فيراري أف 50.. مسيرة الكمال المستمر
"إنها السيارة القادمة، تلك التي لم أُنتجها بعد".
عندما كان يردد أنزو فيراري هذه المقولة على مسامع أهل الإعلام في كل مرة يُسأل فيها عن الـ فيراري الكاملة بنظره، كانت تبدو هذه المقولة بالإيطالية وكأنها شعر، لكنها لم تكن قط شعرًا يُطرب مسامع المتلقين دون أن يكون قائمًا على أساسات منطقية واقعية، والسبب هو أنّ كل سيارة جديدة من فيراري، وعلى مر السنين، كانت تأتي أفضل من التي سبقتها، في الوقت الذي كان يعتقد فيه الجميع أنّ السيارة السابقة كانت الأقرب إلى الكمال وأنه من المستحيل على فريق تصميم الحصان الجامح (بشقيه الفني والتقني) أن يأتي بشيء أفضل منها.
ولعل السبب الذي دفعنا لذكر هذا الأمر هنا في معرض الحديث عن فيراري أف 50 التي صُمّمت وأُنتجت بعد رحيل أنزو فيراري عن دنيانا، هو أن السيارة التي تحمل الرقم ثلاثة بين سيارات فيراري الخمس الخارقة (288 جي تي أو، أف 40، أف 50، أنزو ولافيراري) هي السيارة التي أكدت أنّ نهج أنزو فيراري سيبقى بعد رحيله، خاصةً وأنّ أف 50 التي أتت بعد الأسطورية أف 40 رفعت سقف الأداء مرة أخرى، وأنّ الكمال هو حقًا على بعد قوسين أو أدنى بالنسبة لحمراوات فيراري الساحرة.
وجرى تصميم أف 50 من قبل لورينزو رامازوتي وبياترو كارمانديلا لدى دار بيننفارينا للتصميم، وجرى تجهيزها بمحرك طُوِّر استنادًا للمحرك الذي جهز سيارة فيراري التي شاركت في موسم 1991 من بطولة العالم للفورمولا 1، أي إنّ محرك أف 50 كان نسخة من محرك سيارة فورمولا 1 وُضِع على الطريق للاستخدام العادي 26 عامًا قبل محرك سيارة مرسيدس أي أم جي وان، تمامًا كما كان تصميم جسمها مستوحى بنسبة كبيرة من سباقات الفئة الأولى (الفورمولا 1)، وأيضًا 26 عامًا قبل أن يدخل طراز أستون مارتن فالكري حيّز الإنتاج.
من الواضح أنّ قدرًا كبيرًا من العمل كان مطلوبًا لجعل هذا المحرك المخيف المكوّن من 5 صمامات لكل أسطوانة مناسبًا لسيارة تسير على الطريق، ولكن تمكّنت فيراري من ضبط عيارات المحرك بزمن قياسي بالمقارنة مع محاولات الآخرين لتنفيذ الأمر نفسه مؤخرًا.
اقرأ أيضًا: فيراري "أف 40".. الأسطورة الحمراء وُلدت من رحم السباقات لغزو الطرقات
ومن المميزات الأخرى التي جُهزت أف 50 بها هي أنّ محرك السيارة هو الذي يحمل هيكلها ونظام تعليقها، هذا الأمر كان له تأثير إيجابي على الأداء وسلبي/إيجابي على مستويات الراحة داخل السيارة، إذ إنّ هذه التقنية تجعل ارتجاجات المحرك وارتجاجات الطريق تصل إلى المقصورة دون أي عازل، هذا الأمر السلبي ربما يكون هو الإيجابية بعينها، كون الشعور بالحضور الميكانيكي الهادر للمحرك داخل السيارة الرياضية هو الإيجابية بعينها.
من الداخل، تميز تصميم مقصورة القيادة من خلال البساطة ولكن ليس على حساب الظهور بمظهر لائق.
فعلى العكس من مقصورة أف 40 التي كانت غير مغلّفة ولا تحتوي على أي تجهيز، أتت مقصورة أف 50 مع بطانات للأبواب من الداخل، وطبعًا لوحة قيادة هي عبارة عن شاشة أل أي دي كانت تُعد متقدمة للغاية في زمانها.
وبما أنّ عمليات تطوير نسخة الإنتاج التجاري من علبة تروس فيراري التتابعية لم تكن قد انتهت في العام 1995، جُهزت السيارة بعلبة تروس يدوية لتكون آخر إصدار محدود من السيارات الخارقة يجري تجهيزه بعلبة تروس يدوية بست سرعات.
وتجدر الإشارة إلى أنّ محرك أف 50 الذي تحدثنا عنه هنا كان يتألف من 12 أسطوانة سعة 4.7 ليتر بقوة 512 حصانًا، الأمر الذي كان يسمح لها بأن تنطلق إلى سرعة 100 كلم/س خلال 3.7 ثانية، وهذا رقم ممتاز بالنسبة لسيارة أُنتجت في القسم الثاني من تسعينيات القرن الماضي.
جرى إنتاج 349 نسخة من فيراري أف 50 ويتراوح سعرها اليوم (الذي لا يتوقف عن الارتفاع مع مرور الزمن) بين 11 و 18 مليون ريال سعودي.