لماذا يشتعل نهمك للطعام عندما تتوتر وكيف تتجنَّب ذلك؟
الكل يحب الطعام، ورغم أن المقولة تؤكد أن "الإنسان يأكل كي يعيش لا يعيش كي يأكل"، فإن النهم للطعام يتخطى كل الحدود عند بعض الناس، فيكون الرغبة في الطعام مستمرة طوال الوقت، حتى في أوقات التوتر عكس ما قد يعتقده البعض بأن التوتر يقف حائلاً أمام الرغبة في تناول الطعام.
هرمون الكورتيزول هو المُحرِّك الرئيس لاستجابات الجسم المُختلفة تجاه التوتر، وبلا شك فهو ذو تأثير على المخ، يبرز جليًّا في النهم الشديد للأكل، وأحيانًا اشتهاء أنواع مُعيَّنة من الطعام تضر بصحة الإنسان، كالسكريات، والدهون غير الصحية؛ إذ إنَّ ذلك رد فعل طبيعي للجسم تجاه التوتر، فما طبيعة العلاقة بين التوتر والأكل؟ وكيف تضبط شهيتك إن كُنتَ متوترًا؟
ما العلاقة بين التوتر والمخ؟
يتسبَّب التوتر في إفراز هرمون الكورتيزول في الجسم "هرمون التوتر"، بصفته جزءًا طبيعيًّا من استجابة الجسم تجاه التوتر الذي ألمّ به؛ إذ يُفرَز من الغدة الكظرية؛ لإبقاء الجسم في حالة تأهُّب.
وقد أظهر بحثٌ، حسب موقع "Health"، أنَّ زيادة الكورتيزول بسبب التوتر، مُفضيةٌ إلى مزيدٍ من الأكل، مقارنةً مع حالة الإنسان لو كان مسرورًا.
ويعود جزءٌ من الإفراط في الأكل إلى تأثير التوتر في عمليات التفكير، ما يُصعِّب ضبط النفس أمام الطعام، كما أنَّ التوتر قد يُؤثِّر في سلوكك، مُرغِّبًا إياك في تناول الأطعمة عالية السعرات، الدهون، والسُّكريات.
فليس التوتر مُؤديًا فقط إلى الإفراط في الأكل، بل قد يفتح أبواب شهيتك على مصراعيها أمام الأطعمة الدسمة، والغنية بالسعرات الحرارية، كما يبدأ الجسم في تخزين مزيدٍ من الدهون، مقارنةً بما يكون عليه الحال في غياب التوتر، ما قد يُؤدِّي إلى زيادة الوزن.
ورغم كل ذلك، فإنّ التوتر مُعقّد التفسير، فقد يُفضِي بالبعض إلى تأثيرات مُغايِرة، كأن يفقدوا شهيتهم تجاه الطعام، أو يُفوِّتوا الوجبات الرئيسة.
الجوع الجسدي والعاطفي
الجوع نوعان؛ إمَّا جسدي أو عاطفي، فالجوع الجسدي مبنيٌ على احتياج الجسم، أمَّا الجوع العاطفي أو النفسي فهو نتيجة العواطف الشديدة، كالتوتر.
الجوع الجسدي
عندما تمرُّ فترة من الزمن بعد الأكل، ثُمَّ يُباغتك إحساس الجوع، فهذا جوع جسدي؛ أي لحاجة الجسم؛ إذ تشرع المعدة في التذمُّر.
كذلك، فإنَّ انخفاض مستويات السكر في الدم، يُسبِّب الشعور بالجوع، وقد يُؤدِّي إلى الدوخة، وغيرها من أعراض هبوط السكر في الدم، وهذا كله دليل على حاجة الجسم إلى الفعلية إلى الأكل، ومِنْ ثَمَّ يكون الجوع.
الجوع العاطفي
عندما يُفرِط المرء في الأكل في إطار التجاوب مع المشاعر السلبية، حتى لو لم يكن جائعًا، فذلك الجوع العاطفي، ومِنْ ثَمَّ فالتغلُّب على ذلك النوع من الجوع يبدأ من التعامل مع المشاعر السلبية، لا بتقديم الطعام فقط.
اقرأ أيضًا:أبرز طرق الوقاية من الإصابة بالقلق والاكتئاب
كيف تضبط شهيتك رغم التوتر؟
يُساعِد الطعام في تحسُّن المزاج على الفور، ولذلك فخيار الأكل عند التوتر مرغوب لبعض الناس، لكن ذلك له أضرار، فقد يجعلك تشعر بالخمول والكسل، ومِنْ ثَمَّ فالنقاط الآتية مهمة لمواجهة ذلك النهم تجاه الطعام خلال أوقات التوتر:
1- انتقِ طعامك بعناية
عندما تتوتَّر، قد تجد رغبتك مُنصبَّة على تناول كعكةٍ مثلًا، أو حلويات، بدلًا من تناول وجبة خفيفة أخف في الدهون، وأقل في السعرات الحرارية.
