هل تُصاب بنوبات غضب مفاجئة؟.. هذه ربما تكون الأسباب
عندما تتحاور مع شخص ما، ثُمَّ تتلبَّس به نوبة غضبٍ لم تتوقعها، تجده ينفعل عليك ويكاد يتشاجر معك دون مبررٍ أو سببٍ منطقي يستدعي كل ذلك الغضب، وهذه النوبة الغضبية المفاجئة لها أسبابٌ كثيرة، مثل الاكتئاب، أو الاضطراب الانفجاري المتقطع، وقد بيّنت الدراسات أنَّ أكثر من 15% مِمّن يُعانُون الاضطراب الأخير، قد يُقدِمون على الانتحار في مرحلةٍ ما من حياتهم، فكيف تتخلّص من نوبات الغضب المفاجئة أيًا كان سببها؟
أسباب نوبات الغضب المفاجئ
قد ينفعل المرء على من حوله، وتنتابه نوبة غضبٍ مفاجئة لأسباب كثيرة عصيّة على الحصر، لكن من أبرز هذه الأسباب ما يلي:
1. الاكتئاب
قد يكون الغضب أحد أعراض الاكتئاب، وما الاكتئاب إلّا شعور مستمر بالحزن وفقدان الشغف لأسبوعين على الأقل. والغضب يُمكِن قمعه أو الجهر به علانيةً، فذلك يختلف من إنسانٍ لآخر حسب تحمله وطريقته في التعبير عن غضبه.
لكن الغضب ليس العلامة الوحيدة - ولا الأكيدة - للاكتئاب، بل إنَّ للاكتئاب أعراضًا أخرى أيضًا، مثل:
- سرعة الانفعال.
- فقدان طاقة الجسم.
- اليأس والإحباط.
- التفكير بالانتحار أو إيذاء النفس.
2. اضطراب الوسواس القهري
يُعدّ الوسواس القهري أحد اضطرابات القلق، وهو ناجم عن أفكار وسواسية يصحبها أو يتبعها سلوك قهري، فالمُصاب بالوسواس القهري تُزعجه أفكار لا يرغب فيها، وقد تدفعه إلى القيام بشيء بصفة متكررة -وإن لم يكن في حاجةٍ حقيقية إلى تكرارها-.
وأشارت دراسةٌ في مجلة علم النفس الصناعي "Industrial Psychology Journal" إلى أنَّ الغضب من الأعراض الشائعة لاضطراب الوسواس القهري، بل إنَّه من السمات البارزة لدى ما يقرب من نصف المُصابِين باضطراب الوسواس القهري.
ونوبة الغضب المفاجئة هنا قد تنجم عن الشعور بالعجز والإحباط جراء عدم القدرة على منع الأفكار الوسواسية والسلوكيات القهرية.
3. اضطراب المعارض المتحدي
هو اضطراب سلوكي يُصِيب 1 - 16% من الأطفال في سن المدرسة، حسب موقع "healthline"، حيث يُظهِر الأطفال سلوكًا غير تعاوني، إضافةً إلى تحدّي من هم في السلطة "الأبوين مثلاً أو المُعلِّم"، والشعور بالغضب تجاههم.
ومن السهل لهؤلاء الأطفال أن يُثار غضبهم وأن يُزعجَهم الآخرون، كما أنَّهم جداليون ومتحدُّون للآخرين بدرجة ملحوظة.
4. الاضطراب الانفجاري المتقطع
يُعانِي المُصاب بالاضطراب الانفجاري المُتقطع نوبات متكررة من السلوك العدواني أو الاندفاعي، بل قد يُبالِغ في رد فعله بأن يغضب غضبًا عارمًا لا يتناسب مع الموقف الحالي من حوله.
تستمر نوبة الاضطراب الانفجاري المُتقطِّع أقل من 30 دقيقة، كما قد تأتي دون سابق إنذار، وكذلك قد يُعانِي المصابون بذلك الاضطراب الغضب وسرعة الانفعال معظم الوقت بعيدًا عن النوبة التي تأتيهم من وقتٍ لآخر.
