"فكر جيدًا قبل الامتناع عنه فجأة".. ماذا تعرف عن أعراض انسحاب السكر؟
"لو توقفتُ عن تناول السكر، فلن أُصاب بداء السكري، وسأتمتّع بصحةٍ قوية، وأعيش حياة أطول". كم هي فكرة لامعة وجذّابة، ويا لها من إرادةٍ قويةٍ لإنسانٍ يودّ السيطرة على شهيته، والحفاظ على صحته، لكن لا تسير الأمور دومًا هكذا، فرُبّما لو توقّفت عن تناول السكر فجأةً، ألحقت بنفسك ضررًا لا تعلم مداه، فمع تعوُّد الجسم على السكر لفترةٍ طويلة، ثُمّ يُمنَع عنه فجأة، قد تظهر أعراض انسحاب السكر، مثل الصداع والإرهاق، وسرعة الانفعال، فما طبيعة تلك الأعراض؟ وكيف تتعامل معها وتتجنّب السكر في الوقت نفسه؟
ماذا يعني انسحاب السكر؟
يُطلَق "الانسحاب" على مجموعة الأعراض النفسية والسلوكية والإدراكية التي تحدث مع التوقُّف عن تناول مادةٍ ما فجأة، وهي على الأرجح تُسبِّب إدمانًا.
وأورد بعض الناس معاناتهم من أعراض انسحابٍ بعد الامتناع عن تناول السكر، وانسحاب السكر ليس تشخيصًا طبيًا رسميًا، لكن حاول الباحِثون تقصّي ما يحدث للجسم بعد التوقف عن تناول السكر، والوقوف على حقيقة أعراض انسحاب السكر.
هل يمكن أن يُسبِّب السكر إدمانًا؟
تُعدّ أعراض انسحاب السكر دليلاً على إدمانه، إذ يُحفِّز السكر أنظمة المكافأة في الدماغ، ما يُوجِّه الدماغ إلى تناول المزيد من السكر والحلوى؛ للشعور باللذة والمتعة.
أسباب ظهور أعراض انسحاب السكر
قد تظهر أعراض انسحاب السكر مع الامتناع عن تناوله لأسبابٍ مُختلفة، أبرزها ما يلي:
1. تأثير السكر على الدماغ
يُحفِّز السكر إطلاق الإندورفينات في الدماغ، وهي أفيونات طبيعية، تُساعِد على تسكين الآلام وتحسين المزاج، كما يُحفِّز السكر أيضًا إطلاق الدوبامين، المُرتبط باشتهاء الطعام.
وحسب دراساتٍ أُجريت على الحيوانات، وجد الباحثون أنّ سحب السكر من الجسم يُماثِل سحب بعض الأدوية أو العقاقير الإدمانية، مثل الكوكايين والهيروين، وإن كانت الحيوانات أشدّ عُرضةً لإدمان السكر عنّا نحن البشر.
لذلك فمع الإفراط في تناول السكريات واعتيادها يومًا وراء الآخر، قد يُعانِي بعض الناس أعراض انسحاب السكر مع الانقطاع عن تناوله فجأة، إذ يتوق الجسم إلى دفعة الإندورفينات والدوبامين التي اعتاد عليها في السابق مع تناول السكر.
اقرأ أيضًا:هبوط السكر.. أعراضه وطرق علاجه والوقاية منه
2. نوع السكر المُتناوَل
يتوفّر السكر بأنواعٍ مختلفة، فهناك سكريات في الأطعمة الصحية، مثل الفواكه والخبز ومنتجات الألبان، وهناك سكر مُكرّر مُضاف إلى بعض المنتجات، مثل الحلوى والمشروبات الغازية، كما يشمل أيضًا سكر المائدة وشراب الذرة عالي الفركتوز، وربّما كان لنوع السكر علاقة بإدمانه، ومِنْ ثَمّ المعاناة من أعراض انسحابه.
أعراض انسحاب السكر
صحيحٌ أنّ ترك السكر يحمل فوائد عديدة لصحة الجسم، لكن الغنيمة لا تأتي دون ثمن؛ لذلك قد تحدث أعراض انسحاب السكر مع التوقف عن تناوله، والتي تشمل ما يلي:
- تقلُّبات المزاج: يشعر كثيرٌ من الناس بالاكتئاب مع التوقف عن تناول السكر، والراجح أنّ سبب ذلك يعود إلى ضعف إطلاق الدوبامين مع نقص السكر الداخل إلى الجسم، والدوبامين هو المُنشِّط الرئيس لنظام المكافأة في الدماغ.
- صعوبة التركيز: قد يُؤدِّي الامتناع عن السكر فجأة إلى صعوبة التركيز والانتباه في العمل، أو المدرسة، أو حتى في الحياة اليومية عمومًا.
- سرعة الانفعال: تُعدّ سرعة الانفعال والغضب من علامات انسحاب السكر، إذ يجد المرء نفسه أقل قدرةً على تحمُّل بعض المواقف، وما يلبث أن ينفجر في وجه من أمامه.
- النهم الشديد: قد يُؤدِّي الامتناع عن الكربوهيدرات أو الحلوى فجأةً دون إنذارٍ مُسبق إلى الشعور بنهمٍ شديد تجاه هذه الأنواع من الطعام.
- الغثيان: يُعانِي بعض الناس اضطرابات هضمية، مثل الغثيان، عند تقليل تناول السكر.
- الصداع: بالطبع يتسبَّب انخفاض مُعدّل السكر المُتناوَل في تدنّي مستويات السكر في الدم، ما يُفضِي إلى الصداع.
