزة في المنازل الفاخرة، وهو فنان حقيقي بمعنى الكلمة، لكنه لا يستطيع أو لا يرغب في تفويض عمله لأي شخص آخر.
وهو إذ يعتقد أنه لا يمكن لأحد غيره تقديم نفس مستوى التشطيبات التي يقدمها. وهو ما يعني أنه إذا استمر في الإصرار على اتباع نفس النهج، فسيظل حجم شركته محدودًا طالما يعمل بمفرده.
وفي المقابل، هناك نموذج آخر لمقاول ناجح في مجال الخرسانات، يرى أنه سيكون بحاجة إلى تفويض جزء من صلاحيات عمله إلى آخرين، كي يتمكن من توسيع نطاق أعماله ويتجاوز مستواه الحالي.
إنها الخطوة التي يُفترض أن يضع بموجبها مستوى معين من الإدارة في التعامل بينه وبين العمال الذين سيحملون على عاتقهم مسؤولية إنجاز المهام المطلوبة، لكن نتيجة لعدم رغبته في التخلي عن ذلك، فقد اتخذ قرارًا واعيًا بعدم توسعة أعماله، وخلص إلى الاكتفاء بما يفعله عند هذا الحد.
4. تجنب النظم واللوائح
يمكن ضرب مثال على تلك الجزئية بوجود بنك صغير بلغ عدد موظفيه 45 موظفًا، ومع قرب وصول هذا العدد إلى 50، يُفترض أن يخضع البنك لقانون إجازة الأسرة الطبية "FMLA" الذي يتطلب متطلبات عديدة، لذا قرر رئيس البنك عدم تجاوز هذا الحد لتفضيله تجنب المتطلبات البيروقراطية.
وبالمثل، قرر أحد المقاولين إقالة 4 موظفين كانوا يعملون لديه، وصار يعمله بمفرده نتيجة لضجره من التعامل مع كل الأوراق المطلوبة، موضحًا أن تكلفة الوقت اللازم لإكمال وإدارة رواتب، ضرائب، تعويضات العاملين، وباقي المتطلبات تخطت فائدة القوى العاملة الإضافية.
5. الرغبة في الحفاظ على نمو مستدام
يحتاج النمو في بعض قطاعات الأعمال إلى رأس مال، وهو واقع لا يمكن لأحد أن ينكره، ويمكنك النظر هنا إلى شركة تمتلك هامش ربح ضئيل، وتتطلب مخزونًا وحسابات مدينة كبيرة، إذ قد تُستخدم حينها الأموال الواردة من نمو المبيعات في جلب سيولة نقدية أكثر من العائد الذي يمكن تحقيقه خلال السنة الأولى للنشاط.
وحين يكون الأمر كذلك، فوقتها يتعين على أصحاب الأعمال اتخاذ القرار الحاسم إما بالحصول على تمويل خارجي، أو اللجوء لتقييد النمو إلى معدل يمكن أن تدعمه الشركة من خلال توليدها سيولة داخلية.