"الحيوانات المنوية تسير في الاتجاه المعاكس".. ما هو القذف المرتجع؟ وكيف يعالج؟
تتعدد أسباب العقم، منها ما يمكن علاجه، ومنها ما يصعب الشفاء منه، وتُمثِّل حالات العقم الناجمة عن القذف المرتجع ما يقرب من 0.2 - 2%؛ إذ لا يخرج السائل المنوي من الإحليل كما عهد، بل يقفز داخل المثانة؛ بسبب ارتخاء عنقها، وليس لذلك علامات سوى قلة حجم السائل المنوي أو غيابه، ولا يعدّ اضطرابًا خطيرًا إلاّ لو أثَّر على قدرة الرجل الإنجابية.
ما هو القذف المرتجع؟
اقتحام السائل المنوي المثانة البولية، بدلاً من خروجه عبر المسار الطبيعي بطريق الإحليل، وقد يكون ذلك في أعقاب تجربة دواءٍ جديدٍ، أو إجراء جراحةٍ في المنطقة التناسلية للرجل، كما يعدّ القذف المرتجع من أسباب العقم لدى الرجال.
من الأكثر عرضةً للقذف المرتجع؟
لا يُصِيب القذف المرتجع كل الرجال، بل منهم من هو مُعرَّض له دونًا عن غيره، كما في الحالات الآتية:
- إجراء جراحة في البروستاتا أو الإحليل.
- المعاناة من مرض السكري، أو التصلب المتعدد.
- إجراء جراحة في الحبل الشوكي، أو إصابته.
- تناول أدوية مُعيَّنة كأدوية البروستاتا، مضادات الاكتئاب، أو أدوية ضغط الدم المرتفع.
أسباب القذف المرتجع
ينشأ القذف المرتجع من إعادة توجيه المسار الطبيعي للحيوانات المنوية، ففي الظروف الطبيعية، يُغلَق عنق المثانة بانقباض عضلاته، ما يمنع دخول السائل المنوي في المثانة، ومِنْ ثَمَّ يستأنف طريقه عبر الإحليل.
لكن في حالة القذف المرتجع، لا تنقبض العضلات عند عنق المثانة، أو لا تستجيب بالقدر الكافي لمنع دخول السائل المنوي، ومِنْ ثَمَّ فبدلاً من خروجه عبر الإحليل، يندفع داخل المثانة، ولا يُطرَد إلَّا في أثناء التبول؛ مُعكِرًا البول.
وتُوجَد أسباب مُتعدِّدة لتفسير هذه الظاهرة، مثل:
1- خلل الوظائف المستقلة "Dysautonomia"
يتحكَّم في حركة السائل المنوي عبر الجهاز التناسلي للرجل الجهاز العصبي المستقل أو اللاإرادي، ومِنْ ثَمَّ فإن اختلَّت وظيفته، فقد يمنع انقباض عضلات عنق المثانة، ما يخلق مسارًا جديدًا للسائل المنوي بدلاً من سبيله المعهود.
قد يكون خلل الوظائف المستقلة مجهول السبب، أو ربَّما ينجم عن أمراضٍ أخرى مُتلِفة للأعصاب اللاإرادية، ويُعدّ مرض السكري من أبرز هذه الأمراض، كما أنَّ التصلب المتعدد، ومرض باركنسون من الأمراض المُؤثِّرة في الأعصاب كذلك.
اقرأ أيضًا: كل ما تريد معرفته عن قراءة تحليل السائل المنوي
2- الجراحة
قد تتلف الأعصاب؛ بسبب التدخلات الجراحية أحيانًا، خاصةً الأعصاب المُنظِّمة لعضلات عنق المثانة، ما يُسهِّل ولوج السائل المنوي في المثانة.
أحد الجراحات الشائعة، والمُتسبِّبة أحيانًا في القذف المرتجع هي استئصال البروستاتا بطريق الإحليل؛ إذ يُدخَل المنظار عبر الإحليل لاستئصال البروستاتا المُتضخِّمة، ويُعانِي 75% من الرجال الذين يخضعون لهذه الجراحة قذفًا مرتجعًا بدرجةٍ ما.
3- إصابة الحبل الشوكي
قد تُؤدِّي إصابة الحبل الشوكي إلى تلف الجذور العصبية الداعمة للجهاز البولي، ومنه عنق المثانة بالطبع؛ إذ أشارت دراساتٌ حسب موقع "verywellhealth"، إلى أنَّ القذف المرتجع يُصِيب 17 - 29% من الرجال الذين يُعانُون إصابةً بالحبل الشوكي.
