فيراري "أف 40".. الأسطورة الحمراء وُلدت من رحم السباقات لغزو الطرقات
"إنها السيارة التالية، تلك التي لم أُنتجها بعد"، هذه هي العبارة التي لطالما ترددت على مسامع كل من كان يتساءل من الصحفيين عن السيارة الأعز إلى قلب العجوز الساحر "أنزو"، مالك "فيراري" الراحل.
فبالنسبة للسيد فيراري، الابتكار هو المحرك الأول الذي يدفع الشغف، لذا كان في كل مرة يكشف فيها عن سيارة جديدة، يشتعل داخله شغف الابتكار مرة أخرى ليبدأ بالتفكير بالسيارة التالية.. تلك التي لم تأت بعد.
ظل أنزو على هذه الحال حتى عام 1988، عندما أغمض عينيه عن هذه الدنيا ورحل، عندها مات "فيراري الرجل" لتولد "فيراري الحلم".
لكننا اليوم لسنا بصدد الحديث عن فيراري الحلم، لذا سنتحدث عن فيراري "أف 40"، السيارة الأخيرة التي نالت موافقة العم أنزو، تلك التحفة الفنية الميكانيكية البسيطة.
حكاية أف 40 بدأت في وقتٍ مبكر من عام 1984، عندما اقترح المصمّم الشهير نيكولا ماتيرازي على أنزو فيراري، فكرة استخدام هندسة المجموعة "ب" من سيارات السباق في سيارة مخصّصة للسير على الطريق.
بذلك بدأ تطوير سيارة "جي تي أو أيفولوزويني"، التي انبثقت منها "أف 40"، بشرط أن يجري هذا التطوير خارج أوقات العمل الرسمي، أي أيام السبت فقط.
اقرأ أيضًا: الأحلام أيضًا تسير على عجلات.. سيارة فيراري بنسخة لا تتكرر
وُلدت من رحم الحلبات
عندما حظر الاتحاد الدولي للسيارات المجموعة "بي" لموسم 1986، وجد أنزو فيراري نفسه مع طراز "جي تي أو أيفولوزويني" الجاهز للتسابق، لكن الذي لا يملك فئة يمكنه أن ينافس ضمنها بين فئات السباقات التي تتم تحت إشراف الاتحاد الدولي.
هنا، قرر أنزو تحويل مشروع جي تي أو أيفولوزويني إلى سيارة يمكن قيادتها بشكلٍ قانوني على الطريق، وتكون مناسبة للاحتفال بالعيد الأربعين لعلامة الحصان الجامح.
رغبة العم أنزو هذه أتت منسجمة مع الواقع، الذي كانت تعيشه فيراري آنذاك.
فعندها كان الكثير من عملاء "فيراري" يشكون من أنّ سيارات الحصان الجامح أصبحت فخمة ومريحة، أي بدأت تبتعد عن المفهوم الذي يجب أن تكون عليه فيراري.
لذا أراد أصحاب القرار لدى قلعة "مارانيلو"، أن تكون "أف 40" عنيفة جدًا وسريعة، رياضية إلى أقصى الحدود ومتقشفة في تجهيزاتها، أرادوا لها أن تكون مخصّصة للسائقين الأكثر حماسًا الذين لا يريدون شيئًا سوى الأداء المطلق.
أرادوها ليس مختبرًا للمستقبل، كما هي الحال مع "بورش 959"، بل سيارة تختصر إرث فيراري العريق على الحلبات دون أي شيء آخر.
تصميم ينسجم مع متطلبات الأداء العالي
صُممت خطوط جسم "أف 40" من قبل بيترو كامارديلا، الذي سعى لتوفير العديد من فتحات التهوية فيه، كي تؤمن التبريد المطلوب للأجزاء الميكانيكية.
فيما عمل نيكولا ماتيرازي على تطوير المحرك وعلبة التروس، والأجزاء الميكانيكية الأخرى للسيارة، وجعلها صالحة للسير على الطرقات.
ميكانيكيًّا، جُهزت السيارة بمحرك من ثماني أسطوانات سعة 2.9 لتر بزاوية 90 درجة، مع شاحن هواء توربو مزدوج ومبرد داخلي يولّد قوة قصوى تبلغ 478 حصانًا عند 7 آلاف دورة في الدقيقة، و577 نيوتن متر من عزم الدوران، عند 4 آلاف دورة في الدقيقة.
أتى الجسم مصنوعًا من الكفلار وألياف الكربون والألمونيوم، لتحقيق الصلابة والوزن المنخفض.
وبفضل استخدام اختبارات الديناميكية الهوائية المكثّفة، انخفض وزن المركبة بشكلٍ أكبر من خلال استخدام الزجاج الأمامي والنوافذ البلاستيكية المصنوعة من البولي كربونات.
تتمتع "أف 40" بمكيف هواء معتدل، وهذا هو التجهيز الوحيد الذي تملكه على صعيد الرفاهية (أو الضرورة في بلادنا) فهي بالمقابل لا تتمتع بنظام استماع موسيقي، مقابض أبواب، صندوق قفازات، كسوة جلدية، سجاد أو ألواح لتغطية الأبواب من الداخل.
اقرأ أيضًا: مواصفات ومميزات Ferrari 296 GTB.. بداية عهد جديد لفيراري
وفي الختام، وللدلالة على أهمية "أف 40"، يكفي أن نشير إلى أنّ سعر النسخة ذات الحالة الفنية الجيّدة منها يتراوح اليوم بين 3 و4 ملايين دولار أمريكي.