مفهوم التفكك الأسري وأسبابه ومخاطره على الأبناء
الأسرة هي النواة والخلية الأولى التي يتكون منها المجتمع وهي أساس الاستقرار في الحياة، ومن ثم أي خلل يشوب الأسرة يؤثر على المجتمع كله بالسلب. وفي مقالنا هذا نوضح لكَ مشكلة التفكك الأسري، وطرق الوقاية منه.
مفهوم التفكك الأسري
يعرف التفكك الأسري؛ بأنه حالة من عدم الاستقرار والاضطراب العاطفي لدى أفراد العائلة، ومن ثم تكثر الصراعات والجدال بين الأبوين التي قد تصل إلى ارتفاع الصوت أو العنف الجسدي واللفظي في بعض الأحيان.
وتؤثر هذه الصراعات على الأبناء خاصة إذا قام أحد الوالدين بتعنيفهم أو الصراخ في وجوههم، نتيجة الضغوطات الناتجة عن المشاكل الأسرية، وهذا ما يجعل الأبناء يشعرون بالتوتر والخوف دائمًا.
ولهذا يُصنف التفكك الأسري من أخطر المشكلات الاجتماعية التي تنعكس بالسلب على أفراد العائلة، حيث تؤثر على صحة الأطفال النفسية، وتوفر لهم بيئة للانحراف والسلوكيات السيئة التي يهرب بها الطفل من المشكلات المتواجدة في منزله.
اقرأ أيضًا: 10 أمور تنتظرها منك زوجتك في الأعوام الأولى من الزواج
أنواع التفكك الأسري
ينقسم التفكك الأسري إلى نوعين هما:
1. التفكك الأسري المباشر
التفكك الأسري المباشر؛ هو الذي يتعلق بالأسر التي واجهت تفككا ملموسًا إما بالانفصال والطلاق، أو موت أحد الوالدين أو سفر الأب أو الأم لمدة طويلة.
2. التفكك الأسري غير المباشر
يُطلق التفكك الأسري غير المباشر على الأسرة التي تعيش في منزل واحد، ويعانون صعوبة في التواصل والتفاهم فيما بينهم ومن ثم يحدث تفكك بين أفراد الأسرة.
أسباب التفكك الأسري
1. انفصال وطلاق الوالدين
انفصال الوالدين أحد أبرز أسباب التفكك الأسري، حيث ينتج عن ذلك مغادرة أحد الوالدين المنزل، ومن ثم يؤثر هذا الغياب على إدارة الأسرة بل على حياة الأطفال التي تفتقد الأب أو الأم وينتج عنه تأثير على تنشئتهم بشكل سوي وصحي وفقدانهم الإحساس بالأمان.
2. موت أحد أفراد الأسرة
يؤدي موت أحد أفراد الأسرة إلى تفككها والتأثير بالسلب على الأبناء خاصة إذا كان في مرحلة مبكرة، وهو من التفكك الأسري المباشر، لأن الأبناء يتأثرون كثيرًا بهذا الفقد.
3. وسائل الاتصال الحديثة
تعدُّ وسائل الاتصال الحديثة أحد أسباب التفكك الأسري وذلك بسبب إدمان الأفراد لوسائل التواصل والاهتمام بها ومن ثم البعد عن المجتمع المحيط بهم.
وقد يهتم أحد الوالدين أو كلاهما باستخدام التقنيات الحديثة والبعد عن الأبناء أو الاهتمام بهم وبخصوصيتهم ومن ثم تقع العائلة في مشكلة التفكك الأسري وغياب لغة التفاهم بينهم.
اقرأ أيضًا: أسباب الخلافات الزوجية في بداية الزواج.. ونصائح للتعامل مع زوجتك
4. الانتقاد المستمر
يؤدي الانتقاد المستمر بين الأبوين أو بين طرف لآخر أو انتقاد الأطفال إلى ظهور مشكلة التفكك الأسري وتدهور علاقة الطفل بأسرته وبُعده عنهم تمامًا، كما يؤدي إلى فقدان الأبناء الثقة في ذاتهم وقدراتهم.
5. التحكم المطلق
التحكم والسيطرة من أحد الوالدين على الأبناء واتخاذ القرارات الهامة بدلًا منهم وتحديد تصرفاتهم أحد أسباب التفكك الأسري، وحيث تنشأ علاقة أسرية غير مستقرة وتكون أكثر عرضة لمشكلة التفكك الأسري.