4- الأدوية
أغلب الأدوية مُعالِجة، لكن بآثارٍ جانبية عسير تفاديها، وثمَّة العديد من الأدوية التي قد تُسبِّب القذف المرتجع بالتأثير في الأعصاب الودية "sympathetic nerves"، والتي تدعم انقباض عنق المثانة، وذلك مثل:
- أدوية البروستاتا، مثل تامسولوسين.
- أدوية ارتفاع ضغط الدم، مثل برازوسين.
- مضادات الاكتئاب، مثل دولوكسيتين.
- مضادات الذهان، مثل كلوزابين.
- أدوية اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، مثل أتوموكستين.
لذا عند تناول هذه الأدوية، والمعاناة من القذف المرتجع، لا بُدّ من مراجعة الطبيب؛ إمَّا لاختيار بديلٍ مناسبٍ، أو للحصول على التوجيهات المناسبة لإعادة السائل المنوي إلى مساره الطبيعي.
أعراض القذف المرتجع
قد لا يعلم بعض الرجال بإصابتهم بالقذف المرتجع، فقد يقل قدر السائل المنوي لكن لا يدخل كله إلى المثانة، وعادةً ما يحدث القذف المرتجع عقب تناول دواءٍ جديد، أو إجراء جراحةٍ ما، وتضمُّ أهم أعراضه ما يلي:
- قلة السائل المنوي أو غيابه بالكُلِّية.
- بول عكر؛ نتيجة وجود السائل المنوي داخل المثانة.
- العقم.
لا يُسبِّب القذف المرتجع أي ألم، كما أنَّه من الاضطرابات التي لا تستدعي القلق إلَّا لو واجه الرجل مصاعب في الإنجاب.
اقرأ أيضًا: قلة السائل المنوي.. أهم الأسباب وطرق العلاج
تشخيص القذف المرتجع
يعتمد تشخيص القذف المرتجع على شيئين:
- عينة السائل المنوي: فإن كان حجمه قليلًا جدًا في عيِّنتين على الأقل، فقد يدل ذلك على القذف المرتجع.
- عينة البول بعد القذف: الفركتوز من المُكوِّنات الطبيعية في السائل المنوي؛ لذا فوجوده في عيِّنة البول دليل على القذف المرتجع، كما يُمكن عدّ الحيوانات المنوية الموجودة فيه وتأكيد التشخيص.
علاج القذف المرتجع
لا يتطلَّب القذف المرتجع علاجًا في أغلب الأحوال إلَّا لو سبَّب عقمًا، وقد يكون ذلك الاضطراب ناجمًا عن تناول بعض الأدوية، ومِنْ ثَمَّ فلعلاجه ينبغي التوقف عن تناول هذه الأدوية، أو تغيير جرعتها وفق توجيه الطبيب.
وتتضمَّن الخيارات العلاجية المطروحة للقذف المرتجع ما يلي:
1- العلاج الدوائي
قد تُوصَف بعض الأدوية المُضيِّقة لعنق المثانة؛ لمنع مرور السائل المنوي خلاله، ومِنْ ثَمَّ زيادة فرص الإنجاب، ويعدّ دواء إيميبرامين المُضاد للاكتئاب الخيار العلاجي الأول.
كما قد تساعد الأدوية الآتية في علاج القذف المرتجع:
- أموكسابين مضاد الاكتئاب.
- كلورفينيرامين مضاد الهيستامين..
- ميدودرين المُوسِّع للأوعية الدموية.
لكن ربَّما يعقب تناول الأدوية آثار جانبية، مثل الدوخة، وتغيُّم الرؤية، ويجدر التنويه بأنَّ الأدوية لا تساعد في حالة القذف المرتجع الناجم عن تلفٍ دائم في البروستاتا أو الخصية بسبب علاجٍ إشعاعي.
2- علاج العقم
ليس القذف المرتجع مشكلةً خطيرةً إلَّا لو أضعف القدرة الإنجابية، ومِنْ ثَمَّ فإن لم تكن الأدوية كافية في التغلب عليه، ينتقل الطبيب إلى التلقيح الصناعي؛ لتعزيز فرص الإنجاب.
هل تساعد التمارين على الحد من القذف المرتجع؟
يُمكِن تقوية عضلات المثانة بممارسة تمارين كيجل، والتي قد تساعد بعض الشيء على الحد من القذف المرتجع.