كيف تعرف أنك مصاب بـ"متلازمة البطة"؟ إليك الأعراض وطرق المواجهة
في الحياة الجامعية ضغوط مستمرة ومسؤوليات هائلة لا تفتأ تنهمر على الإنسان يومًا تلو الآخر، وقد يبدو الطُلَّاب الجامعيون كأنَّما لا يُواجهون أي مشقة أو معاناة، بينما هم في وسط عاصفة هائجة من الضغوط الحياتية والتنافس مع الأقران ورؤية زملائهم وهم يُحقِّقون إنجازات في حياتهم، وتوصيف هذا المظهر الخارجي المُتناقِض مع حقيقة ما يُواجِهونه في حياتهم هو "متلازمة البطة".
من أين نشأ مُسمَّى "متلازمة البطة"؟
نشأ مُصطلَح "متلازمة البطة" في جامعة ستانفورد، حتى أنَّها كانت تُسمَّى أحيانًا "متلازمة بطة ستانفورد"، وهي متلازمة تصف الظاهرة التي يبدو فيها طُلَّاب الجامعات هادئين مثل بطةٍ تنزلق على الماء، بينما البطة تُجدِّف بشراسة تحت سطح الماء كي تبدو منزلقة بهذا الهدوء، وكذلك الطُلّاب هم في حقيقتهم يُكافِحون لمواكبة ضغوط حياتهم الجامعية.
قد يبدو بعض الطُلَّاب مُنخرطين في حياتهم بسهولة، ويُمارِسون حياتهم الاجتماعية دون أدنى مشكلة، لكنّ هذا غالبًا لا يكون على ظاهره، فهذه الواجهة تُخفِي تحتها التحدّيات والجهد الذي يبذلونه لتلبية طموحاتهم المرتفعة.
وقد يُساهِم الأصدقاء والأقران من غير قصدٍ في الثقافة التي تخلق "متلازمة البطة"، فمثلاً قد يعرضون أمامك صورًا للنجاح والسعادة والإنجاز على وسائل التواصل الاجتماعي، أو في المحادثات بينك وبينهم، ما يُنشِئ في داخلك شكًا بقدراتك، ويدفعك إلى عقد مقارنات بينك وبين الآخرين باستمرار.
أعراض متلازمة البطة
لا تقتصر أعراض "متلازمة البطة" على الطُلَّاب الجامعيين فقط، كما أنَّها ليست تشخيصًا رسميًا في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية "DSM-5".
ومع ذلك تتراوح أعراضها وتختلف من إنسانٍ لآخر، وقد تشمل ما يلي:
- المقارنة مع الآخرين.
- الإحساس بأنَّ الآخرين أفضل حالاً منك.
- الشعور بالفشل في مواكبة مُتطَّلبات الحياة، أو الإحساس بالذنب.
- الخوف من النقد.
- الشعور بأنّ الآخرين يتلاعبون بك في موقفٍ ما لاختبار أدائك.
قد تُطلِق "متلازمة البطة" الشرارة للمعاناة من بعض الاضطرابات النفسية الحقيقية، مثل الاكتئاب والقلق، أو غيرهما، حسب موقع "psychcentral".
هل لمتلازمة البطة أسباب؟
نظرًا لأنَّ "متلازمة البطة" مفهوم غير رسمي، فإنَّ عوامل الخطر المرتبطة بها ليست علمية بالضرورة، فقد تُصابُ بها إذا نشأت في بيئة عائلية تُركِّز جدًا على تحقيق الإنجازات.
وتُوجِد بعض المؤشرات الدالة على سبب معاناة بعض طُلَّاب الجامعات من الأعراض النفسية المتعلقة بمتلازمة البطة، مثل:
- قد يكون الانتقال إلى الحياة الجامعية مُرهقًا، حيث يُواجِه الطلاب متطلبات مستمرة من التغييرات الأكاديمية والاجتماعية، خاصةً مع تعلّم العيش بعيدًا عن عائلاتهم لأول مرة.
- الضغط الذي تفرضه وسائل التواصل الاجتماعي على الشباب؛ كي يتشحوا بمظهر مثالي كطُلَّاب جامعيين على الرغم من الضغوط الحقيقية المُكشِّرة عن أنيابها لهم.
- ضغط الإنسان على نفسه، أو من قِبل أسرته للحفاظ على معايير غير معقولة تُفضِي إلى توتُّر المرء باستمرار.
- قد يجد الطلاب الذين اعتادوا تدخل الوالدين في شؤونهم، صعوبةً في تعلّم كيفية التعامل باستقلالية مع الضغوط الجديدة، خاصةً مع الآباء المُفرِطِين في حماية أبنائهم من كل شيء ومن أي شيء.
- قد تُغذِّي البيئة الاجتماعية التنافسية مشاعر التوتر باستمرار.
اقرأ أيضًا:هل يُعالِج الصيام متلازمة الأيض؟
هل لمتلازمة البطة مضاعفات؟
قد تُؤدِّي "متلازمة البطة" إلى المعاناة من الاكتئاب أو القلق أو غيرهما من الاضطرابات النفسية التي قد تدوم وقتًا طويلاً، أو لا تتحسَّن وتزداد سوءًا.
أيضًا فإنَّ الاكتئاب والقلق يزيدان خطر الإصابة بمشكلاتٍ صحية أخرى إذا أُهملا وتُركا بلا علاج، وفيما يأتي بعض التفصيل بشأن الاكتئاب والقلق.
