دبوس Humane Ai.. هل يكون بديلاً لهواتف الشاشات الكبيرة؟
في البداية كانت الهواتف تتمتع بشاشات صغيرة الحجم، ومع تطور تقنيات الهواتف وتحولها إلى هواتف ذكية قادرة على أداء مهام متقدمة ومتطورة، أصبحت الشاشات الصغيرة عقبة تقوض هذا التقدم، وتحول دون تقديم المزيد من الوظائف، وهنا ولدت الهواتف ذات الشاشات الكبيرة. وعلى مر السنين، بدأ حجم الشاشات في التزايد حتى وصلنا إلى الهواتف بحجم 6.5 بوصة أو أكثر، ولكن شركة Humane AI لديها وجهة نظر أخرى، وقررت أن تنطلق في رحلة من أجل تحرير البشرية من سجون الشاشات عبر تسخير قوة الذكاء الاصطناعي.
من مزرعة صغيرة في سان فرانسيسكو، انطلق الزوجان عمران شودري وبيثاني بونجورنو في رحلة من أجل بناء مستقبل الهواتف الذكية عبر تقديم جهاز قادر على تأدية كل الوظائف التي تؤديها الهواتف، ولكن دون الشاشات الكبيرة الموجودة في الهواتف المعتادة، وذلك عبر استخدام الذكاء الاصطناعي من أجل توجيه الأوامر التي كنت تحتاج إلى استخدام الشاشة فيها سابقًا.
الجهاز الذي ابتكره الزوجان هو جهاز صغير مربع الشكل يمكن تثبيته في الملابس مثل أي دبوس معتاد، ولكن الفارق، أن هذا الدبوس لديه آذان وميكروفون وجهاز عرض ليزر صغير، وهو يستخدم كل هذه التقنيات من أجل الاستماع للأوامر التي توجهها إليه والرد عليك وإخبارك بأحدث المستجدات والإجابة على جميع الأسئلة التي تمتلكها.
حجم صغير وقدرات هائلة
النظرة الأولى على دبوس Humane Ai توحي بأنه جهاز صغير لا يمتلك أي قدرات ذكية، ولكنه في الحقيقة يمتلك نظام تشغيل يعتمد على أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي يدعى Cosmos، وهو نظام تشغيل جعل كبرى الشركات التقنية تثق به.
حصد الجهاز ثقة الكثير من الشركات التقنية مثل Microsoft وSalesforce وحتى OpenAI التي أسهمت في تطوير نظامه، وبفضل هذه الثقة، تمكن من جذب استثمارات بلغت 240 مليون دولار وتسجيل 22 براءة اختراع مختلفة.
ولكن كيف يعمل هذا الابتكار الفريد من نوعه؟
الإجابة على السؤال جاءت في مؤتمر الكشف عن الجهاز الجديد، إذ استعرضه فريق التطوير واستعرض المزايا المتنوعة التي يمتلكها الجهاز، ومن ضمنها، القدرة على الرد على المكالمات وبدؤها وقراءة الرسائل وكتابة الرسائل إلى جانب الترجمة الفورية وتشغيل المقاطع الموسيقية حتى تسجيل مقاطع الفيديو وعرض الصور.
وإذا كنت تحتاج إلى شاشة من أجل التحكم في الجهاز، فإن Humane Ai يمتلك عارض ليزر صغيرًا قادرًا على عرض شاشة صغيرة الحجم في كف يد المستخدم من أجل التحكم في الجهاز وعرض كل التفاصيل بداخلها.
يعتمد الجهاز على نموذج ذكاء اصطناعي تم تطويره بالتعاون مع شركة OpenAI، وهذا النموذج قادر على التجاوب مع المستخدم كأنه مساعد شخصي، لذلك يمكن التفكير فيه كأنه نسخة أكثر تطورًا من سيري ومساعد جوجل الذكي. وعبر هذه الأوامر الصوتية يتم التحكم في الجهاز بالكامل، بدايةً من طلب إجراء المكالمات وقراءة الرسائل وحتى كتابة رسائل البريد الإلكتروني وتعديل المستندات النصية.
وبينما يهدف الجهاز لاستبدال الهواتف الذكية المعتادة وتقديم طرق جديدة في التواصل، إلا أنه لا يسعى لاستبدال أجهزة الحاسوب والأجهزة التقنية المتقدمة، لذلك، فإن الشركة المطورة عمدت إلى قصر المزايا التي يقدمها الجهاز على بعض المزايا الذكية فقط التي يحتاج إليها المستخدم بشكل يومي في حياته اليومية.
السعي إلى التواصل دون الإدمان
ربما يصبح جهاز Humane Ai الابتكار التقني الأهم في العصر الحديث، وربما يؤذن بنهاية عهد الهواتف الذكية والعصر الذي يلتصق المستخدمون بشاشات هواتفهم طوال اليوم، ولكن حتى وإن لم يحقق الجهاز كل هذه الأحلام الكبيرة، فإن مجرد نجاحه في بيع عدة نسخ سيكون كافيًا للزوجين المبتكرين وهذا لأن دبوس الذكاء الاصطناعي Humane أكثر من مجرد سلعة تحقق أرباحًا ضخمة، بل هو رحلة سعي للتكفير عن ذنوبهم السابقة كما وصفوا المنتج.
التقى عمران شودري وبيثاني بونجورنو في ردهات مقر أبل عام 2008، وعملا معًا في الشركة حتى عام 2016، عندما قررا التوجه في رحلة للصفاء النفسي والتخلص من التلوث التقني، وهنا ولدت فكرة دبوس الذكاء الاصطناعي القادر على تخليص المستخدمين من ارتباطهم بالهواتف.
الهدف الرئيس وراء الجهاز كما يصفه شودري، هو تقديم مزايا مفيدة مثل الهواتف الذكية دون تطوير علاقة اعتمادية على الهاتف والتطبيقات التي تعتمد على أسر المستخدمين لفترات طويلة وإدمانها مثل منصات التواصل الاجتماعي.
بالطبع، تأثر شودري كثيرًا بعمله مع العبقري الراحل ستيف جوبز، وهو تأثر يظهر في كل جوانب المنتج والشركة حتى ملابس شودري التي تبدو بسيطة مثل ماكان يرتدي جوبز. ومع اهتمام شودري بكل تفاصيل المنتج وأدقها، فإن الجهاز خرج بشكل مبهر يوحي بالرفاه والفخامة منذ اللمسة الأولى.
بالطبع، ما زال أمام Humane الكثير من المجهود والتطوير حتى تحقق هدفها، ولكن من الأكيد أن ما قامت به الشركة هو الخطوة الأولى على طريق النجاح وتحقيق التفوق التقني والتخلي أخيرًا عن الهواتف ذات الشاشات الضخمة.