لماذا لا نتذكر أحلامنا عند الاستيقاظ من النوم؟
ينقضي ثلث حياتنا خلال النوم، والنوم ليس سكونًا كما قد نتوهَّم، بل يمر بمراحل، ينشط فيها المخ، ونحلم خلالها كثيرًا، بل نمر في الليلة الواحدة بأكثر من حلمٍ، قد نتذكر بعضها، وقد لا نتذكَّر أيًا منها على الإطلاق؛ لذا إن واتتك أحلامٌ سعيدة ترغب في تخليد ذكراها، أو عدم نسيانها لاحقًا، فلا تُفوِّت السطور التالية .
لماذا لا نتذكر أحلامنا عند الاستيقاظ من النوم؟
قد تُواجِه مشقَّةً في تذكُّر كثيرٍ من أحلامك بعد الاستيقاظ من النوم لسببٍ من الأسباب الآتية:
1- عدم الحصول على الكفاية من نوم حركة العين السريعة
تنشأ جلُّ الأحلام في مرحلة نوم حركة العين السريعة (REM sleep)؛ إذ تتحرَّك العين سريعًا، وينشط المخ، وقد لا نتذكر الأحلام المرتبطة بهذه المرحلة، خاصةً إذا استيقظ الإنسان في مرحلةٍ انتقالية بين نوم حركة العين السريعة والمرحلة التي تليها.
وقد تُثبِّط بعض الأدوية هذه المرحلة من النوم؛ كأدوية الاكتئاب؛ إذ تُؤخِّر هذه المرحلة، أو تُقلِّل مدتها، ما يُؤثِّر على مدى تذكُّرنا للحلم الذي مررنا به.
2- تلاشي تذكُّر الأحلام عند الاستيقاظ
تتلاشى الأحلام بسرعة بعد الاستيقاظ؛ إذ تختفي الإشارات الكهربائية والكيميائية المُشكِّلة لتجربة الحلم؛ نتيجةً لليقظة واستعادة الوعي.
ويظل من الممكن استدعاء بعض أحداث الحلم في وقتٍ لاحق من اليوم؛ ربَّما بسبب المرور بتجربةٍ أعادت تنشيط نفس المنطقة من الدماغ التي نشأ خلالها الحلم في الليل.
جدير بالذكر أنَّ بعض الأحلام التي لا ننساها، قد تترك انطباعًا في ذواتنا لعقودٍ، وقد يساعد سرد الأحلام على الآخرين في الحفاظ على الحلم دون نسيان، وقد تظل كذلك بعض الكوابيس عالقة في العقل يصعب نسيانها، فتذكُّر الأحلام ليس دومًا أمرًا طيِّبًا.
3- اضطراب النوم
تُؤثِّر اضطرابات النوم على إمكانية تذكُّر الأحلام، فمثلًا انقطاع النفس في أثناء النوم يُمزِّق مرحلة نوم حركة العين السريعة، التي تنشأ الأحلام خلالها؛ بسبب اضطراب التنفس، وربَّما يتسبَّب انقطاع النفس أثناء النوم في الحرمان التام من مرحلة نوم حركة العين السريعة
وقد يُؤدِّي ذلك الاضطراب إلى زيادة تذكُّر الأحلام لبعض الناس، بما في ذلك أحلام الغرق أو الاختناق.
أيضًا، النوم القهري من اضطرابات النوم، والذي قد يُؤدِّي إلى تحوُّلاتٍ مفاجئة خلال مراحل النوم، تُؤثِّر في إمكانية تذكُّر الأحلام.
اقرأ أيضًا: كيف تخلد إلى النوم سريعًا رغم الأرق؟..إليك 7 طرق فعالة
4- التوتر
التوتر ألدُّ عدوٍ للنوم؛ إذ لا يقطع فقط مرحلة نوم حركة العين السريعة، بل يزيد عدد مرات الاستيقاظ خلال الليل، وكلا التأثيرين يُصعِّبان تذكُّر الأحلام أيما صعوبة.
5- الحمية الغذائية
لا يقتصر تأثير الحمية الغذائية في الجسم فقط وقت اليقظة، بل في أوقات النوم أيضًا؛ إذ بيَّن بحثٌ، حسب موقع "mindbodygreen"، أنَّ الحمية الغذائية الغنية بالفواكه، الخضراوات، والألياف تساعد على النوم جيدًا خلال الليل، ما قد يُساعِد على تذكُّر الأحلام، ومِنْ ثَمَّ فقلة تناول هذه الأطعمة مُؤثِّر ولا بد في النوم وتذكُّر الأحلام.
6- الاستيقاظ سريعًا
المُنبِّه مزعج، لكن هذا الإزعاج ضروري للاستيقاظ، والمؤسف أنَّ ذلك التنبيه المؤلم المفاجئ للمخ، يُساعِد على نسيان الأحلام؛ إذ الفترة التي يُعالِج فيها الجسم نفسه كي يستيقظ هي الأقرب لاستدعاء الحلم، فكيف إذا استيقظت فجأة إثر سماع صرخات المُنبِّه.
الحقيقة العلمية وراء نسيان الأحلام
يصعب الوصول إلى سببٍ موحِّد لنسيان معظم الناس لأحلامهم، لكن تحدث الأحلام عندما يقسم الدماغ المعلومات في ذاكرة قصيرة وطويلة الأمد، وقد لا نتمكَّن من تذكُّر الأحلام؛ لصعوبة الوصول إلى تلك المعلومات عند الاستيقاظ.
