"استغلال الفرص والهوس بالعميل".. 10 دروس من مؤسس "أمازون" لرواد الأعمال الصغار
يقدم الملياردير الأمريكي "جيف بيزوس" مؤسس شركة "أمازون" العالمية نصائحه لرواد الأعمال ليحققوا نجاحًا هائلاً، قد تكون عونًا لهم على غزو عالم المال والأعمال.
إذا نظرنا إلى حياة "جيف بيزوس" سنجدها تسير في مسار حتمي، فقد عمل المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "أمازون" بلا توقف أو هوادة سعيًا لبناء المؤسسة الأكثر هيمنة على التجارة الإلكترونية في العالم. ومن الجدير بالذكر أنه بالفعل فكر في تسمية مؤسسته في بداية الأمر "Relentless" بمعنى "الشيء الذي لا يلين".
شركة "أمازون" تتوافق مع رؤية "بيزوس"، إذ بدأ شركته من الصفر لتبلغ قيمتها السوقية الآن 1.7 تريليون دولار، في حين أن قيمتها الحياتية أنها غيّرت شكل التجارة باعتبارها "متجر كل شيء".
ويعطينا رجل الأعمال بعض أهم الدروس حول ريادة الأعمال والابتكار وتجربة العملاء، وفيما يلي 10 مبادئ يمكن لكل رائد أعمال أن يتعلمها من "جيف بيزوس".
1- استخدم مبدأ "إطار تحديد أدنى مستويات الندم"
حين شرع "جيف بيزوس" في تنفيذ فكرة موقعه، استخدم تمرينًا عقليًّا مميزًا أطلق عليه "إطار تحديد أدنى مستويات الندم". تدور الفكرة حول تخيل الشخص أنه في الـ 80 من عمره وينظر إلى الوراء ليراجع حياته. يقول "جيف بيزوس" عن ذلك التمرين: "أردت أن أقلل عدد الأشياء التي سأندم عليها قدر الإمكان، ولم أكن لأندم على المشاركة في مشروع كهذا".
2- اقتنص الفرصة المناسبة
قرر "بيزوس" أن يؤسس لعمل تجاري عبر الإنترنت في بادئ الأمر، وليس متجرًا للكتب. كان يعمل في شركة استثمارات في مدينة نيويورك الأمريكية، عندما سمع أن استخدام الإنترنت ينمو بمعدل سنوي قدره 2300 بالمائة. وفي الواقع، كانت التقديرات الواقعية أكثر بكثير، استخدام الإنترنت كان ينمو فعليًا بمعدل 230 ألف بالمائة.
لم يكن "بيزوس" مولعًا بالكتب، لكن الكتب بدت كأنها أفضل رهان للاستفادة من النمو الهائل للإنترنت. في 1994، وهو العام الذي أطلق فيه "بيزوس" موقع "أمازون"، كان عدد الكتب المتاحة في المطابع لانهائيًا، إذ كان هناك أكثر من ثلاثة ملايين عنوان؛ وهو عمل تجاري طويل الأمد مناسب تمامًا للبيع بالتجزئة إلكترونيًّا، وكان شحن الكتب أيضًا سهلاً نسبيًا ولم يكن مكلفًا للغاية، لذا بدت بالنسبة إليه فكرة منطقية للبدء في تجارته الخاصة على الإنترنت.
3- كن مهووسًا بعميلك
كثير من الشركات تدعو إلى نظرية التركيز على العميل، لكن "جيف بيزوس" عاش بهذه النظرية. يقول "بيزوس" في حوار مع "ديفيد روبنشتاين" عام 2018 في مجلة "أمازون": "لدينا عديد من المبادئ في أمازون، لكن السر الحقيقي وراء تميزنا هو فكرة الهوس بالعميل، والتركيز التام عليه".
لم يكن "بيزوس" يتحدث عن الخدمة الجيدة، لكن الأمر متعلق أكثر بإنشاء شركة لا يستطيع الناس العيش دونها، وقد كتب في رسالة "أمازون" لعام 1997 إلى المساهمين: "منذ البداية، كان تركيزنا منصبًّا على تقديم قيمة مقنعة لعملائنا".
