التواء المعدة بعد التكميم.. ندرة الحدوث لا يمنع الحذر
تحقق عملية تكميم المعدة نتائج مميزة على صعيد خسارة الوزن، لكنّها كأي عمليةٍ جراحيةٍ لا تخلو من بعض المضاعفات، لكنّ بعض المضاعفات قد تكون أخطر من غيرها، والتواء المعدة - رغم ندرته - يُعدّ من أخطر المضاعفات الناتجة عنها، خاصةً أنّه قد يُصِيب الإنسان ولا يُسبِّب أعراضًا على الإطلاق، فكيف يُمكِن للمعدة أن تلتوي بعد تكميمها؟ وما سبل العلاج مع الحفاظ على خسارة الوزن؟
ماذا يعني التواء المعدة؟
يعني التواء المعدة دورانها حول نفسها، بما يُؤدِّي إلى انسدادٍ كُلّي أو جُزئي، سواءٌ في مسار مرور الطعام عبر المعدة، أو في مسار مرور الدم المُتدفِّق إليها لتغذيتها، ورغم أنّها من المضاعفات النادرة لتكميم المعدة فإنّها شديدة الخطورة.
تبلغ نسبة الإصابة بالتواء المعدة بعد تكميمها نحو 0.69 - 0.2% فقط، حسب موقع "healthline"، لكنّها قد تُؤدِّي إلى بعض الأعراض، مثل القيء والغثيان، أو ارتجاع المريء، أو الألم، ولأنّ كثيرًا من المشكلات الصحية تُسبِّب الأعراض نفسها، فإنّ الأطباء قد لا يتمكّنون من تشخيص التواء المعدة بسهولة.
تكميم المعدة والالتواء
يُجرِي الأطباء عملية تكميم المعدة بغرض إنقاص الوزن، وعلاج السمنة المُفرِطة التي يُعانِيها كثيرٌ من الناس، وهي من العمليات الآمنة، وذات الكفاءة العالية في خسارة الوزن، وفي العملية يستأصل الطبيب أكثر من 70% من المعدة، ويبقى منها جزءٌ صغير في شكل الموزة.
ومع صِغر حجم المعدة، تقل إشارات الجوع، كما يتناول الإنسان كمية أقل من الطعام، إذ يشبع سريعًا، ما يُؤدِّي إلى قلة عدد السعرات الحرارية الداخلة إلى الجسم، ومِنْ ثَمّ خسارة الوزن الزائد.
وفي بعض الأحيان تلتوي المعدة بعد إجراء العملية بأيام أو أسابيع، بل حتى بعد سنة، إذ إنّ الجزء المُتبقِّي من المعدة في شكل أنبوب قد يلتف أو يدور حول نفسه، ما يمنع حركة الطعام عبر المعدة والدم الواصل إليها.
وحسب دراسةٍ أُجريت عام 2022 على 2,763 إنسانًا أُجريت لهم عملية تكميم المعدة، تبيّن أنّ 1.6% منهم فقط عانوا التواء المعدة، وأغلبهم لم يُعانِ أعراضًا مرتبطة بذلك الالتواء، وبعضهم عانى أعراضًا خفيفة، وكان القيء أكثر الأعراض شيوعًا.
كيف تلتوي المعدة بعد التكميم؟
بدايةً تقع المعدة بين الطحال والكبد والحجاب الحاجز، وتلتصق بما حولها وتُحافِظ على موضعها بأربطةٍ تصلها بهم، فإذا صارت هذه الأربطة رخوة أو زاد طولها، فقد تسنح للمعدة الفرصة للدوران حول نفسها 180 درجة، وهذا قد يحدث طبيعيًّا مع خلل أو تشوّه المعدة، أو وجود التصاقات باقية من عملية جراحية سابقة، أو بسبب ورمٍ، أو نتيجة فتق الحجاب الحاجز.
وأكثر الأسباب الشائعة المتعلقة بالتواء المعدة هي عدم استخدام الدبابيس في تكميم المعدة بصورةٍ صحيحة كما ينبغي لها أن تكون.
عوامل تزيد خطر الإصابة بالتواء المعدة
قد تزيد بعض العوامل خطر الإصابة بالتواء المعدة بعد تكميمها، والتي ينبغي للأطباء والمرضى على حدٍّ سواء التأكُّد من التعامل معها قبل تكميم المعدة - إن كان ذلك ممكنًا - وتشمل أهم تلك العوامل ما يلي:
1. الوضع التشريحي للمعدة
قد تُؤدِّي بعض العيوب بشأن تشريح المعدة أو موضعها في الجسم إلى زيادة فرص التوائها بعد التكميم، مثل رخاوة المعدة بأن تكون مُتدلّية، أو غير متماسكة مع الأربطة التي تربطها بأعضاء الجسم الأخرى بقوة، فهذا يزيد خطر الإصابة بالتواء المعدة.
2. ضعف النسيج الضام
قد يُؤدِّي ضعف الأنسجة الضامة في الجسم، بسبب خللٍ جيني على الأرجح، إلى التواء المعدة بعد التكميم؛ لأنّ هذه الأنسجة الضعيفة لا تُوفِّر دعمًا كافيًا لاستقرار المعدة في مكانها، ما يجعلها عُرضةً للالتواء.
