رائدة الأعمال لينا حجار: والدي شكّل فلسفتي بالحياة.. وحلمي مركز ترفيهي لذوي الإعاقة
درست لينا أحمد حجار الحقوق في القاهرة واستهواها قسم الجنائيات لأنه يبحث عن الحقيقة في أبسط التفاصيل.
حين عادت إلى وطنها السعودية لم يكن للمرأة نصيب في ذاك الوقت للعمل في ذلك التخصص، ما جعلها تتحول إلى العمل في مكتب والدها للهندسة، إضافة إلى أنها درست دبلوم تصميم الديكورات الداخلية إلى أن تمكنت من تأسيس عملها الخاص وشق طريقها باستلام أول مشروعاتها.
لم تتوقف لينا عند حدود العمل التجاري، إذ أنشأت مؤسسة (لحياتنا معنى) التي تهتم بذوي الإعاقة، بعد موقف لامسها داخليًّا وخلق لديها ألمًا من نوع خاص وجعلها تقرر أن تحتضن هذه الشريحة بمختلف أطيافها، وتعمل على تفعيل دورهم مجتمعيًّا، والتوعية بحقوقهم الإنسانية والعملية.
"الرجل" التقت لينا حجار ووقفت على أهم محطاتها، ومن هو الرجل الذي ساندها في مسيرتها.
دراستها للقانون فتحت لها كثيرًا من الأبواب المغلقة، خصوصًا في مجال المراجعات، ومعرفة حقوق الموظف، والعامل، حتى حقوق صاحب العمل.
فكرة دراسة القانون لمعت في رأسها بعد أن التحقت بالعمل في مكتب والدها لتجد أنهم بحاجة إلى استشاري متخصص في مجال قوانين إدارة الشركات، وتوافق هذا مع اقتراح والدها أن تلتحق بالدراسة القانونية في القاهرة، إذ لم يكن التخصص متاحًا في المملكة في ذلك الوقت.
لكن الحقوق والقانون لم يكونا اهتمامها الوحيد، فهي تعمل في الديكور الداخلي، وتنظيم الفعاليات، والمسؤولية الاجتماعية، وترى أن جميع هذه المجالات متداخلة وتعبر عن شخصيتها، موضحة أنها خلال دراستها استطاعت أيضا الحصول على دبلوم التصميم الداخلي والعلاقات العامة ما أهّلها بجانب خبرتها مع والدها من تأسيس عملها الخاص.
اقرأ أيضًا: سيدة الأعمال سارة العايد: المرأة اليوم قدوة في الأعمال.. وأشقائي الأربعة هم سندي
مؤلفات والدي مرجعي
بعد العودة التحقت لينا بالعمل مع والدها متدرجة بالسلم الوظيفي من أبسط المهام لتتقن كل تفاصيل العمل مضيفة: "كنت تحت جناح والدي مدة عامين وكان يعاملني على أني موظفة ولست ابنة صاحب العمل، ومكّنني من كل تفاصيل المهنة هندسيًّا، وإداريًّا بالإضافة إلى خلفيتي القانونية. في عام 2007 توفي الوالد ووفاته شكّلت هزة لي؛ إذ كنت مرتبطة به جدًّا، ومن هنا انتقلت إلى محطة أخرى في حياتي، فقد تفكرت ماذا أريد أن أورث من بعدي؟ هذا السؤال كشف عن لينا جديدة، أرادت أن تورث علمًا، بصمة، ثقافة مجتمعية جديدة، ما جعلني أبحث أكثر، أقرأ أكثر، وأتعلم أكثر، وأنطلق في الحياة مستمتعة بكل ثوانيها".
وأكدت أن والدها أكثر من أثر فيها، وفي تكوينها، وصناعة فلسفتها إذ إنها كانت مرتبطة بوجوده معها سواء داخل البيت أو من خلال العمل، وبعد وفاته كانت لديه كثير من المؤلفات غير المنشورة، وكثيرًا ما تعود لقراءتها في حال استشكل عليها أمر ما.
أسست (لحياتنا معنى):
قصة عاشتها لينا بكل تفاصيلها وضعتها أمام حقيقة فعلية فيما يخص ذوي الإعاقة بكل أطيافهم ترويها قائلة: "في نهاية عام 2007م كنت قد بدأت بالعمل لحسابي الشخصي وانطلقت مؤسستي الخاصة بالمقاولات العامة وأعمال الديكور، في عام 2009 تواصل معي أحد العملاء لأنه يحتاج إلى لمسة ديكور في منزله، واكتشفت أن لهذه العائلة شخصًا من ذوي الإعاقة على كرسي متحرك، وتحت تربية عامل وعاملة في المنزل مسؤولين عنه مسؤولية تامة، هذا الموقف استفزّني جدًّا".
