"تعزز القلق والاكتئاب".. ما تأثير المقليات على صحتك النفسية؟
تزيد الأطعمة المقلية فرص المعاناة من اضطرابات نفسية، وتحديدًا البطاطس المقلية قد تزيد خطر الإصابة بالقلق بنسبة 12%، والاكتئاب بنسبة 7%؛ إذ تتسبَّب في إنتاج كمية كبيرة من "الأكريلاميد" الذي يُنشِّط الالتهابات في الدماغ، كما قد تُؤثِّر المقليات سلبًا على ميكروبات الأمعاء التي تساعد في إنتاج هرمون التستوستيرون، فهل الاكتئاب والقلق حتميان مع هذه الأطعمة؟ وكيف تتجنَّب أضرارها النفسية؟
العلاقة بين المقليات والصحة النفسية
أُجريت دراسةٌ على 140,728 شخص يتناولون الأطعمة المقلية بانتظام، فتبيّنت زيادة فرص الإصابة بالقلق بنسبة 12%، والاكتئاب بنسبة 7% لديهم، ويُظنّ وقوع ذلك الارتباط بين الأطعمة المقلية والصحة النفسية بسبب "الأكريلاميد"، وهو المادة الناجمة عن طهي الأطعمة النشوية، مثل البطاطا في درجات حرارة مرتفعة؛ إذ ينتج "الأكريلاميد" بصفته مُنتج ثانوي لعملية الطهي أو القلي.
ويُحفِّز "الأكريلاميد" الالتهابات العصبية، كما يُحدِث خللًا في أيض الدهون، ما قد يُؤثِّر في الصحة النفسية، حسب موقع "healthline".
وقد تتبَّعت الدراسة المشاركين فيها على مدار 11.3 سنوات في المتوسط، وثبتت إصابة 8,294 منهم بالقلق و12,735 بالاكتئاب.
العلاقة بين الطعام والمزاج
تتأثَّر الحالة المزاجية للإنسان بنوع الطعام المُتناوَل، فبعض الأطعمة قد تزيد القلق والاكتئاب؛ لما تُحدِثه من التهابات في الجسم، كما أنَّ بعض الأطعمة المضادة للالتهابات تُحسِّن المزاج والصحة النفسية مع تناولها بانتظام.
والأطعمة المقلية مرتبطة بالالتهابات في الدماغ؛ إذ تنتج مُركَّبات سُكّرية تلتصق بأنسجة الدماغ؛ مُتلِفةً لها، ومُسبِّبة للالتهاب، كما يُسبِّب الالتهاب انخفاض مستويات الدوبامين في الدماغ، ويُضعِف مناطق الدماغ المرتبطة بالمكافأة.
خصائص الأطعمة المقلية والصحة النفسية
إضافةً إلى ما سبق، فالأطعمة المقلية فقيرة الألياف والمواد الغذائية النباتية، وأيضًا الدهون الصحية، والتي لها تأثيرات إيجابية على الصحة النفسية.
ونقص هذه العناصر يُؤدِّي إلى خلل في التواصل بين الدماغ والجهاز الهضمي؛ إذ إنَّ 90 - 95% من السيروتونين يُصنع في الجهاز الهضمي، ويتأثَّر إنتاجه بميكروبات الأمعاء، التي قد تتأثَّر سلبًا بالأطعمة المقلية، ما قد يُضعِف إنتاج السيروتونين؛ هرمون السعادة.
هل الاكتئاب والقلق حتميان مع الأطعمة المقلية؟
نحو 30% من البالغين يُعانُون القلق في مرحلةٍ ما من حياتهم، والقلق يتضمّن شعورًا بالضغط، والأفكار المُقلقة، وأحيانًا اضطرابات جسدية، مثل ارتفاع ضغط الدم، كما أنَّ الاكتئاب يُصِيب الملايين حول العالم سنويًّا.
وفي بلدةٍ مثل الولايات المتحدة الأمريكية، فإنَّ 99.9% من الناس لديهم مؤشرات التعرُّض للأكريلاميد في الدم، ومِنْ ثَمَّ قد يُفضِّل بعض الناس تجنُّب المقليات حفاظًا على صحتهم.
لكن حسب خُبراء التغذية، فإنَّه ليست هناك ضرورة لهذا الأمر؛ إذ ليس هناك نوع واحد من الطعام مرتبط بالإصابة بالاكتئاب على الأمد الطويل، والاكتئاب اضطراب ينجم عن عوامل مُتشابكة معًا، فقد يكون الطعام هو المُؤثِّر الأكبر عند بعض الناس، بينما عند غيرهم قد تكون الجينات، أو العوامل البيئية، أو غيرها.