كما ينتج عن تحكم أحد الوالدين؛ شعور الأبناء بانعدام الخصوصية وضعف الشخصية وعدم قدرتهم على اتخاذ القرارات وهو من آثار التفكك الأسري.
6. ضعف الاتصال بين أفراد الأسرة
التواصل والتفاهم هو البنية الأساسية للعلاقة الأسرية، ولهذا يُسبب ضعف الاتصال بين أفراد العائلة إلى التفكك الأسري.
ولهذا تعاني العائلات المفككة مشكلات في عدم القدرة على التواصل والتفاهم بشكل صحيح، ما ينتج عنه التوتر وعدم الثقة بين أفراد العائلة ومن ثم خلل العلاقة بينهم.
مخاطر التفكك الأسري
1. عدم الانتماء للعائلة
عدم الانتماء للعائلة من أبرز مخاطر التفكك الأسري، حيث يشعر الطفل كأنه لا ينتمي إلى عائلة ومن ثم لا يتأثر بحزنهم أو مرضهم بل يتحول إلى شخص عدواني وعنيد ولا يرغب في الانسجام مع عائلته لأنه يفتقد الشعور بالأمان.
2. الاضطراب السلوكي
اضطراب سلوك الأبناء من أهم مخاطر التفكك الأسري، حيث يكره الطفل والديه ومن ثم يتجه إلى القيام بالأفعال المنحرفة وغير الأخلاقية وينخرط مع أصدقاء السوء، بل يتحول إلى شخص غير طموح ولا يهتم بمستقبله لأنه لا يشعر بالاهتمام من أسرته.
اقرأ أيضًا: كيف تتجنب النقاش المحتدم مع زوجتك أمام الأطفال؟
3. انعدام الثقة بالنفس
انعدام الثقة بالنفس من مخاطر التفكك الأسري وذلك لأن الطفل لا يجد مشاركة وثقة من والديه، ومن ثم يتحول إلى شخص انطوائي وأناني ولا يتحمل مسئولية ويحقد على الآخرين كثيرًا لأنه يظن أن الجميع أفضل منه ومع والدين أفضل من والديه.
4. الشعور بالنبذ
الشعور بالنبذ وعدم الاستقرار من مظاهر التفكك الأسري، ويشعر الطفل بأن عائلته لا تتقبله ولا ترغب في التعامل معه ومن ثم تدني مستواه التعليمي والاجتماعي لأنه يشعر بأنه منبوذ.
ونتيجة التفكك الأسري الذي يمر به الأطفال يكونون أكثر عرضة للاستغلال من قبل الآخرين لأنهم لا يجدون الرعاية الأسرية الكافية لاحتياجاتهم العاطفية والنفسية.
كيف يكون الترابط الأسري؟
يُعرف الترابط الأسري؛ بأنه مجموعة من الروابط العائلية التي تُمكن الوالدين من معرفة احتياجات واهتمامات أطفالهم ومن ثم مشاركتهم كل لحظاتهم الصعبة والمرحة وقضاء الوقت معهم للتحدث واللعب.
ويتشكل الترابط الأسري في مجموعة من النقاط وهي:
- التواصل والتعاطف بين أفراد الأسرة.
- العمل الجماعي والمشاركة ما يخلق شعور الانتماء للأسرة.
- قضاء وقت ممتع مع بعضهم البعض والقيام بمجموعة من الأنشطة المشتركة للشعور بالانخراط مع العائلة.
- إظهار الدعم والمودة من خلال الكلمات اللطيفة والأفعال التي تُبين حب الوالدين لأبنائهم والعكس.
- القبول؛ قبول أفراد الأسرة لبعضهم البعض مع اختلاف صفاتهم يُكسبهم الثقة بأنفسهم.
- الدعم والمساندة بين أفراد الأسرة يمنحهم التشجيع والطمأنينة وشعورهم بالأمان.
تربية الأطفال في ظل تفكك العائلة
إذا كنت تبحث عن مجتمعًا صالحًا فعليك بالبحث عن صلاح الأسرة، التي تُعد نواة للمجتمع، والأطفال هم ثمار تلك النواة التي نجنيها وتُعلق عليها آمال الشعوب وطموحاتهم، لذا ما بالك بنشء يتم تربيته في ظل أسرة أو عائلة متفككة أركانها، بالفعل أنه أمر صعب للغاية، والأصعب آلا تظهر عليهم آثار تفكك الأسرة.
