التشكيلية سميرة إسماعيل: التفاصيل تُلهمني.. سنلحق بالركب بتمكين الذائقة والفن
تعتمد الفنانة التشكيلية السعودية، سميرة حسن إسماعيل، طرقًا متنوعة للرسم، تقتضي البحث عن الفن والمعرفة لتترك أثرًا فنيًّا وتاريخيًّا.
خبرتها تزيد على 15 سنة في الفن التشكيلي، وتعتز بكونها أول سعودية تفوز بالجائزة الذهبية في امتياز الفن من معهد الفنون "سيتي آند غليدز" للفنون بلندن لتخصصها بالألوان المائية.
عبرت المدربة والمؤسسة لشركة فنون بأمريكا (Nafasart) عن تمكين المرأة وإنجازاتها التي حققتها محليًّا وعالميًّا، بالإضافة إلى تقديمها رسوماتٍ هندسية ذات طابع إسلامي بصورة أعمال فنية ديجتال وفيديوهات قصيرة.
تكشف "إسماعيل" لـ"الرجل" عن بداياتها في الفن التشكيلي والتحديات التي واجهتها وطموحاتها المستقبلية، والتالي نص الحوار.
- قال ماي "إذا أردت العالم فاخرج إليه". ببساطة أخبرينا من هي سميرة إسماعيل؟
سميرة فنانة وسيدة أعمال سعودية، تبحث في كل مكان وفي كل شيء عن الفن والمعرفة، وكيفية تمكينها محليًّا وعالميًّا لتظهر صورة الوطن والفن (العربي والخليجي) بشكل جاد ومحترف، والتركيز بالثقافة الفنية (المجتمعية والفردية) ومن خلالها نتحاور مع الغير، ونقدّم رؤية فنية وثقافية تُسهم في خلق وترك أثر فني وتاريخي.
وفي مسيرتها الفنية والثقافية والإدارية، شغلت مناصب إدارية عُليا وهي: مديرة تنفيذية لشركة إدراك بالخبر (شرق السعودية) وشريكة إدارية سابقة لمركز البيلسان للفنون بالخبر، وحاليًا مدربة ومؤسسة لشركة فنون بأمريكا (Nafasart).
وفنيًّا أنا أول سعودية تحوز جائزة ذهبية عالمية للامتياز بالفن، وخاصة بتخصصي الألوان المائية، وأيضًا أنا مدربة معتمدة ذات خبرة تزيد على 15 سنة في التدريب على الفنون، ومحكّمة معارض، ومنظّمة معارض فنية (محلية وعالمية).
والدي موسوعة
- من هو قدوتك بالحياة؟
قدوتي هو والدي حسن علي إسماعيل -رحمه الله- ومن خلال موسوعة خبرته العلمية والعملية والثقافية ترك لي ولأخواتي وإخواني أثرًا ثقافيًّا وعلميًّا وتاريخيًّا، ما ترتب عليه تكوين جسر بين ثقافتنا وحياتنا وروحنا التي نفتخر بها.
-هل لديكِ هوايات أخرى؟
أمارس رياضة المشي، والقراءة والتعرف على اللغات المختلفة، والهايكنغ (السير في الجبال).
-ما أجمل ذكرياتك؟
الأجمل دائما عندما تتواصل معي إحدى طالباتي بعد سنوات طويلة تخبرني بقبولها بجامعة بالفنون بلندن أو فوزها بجائزة.
أما في أمريكا فكان لديَّ شغف بزيارة المحلات التي تبيع الأشياء القديمة، ولفت انتباهي كتاب الرياضيات للصف الثالث المتوسط من الثمانينيات، وهو من السعودية وفوجئت به، فكيف وصل هنا إلى أمريكا ونحن في عام 2022م؟ وفرحت بوجوده كثيرًا.
اقرأ أيضًا: الفنان التشكيلي عصام عسيري: ليس لدينا ثقافة للاستثمار في الصورة
تركيزي بالفن
- لماذا اخترتِ مجال الفن التشكيلي دون غيره؟
لم أختر الفن بل هو اختارني، كُنت أرغب أن أكون عالمة فلك، ولكن لم يُكتب لي ودرست (إدارة الأعمال) لتأثّري بوالدي الذي كان رجل أعمال، وعملي معه.