- الدوار والإرهاق: ما دُمت قد اعتدت تناول السكر بانتظام، فقد تُعانِي دوارًا وإرهاقًا عندما لا تتناوله كما كُنت مُعتادًا عليه.
- مشكلات النوم: يُواجِه بعض الناس مشقّة في النوم، لم يعتادوها من قبل، خاصةً مع التوقف عن تناول السكر.
كم تستمر أعراض انسحاب السكر؟
تختلف مُدّة استمرار أعراض انسحاب السكر من إنسانٍ لآخر، لكن يُتوقّع أن تستمر بضعة أيامٍ أو أسابيع، حسب حالة كل فرد.
انسحاب السكر وحمية الكيتو
تعتمد حمية الكيتو على تقليل تناول الكربوهيدرات إلى ما دون 10% من السعرات الحرارية اليومية، ما يعني أنّ المُنخرِطين في هذه الحمية أكثر عُرضةً لأعراض انسحاب السكر، لكنّ أعراضهم قد تختلف قليلاً عمّا ذُكِر، وهي تُعرَف بـ"إنفلونزا الكيتو"، التي تتضمّن ما يلي:
- رائحة النَّفس الكريهة.
- الغثيان.
- الضعف والإرهاق.
- الإسهال أو الإمساك.
- الصداع.
- تشنُّج العضلات.
- صعوبة النوم.
وهذه الأعراض قد تكون بسبب تغيُّر مصدر الطاقة الذي يعتمد عليه الجسم من الكربوهيدرات "الغلوكوز" إلى الدهون، وتكوين أجسامٍ كيتونية إثر ذلك.
اقرأ أيضًا:كيف يمكن اكتشاف مرض السكر دون تحليل؟
مضاعفات انسحاب السكر
أعراض انسحاب السكر ليست لطيفة بالمرّة، فكيف لو أفضت إلى مشكلاتٍ أعقد؟ حقيقة الأمر أنّ بعض الناس بعدما اعتادوا تناول السكريات باستمرار، ثُمّ انقطعوا عنها فجأة، فإن أعراض انسحاب السكر قد تكون أشدّ عليهم دون غيرهم، ومِنْ ثَمّ فقد ينعكس أثر ذلك بالإفراط في تناول السكريات بصورة أكبر مِمّا كان عليه المرء قبل أن ينقطع عن تناول السكر فجأة، ما قد يُؤدِّي إلى اكتساب الوزن أو السمنة، وربّما زيادة خطر الإصابة بأمراضٍ مزمنة، مثل أمراض القلب، وداء السكري.
الفرق بين انسحاب السكر وداء السكري
يُطلَق انسحاب السكر على مجموعة الأعراض التي تُصِيب الإنسان مع الانقطاع عن تناول السكر بعد الاعتياد عليه، ويصحبها هبوط مستويات السكر في الدم، أمّا داء السكري، فهو مرضٌ ينشأ بسبب غياب إفراز الأنسولين من البنكرياس "النوع الأول"، أو مقاومة الأنسولين وعدم تجاوُب خلايا الجسم معه لاستقبال السكر بداخلها "النوع الثاني"، ما يُؤدِّي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم، والمعاناة من أعراضٍ، مثل كثرة العطش، وكثرة التبوُّل، والنهم تجاه الطعام.
كيف تتعامل مع أعراض انسحاب السكر؟
يُفضّل اتّباع النصائح الآتية في التعامل مع أعراض انسحاب السكر؛ للتمتُّع بالفوائد الصحية لذلك وتجنُّب الآثار الجانبية:
1. تناول وجبات غذائية متوازنة
ينبغي التركيز على تناول وجبات تحتوي على الكربوهيدرات المُعقّدة، مثل البطاطا والشوفان والخضراوات، والبروتين، وكذلك الدهون الصحية، فالوجبة المتوازنة تُعزِّز الشبع، وتَحفظ مستويات السكر في الدم، كما تُقلِّل نهمك للأكل.
2. زيادة الألياف
تُطِيل الألياف فترة الشبع، وتُخفِّف وطأة الجوع عليك، كما أنّ الأطعمة الغنية بالألياف تضبط مستويات السكر في الدم، مثل الشوفان والكينوا، والفواكه والخضراوات، وغيرها؛ لذلك ينبغي تناول الألياف والإكثار منها - بقدرٍ متوسط دون إفراط - إن أردتَ تقليل السكر.
3. الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم
ثبتت العلاقة بين قلة النوم واشتداد شهية الإنسان ونهمه تجاه الطعام، خاصةً السكريات، مع ما قد يصحب ذلك من تزايُد خطر الإصابة بالأمراض، مثل داء السكري، وغيره؛ لذلك احرِص على أن تنام جيدًا ولفترةٍ معقولة من الوقت.
4. النشاط البدني
تُساعِد ممارسة التمارين الرياضية في التوقف عن تناول السكر، إذ أظهرت الدراسات، حسب "verywellmind"، أنَّ فترات التمارين القصيرة تحد من رغبة الإنسان في تناول السكريات.
فوائد تقليل تناول السكر
لا تقلق طالما رغبت في ترك السكر، ولا تخش أعراض الانسحاب، لكن تدرّج وتمهّل في الانقطاع عن السكر، ولا تمنعه فجأة إثر تعوُّد طويل إلّا لو كُنت قادرًا على التأقلم مع الأعراض. وعمومًا فلتقليل تناول السكر فوائد للجسم، كالوقاية من بعض الأمراض، مثل:
- السمنة وزيادة الوزن.
- داء السكري من النوع الثاني.
- ارتفاع ضغط الدم.
- أمراض القلب.
- تجاويف الأسنان.