ماذا تعرف عن "Starlink ستارلينك"؟.. أسرع إنترنت فضائي في العالم
في عام 2015، خرج الملياردير "إيلون ماسك" للإعلان عن مشروعه الجديد الذي يُدعى "Starlink"، وهو جزء من شركته لاستكشاف الفضاء "SpaceX"، وذلك من أجل إيصال الإنترنت إلى جميع بقاع الأرض دون الالتزام بالبنية التحتية للإنترنت المعتاد، أو حتى الاعتماد على الكابلات البحرية التي تحد من وصول الإنترنت إلى بعض المناطق في العالم.
إعلان "ماسك" عن المشروع الجديد لم يكن المؤشر الحقيقي لإطلاقه، إذ استمرت شركة "SpaceX" بالتعاون مع هيئة الاتصالات الأمريكية في العمل على تطوير المشروع وجعله قابلاً للاستخدام بشكل واقعي من مختلف المناطق حول العالم.
وبعد 4 أعوام من التطوير المستمر، تُوجت جهود "إيلون ماسك" بالنجاح، إذ تمكن في عام 2019 من تزويد الإنترنت عبر شبكته الجديد إلى عدّة بقاع مختلفة في الولايات المتحدة الأمريكية، والآن أصبحت الخدمة تصل إلى الكثير من البلاد حول العالم.
ولكن ما هي "Starlink"؟ وهل تنجح في إيصال الإنترنت الفضائي إلى جميع بقاع الأرض دون كابلات؟
ما هي Starlink؟
عمليًا تعد "Starlink" إحدى الخدمات التي تقدمها شركة "SpaceX" التابعة لأغنى رجل في العالم، إيلون ماسك، وهي شركة تهتم بالخدمات الفضائية بشكل عام بما فيها بناء مستعمرات على القمر، وإطلاق رحلات سياحة فضائية.
تهدف خدمة "Starlink" لإيصال الإنترنت الفضائي إلى جميع بقاع الأرض دون الحاجة لوجود أي كابلات بحرية، أو أبراج خدمة قريبة من المنطقة المستهدفة، ويعني هذا أن الإنترنت عبر "Starlink" يمكن أن يصل إلى القطب الشمالي، أو جزيرة نائية في البحر الكاريبي لا يعرف أحد بوجودها، وذلك مع الحفاظ على سرعة الإنترنت المرتفعة حتى يصبح استخدامه أمرًا سهلاً للغاية.
في جوهرها، تعمل خدمة "Starlink" عبر شبكة من الأقمار الصناعية التي تحلق في طبقات الفضاء الخارجي، وتحديدًا في مدار قريب من الأرض يعرف باسم "Low-earth"، لذلك تكون رؤية الأقمار سهلة عندما تبدأ في التحرك.
بدأت "Starlink" في عام 2019 مع إطلاق 60 قمرًا اصطناعيًّا في المدار الأول حول الأرض، واستمرت عمليات الإطلاق في السنوات الماضية حتى وصلت حاليًا إلى 4600 قمر اصطناعي تغطي أجزاء كبيرة من الكرة الأرضية بشكل كامل.
تتصل أقمار "Starlink" بنقطتي اتصال في وقت واحد بشكل أساسي، النقطة الأولى تكون في منزل مستقبل الخدمة، أو في المكان الذي يستقبل خدمة الإنترنت، والنقطة الثانية تكون في القمر الاصطناعي التالي له، لذلك عندما ينتهي "إيلون ماسك" من إطلاق جميع أقمار الخدمة التي يصل عددها إلى 43 ألف قمر، فإن الكرة الأرضية ستكون مغطاة بشبكة متصلة من الأقمار الاصطناعية.
