"تطور مذهل".. طفرات منتظرة لعلاجات وإنجازات طبية في 2024
لم تتوقّف عجلة التقدُّم والطفرات التي يُحقِّقها الإنسان من وقتٍ لآخر، فبعد الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر واكتشاف البنسلين في القرن العشرين، ثُمّ تطوّر الجراحة واستخدام المناظير ذات الآثار الجانبية القليلة والجراحة الروبوتية، وصلنا اليوم إلى العصر الرقمي واستخدام الذكاء الاصطناعي الذي أحدث تغيُّرات ثورية في القطاع الطبي، إضافةً إلى التقنيات الذكية التي سهّلت الحياة كثيرًا، بل ساعدت على العلاج، والتشخيص، واستعادة وظائف بعض الأعضاء التي قد كان يُظنّ أنّها غير قابلة للشفاء.
علاجات وإنجازات طبية منتظرة في 2024
تضافرت التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في تكوين طفرات ونقلات طبية نوعية مُنتظَرة في 2024، وأبرز هذه الطفرات ما يلي:
1. التطبيقات الجديدة للذكاء الاصطناعي في الطب
نما الذكاء الاصطناعي بسرعة البرق في السنوات الأخيرة، وسيستمرّ في التطور حتمًا في 2024، والقطاع الطبي أحد أبرز القطاعات التي استفادت من الذكاء الاصطناعي، خاصةً في تشخيص وعلاج الأمراض، ومن استخدامات الذكاء الاصطناعي المُستجدّة:
تحليل المسح المقطعي المحوسب "CT scan"
منذ وباء كوفيد-19، زاد الضغط على مُختصي الأشعة بدرجةٍ كبيرة، ما قد يجعل نسب الخطأ تزداد في تشخيص الأشعة، أمّا اليوم فيُمكِن لنظامٍ يقوده الذكاء الاصطناعي أن يُعالِج التصوير المقطعي المحوسب لآلاف المرضى بسرعة، والكشف عن أنماط الالتهاب الرئوي التي يُسبِّبها كوفيد-19 وإبلاغ الأطباء بها، وهذا سيُساعِد بلا شك في تعويض نقص الموارد البشرية الماهرة في هذا المجال.
وعلى الرغم من تحسُّن دقة الذكاء الاصطناعي بشكل كبير، لا يزال مُتخصصي الأشعة قلقين بشأن الثقة في بعض القرارات المهمة، فمن المُستحيل تحميل الذكاء الاصطناعي المسؤولية في حالة التشخيص الخاطئ، أو العلاج الذي أدّى إلى نتائج عكسية؛ لذلك فإنّ الذكاء الاصطناعي يُستخدَم في العيادات المُتقدِّمة كأداة مُساعِدة لا مُنفرِدة بالتشخيص والعلاج، فهو مُناسِب جدًا في تأكيد التشخيص.
روبوتات الدردشة مُدقِّقة الأعراض "Symptom Checker Chatbots"
روبوتات الدردشة هي تطبيقات الحاسوب مدعومة بالذكاء الاصطناعي، تُجرِي مُحادثات بصورةٍ شبيهة بالإنسان، عبر مُدخلات صوتية، أو نصية، أو قائمة على الخيارات، وقد صارت شائعة ومنتشرة في كل صناعة بما في ذلك الرعاية الصحية.
وروبوتات الدردشة هذه يسهل الوصول إليها 24/7 "على مدار الساعة وفي كل أيام الأسبوع" عبر الإنترنت، أو الأجهزة المحمولة، وبإمكانها توفير التشخيص الطبي الأوّلي والاستشارات الصحية بناءً على مُدخَلات المريض وشكواه، كما تُساعِد في توجيه المريض إلى الخطوة التالية في العلاج، أو توجيهه إلى طلب المساعدة الطبية إن كان بحاجةٍ إلى ذلك، لكن قد يُخطِئ بعض الناس في إمدادها بالمعلومات، أو يُزوّدها بمعلومات خاطئة، ما قد يجعل نسبة الخطأ في التشخيص واردة.
2. طب النانو "Nanomedicine"
تتغلغل تقنية النانو في حياتنا اليومية ببطء، ففي نهاية عام 2021 انتشرت أخبار في جميع أنحاء العالم بشأن ابتكار العلماء روبوتات عضوية صغيرة "Xenobots" قادرة على التضاعف الذاتي؛ لذلك من الآمن افتراض أنّ عام 2024 سيجلب مجموعة من الأخبار الثورية في الطب النانوي.
الطب النانوي، هو المُتعلِّق باستخدام المواد والأشياء النانوية "الصغيرة مجهريًا"، سواء كانت جُسيمات نانوية متوافقة بيولوجيًا "متوافقة مع جسم الإنسان"، أو أجهزة إلكترونية نانوية، أو حتى روبوتات نانوية لأغراض طبية مُحدَّدة، مثل التشخيص والعلاج.
ويُمكِن استخدام تلك التقنية مثلاً في اصطياد الخلايا السرطانية والفيروسات، وذلك من خلال حقن مجموعة من الروبوتات النانوية في الأوعية الدموية للإنسان، ومن المتوقع أن تنجح هذه التقنية مستقبلاً في مكافحة الأمراض الوراثية، والأورام، واضطرابات المناعة الذاتية على المستوى الخلوي.