أيضًا فإنّ الدراسة التي أُجريت لها بعض القيود، إذ لم تستثن بعض العوامل التي قد يكون لها دور في زيادة فرص الإصابة بالقلق والاكتئاب غير الطعام المقلي، مثل السمنة والتدخين والحالة الاقتصادية، وغيرها، وإن أعطت مؤشرًا بالطبع على احتمال تأثير المقليات في الصحة النفسية.
ويُفضَّل عمومًا الإكثار من تناول الأطعمة الطبيعية الغنية بالعناصر الغذائية، وتقليل تناول المقليات قدر المُستطاع.
اقرأ أيضًا:هل تُوفِّر الأطعمة النباتية البروتين المطلوب لبناء العضلات؟
كيف تتجنَّب أضرار المقليات؟
بدايةً يُمكِنك تغيير طريقة الطهي، فيمكن الاعتماد على الغليان مثلاً أو التبخير بدلاً من الطهي الجاف عالي الحرارة أو القلي، وتُعد المقلاة الهوائية أو القلي باستخدام الفرن من الخيارات المناسبة؛ إذ تعتمد على كمية قليلة من الزيت.
هذه واحدة، والأمر الثاني نوع الزيوت التي تستخدمها، فبعض الزيوت مليئة بالدهون المُشبعة، مثل زيت النخيل، ويُفضَّل الاعتماد على الزيوت الصحية، مثل زيت الأفوكادو، زيت الزيتون، أو زيت بذر اللفت.
ويُفضَّل الاستعاضة عن المقليات بالأطعمة المخبوزة أو المشوية، مثل البطاطا المخبوزة أو الدجاج المشوي، وكذلك ملء مائدة الطعام بالأطعمة الكاملة، مثل المكسرات والبذور، والفواكه والخضروات، والحبوب الكاملة.
كيف تُقلِّل تعرُّضك للأكريلاميد؟
إذا كُنت من هواة المقليات ولا تستطيع التخلّي عنها، فرُبّما تحتاج مع ذلك إلى تقليل "الأكريلاميد" في الطعام المقلي، وقد تُساعدك النصائح الآتية في تحقيق ذلك الغرض:
- تقليل تناول الأطعمة المليئة بالأكريلاميد، مثل البطاطس المقلية، ورقائق البطاطس، والقهوة، والحبوب عالية المُعالَجة، مثل الكعك والخبز المحمص.
- استبدل قلي البطاطس بخبزها أو تحميصها، والأفضل من ذلك غلي البطاطس أو استخدام الميكروويف، فكل هذه العمليات لا تُنتِج "الأكريلاميد" كما القلي العميق.
- نقع البطاطس النيئة في الماء لمدة 15 - 20 دقيقة قبل القلي أو التحميص.
- تخزين البطاطس خارج الثلاجة في مكان بارد ومظلم.
- تجنُب طهي البطاطس أو تحميص الخبز حتى يصبح الطعام داكنًا جدًا "تحتوي هذه الأطعمة على كمية أقل من الأكريلاميد".
هل ينبغي تجنُّب الأطعمة المقلية؟
إذا كُنت تتناول المقليات بانتظام، فيُفضَّل التدرّج في استبدالها بأطعمة أخرى، فمثلاً يمكنك تناولها بجانب طعامٍ آخر تستمتع به، أو تناول شطيرة دجاج مشوي بدلاً من شطيرة دجاج مقلي، فالمهم ليس مجرد التوقف مؤقتًا أو تقليل فترة، ثُمَّ العودة إليها بنهم، وإنَّما خلق بيئة ملائمة وتهيئة نفسك لنمط معيشةٍ أصح للجسم.
والإرادة هي عضلة تقوى بالتدرُّب والممارسة، ومِنْ ثَمَّ ينبغي تقليل عدد المرات التي تأكل فيها الطعام المقلي ما أمكنك ذلك، والاستعانة بآخرين لهم نفس الهدف، وصحيحٌ أنَّ الطعام المقلي لذيذ ويُسعِد المرء في أوان الأكل، لكن هذه السعادة قد تكون قصيرة، ولا يلبث المزاج أن ينقلب سريعًا.
أطعمة لتحسين الصحة النفسية
تُساعِد بعض أنواع الطعام في تعزيز الدماغ وتحسين الصحة النفسية، مثل:
- الكربوهيدرات المُعقَّدة: مثل الكينوا والأرز البني والبطاطا الحلوة.
- البروتينات الخالية من الدهون: مثل الدجاج والبيض والسمك والمكسرات.
- التركيز على الأطعمة الغنية بأوميغا-3: مثل السلمون.
كذلك قد تُسهِم بعض الأنظمة الغذائية، مثل حمية البحر الأبيض المتوسط في تخفيف الالتهابات، ومِنْ ثَمَّ تقليل خطر الإصابة بمشكلات الصحة النفسية.