اقرأ أيضًا:"آبل" تطور جهاز "آيباد" قابل للطي.. وهذا موعد الإعلان عنه
كيف تعمل Starlink؟
طريقة عمل "Starlink" في الواقع سهلة للغاية، ولا تختلف كثيرًا عن مزودي خدمات الإنترنت الفضائي الآخرين، إذ تحتاج إلى وجود وحدة استقبال، أو محطة استقبال أرضية مصغرة يتم تثبيتها في منزلك، وتوصيلها مع وحدة توزيع الإنترنت المنزلية.
هذه المحطة تستقبل إشارات الإنترنت الفضائي من الأقمار الاصطناعية الأقرب لها، ثم تقوم بتحويلها إلى إشارة إنترنت يمكن استخدامها بشكل منزلي عبر وحدة توزيع الإنترنت المنزلية، ومن ثم حتى تتمكن من استخدام الخدمة يجب أن تتأكد من وجود قمر اصطناعي يغطي المنطقة التي تقطن بها، أو ترغب بتوصيل خدمة الإنترنت إليها، ثم يتم التعاقد مع الشركة من أجل الحصول على وحدة استقبال الإشارة وتوزيع الإنترنت.
محطة الاستقبال يمكن تثبيتها في أي شيء ترغب فيه، سواءً كان سيارة، أو طائرة، أو يختا متحركا، أو حتى المنازل والمباني السكنية، ويمكن تثبيتها في الأسقف أو الأراضي المختلفة، وكل ما يجب عليك أن تتأكد منه هو وجود تغطية القمر الاصطناعي في المكان الذي ترغب في تثبيت الخدمة فيه واستخدامها.
رغم أن خدمة "Starlink" لم تبدأ إلا منذ عدة أعوام، وتحديدًا في 2019، إلا فإنها الآن تمتلك أكثر من 1.5 مليون مستخدم حول العالم.
ما هي سرعة الاتصال مع الإنترنت عبر Starlink ؟
تتباهى شركة "SpaceX" بكون خدمة الإنترنت التابعة لها "Starlink" هي الأسرع بين جميع شركات الإنترنت الفضائي، وفي الربع الأول من العام الجاري 2023، وصلت سرعات التحميل في "Starlink" إلى أكثر من 220 ميغابايت في الثانية الواحدة، وهي سرعة تحميل تقترب من متوسط سرعات التحميل في شبكات الإنترنت المنزلي في الولايات التحدة وأوروبا بشكل عام.
كما أن السرعات التي تقدمها شركة "Starlink" حاليًا تتفوق بشكل كبير على غالبية مزودي الإنترنت الفضائي، والأهم أنها تأتي بسعة تحميل لا نهائية، يمكنك الاستفادة منها كما ترغب دون وجود قيود كبقية شركات الإنترنت الفضائي التي تقدم سعات تحميل حتى 500 غيغابايت في أغلب الأحيان.
السرعات الكبيرة مع شبكة التغطية الواسعة وسعة التحميل اللانهائية هي أهم مزايا "Starlink"، وتعد النقاط الفارقة بينها وبين مزودي خدمات الإنترنت المعتادين، وهذا ما دفع الكثير من المستخدمين للانتقال إلى هذه الخدمة، حتى وإن كانوا يمتلكون خدمات إنترنت أرضي وبنية تحتية معتادة في منازلهم.
هناك جانب آخر يميز شبكات الإنترنت الفضائي بشكل عام عن بقية أنواع الإنترنت المعتادة، وهو معدل الأمان المرتفع، إذ يصعب على المخترقين والتطبيقات الخبيثة الوصول إلى شبكات الإنترنت هذه إلا إذا تم السماح لها بذلك وفتح باب خلفي لها، وتعد "Starlink" من أكثر مزودي خدمات الإنترنت الفضائي أمانًا بشكل عام، لذلك، يتجه لها الكثير من محبي الخصوصية.