لذا فالنصيحة الأولى هي انتقاء الطعام، فيمكنك إشباع رغبتك الشديدة في الأكل بتناول طعامٍ صحي، ما دمتَ ستتناول طعامًا في كل الأحوال، ومِنْ ثَمَّ يُفضَّل:
- التركيز على الأطعمة ذات المحتوى الغذائي، مثل: الفواكه والخضراوات، والمكسرات.
- تجنُّب الأطعمة المُعالَجة، أو المُصنَّعة.
- تضمين الدهون الصحية في نظامك الغذائي، مثل: الأفوكادو، وزيت الزيتون.
2- ارصد المُحفِّزات
للتوتر سببٌ، قد يتكرَّر بين فينة وأخرى؛ لذا تتبَّع ما يُسبِّب لك التوتر، وتجنَّبه ما أمكن ذلك، فهذا أحد السبل البديهية في تفادي الإفراط في الأكل الناجم عن التوتر.
من بين البالغين الذين أورودا إفراطهم في الأكل، أو تناولهم طعامًا غير صحي في أعقاب التوتر، فإنَّ 33% منهم، كانوا يتناولون الطعام فقط لإلهائهم عن التوتر، وتُعدّ النساء أكثر عُرضةً للانخراط في سلوكيات غير صحية للأكل بسبب التوتر، مقارنةً مع الرجال.
3- كوب من الشاي
أشار موقع "clevelandclinic" إلى دراسةٍ، بيَّنت قدرة الشاي على تقليل مستويات الكورتيزول في الدم "المُتَّهم الرئيس فيما يُسبِّبه التوتر"، فقد أثبتت أنَّ شرب الشاي على مدار 6 أسابيع متواصلة، قلَّل مستويات الكورتيزول في الدم، وساعد على استرخاء الجسم، وهو ما يُعاكِس التوتر تمامًا.
4- تدليك القدم
بيَّنت دراسات عديدة أنَّ تدليك القدم، يدفع القلق والاكتئاب، بل وقد أوصى بعض الخبراء بتدليك القدم عند الإحساس بالتوتر.
يُمكِن تدليك القدم بالجلوس في وضع مستقيم على كرسي، ثُمّ دحرجة القدم فوق كرة تنسٍ مثلًا لمدة 5 دقائق، أو مقبض مكنسة، أو زجاجة ماء مُجمَّدة.
5- النوم
ارتبطت قلة النوم مع اشتهاء الطعام، فكيف إذا اجتمع ذلك مع التوتر أيضًا؟ فقد أظهر بحثٌ، حسب موقع "nutrisense"، أنَّ الحرمان من النوم يُؤثِّر في أنشطة بعض مناطق الدماغ المرتبطة بزيادة الرغبة في تناول الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية.
لذا يُنصَح بالحصول على قسطٍ كافٍ من النوم؛ لتجنُّب الإفراط في الأكل من جهة، وللمساعدة في التغلُّب على التوتر من جهةٍ أخرى، وذلك من خلال:
- عدم الأكل قبل موعد النوم مباشرةً، خاصةً الوجبات الكبيرة.
- عدم الذهاب إلى النوم جائعًا أو عطشانًا.
- المواظبة على موعد ثابت للنوم كل يوم.
- تجنُّب التعرُّض إلى الشاشات الإلكترونية قبل النوم، كالهاتف الجوَّال والتلفاز، وغيرها.
6- المشي بعد الأكل
تُعدّ زيادة الوزن إحدى النتائج المُتوقَّعة للأكل العاطفي، أو الأكل الناجم عن التوتر، والمشي ذو فوائد جمّة على الأصعدة كلها، فمتى ما تيسَّر لك المشي الخفيف 15 دقيقة بعد الأكل، فافعل ولا تتردَّد، وإن كانت الـ 15 دقيقة شاقة عليك، فلا أقل من 10 دقائق تُحرِّك فيها جسمك.
الهدف من ذلك تغيير نمط الجلوس، وضخّ الدم في الجسم لتعزيز الأيض، فقد بيَّنت دراسةٌ أنَّ المشي لمدة 30 دقيقة بعد الأكل ذو أثرٍ إيجابي في سكر الدم؛ إذ كانت ذروة الغلوكوز في الدم في أدنى مستوياتها بعد 30 دقيقة من المشي عقب الأكل، بغض النظر عن نوع الكربوهيدرات المُتناوَلة.
وهذا يساعد بالتأكيد في منع زيادة الوزن، بل الوقاية من مرض السكري من النوع الثاني.