أربعة كتب لاحتراف الاستثمار في الأسهم: تحلَّ بالمعرفة والصبر وعين ناقدة
يتصور البعض أن تحقيق ثروة من خلال الاستثمار في الأسهم أمر قائم على المصادفة والحظ، ويذهبون إلى افتراض أن ذلك يشبه الفوز بجائزة اليانصيب.
ولكن هذا الاعتقاد خاطئ تمامًا، إذ يعتمد الاستثمار في الأسهم على أسس معلوماتية قائمة على التحليل العميق لسوق الأسهم والخبرة والمهارة.
لأن الاستثمار في الأسهم يرتبط بدرجة فهمنا لآلية عمل الشركات موضوع الاستثمار، فإذا ملكت شركة بكاملها أو أسهمًا فيها، وكنت جاهلاً لماهية النشاط الذي تقوم عليه كنت كمن يستثمر في المجهول.
وسواء كنت مستثمرًا مبتدئًا أو محترفًا من ذوي الخبرة، فمن المؤكد أن الكتب الأربعة التي نستعرضها في هذا العدد من مجلة "الرجل" ستكون ذات قيمة في مساعدتك على إيجاد الآليات المناسبة لهذا النوع من الاستثمار، أو تحقيق النجاح المالي على المدى الطويل.
فمن خلال قراءتها يمكنك وصف تحليلك بالانضباط والإقدام حتى يصبح بوسعك أن ترفض أن يتحكم المزاج المتقلب للآخرين في مستقبلك المالي، لأن السلوك الذي تسلكه بناء على أفكارك التي تحركك يكون أكثر أهمية من السلوك الذي تسلكه استثماراتك.
كيف تصنع ثروة في سوق الأسهم
يؤكد ويليام أونيل في كتابه «كيف تصنع ثروة في سوق الأسهم» أن الطريق لتحقيق الثراء من الاستثمار في الأسهم لا يعتمد على المصادفة والحظ، بل يعتمد التداول على الأسس المعلوماتية القائمة على التحليل العميق والخبرة والمهارة.
وذلك ما جعل هذا الكتاب، الذي نشر لأول مرة في عام 2009 بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008، يحظى بشهرة عالمية واسعة ويحقق مبيعات تجاوزت مليون نسخة في طبعتين. والطبعة التي بين أيدينا هي الثالثة.
ينقسم كتاب كيف تصنع ثروة في سوق الأسهم إلى ثلاثة أجزاء مقسومة إلى 20 فصلاً.
وقد ابتكر "ويليام أونيل" مبدأً بسيطًا تناوله في الجزء الأول أطلق عليه «CAN SLIM» وهو اختصار للخصائص السبع الأساسية لأكبر الأسهم الرابحة في مراحل قبل أن تحقق أرباحًا كبرى لأصحابها خلال مراحل تطورها.
«C» من كلمة Current، انظر إلى الأسهم التي تنوي الاستثمار فيها غالبًا ما تكون أرباحها ومبيعاتها ربع السنوية هي السمات الأكثر تميزًا لها بين الأسهم الرابحة.
«A» من كلمة Annual أنه يجب التأكد من أن أرباح الربع الحالي لم تتحقق نتيجة المصادفة، وما إذا كانت تواكب أرباح السنوات الثلاث الماضية، بنسبة لا تقل عن 25% سنويًا وهو الحد الأدنى.
«N» من كلمة New يشير إلى إن كانت هناك تطورات جديدة في أسهم ما، مثل إيجاد أسواق جديدة، أو تعيين رئيس تنفيذي جديد.
«S» من كلمة Supply، أي أن الشركة تقلل من عرض أسهمها من خلال برامج إعادة الشراء عبر العرض والطلب على الأسهم.
«L» من كلمة Leaders أي التحقق من أن الشركة التي لها أسهم قيادية، أو تنتمي لمجموعة صناعية قوية، تحقق أرباحًا ربع سنوية وسنوية أفضل من الشركات الأخرى.
«i» من كلمة Institutional استثمر في الشركات التي لها مالكون ومستثمرون مؤسسون.