افترض الباحثون في مقالٍ نُشر عام 2016 بمجلة العلوم السلوكية والدماغية، أنَّ الناس ينسون أحلامهم؛ بسبب تغيُّر مستويات الأستيل كولين والنور أدرينالين خلال النوم.
وفي دراسةٍ عام 2018، حاول الباحثون معرفة ما إذا كان لبنية الدماغ علاقة بتذكُّر الأحلام، فتقصَّت هذه الدراسة العلاقة بين تكرُّر تذكر الأحلام، وكثافة المادة الرمادية أو البيضاء في مناطق الدماغ المرتبطة بالأحلام، مثل:
- اللوزة الدماغية.
- الحُصين.
- قشرة الفص الجبهي الإنسي.
- الوصلة الصدغية الجدارية.
واشتملت الدراسة على 92 مشاركًا، مُقسَّمين إلى مجموعتين حسب قدرتهم على استدعاء الأحلام.
لم تُؤثِّر كثافة مادة الدماغ في اللوزة الدماغية والحصين بين الأشخاص المُتذكِّرين لأحلامهم، والذين يُواجهون صعوبةً في تذكرها.
لكن الأفراد الذين يتذكَّرون أحلامهم، كانت المادة البيضاء لديهم أكثر في قشرة الفص الجبهي الإنسي مقارنةً بغيرهم مِمَّن يشقّ عليهم تذكُّر أحلامهم.
وقد وُجِد في دراسةٍ أخرى، زيادة تدفُّق الدم إلى مناطق قشرة الفص الجبهي الإنسي والوصلة الصدغية الجدارية للأفراد الذين لديهم قدرة عالية على تذكُّر أحلامهم.
اقرأ أيضًا: انقطاع التنفس في أثناء النوم..أشهر 5 أسباب وطرق العلاج
هل عدم تذكر الأحلام علامة على خلل صحي؟
تذكُّر الأحلام من عدمه ليس دليلًا على خللٍ صحيٍ ولا نفسي، بل إنَّ الناس يمرون بمرحلة نوم حركة العين السريعة عدة مرات (أي قد تتكرر الأحلام) خلال الليل، وربَّما لا يتذكَّر أحسنهم حالًا إلَّا لقطات من حلمٍ واحد فقط.
نصائح لعدم نسيان الأحلام مستقبلًا
ما دُمتَ ترغب في تذكُّر أحلامك قدر المستطاع، وعدم نسيانها، فقد تساعدك النصائح الآتية بعض الشيء:
1- هيئ نفسك لنومٍ جيد
ربَّما النوم الهنيء مُسهِم في تذكُّر الأحلام، وهذا يتطلَّب عاداتٍ يومية، مثل:
- تجنُّب الكافيين، خاصةً في الساعات الأخيرة من اليوم قبل النوم.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام (لا قبل النوم).
- الذهاب إلى السرير في موعدٍ ثابتٍ كل يوم.
- إبعاد الأجهزة الالكترونية عن غرفة النوم.
2- استعدّ لتذكر حلمك
حاول تذكير نفسك قبل أن تنام بأنَّ الأحلام ليست مهمة فحسب، بل وقد تفصح لك عمَّا لا تعلمه عن ذاتك، ومنْ ثَمَّ ضع هدفًا قبل النوم، يُساعدك على تذكُّر ما استطعت من أحلامك.
3- الأحلام الجلية أو الواعية
الأحلام الواعية؛ هي أحلام يدرك صاحبها أنه يحلم، وهي تُساعِد في تذكر الحلم بالطبع؛ إذ يُساعدك إدراك أنك تحلم في عدم نسيانه عند الاستيقاظ، ويُمكِنك مساعدة نفسك في بدء هذه الأحلام بتهيئة نفسك لها أولًا، وبأنَّه بوسعك إدراك الحلم من الحقيقة. كرِّر ذلك على نفسك قبل النوم.
4- استيقظ ببطء
لا تقفز من السرير فجأة، ولا تتعجَّل النهوض، فالجسم يظل في حالة بين اليقظة والنوم بعض الوقت؛ إذ الاستيقاظ السريع، يدفع الأحلام بعيدًا؛ لذا لا تتعجَّل النهوض، وأعطِ جسمك الوقت الذي يحتاجه.
5- التدوين
هل فكَّرت بتدوين ما استطعت تذكُّره من حلمك بعد الاستيقاظ مباشرةً؟ هذا التدوين يُساعدك على تذكُّر المفقود من الحلم؛ لذا لا تُفوِّت ذلك التدوين، ما دُمتَ تتذكَّر شيئًا ولو بقدرٍ ضئيل، فالتأخُّر في التدوين قد يُنسِيك هذا القدر.
كذلك، التحدُّث مع من تحب حول حلمك أول ما تستيقظ، مِمَّا يساعد على تذكر الأحلام، وعدم نسيانها قدر المستطاع.
6- الصبر والمثابرة
تذكر الأحلام ليس بالأمر اليسير؛ لذا ينبغي التحلِّي بالصبر والمثابرة، خاصةً إذا كُنتَ في بداية الطريق محاولًا عدم نسيان أحلامك.