مهرجان Goodwood للسرعة 2023 مجد البطولات وأكثر.. عراقة وإثارة وأداء يفوق الخيا
في أيامنا هذه، لم يعد بالإمكان وصف مسألة مشاهدة سيارة جديدة وهي متوقفة دون حراك على منصة معرض سيارات عالمي بالمسألة المثيرة للاهتمام، أما مشاهدتها وهي تنطلق بأقصى سرعة على مضمار سباق والاستماع لصوت محركها الهادر فهي الإثارة بعينها. وهنا تكتسب مهرجانات السيارات أهميتها، كمهرجان غودوود الدولي للسرعة.
تتعزز أهمية المهرجان كونه ينظم بشكلٍ لا يتعارض مع الأحداث الرياضية الأخرى التي تدور في فلك السيارات وسباقاتها، الأمر الذي يجعله بمنزلة حبة الكرز على قطعة الحلوى الشهية في نظر كل عاشق للإثارة الميكانيكية وكل محب للسرعة. زخر مهرجان غودوود للسرعة هذا العام مرة أخرى بعدد من السيارات الرياضية المميزة، ولكن قبل أن ننتقل للحديث عن السيارات التي برأينا كانت هي الأبرز هذا العام في الصفحات التالية، اسمح لنا عزيزي القارئ أن نتوقف للحديث عن هذا المهرجان الذي يُعد الأهم على مستوى العالم.
نظرة للخلف
تأسس مهرجان غودوود للسرعة في عام 1993 من قبل اللورد مارش من أجل إعادة سباقات السيارات إلى جوار قصر عائلته الذي يُعد بمنزلة الموقع الغارق في تاريخ سباقات السيارات البريطانية. بعد فترة وجيزة من توليه ملكية القصر والمساحات المجاورة له في أوائل التسعينيات، مع مجموعة صغيرة من المشاركين أصحاب السيارات التاريخية المدعوة، أثبت الحدث الذي أقيم لأول مرة يوم الأحد 20 يونيو 1993 نجاحه، حيث استقبل حشدًا من 25,000 شخص على الرغم من تزامن تاريخ الحدث مع سباق 24 ساعة في لومان ذلك العام. وبعد أن تكرر الأمر نفسه في العام التالي، قرر اللورد مارش أن يتفادى التصادم مع سباقات لومان أو الفورمولا 1.
وبالإضافة إلى منصات عرض السيارات التي تشهد عددًا كبيرًا من السيارات الجديدة من مختلف الفئات، التي باتت تستقطب خلال السنوات الأخيرة عددًا كبيرًا من أبرز صانعي السيارات الرياضية الفاخرة، يجري تنظيم مراحل تسابق ضد الزمن ضمن مسار ضيق يمكن مشاهدته بشكلٍ مباشر وقريب من المشاهدين، ولكن مع الحفاظ على أقصى درجات السلامة. وعلى هذا المضمار تألقت كل من McLaren Solus ، Pininfarina Nino Farina وBugatti Bolide .
Bugatti Bolide سحر الأداء المتفوق
منذ تقديم Bugatti Chiron خلال عام 2015 حتى اليوم، جرى توفير عدة طرز تنتج بأعداد محدودة وتتخذ قاعدتها أساسًا لها، مثل تشينتوديتشي وديفو. ولكن Bolide التي نتحدث عنها هنا ربما تكون أكثر طراز "جريء" حتى اللحظة من بوجاتي.
بقوة 1577 حصانًا
وعندما ظهرت Bolide أول مرة بحلّتها الاختبارية أواخر عام 2020، ظن العديد من المراقبين أنها لن تكون سوى نموذج اختباري سيجري إنتاجه كنسخة وحيدة من نوعها، لكنّ Bugatti (وكما هو متوقع منها) تمتعت بالجرأة اللازمة لتوفير السيارة بحلة إنتاج تجاري تألقت على مضمار غودوود هذا العام، حيث جرت قيادتها من قبل أندي والاس سائق المصنع الرسمي، الذي سبق له أن فاز بسباق لومان 24 ساعة.
وتستخدم Bolide جسمًا خاصًّا من ألياف الكربون يزن فقط 1450 كلغ، ما يجعلها أخف وزنًا بحوالي 550 كلغ من Bugatti Chiron التي تعتمد عليها. وبما أنّ السيارة مجهزة بمحرك قادر على توليد قوة 1577 حصانًا، فهذا يسمح لها بأن تتمتع بنسبة وزن أقل مقارنةً بالقوة.