1- القلق
مع تزايُد متطلّبات الحياة، ووقوع ضغط عليك من جانب الأسرة، أو الأصدقاء، أو المجتمع، أو تحفيزك لخوض منافسةٍ لا طائل منها، يتنامى القلق في داخلك، والذي تشمل أعراضه:
- الإحساس المستمر بالقلق بما قد يُؤثِّر سلبًا في علاقاتك الشخصية أو الجامعة أو العمل، أو مجالات الحياة الأخرى.
- وجود مخاوف تشعر بالعجز حيال التعامل معها.
- المرور بمشاعر الرهبة أو الموت الوشيك "الشعور الشديد بأنّ شيئًا مأساويًا على وشك الحدوث على الرغم من غياب أي خطرٍ واضح".
- نوبات الهلع "في بعض الحالات".
- ضحالة النَّفَس، أو الشعور بصعوبة التنفُّس.
- أعراض جسدية، مثل الصداع، الارتجاف، وتعرُّق راحة اليدين.
2- الاكتئاب
قد يُصِيبك الاكتئاب مع الشعور المستمر بالعجز عن تحقيق المأمول منك، أو صعوبة اللحاق بالآخرين، أو هكذا تظن، وبالتأكيد لن تتوقَّف عن الكفاح في حياتك وإن بدا للآخرين غير ذلك، وقد يبرز الاكتئاب من ثنايا هذه الملحمة في الأعراض الآتية:
- الشعور بالحزن واليأس.
- فقدان الشغف في الأمور التي كُنتَ تستمتع بها سابقًا.
- اضطرابات النوم.
- صعوبة التفكير أو التركيز.
- الشعور بالذنب أو بانعدام القيمة.
- تغيُّرات واضحة في الشهية أو الوزن "قد تكون بالزيادة أو النقصان".
- أفكار انتحارية.
اقرأ أيضًا:كل ما تريد معرفته عن متلازمة رينود وأسباب الإصابة بها
طرق علاج متلازمة البطة
قد يكون التعامل مع "متلازمة البطة" غير يسير؛ لأنَّها غير مفهومة بشكلٍ تام حتى الآن، وقد تُساعِدك الطرق المطروحة فيما يلي في التعامل مع "متلازمة البطة" وما قد ينجم عنها:
1- العلاج النفسي
قد تُساعِدك زيارة طبيب نفسي في معرفة طرق التعامل المناسبة مع "متلازمة البطة". أيضًا لو كُنت تشعر بأنّ أعباء الحياة الملقية على عاتقك كثيرة جدًا، فقد يُحسِّن العلاج النفسي صحتك ويساعدك في تحمُّل هذه الأعباء.
2- الأدوية
تُعدّ أدوية القلق والاكتئاب جزءًا من علاج متلازمة البطة "إذا كُنت تُعانِي القلق أو الاكتئاب"، كما قد تتداخل أعراض "متلازمة البطة" مع هذه الاضطرابات النفسية.
لذا قد يصف الطبيب أدوية الاكتئاب أو أدوية القلق لتخفيف الأعراض المُصاحبة لـ"متلازمة البطة"، لكن ينبغي أن يكون تناولها وفق مشورة الطبيب.
3- الاعتناء بالنفس
لستَ بحاجةٍ إلى أنّ تتظاهر بأنَّ كل الأمور تسير على ما يُرام بينما ليست هي كذلك، كما أنَّك لا تحتاج أيضًا إلى إثبات قدراتك لأحدٍ بعينه، ولستَ في منافسةٍ مع المجتمع أو الأقران.
تجاهل هذه الأصوات والمُؤثِّرات الخارجية تمامًا، وحاول أن تحصل على دعمٍ من أشخاصٍ آخرين، مثل:
- طلب المساعدة من أستاذك.
- الحصول على دروسٍ خصوصية في الجامعة.
زيارة مركز الإرشاد داخل الحرم الجامعي إن وُجد.
إذا كُنتَ طالبًا جامعيًا، فقد تأتي مساعدتك منها بدرجةٍ كبيرة، فإن لم تساعدك أو لم تجد فيها ما يُاسِبك ففي الأصدقاء والأقارب بالتأكيد من قد يُساعِدك في الاعتناء بنفسك.
نصائح للتعامل مع المُصاب بمتلازمة البطة
إذا كان أحد أبنائك أو أقربائك مُصابًا بـ"متلازمة البطة"، فلا بدّ من التعامل معه بحرص، وذلك من خلال النصائح الآتية:
1- التحدُّث معه
محاولة فهم المشكلات الصحية أو النفسية التي يُعانِيها ابنك، أو أحد أقربائك قد يُساعِده على التحدُّث معك بأريحية. فقط أبدِ الاهتمام المطلوب، خاصةً أنَّ الشعور بالوحدة من الأمور الشائعة بين طُلَّاب الجامعات، ومِنْ ثَمّ فإبداء الاهتمام والحديث يُخفِّف من وطأة هذا الشعور، ويُعزِّز الصحة النفسية بكل تأكيد.
2- تشجيع الهوايات
إذا كُنتَ أبًا لطالبٍ في الجامعة، فحاوِل أن تُشجِّع ولدك على الانخراط في الهوايات والعادات التي يهواها، وحاول أن تستمع إليه وتتحدّث معه في تفاصيل هذه الهوايات.
قد يكون ذلك صعبًا بعض الشيء بسبب ضغوط الجامعة، لكن الانخراط في أنشطة ممتعة يُساعِد على خلق منفذ إبداعي للتوتر المستمر.