أحببتُ إدارة الأعمال من عمر 15 سنة، ولكن دائمًا كان الفن يناديني فركّزتُ فيه باحترافية ما عرّفني به ومن منظور مختلف وواسع، عرفت قيمة الفن وأهميته للفرد والمجتمع.
- ومنذ متى بدأتِ انطلاقتك الحقيقية بالرسم؟
كأي رسام يحب الرسم ومنبهر بالألوان؛ حب الفن كان جزءًا من حياتي من الصغر وكان بيتنا يحتوي على عدد من اللوحات الفنية التي غذّتني بصريًّا، وبدأت الرسم كدراسة محترفة عام 1997م، ودراسة أكاديمية 1999م لمدة 4 سنوات (معهد سيتي أند غليد في لندن) وهي التي أسهمت في تكويني رسامةً وفنانة، وتتلمذت على يد البروفيسورة البريطانية جنيفرهيويت مدربةً للرسم من عام 1999م، ومكثت في رحلة التدريب إلى يومنا هذا.
- لأيِّ مدرسة فنية تنتمين في الفن التشكيلي؟ وبمن تأثرتِ من الفنانين التشكيليين؟ ولماذا؟
أنتمي لكل المدارس والأساليب وظهر ذلك في أعمالي وكوَّنت من ذلك أسلوبًا فنيًّا خاصًّا بي.
وتأثرت بالمدرسة (الانطباعية) التي ظهرت بأعمالي والخامات المختلفة التي أستخدمها.
تأثرت بكثير من الفنانين والفنانات منهم: الفنان مونيه، والفنان الإنجليزي تونير الذي ألهمني عندما استخدم الألوان المائية، ومن العرب الفنان العراقي الراحل غسان محسن، وأيضًا الفنان السعودي الراحل فهد الحجيلان، بأسلوبه الجميل والرائع في الطرح والتكوين عن المرأة، والفنانة الأردنية (فخر النساء زيد) والفنانة المصرية (جاذبية سري)، ومن الفنانات السعوديات الفنانة صفية بنـــــت زقر، والفنانة هالة العماري، وكذلك أسلوب الفنانة الأميرة غادة بنت خالد آل سعود، لهم طابع خاص فنيًّا وأسلوب فنانات المجموعة السعودية (الاتجاهات الفنية) المستمرة مع بعض كأصدقاء لمدة 26 عامًا، ولهن عدة مشاركات دولية، وغيرهم من الفنانات والفنانين السعوديين من أفتخر بالتعرف بهم وأعمالهم عبر السنوات.
- كونكِ حاليًّا تُقيمين خارج المملكة، ما الفرق في ذائقة المجتمع الغربي والعربي؟ وهل تجدين رواجًا لشراء اللوحات التشكيلية؟
الذائقة مختلفة والتفاعل أيضًا لأسباب عدة منها: أن الغرب سبقونا من الناحية الفنية والثقافة المجتمعية والتركيز في (رؤية الفنون) كعلم مثل العلوم الأخرى، ما جعل للفنون البصرية عامة قواعد وأساسًا ينتمي لها الفرد ويمشي من خلالها للتطور، بالإضافة إلى تمكين الذائقة عامة بوضع متاحف فنية عديدة، ومن ثم التجارب التشكيلية والمعرفية مختلفة، والتفاعل مع الفن أكثر جدية ووعيًا، ونعم يوجد رواج بيع وشراء الأعمال الفنية التي تصل أسعارها إلى ملايين الدولارات للعمل الواحد.
- ماذا ترسمين؟ ولمن؟ وما القضايا الإنسانية التي تشغلكِ حاليًّا؟
أرسم بكل المواضيع والتفاصيل التي تلهمني، وفي السنوات الأخيرة أصبح تركيزي على تمكين المرأة وإنجازاتها التي حققتها محليًّا وعالميًّا، وفي آخر معرض شاركت به عام 2022 بالسعودية، قدمت نماذج مائية، قمت بإنشائها ومن ثم قدمتها بشكل مطبوعة ديجيتال.. وقدمت أعمالاً أيضًا في الأشكال الهندسية والتصاميم ذات الطابع الإسلامي، وهذه تطرح أعمالاً فنية ديجيتال وفيديوهات قصيرة.