"مقنعة" تعني هنا الوضوح، وأحد الأمثلة التي يُستشهد بها كثيرًا هو إصرار "بيزوس" على أن يكتب فريقه قبل عرض كل منتج جديد مذكرة من ست صفحات تتضمن نموذجًا لبيان صحفي؛ لأن "بيزوس" يعتقد أنه إذا استطاع الفريق سرد معلومات المنتج ستتضح أمامهم الاستراتيجية، وبكتابة البيان الصحفي قبل عرض المنتج، يضطر الفريق إلى التفكير من منظور العميل حين يرى المنتج لأول مرة.
اقرأ أيضًا: "2024 عام التفوق".. رؤى استراتيجية لقادة الأعمال في عصر التحول الرقمي
4- أعط للخدمة قيمة أكبر من التكلفة المدفوعة فيها
في بدايات تجارب البيع بالتجزئة عبر الإنترنت، كان طلب أي شيء عبر الإنترنت شيئًا مخيفًا لكل من البائع والمشتري. فلم تكن كل الأسر تملك كمبيوتر، بل ثلثها فقط؛ وعدد أقل من الثلث لديه اتصال بالإنترنت، ومواقع البيع كانت سيئة فقط، فكان حينها إقناع المشتري باستخدام جهاز كمبيوتر والدخول للإنترنت وشراء منتج لا يراه فعليًا تحديًا كبيرًا، ولذلك كان على المنصات أن تخلق قيمة إضافية تشجع العميل، وهي الأسعار المنخفضة والاختيارات غير المحدودة والتدقيق في المنتجات بحيث تتغلب على العوائق المبكرة للشراء عبر الإنترنت.
وحتى عندما أصبح الوصول إلى الإنترنت أسهل، ظل السؤال قائمًا: هل يجعل موقعك حياة عملائك أسهل أو أفضل على نحو ملموس؟ إذا كان الأمر كذلك، فمن المحتمل أن يشتروا أي شيء منك.
5- اخش العملاء وليس المنافسين
قالها "جيف بيزوس" ذات مرة لفريقه: "لا تخف من منافسيك لأنهم لن يعطوك أموالهم أبدًا، بل خف عملاءك لأنهم هم من يعطونك الأموال". بعبارات أخرى فإنه يقول لهم ركزوا طاقة القلق لديكم على ما ينفعكم.
6- ركز على المكاسب طويلة الأمد
عام 1997، كانت "أمازون" ما زالت شركة صغيرة نوعًا ما تخدم ما يقرب من 1.5 مليون عميل. أرسل حينها "جيف بيزوس" رسالة إلى المساهمين في الشركة حول العالم عن طريق إعلان في صحيفة "وول ستريت جورنال" أنه لا يهتم بالأرباح الربع سنوية، وهي سمة أظهرتها الشركة جليًا لسنوات.
وكتب "بيزوس": "نعتقد أن المقياس الأساسي لنجاحنا سيكون قيمة المساهمين التي نخلقها على المدى الطويل. ستكون هذه القيمة نتيجة مباشرة لقدرتنا على توسيع مكانتنا الرائدة الحالية في السوق وترسيخها".
ولنتخذ "برايم" مثالاً، إذ إنه عندما أُطلقت الخدمة عام 2005، كان يكلف العميل 79 دولارًا سنويًا ويقدم شحنًا مجانيًا في غضون يومين. وعلق "بيزوس" لاحقًا: "نريد أن تكون خدمة برايم لها قيمة حقيقية لدى العميل حتى أنه يشعر بالذنب إن لم يكن مشتركًا بها".
كان الحصول على كل هؤلاء الأعضاء بهذا السعر المتواضع نسبيًا مكلفًا، ومن المرجح أن يكون أولئك الذين يرغبون في دفع هذا المبلغ الكبير من العملاء المتكررين الذين اشتروا كثيرًا من الأشياء، ما يعني أن تكاليف الشحن يمكن أن تتجاوز سعر العضوية بسرعة، وكانت هذه هي النقطة المحورية في الخدمة، إذ إن القفزات في المبيعات، حتى لو كانت تعني خسارة المال على المدى القصير، من شأنها أن تغذي الخطة الأكبر.