هذه القصة التي عايشتْها وحوّلتْ مؤشر اهتمامها للمسؤولية الاجتماعية وظهر أمامها علامة استفهام بالغة الوضوح عن هذه الفئة ولماذا لا يجري دمجها في المجتمع؟
بدأت بالبحث، عن كيفية الوصول لهم والجهات المسؤولة عن كيفية التواصل مع ذوي الإعاقة بكل أشكالها، منوهة بأن الفترة الزمنية التي بدأت بالبحث عنهم، كانت هذه الشريحة شبه مغيبة عن المجتمع، ومسترسلة في الحديث قالت: "في عام 2010 أقمت أول معرض وقمت بدعوة هذه الفئة للمشاركة عن طريق برنامج كنت أقدمه في إذاعة الرياض، تحت مسمى (شاركوني معرض إبداعي الخليجي الأول) هدف المعرض أن يكون تجمعًا لكل ذوي الإعاقة تحت سقف واحد، وكان التحدي نجاح المعرض، بدأنا بشخصين، ثم عشرة، ليصل عدد المشاركين في أيام المعرض الأخيرة إلى 120 شخصًا من ذوي الإعاقة".
مشيرة إلى أن عدد المعارض منذ عام 2010 وحتى اللحظة غير محصور حيث بدأت بمعرض خلال السنة وانتهت بأربعة معارض في الشهر الواحد.
اقرأ أيضًا: المستشارة المالية أبرار باشويعر: الشيخ صالح كامل علمني ما لم أتعلمه بالجامعات
مَثّلَنا المملكة خارجيًّا
اهتمام السيدة حجار بذوي الإعاقة انتقل لمرحلة جديدة في عام 2017م حيث تلقت دعوة من وزارتي الإعلام والعمل كأول فريق عمل تطوعي لتمثيل السعودية في تونس قائلة: "نحن أول فريق تطوعي يمثل المملكة العربية السعودية خارجيًّا، وجرى استقبالنا من قبل السفارة السعودية، وعند العودة جرى تكريمنا، وكانت الرحلة بمرافقة سبعة من ذوي الإعاقة، وعند العودة كان بداخلي حلم بإعداد كوادر، ومنظمين في معرض الكتاب. في عام 2019 تحقق الحلم، وجرى إلحاق المنظمين بمؤسستي مؤسسة (لحياتنا معنى لتنظيم الفعاليات) باسم الفريق نفسه، وكنا أول مؤسسة تتبنى مجموعة من ذوي الإعاقة يعنون بالتنظيم، ومن ثم توالت الاتفاقيات حيث أبرمنا اتفاقية مع أمانة جدة، وغيرها من الجهات".
جمعية حياتنا الترفيهية
خلال جائحة كورونا وبعد أن حققت كثيرًا مما كانت تحلم به، لينا حجار بدأت فكرة الجمعية وكيفية التحول لها مضيفة: "مع البحث المستمر توصلنا إلى أننا يمكن أن نتحول إلى جمعية أهلية وفكرتها ببساطة أنها بين كونها حكومية، وبين كونها أهلية، إدارتها كاملة في إطار مؤسسي، ولكن أولاً وأخيرًا هي تتبع الدولة وبعد أربع سنوات ينتهي مجلس إدارتها، وحقيقة أعجبتني الفكرة، وبدأنا البحث فيها أكثر، إضافة إلى أننا وظفنا عددًا من ذوي الإعاقة في جهات حكومية وخاصة، حيث كنا نقوم بالتدريب، أيضًا قدمنا المنح الدراسية عن طريق علاقات مع وزارة التعليم العالي، ودورات لتطوير الذات، أيضًا نحن أول فريق لديه نواب، في عام 2021 رسميًّا جرى إدراجنا تحت مظلة هيئة الترفيه وبمسمى (جمعية حياتنا الترفيهية) كأول جمعية متخصصة بالترفيه للفئات الخاصة (ذوي الإعاقة) في العالم غير ربحية.
مسؤولية اجتماعية وعمل تجاري
تعددت المهام، وكان لا بد من السؤال أين لينا بين كل هذه المسؤوليات؟ مجيبة: "اليوم أصبحت أصمم الفعاليات بأدق تفاصيلها، مع تصميم لديكورات المسرحيات التي تحتاج إلى خيال، فدمج علوم الحياة، والمهنية يزيد من قوتك، والإدراك السريع للتطور الذي يحدث في السعودية، فأنا محظوظة بهذه الثقافة التي جعلتني على المسار المميز عن غيري".
وعن كونها سفيرة للنوايا الحسنة أضافت: "هدية مميزة من منظمة حقوق الإنسان بترشيح من صديقاتي الكفيفات، وإهدائي لهذا الوسام الشرفي مدة ثلاث سنوات، يعني لي الكثير من الامتنان والمودة".
ومشروع استثماري
طموحات لينا حجار تجملها في القول: "أتمنى أن أحقق حلمي بعمل مشروع استثماري يعود على الجمعية ومستفيديها بعائد مالي" مضيفة: "حاليًّا نعمل على تجهيز المشروع من الناحية التشغيلية لرفعه وأخذ الموافقات المطلوبة".
وعلى مستوى عملها الهندسي والديكور فقد أبرمت عدة اتفاقيات مع مشاريع أكبر وأكثر خلال الفترة القادمة.