3. الالتصاقات
يتكوَّن نسيج ندبي بعد العمليات الجراحية في البطن، ومنها عملية تكميم المعدة بالطبع، لكن إذا تكوّن ذلك النسيج الندبي حول المعدة، فقد يُقيِّد حركتها، ويجعلها عُرضةً للالتواء.
4. فتق الحجاب الحاجز
فتق الحجاب الحاجز اضطرابٌ يُؤدِّي إلى بروز أعضاء البطن واقتحام جزءٍ منها داخل تجويف الصدر عبر فتحة في الحجاب الحاجز، وذلك العضو قد يكون المعدة، وهذا الفتق قد يُغيِّر وضع المعدة الطبيعي في الجسم، ما يجعلها عُرضةً للالتواء.
5. طريقة إجراء العملية ومضاعفاتها
قد تُؤثِّر التقنية المستخدمة أو طريقة إجراء العملية في زيادة أو خفض فرص الإصابة بالتواء المعدة، فعدم خياطة أو تدبيس المعدة بطريقةٍ صحيحة من العوامل التي قد تُسبِّب ذلك، كما أنّ بعض مضاعفات العملية، مثل التسريب، قد يُضعِف أنسجة المعدة، ما يُسهِّل التواءها.
ما هي أعراض التواء المعدة بعد التكميم؟
قد لا يصحب التواء المعدة أي أعراضٍ على الإطلاق، لكن إن صاحَبته أعراض، فقد تتضمّن ما يلي:
- الغثيان.
- القيء.
- صعوبة البلع.
- ألم البطن.
- صعوبة طرد الغازات.
- الإمساك الشديد.
- ارتجاع المريء أو تفاقُم أعراضه.
علاج التواء المعدة بعد التكميم
يتراوح علاج التواء المعدة بعد التكميم بين متابعة حالة المريض فقط دون تدخلٍ جراحي وإجراء عملية جراحية أخرى لإصلاح المشكلة، وذلك حسب حالة المريض والأعراض التي يُعانِيها.
وقد يميل الطبيب إلى إجراء توسيعٍ البالون، أو تركيب دعامة بالمنظار في المنطقة الملتوية، كما أشارت بعض الأبحاث إلى أنّ أفضل طريقة لعلاج التواء المعدة بعد التكميم هي منع وقوعه ابتداءً بإجراء العملية بطريقةٍ صحيحة واستخدام الأدوات المناسبة لإجرائها.
أيضًا قد يُصلِح بعض الأطباء التواء المعدة من خلال تصحيح العملية إلى عملية تحويل المسار، وهذه العملية قد تكون خيارًا ناجحًا للغاية للتغلّب على أعراض التواء المعدة بعد التكميم حال حدوثها.
مضاعفات التواء المعدة بعد التكميم
قد لا يُسبِّب التواء المعدة أي أعراضٍ باستثناء ارتجاع المريء، وما لم يُؤدِّ إلى انسدادٍ كُلّي فلن يلحظ المريض شيئًا على الأرجح، لكنّ الالتواء قد يزداد سوءًا بمرور الوقت، ويُسبِّب ألمًا مفاجئًا شديدًا في البطن، وغثيانًا مزمنًا، والقيء المستمر في بعض الأحيان "الذي قد يُؤدِّي إلى الجفاف"، والارتجاع الشديد، والوفاة.
لذلك ينبغي استشارة الطبيب فور الشك في التواء المعدة، لإجراء الاختبارات التصويرية المطلوبة لتشخيص المشكلة، ومِنْ ثَمّ التعامل معها.
هل لالتواء المعدة تأثير على الأمد الطويل؟
يختلف ذلك حسب درجة التواء المعدة، وقدرة ذلك الالتواء على منع تدفُّق الدم والعناصر الغذائية إلى المعدة، لكن من المهم عمومًا سُرعة التعامل مع الالتواء حال وقوعه.
نصائح للوقاية من مضاعفات تكميم المعدة
رغم تراجُع مخاطر الإصابة بمضاعفات تكميم المعدة على العموم، فإنّه من الضروري اتّباع بعض النصائح للوقاية من مضاعفاتها، والحفاظ على النتائج العملية، مثل:
- اتباع تعليمات الطبيب بعد العملية خلال فترة التعافي؛ كي يلتئم نسيج المعدة كما ينبغي.
- التدرُّج في الانتقال من السوائل إلى الأطعمة الصلبة وفق توجيهات الطبيب، وعدم تعجُّل استئناف النظام الغذائي المُعتاد قبل العملية.
- شُرب كميات مناسبة من الماء باستمرار للوقاية من الجفاف، وكي لا تُتخَم المعدة بالطعام.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام حسب توجيهات الطبيب.
- تناول المكملات الغذائية الموصوفة من قِبل الطبيب، فمن مضاعفات عمليات السمنة عمومًا سوء التغذية ونقص بعض العناصر الغذائية من الجسم.
- التوقف عن التدخين، وذلك يسبق العملية كي لا يُؤثِّر في فترة التعافي والتئام الأنسجة بعد تكميم المعدة.
- زيارة الطبيب بانتظام للفحص الدوري وللاطمئنان على نتائج العملية وعدم الإصابة بأي مضاعفات بعدها.