قد تنقذ حياتك.. كيف تُرسل استغاثة باستخدام شفرة "مورس"؟
هل سمعت من قبل عن شفرة مورس؟ في الأغلب أن الجواب هو نعم، فهذه الشفرة التلغرافية شهيرة كفاية لتصل إلى مسامع المعظم منا. ولكن، هل تستطيع استخدامها؟ هُنا الجواب قد يميل إلى كفة "لا"، وهذا أمر طبيعي، إذ لماذا قد تتعلم شفرة أو لغة غير عملية في التواصل اليومي بين البشر؟! الجواب أنها قد تنقذ حياتك حرفيًّا.
من الإشارات الدخانية إلى الكهرباء
قديمًا، وتحديدًا قبل اختراع التليغراف الكهربائي في القرن التاسع عشر، كانت الحضارات المختلفة مثل مصر واليونان والصين تستخدم وسائل غير عملية إطلاقًا، مثل الإشارات الدخانية، لإرسال البرقيات أو الرسائل عبر مسافات بعيدة. تلا ذلك أنظمة كثيرة منها نظام "سيمافور Semaphore" في أواخر القرن الثامن عشر.
ونظام "سيمافور" كان عبارة عن سلسلة من المحطات توضع على مسافات متباعدة من بعضها وبترتيب مُعين، كل محطة كانت تحمل إشارة أو دلالة خاصة، وكان هناك شخص أو مُراقب ينظر لهذه الإشارات من بعيد باستخدام التليسكوب فيفهم المغزى منها. ولكن مثلما هو واضح، امتلأت هذه الطريقة بالثغرات أيضًا، إذ إن أبسط شيء مثل تغير عوامل الجو أو مجرد تطاير الأتربة يمكنه أن يُخرّب العملية برمتها.
بدأ التغيير الحقيقي باختراع التلغراف الكهربائي على يد "صامويل مورس" وعالمين آخرين في الولايات المتحدة هُما "ليونارد غيل" و"ألفريد فيل Alfred Vail". كان هذا الاختراع ثوريًا لأنه مكّنهم من إرسال الرسائل في صورة إشارات كهربائية تصل لمسافات بعيدة من محطة لأخرى عبر سلك ومفتاح فقط، إذ لم يكن يتعين على الشخص الذي يريد أن يرسل رسالة سوى الضغط على مفتاح التلغراف الكهربائي لتنتقل الإشارة عبر سلك يصله بمحطة استقبال receiver على الجانب الآخر، وبهذا يكون الأمر برمته قائمًا على 4 مكونات فقط هي بطارية ومفتاح وسلك ومستقبِل، ومن هنا كانت بدايات شفرة "مورس".
اقرأ أيضًا:ما علاقة "أينشتاين" بقصف هيروشيما ونجازاكي بالقنبلة النووية؟
ما هي شفرة مورس تحديدًا؟
هي نظام تواصل يعتمد على الشرطات dashes والنقاط dotes بدلاً من الحروف المُعتادة في مختلف اللغات، وأنظمة التواصل التي نتعامل بها يوميًا. سُميت بشفرة "مورس" تيمنًا بمخترعها "صامويل مورس"، وكان الهدف الرئيس منها هو تحسين طرق التواصل التي تحتاج إلى إرسال الرسائل المختلفة لمسافات طويلة.
لإرسال الرسائل باستخدام هذه الشفرة، أو لغة التواصل المُشفّرة إن صح التعبير، استعاض "صامويل مورس" و"ألفريد فيل Alfred Vail" عن الأحرف الإنجليزية بالشرطات والنقاط، بحيث يمثل كل حرف بالإنجليزية تتابعًا معينًا من هذه أو تلك، على أن تحصل الحروف المستخدمة بكثرة مثل حرف الـ E على شفرة بسيطة، بينما تحصل الحروف غير شائعة الاستخدام مثل حرف Q على شفرة أكثر تعقيدًا.
استُخدِم التلغراف الكهربائي كوسيلة لتناقل شفرة "مورس" بين الأشخاص، إذ كانت الضغطة السريعة على المفتاح تعبّر عن النقطة في حين أن الضغطة المطولة -قليلاً- تعبر عن الشرطة. على سبيل المثال إذا أردت أن تكتب حرف E "عبارة عن نقطة واحدة فقط"، فما عليك سوى الضغط مرة واحدة سريعة "تمثل النقطة" على المفتاح، أما إذا أردت كتابة Q "عبارة عن شرطتين متتاليتين ثم نقطة فشرطة" وهنا عليك أن تضغط ضغطتين مطولتين متتابعتين "الشرطتين" ثم ضغطة سريعة "نقطة" ثم ضغطة مطولة "شرطة".
شفرة مورس قد تنقذ حياتك
على الرغم من أنك تحتاج إلى حفظ دلالات الحروف الإنجليزية من أجل إتقان شفرة "مورس"، فإنك في الواقع لا تحتاج إلى إتقانها أساسًا. ولكن، لا تستهن أبدًا بما يمكن لهذه الشفرة أن تفعله من أجلك، فقد تنقذ حياتك في مرحلة من المراحل -نأمل ألا تؤول الأمور إليها- عن طريق إرسال رسالة الاستغاثة الشهيرة "S.O.S"، والتي يُشَاع أنها اختصار لعبارة "Save Our Souls" أو "أنقذوا أرواحنا"، وهذا ليس صحيحًا.
فبعيدًا عن منطقية هذا الاختصار، إلا أن رسالة الاستغاثة الشهيرة تمت صياغتها بهذه الأحرف تحديدًا لسهولة التعبير عنها باستخدام شفرة "مورس"، فحرف الـ S يُعبَّر عنه بنقاط ثلاث، في حين أن حرف الـ O ليس سوى 3 شرطات، ليكون التعبير عن رسالة "SOS" بشفرة "مورس" على النحو التالي: 3 ضغطات سريعة، تليها 3 ضغطات مطوّلة، ثم 3 ضغطات سريعة مرة أخرى.
في المواقف الصعبة التي قد تكون حياة أحدهم على المحك، يمكن للضحية أن يُرسل رسالة استغاثة "SOS" باستخدام شفرة "مورس" عن طريق حركات العين، أو ومضات كشاف، أو أي شيء يؤدي وظيفة مفتاح التلغراف الكهربائي، فثلاث غمزات سريعة بالعين تعني 3 نقاط، أو حرف الـ S، في حين أن 3 غمزات أبطأ تُشير إلى الشرطات الثلاث، أو حرف الـ O، ونفس الشيء ينطبق على ومضات الكشف، أو غيرها من الوسائل الأخرى.
الأمر يعتمد على معرفة المتلقي بشفرة "مورس"، ولهذا ننصحكم بمشاركة هذا المقال مع أقرانكم أو إخبارهم ما تعلمتموه اليوم.