"أموات على قيد الحياة".. ماذا تعرف عن متلازمة الجثمان السائر؟
حيٌ في هيئة جثة متحركة! لا تُوجَد صورة منطقية لذلك بالطبع، لكن هكذا يظنُّ المُصاب بمتلازمة الجثمان السائر؛ إذ يعتقد أنّه قد مات، ومِنْ ثَمّ فما هو إلّا جثة متحركة، وحسب ظنّه، قد يتوقف عن الأكل أو الشُرب، بل حتى عن الاعتناء بنفسه، فالموتى لا يحتاجون إلى هذه الأمور بالطبع، وكما هو واضح فهذه المتلازمة نوع من الوهم قد يُصِيب أي إنسان، فما أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
ما هي متلازمة الجثمان السائر أو وهم كوتار؟
اضطراب نادر يقلب إدراك الشخص لجسده أو وجوده نفسه رأسًا على عقب، فهو مجموعة من المعتقدات الخاطئة والقوية في آنٍ واحد، إذ يعتقد الإنسان أنّه قد مات، أو يظنّ أنّ بعض أجزاء جسمه ميتة، بل حتى يظنُّ بعضهم أنّهم خالدون!
وليت الأمر يتوقف هنا فحسب، بل قد يُمارِس المُصاب سلوكيات مبنية على ذلك المُعتقَد، كأن يتوقّف عن الأكل؛ فهو ميت!
أعراض متلازمة الجثمان السائر
عادةً يكون المُصابُون بمتلازمة الجثمان السائر أقل اجتماعية، وفي بعض الأحيان لا يتكلّمون على الإطلاق، ويسمع بعضهم أصواتًا تُخبِرهم أنّهم قد ماتوا أو يموتون، وبعضهم قد يرفض الأكل، وحسب موقع "medicalnewstoday"، فإنّ الأعراض الرئيسة لمتلازمة الجثة المتحركة هي الاعتقاد الخاطئ حول وجود الشخص، بأن يعتقد:
- أنّه غير موجود أصلاً.
- قد مات بالفعل أو يموت.
- بعض أجزاء الجسم مفقودة، أو غير موجودة.
- أنّهم خالدون، أو ماتوا وبدأوا حياة جديدة بالفعل!
بل قد يعتقد المُصابُون بتلك المتلازمة أنّ أعضاءهم تنهار، أو تختفي، أو حتى تُؤكَل، وحسب مراجعة أُجريت عام 2017، تبيّن أنّ 8 من أصل 12 شخصًا مُصابون بمتلازمة الجثمان السائر، شعروا أنّهم قد ماتوا، ومن هؤلاء الثمانية ثلاثة يظنُّون أنّ الأطباء قد قتلوهم، بينما أفاد أربعة أنّهم كانوا في طور الموت.
أسباب متلازمة الجثمان السائر
لا يُوجَد سبب واضح لمتلازمة الجثمان السائر أو الجثة المتحركة، لكن هناك بعض العوامل التي قد تزيد خطر الإصابة بها، فقد أشارت العديد من الدراسات إلى أنّ متوسط عمر المُصابين بتلك المتلازمة يبلغ حوالي 50 عامًا، كما قد يحدث عند المراهقين والأطفال، وتُعدّ النساء أكثر عُرضةً للإصابة بها.
كذلك قد يزداد خطر الإصابة بمتلازمة الجثمان السائر أو وهم كوتار في حالة المعاناة من:
- اضطراب ثنائي القطب.
- اكتئاب ما بعد الولادة.
- الجامود "شكل من الفصام".
- اضطراب تبدُّد الشخصية.
- الاضطراب الانفصالي.
- الاكتئاب الذهاني.
- الفصام.
كذلك قد تصحب متلازمة كوتار بعض الاضطرابات العصبية، حسب موقع "healthline"، مثل:
- عدوى أو أورام الدماغ.
- الخرف.
- الصرع.
- التصلُّب المتعدد.
- مرض باركنسون.
- السكتة الدماغية.
وحسب موقع "webmd"، يظنُّ بعض الخبراء أنّ المتلازمة ناجمة عن نوعَين من تلف الدماغ؛ الأول يُغيِّر الطريقة التي ينظر بها المرء إلى نفسه، والثاني يجعله يستمر في تصديق هذا المُعتقَد الخاطئ حتى لو استبان له أنّه غير صحيح، لكن لم يتفق كل الخبراء على ذلك.
نظرة أعمق لأسباب متلازمة الجثمان السائر
وجد الباحثون في إحدى المُراجعات التي تناولت 12 مصابًا بمتلازمة كوتار، أنّ هناك تغيُّرات تحدث في أدمغة المُصابِين قد تكون هي المسؤولة عن الأعراض، خاصةً أنّ الاضطرابات العصبية قد تكون هي السبب وراء حدوثها، وتشمل تلك التغيُّرات:
- 4 من المُصابِين كان لديهم تغيُّرات في الفص الأمامي للدماغ.