ولكن في النهاية مصلحة الأطفال أهم لذلك علينا البحث عن طريقة لفهم ماهية التحولات الاجتماعية وتفكك العائلة، قبل التوصل إلى طريقة لتربية الأطفال في ظل تفكك الأسرة، فالأصل في الأمور أن يتم بناء الأسرة على أساس متين وقواعد كالصخر ثابتة، والعودة في ذلك إلى القيم الأولى والمحبة، وتفادي ما يحاول الغرب تقديمه لأطفالنا واستبدال القيم السليمة بآخرى تضرب المجتمع في بنيانه.
على الأسرة أن تهتم بتعليم أبنائها أن هناك قدوى صالحة في الحياة يجب الاقتداء بها، وعدم الانسياق وراء الشائع من تقليد أعمى للفنانين ولاعبي كرة القدم، وترك التأثر بالعلماء، وبخلاف ذلك عليهم بتعليمهم تعاليم الصدق والأمانة، والحرص على العلم والصبر واحترام الكبير وتوقيره وملازمة الصديق الصالح.
إن أهم الأشياء التي يجب أن يكتبها الأطفال من الأهل هي التوازن وتنمية الهوايات التي تسري في قلوبهم، ومجاراة التكنولوجيا الحديثة، والتحذير من مخاطر العولمة، وكذا التأكيد على ممارسة الرياضة والمداومة عليها، وتنمية مهارات التفكير الإيجابي وهجر الفكر السلبي والمحبط.
في معظم الأحيان تكون أسباب تفكك الأسرة عامل رئيسي في تأخير أو عدم تهيئة النشئ وتربية الأطفال بطريقة سليمة، كونها ليست بمعزل عنهم، فلا تعشم في طفل سوي في ظل أسرة مفككة، فطفل اليوم هو الذي يصنع المستقبل، فالأطفال يشعرون تمامًا مثلنا ويفهمون جميع المشاعر للحزن والفرح والتيهة.
أهم أسباب التفكك الأسري ربما يكون الزواج المبكر في سن صغيرة، وبطريقة غير مدروسة، وأيضًا زواج الأقارب ربما يجلب الأزمات فأحيانًا يغيب التفاهم وتحضر الموروثات والعادات القديمة، كما أن الزواج بين الأشخاص المختلفين تمامًا فكريًا واجتماعيًا ربما ينتج عنه تفككًا أسريًا، ولا نغفل عن أن تحمل المسؤولية عليه دور كبير أيضًا فتنصل أي الطرفين من مسؤوليته تجاه عائلته هو تفككًا بمعناه الواضح.
سببًا آخر رئيسي في مسألة التفكك الأسري، وهو كثرة الأولاد، والتي ربما تؤدي إلى قلة حيلة الأباء وعدم قدرتهم على ضبطهم في الرعاية وتربيتهم جيدًا وتعليمهم وتقديم ما يلزمهم من غذاء سليم وكساء، وعلى الأسرة أن لا ينشغلوا عن أطفالهم خارج المنزل بالعمل أو بالسهر مع الأصدقاء وتركهم للتكنولوجيا لتربيهم.
اقرأ أيضًا: استراتيجيات التعامل مع العاصفة عند غضب زوجتك
كيفية علاج ظاهرة التفكك الأسري
يوجد مجموعة من حلول التفكك الاسري التي تُعيد ترابط الأسرة مرة أخرى وتقوي علاقة الأفراد ببعضهم البعض:
1. تقوية العلاقة من قبل الوالدين
يجب على الوالدين السعي دائمًا لتقوية العلاقة مع أبنائهم من خلال حل المشكلات بطريقة إيجابية والبعد تمامًا عن العنف والصراخ أو الضرب.
2. تخصيص وقت للأبناء
ينبغي للوالدين تخصيص وقت للعائلة ولأبنائهم حتى يستطيعوا التعرف على مشاكلهم واهتماماتهم وحاجاتهم ومن ثم تقديم الدعم لهم وهو ما يساهم في صحة الجانب العاطفي والنفسي للأبناء والآباء.
3. التواصل والتفاهم
يعدُّ التواصل والتفاهم من أهم حلول وطرق الوقاية من التفكك الأسري، حيث يتناقش أفراد الأسرة مع بعضهم البعض في جميع الأوقات مما يخلق جوا من الانسجام والتفاهم بينهم، ولهذا ينبغي للآباء تقبل آراء الأبناء حتى وإن كانت تختلف عن آرائهم.