ورغم أنها تتبع نهج سيارات السباق التي تتمتع بالحد الأدنى من المتطلبات التي تفرضها قوانين السير على الطريق، كما هي الحال مع سيارات مثل Aston Martin Valkyrie ، Senna Mclaren GTR ،Mercedes Project One و Ferrari FXXK، فإنّ ما يميز Bolide هو أنها تتمتع بقوة حصانية أعلى. فعلى سبيل المثال، تبلغ قوة المنظومة المحركة في Valkyrie 1139 حصانًا، فيما تبلغ قوة نظيرتها في AMG One 1049حصانًا.
اقرأ أيضًا:بوغاتي EB110.. المجد الضائع
وتركيبة انسيابية
وكما من الممكن أن تكون قد خمنت من خلال هذه الصور، فإنّ Bolide تتمتع بتركيبة انسيابية ديناميكية توفر لها الكثير من قوة الضغط الهوائي نحو الأسفل، وبنسبة أكبر من أي Bugatti أخرى جاءت من قبل. فعند السير على سرعة 320 كلم/س، يجري وضع 1800 كلغ من قوة الضغط الهوائي على الجناح الخلفي و 800 كلغ على المحور الأمامي. هذا الأمر عندما يلتقي مع نظام التعليق القادر على ضبط الحركة الديناميكية لكتلة يبلغ وزنها 3.5 طن، أو ما يقرب من وزن سيارتين Chiron تقليديتين، فإنه يصبح من الصعب جدًا على إطارات Bolide أن تفقد تماسكها مع المسار الذي يرغب به السائق. وإذا كان هذا غير كافٍ لإبقائك على الطريق المعبّد، فهناك أيضًا إطارات سباق عريضة من نوع Michelin مع قدرة التصاق أعلى.
والسعر14,700,000 ريال سعودي
على صعيد جمالية خطوط السيارة الخارجية، ورغم أنّ مسألة الشكل تبقى رهينة الذوق الشخصي لكل فرد، فإنّ هناك شبه إجماع من قبل المراقبين على أنّ Bolide هي من أجمل السيارات التي خرجت عن خطوط إنتاج مصنع مولشايم في فرنسا، أي منذ أن أصبحت بوغاتي تعيش في كنف فولكس فاغن (علمًا أنها أصبحت تندرج اليوم تحت شراكة مع Rimac). فرغم أنها تتخذ شكل سيارات السباق مع خطوط عدائية بعض الشيء تتضمن الكثير من فتحات التهوية المخصّصة للتبريد أو لتمرير الهواء وتعزيز الأداء الديناميكي للسيارة، فإنّها أولًا تحافظ على انتمائها المظهري لعائلة Bugatti من خلال مقدمتها التي تحتوي على شبكة تتخذ شكل حدوة الحصان (أبرز رموز Bugatti) وتنبض ثانيًا بأناقة عالية وحضور قوي على الطريق.
جرى التخطيط لإنتاج 40 نسخة فقط من Bolide، بتكلفة 14,700,000 ريال سعودي، علمًا أنّ جميع النسخ قد بيعت، وهي جميعها مصمّمة بحسب رغبة العميل الذي يمكنه أن يطلب تزويدها بمواصفات تميز نسخته عن غيرها.
McLaren Solus من الخيال إلى الواقع ... مع درجة امتياز
احتلت McLaren Solus GT مركز الصدارة في مهرجان غودوود للسرعة 2023، إذ إنها لم تكتف بلفت أنظار الجميع في المهرجان البريطاني عندما أطلت على خط بداية المرحلة الخاصة بفضل تصميمها الغريب وروحها السباقية، بل حققت أيضًا المرتبة الأولى مع زمن بلغ 45.34 ثانية لاجتياز المسار متجاوزةً خط النهاية بمعدل سرعة بلغ 240 كلم/س.