اقرأ أيضًا:الأجهزة الصحية القابلة للارتداء.. "حماية ودعم" وكبار السن أولوية
3. إنترنت الأشياء الطبية "IoMT"
هو ليس جديدًا بالكُلّية، لكن من المُتوقّع نموه بشكلٍ كبير في السنوات القادمة، وتتضمّن هذه الصناعة الكثير من اتجاهات الصحة الرقمية التي تُساعِد في توفير مليارات الدولارات، ومن أمثلة استخدام إنترنت الأشياء الطبية:
الأجهزة القابلة للارتداء وتطبيقات الهاتف الذكي
تزايدت تطبيقات مراقبة الصحة عن بُعد في عام 2023، ومن المتوقع أن تستمر في الازدهار في عام 2024، فإذا زُرت متجر "غوغل بلاي" مثلاً فستجد عددًا لا يُحصَى من تطبيقات الرعاية الصحية، وبعض هذه التطبيقات يُمكِن مزامنتها مع الأجهزة القابلة للارتداء، مثل مقاييس النبض، أو أجهزة تتبُّع اللياقة البدنية "fitness trackers" أو غير ذلك.
4. الغرسات الذكية "Smart implants"
يُتوقّع أن تزداد الخيارات التقنية المتعلقة بالزرع في الرعاية الصحية، بل قد تُساعِد في علاج العديد من أنواع الإعاقات التي كانت تُعدّ سابقًا غير قابلة للشفاء، وذلك من خلال:
توسيع نطاق استخدام الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد "3D Printing"
يُقدّر أن يبلغ حجم استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد في المجال الطبي بأكثر من 6 مليار دولار بحلول العام 2027، كما أنّها تُستخدَم في طباعة الغرسات المتوافقة بيولوجيًا مع الجسم المُراد زراعة نسيج به، وهي ليست جديدة بحلول العام القادم 2024، لكن يُتوقّع أن تُصبِح أكثر موثوقية، وأن يسهل حصول المرضى عليها عمّا كان الوضع عليه سابقًا، كما أنّها ستُساعِد في تطوير الأطراف الصناعية بصورةٍ أفضل.
الغرسات العصبية "Neural implants"
أيضًا من المتوقع أن تقتحم عروض زرع الكمبيوتر الدماغي السوق، إذ تأمل "Neuralink" في البدء بزراعة رقائق في أدمغة الإنسان، كما أنّ هناك المزيد من الشركات والمنظمات التي على وشك تقديم غرساتها العصبية لمجموعة متنوعة من الاحتياجات الطبية، بما في ذلك استعادة استقلالية وظيفة مُعيّنة في أجسام المرضى الذين يُعانُون أنواعًا مختلفة من الشلل أو العمى.
ومِمّا حُقِّق سابقًا في هذا المضمار بنهاية عام 2021، توصُّل مجموعة من العلماء إلى غرس "زراعة" مصفوفة أقطاب كهربائية دقيقة في القشرة البصرية لشخصٍ أعمى، بما ساعده على التعرُّف على الحروف والأشكال، لكن لا يزال الطريق طويلاً للوصول إلى أفضل النتائج، ويبدو أنّ ثمة مستقبل باهر ينتظر غرسات الدماغ، خاصةً مع قدرتها على تعويض بعض الوظائف المفقودة عند بعض الناس.
5. الطب النفسي عن بُعد "Telepsychiatry"
بات الطب عن بُعد من سمات العصر الحديث، خاصةً بعد وباء كورونا، بل إنّ الصين مثلاً طوّرت برنامج وطني لتقديم خدمات الصحة عن بُعد في 70% من المستشفيات العامّة.
وليست الصحة النفسية استثناءً من المجالات الطبية المختلفة، بل يُتوقّع أن تزداد إسهامات الطب النفسي عن بُعد في عام 2024، فمنذ تفشِّي كوفيد 19 مرّ كثيرٌ من الناس بفترات من التدهور النفسي، ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً أُبِلغ عن أكثر من 30% من البالغين الأمريكيين إصابتهم بالقلق أو الاكتئاب، بينما كان المؤشر أقل من 10% في عام 2019.
لذلك فقد يُساعِد تقديم خدمات الطب النفس عن بُعد في علاج الاضطرابات النفسية دون حاجةٍ إلى تكلُّف عناء زيارة الطبيب وبتكلفةٍ أقل على القطاع الطبي عمومًا، وتوفيرًا لاحتياجات المرضى في أي وقت وفي أي مكان.
اقرأ أيضًا:5 أجهزة صحية قابلة للارتداء.. حافظ على صحتك أينما كنت
6. الواقع الافتراضي والواقع المُعزَّز في الرعاية الصحية
أحد الاتجاهات الصاعدة في تكنولوجيا معلومات الرعاية الصحية الواقع الافتراضي أو الواقع المُعزَّز "augmented reality"، والذي يعد بتحسينات هائلة في التشخيص الطبي والتعليم، فمع حلول الواقع الافتراضي، يُوضَع المُتعلِّم في مُحِيط يُقدَّم بوساطة الحاسوب يكون محاكيًا للحقيقة بالكامل، وهذا يُساعِد طلاب الطب في الاندماج مع ما يتعلّمونه ومع ما سيُواجهونه في عملهم، ما يُعزِّز مهاراتهم.
ومع حلول الواقع المُعزَّز، تُضاف طبقة من المعلومات الإضافية، أو الأشياء الافتراضية إلى العالم الحقيقي، إذ يُمكِن للأطباء استخدامه أيضًا في الوصول إلى المعلومات والتقارير في أثناء العمل مع المرضى أو من دون ترك عملياتهم الحالية، وذلك حتى من دون استخدام اليدين، بل فقط بالأمر الصوتي.