ماذا سيحدث لو قفز كل سكان الأرض في آن واحد؟
يبلغ عدد سكان كوكب الأرض حوالي 8 مليارات نسمة، وهذا رقمٌ هائل، إن اجتمع في مكانٍ واحد فسيحدث شيئًا مهيبًا لا محالة.. شيء قد يؤثر على كوكب الأرض نفسه، وهذا بالفعل ما قد تباحث فيه كثيرون متأملين: ماذا سيحدث لكوكب الأرض إن اجتمع كل البشر في المكان نفسه وقفزوا في آنٍ واحد؟
لا بد أن نجتمع!
توازي كتلة الـ 8 مليارات نسمة حوالي تريليون رطل. لكي تتخيل هذه الكتلة بشكلٍ عملي، قاربها بكتلة 1500 مبنى إمباير ستيت -ذلك المَعْلَم الشهير بمدينة نيويورك- أو بكتلة 75 هرمًا من أهرامات الجيزة العظيمة. رُغم ذلك، تكاد كتلة البشر مجتمعة لا تُمثل شيئًا بالنسبة لكتلة الأرض التي تساوي 1024 "رقم 1 متبوعًا بـ 24 صفرًا" كيلوغرامًا، أي تريليون تريليون كيلوغرام.
علاوة على ذلك، لا تنسى أننا لا نعيش في نفس البقعة من كوكبنا الشاسع، وهذ يعني، بحسب الفيزيائي ريت ألين Rhett Allain، أن الـ 8 ونيف مليار نسمة إن قفزوا في آنٍ واحد -بغض النظر عن صعوبة التنسيق بيننا لكوننا متفرقين-، فإن شيئًا لن يحدث تقريبًا، وذلك لأننا سنُلغي تأثير بعضنا بعضًا، فسكّان الشمال والجنوب والشرق والغرب سيُحدِثون توازنًا لن يُشعِر الأرض بشيء. إذًا فلا أثر ولا جدوى من قفزتنا المليارية الموحدة ما دُمنا نعيش في مناطق متفرقة من كوكب الأرض.
ولكن، ماذا لو استطعنا -بشكل أو بآخر- أن نجتمع في مكانٍ واحد ونقفز في اللحظة نفسها؟
سعى الفيزيائي المذكور نفسه، وهو أستاذ بجامعة جنوب شرق لويزيانا بالمناسبة ومدون في قسم Dot Physics بمجلة Wired، إلى الإجابة عن هذا السؤال المثير والمحير. من باب التبسيط، افترض "ريت ألين" أن متوسط ارتفاع قفزة الإنسان يساوي قدمًا واحدة "30 سم"، كما افترض أننا جميعًا سنقفز في الوقت نفسه، ناهيك عن افتراض ثبوت الجاذبية والعوامل الأخرى التي قد تؤثر على القفزة وتبعاتها.
خَلُصَ الفيزيائي "ريت ألين" إلى أن هذه القفزة الموحدة ستؤثر على الكوكب الأزرق فعلاً، ولكن بدرجة لا تكاد تُذكر أيضًا، حيث وجد أن سرعة معدل ارتداد الأرض recoil speed؛ وهي سرعة حركة الكوكب في الاتجاه المعاكس للقفزة، تساوي 2.6 x 10-13، وهو رقم إن أردت استيعاب مدى ضآلته، عليك أن تستعين بأشعة إكس والوسائل المجهرية، وذلك لأن الرقم المذكور ليس إلّا جزءًا من 100 جزء من قطر ذرة الهيدروجين.
ولنزيدك من الشعر بيتًا، فإن قطر ذرة الهيدروجين أصغر بحوالي 1000 مرة من متوسط قُطر شعرة الإنسان، والتي تساوي -في المتوسط- 40 إلى 120 ميكرومتر "جزء من مليون جزء من المتر".