«M» من Market أي عليك معرفة اتجاه السوق، لأنه لو اتبعت المبادئ الستة السابقة من دون معرفة اتجاه السوق، قد يسبب ذلك خسارة كبيرة لك.
المعادلة التي أشرنا إليها تصلح لجميع المستثمرين في كل مكان وزمان، لأنها ثابتة ولا تتغير تمامًا كطبيعة البشر المتعاملين في السوق.
ويتناول في الجزء الثاني من الكتاب الأخطاء الشائعة التي يقع فيها مستثمرون، ولا سيما ما يتعلق بالتوقيت السليم للشراء، ووقف الخسائر، والتوقيت السليم للبيع، وزيادة الأرباح.
ويتناول الجزء الثالث الطرق التي تجعل منك محترفاً في الاستثمار، إذ يعرض نماذج لأكثر الأسهم عظمة وزيادة في السوق من عام 1952 حتى عام 2001.
اقرأ أيضًا:أفضل 4 كتب لاحتراف التسويق
كن الأفضل في وول ستريت
يُعد بيتر لينش مؤلف هذا الكتاب من أنجح مديري الصناديق الاستثمارية في العالم، إذ كان مديرًا لصندوق "فيديليتي ماجلان" لمدة 13 عامًا، وارتفعت عوائد الصندوق 29.2%، كما ارتفعت فيها قيمة الأصول من 18 مليون دولار إلى 14 مليار دولار.
وفي مقدمة جديدة كتبت خصيصًا لأجل هذه الطبعة من الكتاب يقدم المؤلف رأيه في موضوع الصعود المذهل في أسهم شركات الإنترنت، بالإضافة إلى سلسلة من عشرين شركة ناجحة في مجال تقنية التسعينيات العالية.
وتلخص الجملة المكتوبة على غلاف الكتاب ما يريد المؤلف قوله في هذا الكتاب: وهو كيف تستخدم ما تعرفه بالفعل لتكسب مالًا في سوق المال.
ويرى أن فرص الاستثمار تكثر أمام الأشخاص العاديين، ببساطة من خلال مراقبة التطورات في الأعمال التجارية والانتباه للعالم الماثل أمامك.
فمن المركز التجاري إلى مكان العمل يمكنك اكتشاف شركات تتمتع بقابلية للنجاح قبل اكتشاف المحللين المتخصصين لها.
ويتناول الكتاب تفاصيل كثيرة تخص تقسيم الأسهم مثل:
- ما الأسهم التي يجب تجنبها؟
- هل هذه سوق جيدة؟
- كيف يتم بناء محفظة استثمارية؟
- ما أفضل وقت للشراء والبيع؟
الاستثمار في الأسهم على طريقة وارن بافيت
عند الحديث عن وارن بافيت تطغى الأرقام بمنتهى السهولة، إنه رجل الأعمال الأنجح في عصرنا حسب وصف الخبراء، ومنهم
مؤلف الكتاب "روبير هاغستروم" الذي يقدم لنا تجربة "بافيت" ومنهجه الذي بلغ به قمة النجاح والمكانة المالية.
وبافيت أيضًا هو ذلك الرجل الذي تبرع بـ 38 مليار دولار للأعمال الخيرية، أي ما يعادل 80% من ثروته.
تلك هي المساهمة العميقة للكتاب الذي أمعن النظر خلاله بأفعال وارن بافيت وكلماته وقراراته على امتداد عدد من السنين، ثم انطلق في تحليلها بحثًا عن الخيوط المشتركة فيما بينها، فبسطها في اثني عشر مذهبًا، صاغها في مبادئ لا زمنية، قادت فلسفة بافيت الاستثمارية في كل الظروف وفي جميع الأسواق، وهي السبيل نفسها التي بمقدورها أن تأخذ بيد كل مستثمر في طريقه نحو تحقيق ثروة من الأسهم.