أعراض الاضطراب الانفجاري المتقطع
لا تختلف أعراض نوبات الغضب المفاجئ كثيرًا باختلاف أسبابها، وتشمل أعراض الاضطراب الانفجاري المُتقطّع، الذي يُعدّ نموذجًا مثاليًا على الغضب المفاجئ، ما يلي:
- خروج الغضب عن السيطرة، وعدم القدرة على التحكُّم في نوبات الغضب الآخذة في التزايد.
- الانفجارات المتكررة في شكل نوبات غضب وجدالات، بل وحتى التقاتل مع الآخرين.
- الدخول في مشاجرات لفظية أو جسدية.
- الارتجاف وخفقان القلب.
- الشعور بضيق في الصدر.
يُعدّ الرجال أكثر عُرضةً للاضطراب الانفجاري المتقطع بمُعدّل الضِعف مقارنةً بالنساء، كما أنَّ الشباب المراهقين أكثر عُرضةً له دونًا عن الفئات العمرية الأخرى، حسب موقع "verywellhealth".
أسباب الاضطراب الانفجاري المتقطع
لا يُوجَد سبب دقيق معروف للاضطراب الانفجاري المتقطع، لكن يظنُّ الخبراء أنَّ مجموعة من العوامل قد تُؤدِّي إلى بروز ذلك الاضطراب في مرحلة ما من حياة الإنسان، وأنَّ أقوى هذه العوامل هي تعرُّض الإنسان لصدمة أثناء طفولته.
فالأطفال الذين يمرُّون بتجارب مؤلمة قد يتأخَّر نموهم العقلي أو يتغيَّر قليلاً، ومِنْ ثَمَّ فقد لا يتعلَّمون المهارات اللازمة لإدارة المشاعر كالغضب بدرجةٍ كافية.
وليست الطفولة وحدها هي السبب وراء ذلك الاضطراب، بل قد تُسهِم الجينات أيضًا، أو اضطرابات الدماغ في حدوثه.
الجينات
على سبيل المثال، وجدت دراسة تزامُن ردود الأفعال الالتهابية في الدماغ مع السلوك العدواني في حالة الاضطراب الانفجاري المتقطع، عند تحليل مختلف مناطق الحمض النووي DNA.
بل كشفت ذات الدراسة عن وجود اختلافات في تلك المناطق عند المُصابين بالاضطراب الانفجاري المتقطع عن غيرهم مِمّن لا يُعانُون نفس الاضطراب، ما يُدلِّل على أنَّ للجينات دورًا محتملًا في حدوثه.
اقرأ أيضًا:«إرهاق الشتاء».. ماهي أعراض الاضطراب العاطفي الموسمي؟
الهرمونات
كشف بحثٌ منشور في علم الأدوية النفسية والعصبية "Neuropsychopharmacology" عن أنَّ المُصابِين بالاضطراب الانفجاري المُتقطع لديهم خلل في مستويات هرمون السيروتونين في الدماغ، وهو الهرمون المسؤول عن السعادة ومشاعر الرفاه، ومِنْ ثَمَّ فقد يكون خلل مستوياته سببًا في ذلك الاضطراب.
من الأكثر عُرضةً للاضطراب الانفجاري المتقطع؟
تزداد مخاطر الإصابة بنوبات الغضب المفاجئ، خاصةً الاضطراب الانفجاري المتقطع، عند:
- الذكور.
- من تتراوح أعمارهم بين 13 - 23 سنة.
- العاطلون عن العمل.
- المُطلّقون أو المنفصلون.
- الذين مرّوا بأحداثٍ مؤلمة كثيرة في مرحلة الطفولة.
- من نشأوا في أسرة مُسِيئة لهم جسديًا أو لفظيًا.
