7 اكتشافات علمية كانت تستحق الفوز بنوبل.. هل تعرفها؟
قبل أن يموت المُخترع السويدي الشهير "ألفريد نوبل"، وكدليل على ندمه إثر اختراع الديناميت في ستينيات القرن التاسع عشر، وما ترتب على ذلك من دمار كاسح، وصَّى بتخصيص ثروته التي جناها من هذا الاختراع المشؤوم للعظماء الذين يفيدون البشرية ويكرّسون حياتهم لا لشيء سوى لتقدمها.
ومنذ ذلك الحين، تُمنح جائزة نوبل في ديسمبر من كل عام إلى الإسهامات الاستثنائية في مختلف المجالات بدءًا من الأدب والاقتصاد وحتى الفيزياء والكيمياء، عِلمًا بأن الإعلان عن الفائزين يكون في مُستهلّ أكتوبر من كل عام.
وبمناسبة حلول هذا الشهر المُنتظر والإعلان عن الفائزين بجوائز نوبل لعام 2023، قررنا أن نُسلّط الضوء على موضوع مهم يخص هذا الحدث الكبير، وهو الإنجازات العلمية التي ظلمتها الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم - التي تمنح الجائزة للفائزين - بشكل يطرح الكثير من علامات الاستفهام؛ فالإنجازات العلمية السبعة التي سنوردها ليست عادية، بل يمكن وصفها بالمُزلزلة والمحورية في تاريخ العلوم، وفكرة عدم فوزها بنوبل تستحق التأمل.
المادة المُظلمة
في سبعينيات القرن الماضي لاحظ العالمان "فيرا روبين" و"كينت فورد" أن النجوم الموجودة على حواف المجرات تدور - تقريبًا - بنفس سرعة النجوم القابعة بمركزها.
كان هذا الاكتشاف مُفاجئًا ومناقضًا لقوانين الجاذبية المفهومة آنذاك؛ إذ بحسب ما فهمناه وقتها، من المفترض أن تمتلك النجوم القريبة لمركز المجرة سرعات أكبر نتيجة لكتلتها، والأهم من ذلك لجاذبيتها الكبيرة والمسؤولة عن زيادة سرعتها مُقارنة بالنجوم البعيدة، وبالأخص الهائمة عند حواف المجرة.
أثار هذا الاكتشاف الحيرة واضعًا فرضيات أبرزها وجود مادة خفية ذات جاذبية هائلة، تجعل كل النجوم تتحرك بسرعات فائقة بغض النظر عن مركزها، وهو ما قد كان بالفعل.
تُعرف هذه المادة بـ"المادة المظلمة Dark matter"، والمثير أنها تُشكل نحو 85% من المادة الموجودة بالكون، وفوق ذلك هي غير مرئية - ولكن تُعرَف بجاذبيتها -؛ أي إن كل ما نراه من حولنا ليس سوى 15% فقط من المادة الكونية. أما عن فائدة هذا الاكتشاف فتتمثل في بدء حقبة جديدة من أبحاث الفضاء وإعادة تشكيل مفهومنا عن الكون، وهذا ما يعده الكثيرون الهدف الأسمى للبشرية. كيف لم يفز هذا الإسهام العلمي العظيم بنوبل؟ لا أحد يعرف!
اقرأ أيضًا:أصعب لغة في العالم.. الصينية أم العربية أم البولندية؟
الجدول الدوري للعناصر الكيميائية
يُعد الجدول الدوري أحد أهم أعمدة الكيمياء منذ اكتشافه في عام 1869 على يد العالم الروسي "ديمتري مندليف"، وحتى يومنا هذا، وذلك بغض النظر عمَّا حدث به من تطورات عديدة.
وتَكمُن عبقرية هذا "الاكتشاف" في تأسيس فهمنا للكون عمومًا، وللعناصر الكيميائية على وجه الخصوص، إذ إن "مندليف" قد رتَّب الجدول الدوري بطريقة مكَّنت العلماء من التنبؤ بالعناصر الكيميائية قبل اكتشافها، بل حتى بخصائصها، وكأن الجدول الدوري أداة لاستشراف المُستقبل!
نتيجة لذلك، توقع الكثيرون أن تكون أول جائزة في الكيمياء من نصيب "ديمتري مندليف"، ولكن كان للأكاديمية الملكية السويدية للعلوم رأيٌ آخر؛ إذ مُنِحت الجائزة للعالم "ياكوبس فانت هوف" لإسهاماته الرائدة في مجال الكيمياء الفيزيائية، وتم التغاضي عن اكتشاف "مندليف" العظيم، ربما لقِدَمه وربما لسبب آخر، المهم أنه لم يفز بالجائزة.
الجدير بالذكر أن الجدول الدوري، أو بالأحرى "مندليف"، ترشّح للجائزة في عامي 1905 و1906، ولكنه لم يفز أيضًا لأن أحد أعضاء لجنة التحكيم رأى أن هذا الاكتشاف العظيم قد عفا عليه الزمن وأن الجميع أصبح على دراية به.
موت الثقوب السوداء
في واحدةٍ من ليالي السبعينيات، وبينما يستعد العالم الشهير "ستيفن هوكنج" للغط في نوم عميق، تطرأ على ذهنه فكرة سيصفها لاحقًا "بلحظة النشوة- Moment of ecstasy".
