في يومه العالمي.. هل يستطيع الرجل إدارة منزله بنفس كفاءة المرأة؟
لأسباب لا حصر لها، يشعر الرجل طوال الوقت أنه مقصر تجاه أسرته المكونة من أطفاله وزوجته، وكذلك تجاه والده ووالدته، ويجول في ذهنه رأي المجتمع العربي فيه بأنه عديم المسؤولية وغير قادر من الأساس على رعاية نفسه حتى يكون راعي الأسرة؛ لأنه رجل والرجال بطبيعتهم غير قادرين على إدارة المنزل ورعاية الأطفال بنفس كفاءة المرأة، فضلاً عن أن دور الرجل داخل الأسرة مقتصر فقط على الجانب المادي.
لكن السؤال هنا يا عزيزي.. هل هذا صحيح؟ هل دورك داخل أسرتك مادي فقط وقدراتك كرجل مقتصرة على إدارة المال والأعمال بعيدًا عن إدارة الأسرة؟.
المؤكد أن الإجابة لا؛ حيث إن المجتمع العربي هو من خلق الصورة النميطية للرجال والنساء، وحدد قدراتهم بناء على نوع كل منهما الجنسي "ذكور أم إناث"، فإن القدرة على إدارة الأسرة بكفاءة ليست مرتبطة بكونك رجلاً أو كونها امرأة، إنما تعتمد فقط على القدرات الفردية والمهارات العامة لكل فرد، فالجميع على حد سواء قادرون على إدارة منزلهم بكفاءة وتلبية احتياجات أسرهم، لأنها صفات سهل اكتسابها والعمل عليها بكل سهولة.
الرجل قادر على رعاية وإدارة أسرته
هذا رأي الدراسات والأبحاث أيضًا، التي منها دراسة نُشرت على صفحات مجلة "American Sociological Review" والتي تؤكد أن الرجال كالنساء في تنفيذ المهام، سواء كانت إدارة المال أو إدارة المنزل، لكن الأمر يختلف وفقًا لقدرات كل فرد، وأن الرجال الذين يشاركون زوجاتهم مهام الأسرة، يعززون حياتهم الزوجية والأسرية، وتتكون لديهم علاقات أكثر إيجابية مع ذويهم.
وفي مجلة "Psychology of Men & Masculinity" نُشرت دراسة كان مضمونها أن الصورة النميطية للرجل ليست صحيحة، خاصة المرتبطة بعدم قدرة الرجال على إدارة الأسرة، وقدمت مثالاً عن الآباء الأرامل الذين يعزفون عن الزواج ويقررون رعاية أطفالهم وعملهم في وقت واحد، مشيرة إلى أن هؤلاء الآباء قادرون على النجاة في الحياة بتكوين أسرة لديها رضا عاطفي وراحة نفسية، وفي نفس الوقت يديرون عملهم وأموالهم.
ليس ماديا.. دور الأب النفسي في الأسرة
إذن يا عزيزي ووفقًا للدراسات والواقع ونماذج كثيرة من حولك، كلها تثبت أن الرجال قادرون على رعاية وإدارة أسرهم، وأن دورهم ليس ماديًا فقط كما يظن البعض، هل تحتاج إلى إثبات أخر؟ لا مشكلة ما دام هذا ينفض من رأسك صورة المجتمع عنك، وتتجاهل صوت تأنيب الذات الدائم بأنك مقصر تجاه أسرتك وعائلتك.
دعنا نتحدث في هذه الفقرة على تأثيرك النفسي والايجابي في حياة من حولك وعلى قائمتهم أطفالك، لأن مصطلح الأب لا ينطبق فقط على العلاقات البيولوجية، ولا ينطبق فقط على العلاقة بين الزوج والزوجة، فدور الأب في الأسرة له تأثير مهم للغاية على استقرارها، وعلى صحة الأطفال النفسية والجسدية، وعندما يتمتع الطفل بعلاقة صحية مع شخصية الأب، فإن صحته النفسية تكون أفضل، لذا من المهم أن تعرف أن دورك مؤثر للغاية داخل الأسرة، وأنه موجود بالفعل وليس تواجدًا ماديًا فقط كما يتهمك البعض.
تخلق وقتًا للأسرة
إن كنت تقوم بفصل رأسك عن عملك عندما تعود إلى المنزل من العمل، لقضاء بعض الوقت مع عائلتك، فأنت مؤثر وتقوم بدورك وتمنحهم اهتمامك الكامل، وتخصص وقتًا لتكون مع أطفالك عندما يكونون صغارًا لأن السنوات تمر بسرعة.
الآباء، مثل الأمهات، هم ركائز في تنمية الصحة العاطفية للطفل، وللتوضيح يتطلع الأطفال إلى الأب أكثر؛ لمعرفة القواعد وتنفيذها ولأخذ الشعور بالأمان الجسدي والعاطفي، فإن كنت تقدم هذا لأطفالك فالمؤكد أنهم فخورين بأن لديهم أبًا مثلك، والأب المنخرط مع أسرته يعزز النمو الداخلي والقوة داخل أطفاله، وأغلب الدراسات أثبتت أنه عندما يكون الآباء حنونين وداعمين، فإن ذلك يؤثر بشكل كبير على النمو المعرفي والاجتماعي للطفل، كما أنه يغرس الشعور العام بالرفاهية والثقة بالنفس.
تحدد لهم معايير الأخلاق والعلاقات مع الأخرين
كن على يقين أنك لا تؤثر فقط على حياة طفلك المادية ومستقبله، لكن دورك وتأثيرك أكبر من ذلك بكثير، أنت تؤثر على نفسياتهم وشخصياتهم مع الآخرين، فالطريقة التي تتعامل بها معهم تؤثر على ما يبحث عنه أطفالك في الآخرين، وفي المستقبل سيتم اختيار الأصدقاء والأحباء والأزواج بناءً على كيفية إدراك الطفل لمعنى العلاقة معك كوالده، حيث إن الأنماط التي يضعها الأب في علاقاته مع أبنائه هي التي ستحدد كيفية تعامل أبنائه مع الآخرين.
قدوة ابنتك
تعتمد الفتيات الصغيرات على آبائهن للحصول على الأمن والدعم العاطفي، أى أنت من يوضح لابنته كيف تكون العلاقة الجيدة مع الرجل، وهذه مهمة ودور كبير للغاية لا تستطيع تقديمه الأم لابنتها، ولأنك أب محبًا ولطيفًا، فإن ابنتك ستبحث عن تلك الصفات في الرجال عندما تبلغ من العمر ما يكفي للزواج، ولأنك قوي وشجاع، فسوف ترتبط بشكل وثيق بالرجال من نفس الشخصية.
لذا يا عزيزي.. لا تترك ذهنك في التركيز على الصورة النميطية التي خلقها المجتمع العربي وبعض الدول الغربية عن صورة ووظيفة الرجل داخل أسرته، وأنه غير قادر على رعاية أسرته كالمرأة، لأن مهام المنزل من نظافة وطبخ والاهتمام بالتفاصيل اليومية لأطفال كلها صفات سهل اكتسابها والعمل عليها، كما أن دورك في حياتهم أكبر وأهم من ذلك، فأنت المؤثر الأول والأهم في حياتهم وتشكيل شخصياتهم، وما يريدونه منك أهم كثير من ماذا يأكلون وماذا يشربون وأهم من الجانب المادي، هم يحتاجون إلى أب يكون راعي لنفسيتهم وصحتهم وبعد ذلك مستقبلهم، يحتاجون أن يشعروا بالاستقرار النفسي قبل المادي.