تصميم بلاي ستيشن
وبمناسبة الاحتفال بمرور 60 عامًا على تأسيس McLaren، تُعد Solus GT أحدث إضافة إلى مجموعة طرز الصانع البريطاني وهي تنضم إلى شقيقاتها P1، Senna ، Speedtail و Elva في سلسلة السيارات الخارقة. هذا الانتماء إلى نادي الكبار لدى الصانع المنبثق عن ثاني أنجح فريق في الفورمولا 1 تستحقه Solus بجدارة، إذ إنها تتميز بتصميمها المستوحى من مفهوم McLaren Ultimate Vision Gran Turismo الذي صُمم بالأساس للعبة سباق PlayStation.
وعشر أسطوانات
ويُعد القلب النابض لـ Solus GT نسخة خاصة من محرك Judd الذي يتألف من عشر أسطوانات سعة 5.2 لتر، والذي يولد قوة 829 حصانًا، وهو يتمكن على العكس من محركات الأسطوانات الثماني المزودة بشاحن هواء توربيني التي تتوفر بالعادة لسيارات McLaren من الدوران على سرعة دوران محرك تتجاوز حدود الـ 10000 دورة في الدقيقة، علمًا أنّ قوة محرك Solus GT تصل إلى العجلات الدافعة عبر علبة تروس تتابعية ذات سبع نسب.
آخر مرة رأينا فيها محركًا من عشر أسطوانات في سيارة McLaren كان مع سيارات الفورمولا 1 في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكن وحدة الطاقة المكوّنة من عشر أسطوانات عادت مع سيارة Solus GT التي تتمتع بمقعد واحد وديناميكيات هوائية مجنونة، ونسبة القوة إلى الوزن شبيهة بما يتوفر لسيارات الفئة الأولى من عالم السباقات.
اقرأ أيضًا:ماكلارين أرتورا.. خطوط عصرية وأداء ساحر
شبه الطائرة المقاتلة
وبما أنّ السيارة تتمتع بهذه النسبة السباقية في مجال الوزن مقارنةً بالقوة، مع إجمالي وزن يبلغ أقل من 1000 كلغ مقابل 829 حصانًا وجسم انسيابي، فهذا يعني أنّ السائق الذي يجلس في المقصورة الشبيهة بما يتوفر للطائرات المقاتلة، التي تحتوي على مقعد واحد فقط، يمكنه الانطلاق بالسيارة من 0 إلى سرعة 100 كلم/س في 2.5 ثانية فقط.
ودائمًا على الصعيد الديناميكي، فإنّ Solus تتمتع بنظام تعليق مزدوج في كل ركن من أركان السيارة الأربعة، إلى جانب أقراص مكابح مصنوعة من الكربون، ومخدات مصنوعة من ألياف الكربون، وملاقط من الألمنيوم وعجلات ألمنيوم بقفل مركزي مقاس 18 بوصة ملفوفة بإطارات ملساء. هذا وتشمل اللمسات الأخرى المستوحاة من السباقات أذرعًا جانبية شبيهة بما يتوفر لسيارات الفورمولا 1، تحتوي على مبردات السيارة، وهيكل حماية بطباعة ثلاثية الأبعاد من التيتانيوم يشبه الهالة، وصندوق دواسات قابل للتعديل ومقعد سباق مصبوب خصيصًا تبعًا لقياسات المالك.
وبنية متماسكة
وعندما يتعلق الأمر بالتقنيات التي تشغل Solus GT، استغنت McLaren عن التقنيات التقليدية، إذ تعمل علبة التروس والمحرك في السيارة كجزء متصل في الهيكل المصنوع من ألياف الكربون لإلغاء الحاجة إلى إطار فرعي خلفي، الذي يعزز تماسك بنية السيارة مع بعضها على حساب الراحة، علمًا أنه على متن سيارة تتمتع بما تتمتع به Solus من أداء وبمظهر كالمظهر الذي تبدو عليه السيارة، فإن الراحة ليست هي الأمر المنشود بل القدرة على الوصول من نقطة إلى أخرى بأقصى سرعة وأعلى مستوى من مستويات الإثارة.
ويمكن لسعداء الحظ من مالكي السيارة أيضًا المشاركة في برنامج تدريب السائقين لتحسين مهاراتهم قبل قيادة نسختهم الخاصة من Solus GT على الحلبة، كما يمكنهم الحصول على بدلة سباق وخوذة مخصّصة تنسجم مع متطلبات الاتحاد الدولي لرياضة السيارات.
