المحللة المالية ازدهار علاف: من الأرقام إلى الإعلام رحلة الشغف وركوب الصعاب
رغم الحضور النسائي الكبير في الإعلام السعودي، فإنها استطاعت أن تحجز مقعدًا منفردًا لتصبح ازدهار علاف أول سعودية محللة للأسواق المالية، وكانت المحطة المصرفية الأكثر إضافة لها عملها مع المؤشر (البنك السعودي البريطاني) مخططة مالية ومديرة إدارة ثروات. ثم عملت في إذاعة جدة مقدمة للبرنامج الاقتصادي الأول على الأثير (مفاهيم اقتصادية) ثم انتقلت للقناة الإخبارية في برنامج مؤشر السوق السعودي (أموال ومسارات)، ووضعت على منصة أهم مؤشر مالي عربي لتطل كنجمة وتحقق قاعدة جماهيرية كبيرة بعفويتها وشخصيتها المرحة بعيدًا عن التكلف. حول بدايتها والتحديات التي واجهتها وطموحاتها المستقبلية كان الحوار التالي:
عملتِ مخططة مالية ومديرة إدارة ثروات ومديرة حسابات تنفيذية قسم الخدمات الخاصة.. كيف استفدت من هذه التجربة؟
هذه المناصب تحديدًا تتطلب مستويات احترافية ومزيجًا من العلم والفن معًا. كان التحدي كبيرًا جدًّا بالبداية من ناحية كسب ثقة العملاء، وبناء السمعة الجيدة كشابة تقدم للعنصر الرجالي وهو الغالب في هذه الشريحة خططًا استثمارية، وتدير محافظهم خاصة أن الشريحة المميزة لدى البنوك ومن تفوق أرصدتهم الملايين لديهم توجهات استثمارية مختلفة ويسعون للربح لا للخسارة. الفائدة هي ما أقدمه حاليًّا من تحليلات لمؤشر السوق السعودي، فأنا أعتقد أن هذه المرحلة قدمتني بشكل جيد للمؤشر.
دوافعك لاختيار مجال التحليل المالي؟ وماذا تعلمتِ منه؟
الحقيقة حب الاختلاف أحد الجوانب الموجودة بشخصيتي منذ كنت طفلة وحرص والدتي -رحمها الله – على دراستي بمدارس التحفيظ، بالإضافة إلى التحدي وشغفي بركوب الصعب، ودخولي للمجال المالي ومواجهة التحديات أكثرها كانت تخصصي الأكاديمي (الاقتصاد المنزلي) من جامعة أم القرى وأكملت الماجستير في التأمين.
تعلمت الحياة من التحليل المالي، ونصف نضجي من أمومتي المبكرة، ونصفها من التحليل. عرفت أمورًا كثيرة، وربطت كل شيء بالحياة، فالخسارة والربح ليسا فقط في القوائم المالية ولكن يوجد أيضًا ربح وخسارة في الأشخاص وفي المواقف وفي كل شيء حولنا.
ما الصفات التي يجب أن يكتسبها الإعلامي بمجال التحليل المالي لينجح؟
الأهم اكتساب الخبرة فالمحلل أو الاقتصادي هو إعلامي مختلف لأنه يستحضر المعلومة ويعتمد على الارتجال، فلا توجد مادة محضرة مسبقة، وعدد الإعلاميين محدود جدًّا في هذا المجال، وكعنصر نسائي لا يوجد. أيضا صفاء الذهن، وهذا الأمر اكتسبته من عملي البنكي، فكنا نتجهز لفتح الباب للعميلات ونمسح من ذاكرتنا كل شي قبل دخولنا لباب البنك، وكان أصعب يوم حين وقفت أمام الكاميرا بعد فقد والدتي - رحمها الله - كانت من أصعب المهام وأشدها ألمًا، وتخطيتها وعدت للشاشة والتحليل مع المشاهدين.
شاركتِ في عديد من المبادرات والمنتديات محاورةً أو مقدمةً بالشأن الاقتصادي، ماذا أضافت لك هذه التجارب؟
أتعامل مع كل مشاركة وكأنها شيك يودع في رصيدي المهني بغض النظر عن حجمها، ويشمل ذلك زيادة شبكة المعارف وكسب علاقات جديدة وسعيًا دائمًا إلى التطوير، ما جعلني أستثمر بنفسي بطريقة أرى نتائجها فعليًّا.