في ذلك الوقت كان يُعتَقد بخلود الثقوب السوداء وأنها غير قابلة للفناء، ولكن ما أثبته "هوكينج" دحض هذا المُعتَقد الخاطئ وأصاب الكثيرين بالذهول، ربما ليس لفكرة موت الثقوب السوداء في حد ذاتها، وإنما لإمكانية إثبات هذا الاكتشاف من الأساس، وذلك ببساطة لأن الثقوب السوداء تعيش لمليارات، إن لم يكن لتريليونات السنين، ومن ثم يكاد يستحيل أن نراها وهي تموت، ولعل هذا السبب هو ما حال بين "هوكينج" وجائزة نوبل.
ولكن لأن الرياضيات لا تكذب، يمكننا أن نعتمد على أبحاث "هوكينج" الموثَّقة في مجال الفيزياء النظرية بما لا يدع مجالاً للشك ونجزم بأن الثقوب السوداء يمكن أن تموت، وبالمناسبة، يُعتَقد أن سبب ذلك هو ما يُعرَف "بإشعاع هوكينج- Hawking radiation" الذي يجعل الثقوب السوداء تفقد كتلتها، وبالتالي تتبخر أو بمعنى آخر "تموت".
المصباح الكهربائي
لم يكن العالِم الغني عن التعريف، "توماس أديسون"، مُهتمًا بالملاحظة بقدر اهتمامه بالجانب العملي للأشياء التي يراها، لدرجة أن البعض يرونه رجل أعمال أكثر منه عالمًا أو مخترعًا فذًّا، ولكن اختراعه للمصباح الكهربائي لم يكن مجرد اختراعٍ عابر، بل ثورة حقيقية في تاريخ البشرية يستحق أن ينال عليها كل الإشادات الممكنة، فالمصباح الكهربائي يصلح لأن يكون رمزًا للعلم والتنوير - بشكل حرفي -، فلِما لم يفز هذا الاختراع العظيم بنوبل؟
قد يكون السبب قِدم المصباح الكهربائي - مثل الجدول الدوري - أو للمآخذ المعروفة ضد "توماس أديسون" نفسه، وقصص صراعه الشهيرة مع "نيكولا تيسلا"، أو قد يكون السبب أبعد ما يمكن عما ذكرناه، المهم أن المصباح الكهربائي لم يفز بنوبل وهذا شيء عجيب.
اقرأ أيضًا:هل تساءلت يومًا.. كيف سيفنى كوكب الأرض؟
شجرة الحياة
قبل أن يكشف عالم الأحياء الدقيقة، "كارل ووز"، عن طريقته الثورية في تصنيف الميكروبات عن طريق ما يُعرَف بـ "شجرة تطور السلالات- Phylogenetic Tree"، كان العلماء يُصنّفون هذه الكائنات الدقيقة حسب أشكالها الفيزيائية، وهذه كانت طريقة قاصرة.
فعندما قدم لنا "ووز" شجرة الحياة مُصنّفًا الميكروبات حسب جيناتهم، اتضحت آفاقٌ جديدة عرفنا بفضلها صنفًا جديدًا من الكائنات وحيدة الخلية والتي تُعرَف بالعتائق Archaea. أضف إلى ذلك أن اكتشاف "ووز" ساعد العلماء لاحقًا على تصنيف الميكروبات المتنوعة التي تعيش بأجسامنا وتؤثر على صحتنا، مما سهَّل من دراستها ويسر علينا مقاومتها.
الكوارك: أصغر مكونات المادة
فاز الفيزيائي الأمريكي "موري جيلمان" بجائزة نوبل عام 1969 لاكتشافاته وإسهاماته المتعلقة بتصنيف الجسيمات الأولية وتفاعلاتها، ولكنه لم يفز بالجائزة عن اكتشافه للكواركات، وهو ما يُعد أحد أهم الإسهامات العلمية في القرن العشرين.
لك أن تتخيل أن الكواركات هي أصغر جُزيء نعرفه إلى الآن، وهي بمثابة وحدات البناء المُكونة للبروتونات والنيوترونات وبقية مكونات الذرة.
لا يُنسب اكتشاف الكواركات إلى "جيلمان" فقط، إذ اكتشفه الفيزيائي "جورج زفايغ" في نفس الوقت تقريبًا، وعندما قُدِّم نموذج الكوارك في سنة 1964، لم يكن مدعومًا بالكثير من الأدلة التجريبية، ولم يتم إثبات الكواركات بشكل عملي حتى سبعينيات القرن الماضي في مركز ومختبر "ستانفورد" الخطي الوطني المعجل "SLAC".
النظرية النسبية
قد يعلم الجميع أن "ألبرت أينشتاين" فاز بجائزة نوبل في وقت ما من حياته "بالتحديد في عام 1921"، ولكن ما لا يعلمه الكثيرون أن تلك الجائزة لم تُعطَ لـ"أينشتاين" على شرف النظرية النسبية، وإنما لتفسيره للظاهرة الكهروضوئية.
شيء عجيب! فبفضل النظرية النسبية تغير فهمنا لطبيعة الزمان والمكان، ومن ثم للجاذبية، ويكفي أن النظرية يُضرَب بها المثل في وابل من النقاشات العلمية، أو بالأحرى الفيزيائية، كدلالة على عبقرية النِتاج البشري ولتطبيقاتها اليومية التي لا تُعد ولا تُحصى.
أرجع تقرير نشرته صحيفة الجارديان سبب عدم فوز "النسبية" بجائزة نوبل إلى الوضع السياسي الذي كان مُعقّدًا وقتها، ولكن شخصيًّا أعتقد أن السبب يرجع إلى غياب الجانب العملي من النظرية في ذلك الوقت، ولنا في الظاهرة الكهروضوئية نفسها، وغيرها من الإسهامات الأخرى التي فازت بالجائزة - باستثناء المصباح الكهربائي تقريبًا - خير دليل على ذلك.