اقرأ أيضًا: المستشارة المالية أبرار باشويعر: الشيخ صالح كامل علمني ما لم أتعلمه بالجامعات
التحديات المجتمعية
هل واجهتكِ تحديات؟ كيف تغلبتِ عليها؟
نعم بالتأكيد كأي مجال فني وثقافي توجد عقبات وتحديات وتأتي بمستويات مختلفة ودرجات أيضًا.. منها عقبات تكون ضدك، ولكن بالتفاؤل تتحول إلى (عثرة) وتستطيع التغلب عليها.. وواحدة من العقبات كانت حينها عدم المقدرة على إيصال الفن السعودي، كما كنت أرغب بسبب الظروف المجتمعية والساحة الفنية حينها، وهذا أخّرني في تحقيق أحد أحلامي، ولكن رغم ذلك اعتبرت الأمر شيئًا إيجابيًّا وانتظرت الفرصة حتى نجحت.
ضعف التسويق
- برأيكِ لماذا الفنانون التشكيليون يتأثرون بالرسامين الأجانب بالرغم من وجود فنانين تشكيليين عرب عالميين؟
توجد أسباب عدة أهمها ضعف التسويق بالنسبة للفنان العربي، وقلة المعرفة الثقافية والفنية عن أعمالهم وإنجازاتهم، حيث إن الفنان الغربي يسوق له بعدة طرق وأهمها في كتب المدارس والجامعات والبحوث القائمة عن إنجازاتهم.
ونحن بإذن الله سوف نلحق الركب ولكن يحتاج الأمر إلى الفرص وقواعد جادة للتمكين بأهمية الفن كعلم ومعرفة.
- هل الفن التشكيلي يحظى بالدعم والتشجيع في المنطقة؟
الحمد لله، نعم، الفن يحظى بالدعم الكبير والتشجيع في المنطقة، ونرى سنويًّا معارض فنية قائمة له، وتخدم الفنانين والرسامين، ونحتاج إلى الصبر، لأن تحقيق ذلك يتطلب جهدًا وتفكيرًا وتنظيمًا لسنوات للخروج بفن يليق بنا، وإن شاء الله سوف نلحق الركب.
صناعة محتوى
- ما اقتراحاتك لتطوير الفن التشكيلي واستمراريته؟
التقدم والتطور الطبيعي والتحول المعرفي قائم على قدم وساق، وأقترح الاهتمام بالفنان والفنانة (كفرد) وتمكينهم معنويًّا ومادّيًّا من خلال دراسة الساحة والمتطلبات واحتياجات (الرسامين والرسامات) ووضع برامج تخدمهم في صناعة محتويات فنية ذات معنى وهدف ثقافي مجتمعي يخدمهم، كونهم أساس الفن ومن ثم يخدم الساحة.
مخازن متخصصة
- تواجه الفنانين التشكيليين، مشكلة تخزين اللوحات، برأيك هل يؤثر تراكم اللوحات التشكيلية في مراسمهم على مستوى الأداء والإبداع؟
لبعضهم نعم يُؤثر تراكم اللوحات التشكيلية عليهم نفسيًّا، وبعضهم الآخر لا يرونه مشكلة، ويُعدُّ إلهامًا لإنتاج المزيد من اللوحات.
الحقيقة السؤال مهم... وهو يوضح حالة لم تعالج... ألا وهي عدم وجود (مخازن مخصصة) للفنانين والفنانات والرسامين، لمساعدة من يرغب بأن يجد مكانًا ذا معايير تخدم متطلباته في عمليات التخزين... وهنا يأتي دور رجال وسيدات الأعمال.
الرسم والدراسة
- وما نصيحتك للفنانين الشباب في هذا المجال؟
أنا أنصحهم ألاّ يتوقفوا عن الرسم، ودراسته في بدايتهم دراسة أكاديمية لفهم ومعرفة الفن وتاريخه والمدارس الفنية، ووعي الفنان والفنانة وثقافتهم جزء مهم لتكوينهم وتطورهم، وأنصحهم بأن يكونوا جزءًا من مجموعة فنية في البداية لأخذ الخبرات والحصول على الدعم في مسيرتهم.
التوسع والانتشار
- ما طموحاتك المستقبلية؟
بما أني حققت واحدة من طموحاتي والحمد لله على ذلك، وهو فتح شركة للفنون بأمريكا، أتمنى أن أحقق طموحي المستقبلي بفتح فروع للشركة بالسعودية والخليج لتحقيق التوسع والانتشار.
وأطمح كذلك بأن أكون جزءًا ممن قدموا الفن الخليجي والعربي للعالم، وأسهم معهم في تحقيق ذلك بجدية واحترافية مدروسة.