- المُصابِون ببعض الاضطرابات النفسية أو السلوكية، مثل اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، اضطراب التصرُّف، واضطراب المعارض المتحدي.
مخاطر الاضطراب الانفجاري المتقطع
أظهر بحثٌ في المجلة الأمريكية للطب النفسي "The American Journal of Psychiatry" أنَّ 38.1% من المُصابِين بالاضطراب الانفجاري المتقطع لديهم أفكار انتحارية، كما أنَّ 17.4% منهم سوف يُقدِمون على الانتحار في مرحلةٍ ما من حياتهم.
ليت المخاطر تتوقف هنا، بل قد يكون المُصابون بنوبات الغضب المفاجئ أكثر عُرضةً لبعض الأمراض، مثل:
- ارتفاع ضغط الدم.
- مرض السكري.
- أمراض القلب.
- السكتة الدماغية.
- الألم المزمن.
علاج الاضطراب الانفجاري المتقطع
لا يُوجَد دواء مُحدَّد لعلاج الغضب عمومًا، لكن يُمكِن التغلّب على الاضطرابات النفسية التي تقف وراء نوبات الغضب المفاجئ، مثل الاضطراب الانفجاري المتقطع من خلال الأدوية والعلاج النفسي معًا:
الأدوية
تشمل الخيارات الدوائية المُتاحة لتخفيف أعراض الاضطراب الانفجاري المتقطع ما يلي:
- الأدوية المُضادة للقلق، مثل حاصرات بيتا "بروبرانولول مثلاً".
- مضادات الاكتئاب، مثل فلوكسيتين، وسيتالوبرام.
- مضادات التشنج، مثل توبيرامات وحمض فالبرويك.
وهذه الأدوية قد لا يظهر مفعولها على الفور، وإنَّما قد تستغرق أسابيع أو حتى شهرَين حتى تبلغ ذروة تأثيرها.
اقرأ أيضًا:أعراض نوبات الهلع.. وكيف تفرق بين النوبة والاضطراب؟
العلاج النفسي
يُعدّ العلاج المعرفي السلوكي ركيزة في التغلُّب على نوبات الغضب المفاجئ؛ لأنَّه يُساعِد الإنسان في فهم ومعرفة المواقف التي تُسبِّب له نوبات الغضب الشديدة، كما يُساعِده على اكتشاف الطريقة المناسبة لإدارة الغضب وتوجيهه بدلاً من الانفجار في وجه من أمامه.
التحفيز الدماغي العميق
أشار موقع "Psychcentral" إلى دراسةٍ صغيرةٍ وجدت أنَّ تحفيز جزء مُعيّن من الدماغ "تحت المهاد"؛ المسؤول عن تنظيم الوظائف الأساسية، مثل درجة الحرارة والجوع والعطش، قد يُساعِد في تحسين أعراض نوبات الغضب المفاجئ، خاصةً الاضطراب الانفجاري المتقطع.
والتحفيز الدماغي العميق عملية جراحية تهدف إلى زرع جهازٍ لإرسال تيارات كهربائية في منطقة مُعيَّنة من الدماغ لتحفيزها.
كيف تتعامل مع الاضطراب الانفجاري المتقطع؟
قد يصعب على بعض الناس التحكُّم في غضبهم، ويسهل استفزازهم لإخراج ما في جعبتهم من الغضب والعدوانية دون أدنى ممانعة؛ لذا فبجانب استشارة المُختصين والحصول على العلاج المناسب، ينبغي أن تنخرط في نمط معيشةٍ جديد يُساعِدك في تجاوز نوبات الغضب العنيفة تلك، ومن ذلك:
- تناول أطعمة غنية بالعناصر الغذائية، مثل الفواكه والخضراوات، والحبوب الكاملة.
- الحصول على قسطٍ وافرٍ من النوم كل ليلة.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
- تجنُّب أي شيءٍ قد يُشعِل غضبك، سواء كان بعض الناس أو المواقف المُستفِزّة له.