Pininfarina Batista Nino Farina تكريم لأول بطل فورمولا 1 في العالم
رغم أنّ تحوّل Pininfarina من مجرد دار لتصميم سيارات إلى صانع قائم بحد ذاته لم يمض عليه سوى بضع سنوات، فإنّ نجاح مهمة الشركة الإيطالية اليافعة المخضرمة في توفير أولى السيارات الخارقة الكهربائية سمحت لها بأن تكرس نفسها واحدة من أبرز الصانعين في هذا المجال، لذا كان لا بد من التذكير بالتاريخ المجيد للمؤسس باتيستا الذي تحمل السيارة اسمه من خلال الاحتفال بذكرى ابن أخيه أول بطل عالم في سباقات الفورمولا 1 مع إصدار خاص محدّد بخمس نسخ من طراز Batista يحمل اسم البطل نينو فارينا.
ذكرى نينو فارينا
وكما ذكرنا، تحتفل السيارة الجديدة التي تحمل اسم Pininfarina Batista Edizione Nino Farina بذكرى نينو فارينا من خلال خمس نسخ حصرية تحتفي كل واحدة بإنجاز من إنجازات السائق البطل، وهي على الشكل التالي: نسخة تحتفي بتاريخ ومكان ميلاد نينو فارينا، ونسخة تحتفي بتحقيقه لمركز الانطلاق الأول في سباق جائزة بريطانيا الكبرى عام 1950 ثم الفوز بها، ونسخة مخصّصة لتكريم فوزه في سباق جائزة سويسرا الكبرى لموسم 1950، ونسخة تحتفل بفوزه في سباق جائزة إيطاليا الكبرى، وأخيرًا النسخة الأهم المخصّصة للاحتفال بفوزه بأول بطولة عالم للسائقين في الفورمولا 1.
وتتميز السيارات الخمس بتفاصيل دقيقة تختلف بين نسخة وأخرى من خلال لوحة تثبّت على حافة باب الراكب تحمل كل واحدة ما يشير إلى المناسبة التي تحتفي السيارة بها.
الأحمر لون سيارة فارينا
يتألق الجسم الخارجي للسيارة بطلاء خاص يحمل اللون الأحمر يحاكي لون السيارات التي سابق فارينا على متنها، بالإضافة إلى خطوط مطلية باللون الأبيض في القسم السفلي من جسم السيارة مع الرقم 01 خلف الأبواب.
هذا من الخارج. أما من الداخل، فتأتي الفئة نينو فارينا بلمسات خاصة داخل المقصورة: مقعد سائق بكساء من الجلد الأسود، فيما يجري الاعتماد على كساء باللونين البيج والأسود في مقعد الراكب، علمًا أنّ كلا المقعدين يحتوي على مساند رأس فريدة وأحزمة مقاعد رياضية، وحياكة متناغمة باللونين البيج والأحمر، وحلقة على قمة المقود ولوحة هيكل سوداء مطلية بأكسيد الألومنيوم.
1900 حصان
بعيدًا عن التفاصيل المميزة في الداخل والخارج واستكمالًا للحديث عن مواصفات السيارة التقنية وأدائها، تجدر الإشارة إلى أنّ الفئة Nino Farina تتمتع بالمنظومة الدافعة نفسها لشقيقتها التقليدية مع إجمالي قوة تصل إلى 1,900 حصان وعزم دوران قدره 2,340 نيوتن متر. كما يمكنها أن تتسارع من وضع الثبات إلى سرعة 100 كلم/س في 1.86 ثانية، مقابل سرعة قصوى تبلغ 350 كلم/س، وتُحقّق السيارة كل هذه الأرقام الهائلة مع إمكانية الاختيار ما بين خمس وضعيات قيادة دون إصدار أي انبعاث لثاني أكسيد الكربون. كما يمكن لهذه السيارة الكهربائية قطع مدى هو بحسب نتائج اختبار المركبات الخفيفة الموحد عالميًا (WLTP) قدره 476 كلم.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ نينو فارينا هو ابن شقيق مؤسس بيننفارينا باتيستا، وباتيستا التي تحمل السيارة الأساسية اسمه هو الذي كان مسؤولاً عن إشعال شغف السباقات في نفس بطل العالم، إذ إنه اصطحبه معه للمشاركة في أول سباق له على الإطلاق، وهنا كانت الشرارة الأولى التي دفعت نينو لأن يصبح ما أصبح عليه في عالم السباقات.