"يعملون بالزراعة ويرفضون التواصل".. مجتمعات رفضت الحداثة وانعزلت عن العالم
في القرن الحادي والعشرين حيث تغزو التكنولوجيا ووسائل التواصل العالم كله، وتتواجد مظاهر الحداثة والمدنية في كل غرفة وليس فقط كل بيت، رفضت مجتمعات هذا الغزو، مفضلة العزلة والابتعاد عن كل وسائل التواصل، بل التمسك أحيانًا بمظهر العصور الوسطى وما قبلها. فوسط أكثر بلاد العالم تقدمًا، ستجد مجتمعات تدخلها كأنك سافرت بآلة الزمن لقرون إلى الوراء.
طائفة الآميش
طائفة مسيحية بروتستانتية من أتباع رجل دين سويسري يدعى "جاكوب آمان"، يعتقدون في ضرورة الانعزال عن المجتمع للحفاظ على معتقداتهم الدينية وعدم تلويثها بالحداثة. يبلغ عدد أفرادها الآن نحو 300 ألف نسمة. انتقلوا من سويسرا في القرن الـ 18 بسبب الحركات الإصلاحية والضغوطات الدينية التي تعرضوا إليها، إلى "العالم الجديد" الواعد بالحريات. ينتشرون في مقاطعات عدة في الولايات المتحدة وكندا، ويعيشون حياة بدائية يرفضون فيها كل مظاهر التمدن والتكنولوجيا. يرفضون التصوير، واقتناء الهواتف المحمولة، أو الأجهزة الحديثة. ويتنقلون بعربات الخيول ويطلقون عليها "باجي" بدلاً من السيارات الحديثة.
يشتغل "الآميش" عادة بالزراعة وتربية الحيوانات، ويعيشون حياة بسيطة للغاية تتماشى مع معتقداتهم الدينية. ويعتمدون على العمل والجهد اليدويين. يحرثون أراضيهم عبر الأحصنة دون استخدام الآلات الزراعية الحديثة.
ويحافظون على عادات أجدادهم في إنجاب المزيد من الأطفال، وتملك الأسرة الواحدة 5 أطفال على الأقل، يخرجونهم من المدرسة بعد الصف الثامن ثم يبدؤون في إعدادهم للاشتغال في الزراعة للأولاد أو إدارة شؤون المنزل للفتيات.
وحتى اللغة فهم يتحدثون بلغة ألمانية قديمة توارثوها عن الأجداد.
أهل "الآميش" يرتدون ملابس أشبه بملابس العصور الوسطى، فالنساء يرتدين فساتين داكنة وطويلة وتنانير بيضاء، ويضعن على رؤوسهن غطاء أبيض شبيه بالقبعة، والرجال يرتدون سراويل داكنة، إلى جانب قمصان بلا ياقة وذات أكمام طويلة، ويُمنع على رجالهم إطالة الشوارب، لكنهم يطلقون اللحى عقب الزواج.
اقرأ أيضًا:"دي بي كوبر".. اللغز الذي ما زال يُحيّر الـ "FBI"
قبيلة الكيلاش
هي قبيلة قوامها 3000 فرد تعيش في جبال هندو كوش، على الحدود الشمالية الغربية البرية لباكستان. يُحكى أن أصولهم تعود إلى جيش الإسكندر الأكبر المقدوني، الذي اجتاح جبال شمال باكستان منذ أكثر من 2000 عام. يعيش أفراد قبيلة الكيلاش على رعي الأغنام والماعز والزراعة البدائية.
يشتهر أفراد القبيلة بثقافتهم الفريدة، وطقوسهم الروحانية، وملابسهم المذهلة. وترتدي النساء أردية سوداء طويلة مع تطريزات ملونة، وأغطية للرأس، وقلائد مطرزة. ولا تزال بعض النساء لديهن وشم صغير على الخدين والجبهة والذقن. بالإضافة إلى ذلك، عادة ما يتركون شعرهم طويلاً جدًّا ويجمعونه بضفائر طويلة.
لم يُبنَ طريق سريع صالح للسير في وديان شيترال التي تعيش القبيلة بالقرب منها إلا في سبعينيات القرن الماضي. بعدها دخل التعليم والجيش والسياحة، ما أحدث تغيرات اجتماعية واقتصادية كبيرة في المنطقة. لكن أولئك الذين يعيشون في القرى الأكثر عُزلة، يتمتعون بإحساس قوي بالهوية، ويحافظون بشدة على ثقافتهم ودينهم.
ومع أن أعضاء قبيلة "الكيلاش" يعيشون في باكستان إلا أنهم ليسوا مسلمين ولهم عاداتهم المتفردة. فهم يعتمدون على تناول الكحول المستخلص من الفواكه، وغذائهم يعتمد على الفواكه المجففة، والمكسرات، والعسل، والسمن البلدي، واللحوم. وتشتهر لديهم رقصات تشبه الفلكلور اليوناني القديم. ويعتمد "الكيلاش" عامة على الزراعة والثروة الحيوانية، وحديثًا انضمت إليهم السياحة؛ لكنها لا تعد أساس اقتصادهم.
لباس الرجال لا يختلف عن اللباس الباكستاني المعروف وهو السروال والقميص، وتُضاف إليه قبعة مزودة بريشة من أعلاها، بينما يختلف لباس نساء الكيلاش كليًا عن اللباس المعروف في المنطقة بأسرها.
قبائل أندامان
مجموعة من الشعوب الأصلية في جزر أندمان، وجزء من أراضي إقليم "جزر أندمان ونيكوبار" التابع للهند في خليج البنغال جنوب شرق آسيا. ويتميز العرق الذي ينتمي إليه أفراد القبيلة بسمار البشرة. عاشت الشعوب الإندامانية في عزلة كبيرة لآلاف السنين. وكان أول اتصال لهم مع العالم في نهاية القرن الثامن عشر. وفي القرن التاسع عشر توصل الباحثون أن كثيرًا منهم مات نتيجة الأمراض والعنف. ولم يتبق منهم إلا 400–450 شخصًا، بما يعني أنهم على حافة الانقراض، وبعض الفصائل منهم ترفض أغلب محاولات الاتصال مع جهات خارجية.
على مدى قرون مضت، كان أرخبيل أندمان نقطة جذب لتجار الرقيق الذين خطفوا أعضاء من القبيلة، وتاجروا بهم في أسواق الرقيق بجنوب شرقي آسيا. وبعدها أصبحت الجزيرة التي تسكنها القبيلة مستعمرة بريطانية عام 1857، وسجنًا لمن شارك في التمرد الهندي ضد الحكم الاستعماري في شبه القارة الهندية.
حينها مارس المستعمرون تصرفات عنيفة وعدائية نحو قبيلة سينتينيليس، منها الخطف والتعذيب والترهيب وفقًا لتقرير نُشر في جامعة "ليستر". وتعرضت القبيلة التي خضعت للحكم البريطاني حينها، لأمراض وتحديات عدة، ساهمت في تراجع عدد أفرادها عبر السنوات، حيث تقلص العدد من 5000 فرد في عام 1858 إلى 460 شخصًا بحلول عام 1931.