- 4 منهم لديهم نقص عام في حجم الدماغ.
- 5 منهم أظهروا علامات انخفاض تدفُّق الدم إلى بعض مناطق الدماغ.
- 7 منهم عانوا آفات على جانب واحد على الأقل من الدماغ.
هل هناك علاقة بين متلازمة الجثمان السائر والفصام؟
قد تكون متلازمة الجثمان السائر أحد أعراض الفصام، لكنّه من أندر أعراضه؛ إذ أقل من 1% من المصابين بالفصام يُعانُون تلك المتلازمة، وفي مراجعةٍ صغيرة عام 2017 لـ 12 مصابًا بمتلازمة كوتار، تبيّن أنّ اثنين منهما مصابان أيضًا بالفصام.
اقرأ أيضًا: متلازمة الذكر العصبي.. هل يبلغ الرجال سن اليأس؟
تشخيص متلازمة الجثمان السائر
من الصعب تشخيص متلازمة الجثة المتحركة؛ إذ لا تعترف به معظم المنظمات الصحية على أنّه مرض، ما يعني عدم وجود قائمة مُوحّدة بالمعايير التشخيصية، ليُقال بأنّ فلانًا مُصاب بمتلازمة الجثمان السائر بنسبة 100%، وفي معظم الحالات يُشخِّصه الأطباء بعد استبعاد الاضطرابات الأخرى التي قد تحمل أعراضًا مُشابِهة.
وإذا كُنتَ تظنُّ أنّك مصاب بتلك المتلازمة، فحاوِل تدوين تلك الأعراض، أو متابعتها ومعرفة مدة استمرارها، فهذا يُساعِد الطبيب في البحث عن السبب الأقرب وتشخيص المتلازمة إن كانت هي السبب، ولا تنس أنّ المتلازمة قد تقترن مع اضطرابات نفسية أخرى.
علاج متلازمة الجثمان السائر
قد تصحب متلازمة الجثمان السائر اضطرابات أخرى، ما يجعل الخيارات العلاجية المُقترحة واسعة، وقد وجدت إحدى المُراجعات أنّ المُعالجة بالتخليج الكهربائي "ECT" أكثر طرق العلاج شيوعًا، كما أنّه شائع أيضًا لحالات الاكتئاب الشديد، وهذا العلاج يتضمّن تمرير تيارات كهربائية صغيرة عبر الدماغ لخلق نوبات صغيرة بينما المريض مُخدّرًا.
ومع شيوعه، فهو يحمل بعض المخاطر، مثل الغثيان والارتباك وفقدان الذاكرة، ومِنْ ثَمّ لا يُستخدَم إلّا بعد تجربة الخيارات العلاجية الأخرى، بما في ذلك:
- مضادات الاكتئاب.
- أدوية الذهان.
- أدوية القلق.
- العلاج النفسي.
- العلاج السلوكي.
هل يمكن أن تُسبِّب متلازمة الجثمان السائر مضاعفات؟
قد يُؤدِّي إحساس الإنسان أنّه قد مات بالفعل إلى عِدّة مضاعفات، فمثلاً قد يتوقف عن الاستحمام أو الاعتناء بنفسه، ما قد يجعل الآخرين يبتعدون عنه، وهذا قد يُؤدِّي إلى مزيدٍ من الاكتئاب والعُزلة، وأحيانًا مشكلات الجلد والأسنان إثر عدم الاهتمام بالنظافة.
وقد يتوقّف بعض المصابين عن الأكل أو الشُرب، ليس لأنَهم صاروا خارقين مثلاً، ولكن هل رأيت ميتًا يأكل ويشرب من قبل! هكذا يظنُون أنّ أجسامهم ليست بحاجةٍ إلى الأكل أو الشُرب فهم موتى - حسب زعمهم - وهذا قد يُؤدِّي إلى سوء التغذية التي لا تُحمَد عُقباها.
ومن الشائع محاولات الانتحار بين المُصابِين بمتلازمة الجثمان السائر، إذ يرى بعضهم أنّها الوسيلة المثلية لإثبات أنّهم قد ماتوا بالفعل بإظهار أنّهم لا يستطيعون الموت مرة أخرى.
حسنًا لم تنته المضاعفات بعد؛ إذ يظنّ آخرون أنّهم محبوسون في جسد وحياة ليست حقيقية، ويأملون أن تتحسّن حياتهم أو أن تتوقّف إذا ماتوا مرة أخرى!