اقرأ أيضًا:5 دقائق مع أبو متعب الأمريكي: السعودية أمي الثانية.. أعيش قصة غرام واستكشاف وفضول
كيف كان التحول للمجال الإعلامي؟
التحول لم يكن في البال ولا في الخاطر، قدمت على الوظائف الإعلامية، بعد أكثر من عام صادفني اتصال بموعد المقابلة حتى أنني نسيت فعلاً أنني قدمت. وبعد المقابلة الشخصية مع لجنة هيئة الإذاعة والتلفزيون وقبول مبدئي بالتدريب العملي وقراءة الأخبار واستمر التدريب لستة أشهر تقريبًا، كانت المفاجأة بالاعتذار عن عدم التعيين، ونسيت الفكرة تماما حتى وصلني اتصال بعد أشهر من إذاعة جدة وبدأت العمل معها متعاونة لتقديم برنامج اقتصادي اكتسبت به ثقة المسؤولين، واستشعروا من خلال ما قدمت أهمية الاقتصاد، ورفع التعيين، ومن هنا بدأ مشواري الإعلامي.
أبرز الإنجازات التي تفخرين بها؟
أفتخر بكوني أول وجه نسائي سعودي على منصة منتدى الرياض الاقتصادي، فقد أضافت إلى رصيدي كأنها رأس مال، وأول إعلامية تصعد على منصة تيدكس العالمية للمؤثرين عام 2019 بعنوان "أعطوني فرصة" وقد وضعتني ضمن قائمة المؤثرين عالميًا، واختياري من قبل جامعة الفيصل الشخصية النسائية في يوم المرأة العالمي لأقدم رسالة عنوانها "امرأة أوجدت امرأة" في 2020.
سوق الأسهم يمر بمرحلة انتقالية من الحوكمة وإدراجات شركات… فكيف يمكن التكيف مع هذه المتغيرات، فالبعض ينظر إلى تذبذب السوق على أنه عدو وليس صديقًا؟
صحيح، مشكلتنا نفتقد للصبر، ونظن أن سوق الأسهم مكان تصنع فيه ثروة بغمضة عين وهذه للأسف ثقافة مغلوطة، السوق السعودي بعد الانهيار المؤلم العالق بذاكرة المتداولين وتسبب بخسارة أكثر من تريليون ريال أصبح لا بد من حَوكمته ليتصدر قائمة أكبر الأسواق المالية العالمية، وهو طموح الأمير محمد بن سلمان. فمن ينظر للتذبذب بعداء يذكرني بمقولة "الجاهل عدو نفسه". لم نر يومًا أو نسمع عن قلب يعيش بنبضات على مستوى واحد ولو حصلت يموت الإنسان ويتوقف قلبه وهو فعليًّا تذبذب مؤشر السوق. التذبذب صحي وهو طبيعة الأسواق المالية.
هل توافقين على مقولة السياسي الأمريكي فرانك كلارك "يعتقد كثير من الناس أنهم ليسوا جيدين في كسب الأموال، في حين أنهم لا يعرفون كيف يستخدمونها"؟
أوافقهُ بشدة وما زال لدينا مشكلة فكر، الوارث يرث وربما يعود لرصيده قبل الإرث، لسبب بسيط لأن لغة توظيف المال غائبة، استخدام المال وتوظيفه أهم من الحصول عليه، فالمال موجود بكل مكان حولنا، والمشكلة ليست بالحصول عليه، ولكن كيف نحافظ عليه أو نستخدمه وننميه، فمع التضخم لا نحتاج إلى المحافظة عليه، بل للاستثمار والنمو.
ما طموحاتك المستقبلية؟
لفترة طويلة لم أكن راضية عن اسمي ولكن بعد مقولة ولي العهد التي لخص بها الهدف الحقيقي من رؤية السعودية ٢٠٣٠ "طموحنا أن نبني وطنًا أكثر ازدهارًا" أشكر الله أن جعلني ازدهار.
وأطمح بلقاء إعلامي يجمعني بالأمير محمد بن سلمان، وثمة سؤال بخاطري نحتاج إلى تفسيره لماذا خص طموحنا بالازدهار، أعتقد أن له تفسيرًا عميقًا عنده.
الرياض - عواطف الثنيان / تصوير: يزيد السمراني / ميك أب أرتيست: تغريد محمد / أزياء: سماح خاشقجي / الموقع : مطعم Le Comptoir