7- اهتم بتغذية دولاب الموازنة
"دولاب الموازنة" هو أداة ميكانيكية تستخدم مخزنًا للطاقة الدورانية، ومن ثم فهي مخزن للطاقة في السيارات، لم تكن تجارة الكتب على "أمازون" لتستمر وحدها أبدًا، لذلك خطط "جيف بيزوس" ليجذب عددًا أكبر من العملاء، وبدأ يستهدف نطاقًا واسعًا من البضائع بأسعار أرخص وخدمة عملاء ممتازة. وبجذب المزيد من العملاء سيجذب بائعين من خارج الشركة للتعامل عبرها، فيجذب المزيد من العملاء وهكذا، فكلما زاد عدد المنتجات التي تبيعها "أمازون"، أصبحت عملياتها وأنظمتها أكثر كفاءة. وكلما زاد حجم المبيعات، زادت إمكانية الحصول على أسعار أقل من الموردين.
8- عين موظفيك بغرض تعزيز القوة
هل تريد المزيد من رجال مهام صعبة أم مرتزقة؟ هذا هو السؤال. يقول "جيف بيزوس": "كيف يمكنك توظيف أشخاص رائعين ولا يتركونك يومًا؟ امنحهم -أولاً وقبل كل شيء- مهمةً عظيمة، هدفًا له قيمة ومعنى".
9- ادرس قراراتك جيدًا
يوضح "جيف بيزوس" في كتابه "انفينت أند وندر" أن القرارات في "أمازون" تنقسم إلى قسمين؛ "هناك قرارات لا رجعة فيها ولها أهمية كبيرة؛ وهي قرارات عبارة عن طريق ذهاب بلا عودة، أو قرارات من المستوى الثاني".
يصف "جيف بيزوس" نفسه أنه "مسؤول التباطؤ" لأنه عندما يريد أن يتخذ قرارًا من "المستوى الثاني" فإنه دائمًا ما يبحث عن معلومات إضافية، لأنها مهمة جدًّا وما إن تُتخذ، لن يمكنه التراجع فيها.
ويعلق "بيزوس" أن معظم القرارات لها طريق عودة أو ما يسميه هو قرارات "المستوى الأول" وهي أقل حساسية، لأنك حتى لو اخترت اختيارًا خاطئًا يمكنك التراجع عنه، لكن المشكلة الأساسية هنا هي الخلط بين المستويين.
كما يوجه "بيزوس" السؤال دائمًا لنفسه: "هل هو طريق ذهاب وعودة أم ذهاب بلا عودة؟ إن كان ذهاب وعودة اتخذ القرار بالاستعانة بفريق صغير أو حتى فرد واحد حكيم"، لكن الخلط بين النوعين هو ما يجب أن يتجنبه أي رائد أعمال.
10- استمع إلى منتقديك لكن بحدود
لا بد أن يتوقع من يتولون زمام المسؤولية بعض الانتقادات، وكما يقول "بيزوس": "إن لم تستطع أن تتحمل سوء الفهم، لا تبدأ أي شيء جديد ولا تبادر". كما يقدم بعض الأفكار حول التعامل مع النقد، إذ يقول "بيزوس": "قبل كل شيء انظر إلى المرآة وقرر ما إذا كان منتقدوك على حق؛ فإن كانوا كذلك، غير من نفسك ببساطة".
في بعض الأحيان تفعل "أمازون" ذلك، تم التشهير بها بسبب معدلات الأجور، فوضعت حدًّا أدنى للأجور قدره 15 دولارًا في الساعة عام 2018. وفي عام 2009، وزعت "أمازون" نسخًا من كتاب جورج أورويل 1984 توزيعات غير قانونية. وعندما أخُطرت الشركة بالمشكلة، حذفت النسخ من أجهزة كيندل الخاصة بالمستخدمين عن بُعد. وفي نهاية المطاف، نجحت "أمازون" في تصحيح الأمر من خلال تقديم نسخة جديدة من الكتاب للعملاء، أو 30 دولارًا، بالإضافة إلى الاعتراف بالخطأ. وقال "بيزوس" للعملاء: "هذا اعتذار عن الطريقة التي تعاملنا بها سابقًا مع النسخ المباعة بشكل غير قانوني من رواية 1984 وروايات أخرى على كيندل. لقد كان تصرفا غبيًا وطائشًا ولا يتماشى مع مبادئنا. نحن نستحق الانتقادات التي تلقيناها".