إن هذا الكتاب ذو قيمة مستدامة تكمن في هذا التركيز على المبادئ الثابتة التي لا تتغير، التي صاغها في اثني عشر مذهبًا عبر فصوله التي كشفت عن فلسفة بافيت الاستثمارية، التي تعد في كل الظروف وفي جميع الأسواق دلائل الاستثمار في أربعة مذاهب هي:
- مذاهب في العمل
- مذاهب في الإدارة
- مذاهب في المالية
- مذاهب في استثمار القيمة
فرغم أن الكتاب يتحدث عن تقنيات الاستثمار، فإنّه في جوهره يبحث ويركز بدقة في مبادئ الاستثمار. ومن هنا تأتي قيمة الكتاب المستدامة التي احتواها الكتاب بين دفتيه وهي:
- فكر بشراء الأسهم وكأنك تشتري منافع جزئية في أعمال كبيرة.
- كوِّن محفظة استثمارية مركزة، معدل دوران رأس المال فيها منخفض.
- لا تستثمر إلا فيما تفهم وتحلل.
- احرص على وجود هامش أمان بين سعر الشراء وقيمة الشركة على المدى الطويل.
إن كتاب الاستثمار على طريقة وارن بافيت يصف أمرًا يمثل في صميمه أسلوبًا سهل المنال، إذ ليس المطلوب أن يتعلم المرء برامج حاسوبية، أو يفك طلاسم كتب سميكة لكي يسلك طريقه البسيط نحو تحقيق ثروة في سوق الأسهم.
اقرأ أيضًا:4 كتب لإدارة المشاريع بكفاءة
المستثمر الذكي
هذا الكتاب يعد أشهر الكتب في مجال الاستثمار في الأسهم على الإطلاق، وقد قال "وارن بافيت" في الطبعة الرابعة لهذا الكتاب، إنه قرأ هذا الكتاب عندما كان في التاسعة عشرة من عمره مؤكدًا أنه أفضل ما كُتب عن الاستثمار قط، ولا يزال عند رأيه حتى الآن حيث نصح بقراءته في مناسبات عديدة.
قال الصحافي الألماني "جاسون زفايج" إن "بنيامين جراهام" مؤلف هذا الكتاب لم يكن فقط من أعظم المستثمرين، بل أحد أعظم مفكر استثماري على مر العصور.
إذ يقول إن السهم ليس مجرد رمز أو إشارة الكترونية، بل هو حصة ملكية في نشاط له قيمة حقيقية لا تعتمد على سعر السهم.
لذا يقدم تفصيلًا لطرق الاستثمار في الأسهم بناء على الأهداف التي يريد المستثمر تحقيقها، وأنه يجب أن يبحث عن الشركات التي لم تقدَّر حق التقدير من أجل الانتفاع بهامش الأمان.
والذي يجب أن يضعه المستثمر في حسبانه، ما يسميه بنيامين جراهام بـ"هامش الأمان" الذي يسمح للشركة بأن تتأثر بأحوال السوق، لذا يجب ألا تستثمر في الشركات التي تظن أن قيمتها تناسب سعر أسهمها.
فالسوق مثل البندول الذي يتأرجح دائمًا بين التفاؤل الذي لا أساس له، والذي يجعل الأسهم باهظة الثمن، والتشاؤم الذي لا مبرر له، والذي يجعل الأسهم رخيصة وتباع بثمن بخس.
ولكن المستثمر الذكي شخص واقعي يبيع للمتفائلين ويشتري من المتشائمين.
والمخاطرة الوحيدة التي لا يستطيع أي مستثمر أن يتحاشاها هي ألا يكون على صواب، وفقط عن طريق الإصرار أو ما يسميه جراهام بـ"هامش الوقاية" أي عدم الإفراط في دفع المال مهما يبدو الاستثمار مثيرًا يمكنك من الحد من فرص الوقوع في الخطأ.
إن سر نجاحك المالي يكمن داخلك، فإذا أصبحت مفكرًا ذا عين ناقدة لا تأخذ حقائق سوق الأسهم في "وول ستريت" على أنها أمر مسلَّم به، وتحليت بالصبر، فسوف تستفيد من الفرص المتاحة أمامك حتى في ظل وجود أسوأ أسواق المضاربة على الهبوط.
ليس الاستثمار بهزيمة الآخرين في لعبتهم، لكنه بالسيطرة على نفسك في لعبتك حتى يكون الاستثمار في الأسهم طريقك إلى الثراء.