يقول "ريت ألين"، فيما معناه: عندما يقفز جميع البشر في الهواء، فإن الكوكب سيتحرك بذلك المقدار الضئيل "2.6 x 10-13" في الاتجاه المُعاكس، ولكنه لن يلبث أن يعود كما كان بمجرد ملامستنا لسطحه. الأمر شبيهٌ بزنبرك متصل بطرفيه كتلتان متفاوتتان للغاية؛ أبعدهما ثم اتركهما وستجد أن الزنبرك قد أعادهما إلى نصابهما. شبَّه "ألين" سيناريو قفزتنا الموحدة والعلاقة بكوكب الأرض بهذا المثال، مُشيرًا إلى أن الزنبرك يُشبه الجاذبية.
اقرأ أيضًا:لعشاق ومحبي القراءة.. 7 طرق للحصول على كتب مجانية
سيناريوهات أخرى أكثر إثارة
يقتصر تناول الفيزيائي "ريت ألين" للمسألة على تأثير القفزة الموحدة على كوكب الأرض، وهذا تناولٌ مثير لا ريب، ولكن يُوجد ما هو أكثر إثارة.
سعى فريقٌ، بمساعدة الفيزيائيين "بول سوتر" من جامعة ولاية أوهايو، و"مارك بوسلو" من مختبرات "سانديا الوطنية- Sandia National Laboratories"، إلى البحث في عواقب قفزة 7.3 مليار شخص في آن واحد، ووجدوا نتائج مثيرة بحق.
أولّا، افترض الفريق أن جميع البشر موجودون في المكان نفسه وأنهم سيقفزون في الوقت نفسه، أي مثل تجربة ريت ألين، ووجدوا أن القفزة سينتج عنها طاقة هائلة؛ ستشعر أرجلنا بجزءٍ منها، بينما ستنتشر موجات ما بقي منها في الفراغ مما قد ينتج عنه عواقب وخيمة؛ سيصدر صوت أشبه بصوت التصفيق، ولكن ليس صوت أي تصفيق، إذ ستكون شدته 200 ديسيبل، وهذا أعلى صوت سنكون قد أحدثناه على الإطلاق.
لتفهم شدته، تخيل أن صوت محرك النفّاثة يساوي 150 ديسيبل، وأن أذننا ستكون في قمة تألّمها إن وصلت شدة الصوت إلى 120 ديسيبل.
أيضًا، إذا كان الـ 7.2 مليار شخص مجتمعين بالقرب من الساحل، فإنهم قد يتسببون في تسونامي تصل ارتفاع موجاته إلى 100 قدم. وليس هذا فحسب، بل قد تؤدي القفزة إلى حدوث زلزالٍ يتسبب في انهيار الطُرق السريعة، والكباري، وخطوط الكهرباء، بل والبنايات.
جماهير تايلور سويفت تزلزل الأرض!
دعونا نختتم هذا الحديث الشائق بشيء أكثر تشويقًا. في شهر يوليو الماضي، تسببت حفلات الفنانة "تايلور سويفت" في مدينة سياتل الأمريكية بحدوث نشاط زلزاليّ يوازي زلزال قوته 2.3 درجة بحسب عالمة الزلازل جاكي كابلان أورباخ Jackie Caplan-Auerbach. كيف ولماذا حدث ذلك؟ ببساطة لأن حفلات هذه المغنية تشتهر بعددٍ جرار من المعجبين أدى هوسهم وقفزهم إلى زلزلة الأجواء، حرفيًا، ولك أن تتخيل أن الحشد الذي تسبب بهذا الزلزال كان مكونًا من 70 ألف شخصٍ فقط، وهو رقم لا يُقارن بالـ 8 مليارات نسمة.
وبمناسبة الزلازل، فيُذكَر أن زلزال اليابان 2011، والذي وصلت شدته إلى 9 درجات، أثّر على كوكب الأرض لدرجة أنه أدى إلى تقصير مُدة اليوم، ولكن بمقدارٍ لا يُذكر.. تحديدًا 2 ميكروثانية!