لماذا يتجه المستخدمون إلى Starlink؟
بشكل عام، تقدم "Starlink" مجموعة كبيرة من المزايا التي تجذب المستخدمين من مختلف فئات المجتمع، وهذا بفضل سرعتها الكبيرة، وتكلفة الاشتراك التي تُدفع مرة واحدة للشركة، إلى جانب سعة التحميل اللانهائية.
كما أن طموح "إيلون ماسك" في تطوير الخدمة، وتقديم مزايا وسرعات جديدة دائمًا يبث إحساسًا بالطمأنينة لدى المستخدمين، ويشجعهم بشكل كبير على التعاون مع الشركة والاشتراك في خدماتها.
اقرأ أيضًا:أفضل رواتر 5G ومواصفاته من أجل سرعة إتصال لا تقارن
هل يواجه الاتصال مع Starlink أي مشاكل؟
رغم جودة الاتصال الذي تقدمه أقمار "Starlink" الاصطناعية لجميع المستخدمين حول العالم، إلا أنها مثل بقية خدمات الإنترنت الفضائي تواجه بعض التحديات.
في العادة، يؤثر الطقس السيئ على الاتصال مع الأقمار الاصطناعية، خاصةً إن كان الاتصال في منطقة ثلجية، أو تعاني تغيرات جوية عديدة، وهذا ما تنصح به صفحة الاستخدام الرسمي لدى الشركة، ورغم ذلك، فإن أقمار "Starlink" ولأنها تحلق على ارتفاع منخفض فوق مدار الأرض، فإنها تتمتع بجودة مرتفعة في الاتصال أكثر من غيرها من الأقمار الاصطناعية التي تحلق في المدارات العليا للأرض.
بالطبع، التحليق في مدارات منخفضة تسبب في إثارة الجدل أكثر من مرة سواء كان في مجتمع علماء الفضاء أو علماء الصحة، إذ يقلق الطرفان من الأثر السلبي للأقمار منخفضة المدار على سلامة سكان كوكب الأرض والقدرة على رؤية النجوم في المساء.
ماهو مدى تغطية Starlink؟
تقدم الشركة في موقعها الرسمي خارطة تشمل جميع المناطق التي تغطيها في الوقت الحالي، مع محاولات وجهود واسعة من "إيلون ماسك" حتى يتم توسيع هذه الرقعة مستقبلاً، ولكن في الوقت الحالي، لا تُقدم خدمات الشركة في منطقة الشرق الأوسط.
بالطبع، هذا الأمر ينطبق على التغطية الرسمية والخدمات الرسمية، ولكن هذا لا يعني أن الأقمار الاصطناعية لا تغطي منطقة الشرق الأوسط، إذ تحاط المنطقة بدول أخرى تدعم الخدمة، لذلك قد يمكن استخدامها حال توفرت المعدات اللازمة.
استخدامات عديدة
بالطبع، تقدم "Starlink" مجموعة كبيرة ومتنوعة من المزايا المختلفة التي تجذب المستخدمين المعتادين لها سواء كانت في سرعة الإنترنت، أو سهولة الاستخدام، وأيضًا سعة التحميل الكبيرة، ولكن مزايا الخدمة واستخداماتها تتخطى ذلك كثيرًا.
يمكن بكل سهولة استخدام أقمار "Starlink" في تغطية الأماكن المنكوبة بالكوراث الطبيعية أو الحروب، وذلك مثلما حدث في الحرب الروسية الأوكرانية، إذ اشترت أوكرانيا معدات الخدمة ودفعت تكلفة التغطية لمناطقها التي تحتاج إليها، وهو أيضًا ما حدث في أثناء الأعاصير والفيضانات في أمريكا مؤخرًا.
ورغم كل هذه المزايا، فإن الشركة في النهاية تخضع للقوانين الدولية، لذلك تلتزم بجميع المعاهدات والاتفاقات الدولية مهما كانت صارمة، وهذا كان من الأسباب التي جعلت مناطق تغطية الخدمة محدودة، ولا تغطي كامل الكرة الأرضية.