رجل الأعمال فهد بن محمد الحمادي: بدأت من تحت الصفر.. أدعو الشباب للاستثمار في الصناعة
حين غادر قريته النائية قبل نحو خمسين سنة، كان لا يلوي على شيء، خرج من القاع قاصدًا العاصمة الرياض، كل ما حمله معه هو روح المبادرة وحب التحدي، فهو مُولَع بالمغامرة الإيجابية، يكره الروتين ويهتم بالتغيير الذي يفضي إلى التطوير.
وحين طوى صفحة الفقر وأصبح رئيس مجموعة اقتصادية تضم نحو 21 مؤسسة وشركة، وضع العمل التطوعي على رأس أولوياته، وجعل من العمل الخيري والمسؤولية الاجتماعية مبدأً لا مساومة عليه.
رجل الأعمال الشيخ فهد بن محمد الحمادي رئيس مجموعة الجازع القابضة وعضو مجلس المركز الوطني للدراسات والبحوث الاجتماعية، وعضو مجلس منطقة الرياض، ورئيس لجنة المسؤولية الاجتماعية بغرفة الرياض، في حوار مع مجلة الرجل يروي تفاصيل مشواره منذ كان فتى صغيرًا يعمل مقابل 15 ريالاً باليوم، إلى أنْ غدَا رئيس مجموعة اقتصادية كبرى يعمل بها نحو 500 موظف وعامل.
أبرز ما جاء في حوار مجلة الرجل مع رجل الأعمال فهد بن محمد الحمادي :
● انطلقت من تحت الصفر من قرية نائية.
● عملت في نزع المسامير من الألواح الخشبية مقابل 15 ريالًا.
● فقدت والدتي وأنا ابن 8 سنوات وعوضني الله بحنان جدتي.
● حياتي المهنية كانت حافلة بالصراع الدائم مع الوقت.
● نؤمن أن الموظفين هم أهم الأصول لدينا.
● مجموعة الجازع ينضوي تحتها نحو 21 مؤسسة وشركة.
● نتطلع لمركز الريادة لقيادة القطاع الصناعي السعودي.
● نعيد صياغة استراتيجيتنا للتوافق مع رؤية المملكة 2030.
● لا تبخلوا على مشاريعكم.
بداية من تحت الصفر
أين وُلدتَ وما البيئة التي نشأت فيها؟
ولدت عام 1376هـ في قرية صغيرة تدعى (العرجاء) في بيت طيني صغير في زمن لا يوجد به شبكة ماء ولا كهرباء، وبدأت أولى خطواتي من القاع، لم أرث مالاً ولا جاهًا ولا مركزًا اجتماعيًّا أو وظيفيًّا، بل انطلقت من تحت الصفر في قرية نائية لم أكن أتمتع – كمعظم مناطق الجزيرة العربية – بخدمات الحياة الحديثة من ماء وكهرباء وبيوت إسمنتية وشوارع إسفلتية ومدارس حديثة.
وماذا عن والديك، كيف كانت علاقتك بهما؟
فقدت أمي وأنا في الثامنة من العمر، ولكن الله لم يدعني وحيدًا، عوّضني عن حنان أمي بجدتي (مريم) التي كانت تتابع حركاتي وسكناتي، فوجدت رعاية وعناية تربوية أسهمت في صقل شخصيتي، وإبراز مواهبي، كما حظيت أيضًا برعاية وحنان والدي، كان رجلاً فقيرًا أثقل كاهله كثرة العيال وقلة المال.
متى بدأت العمل؟
في العقد الأول من عمري، كنت أبيع الحلويات لأقراني، وفي العقد الثاني من عمري لم تشهد حياتي تحسّنًا ملحوظًا لكني وجدت عملاً مع مقاول عربي في نزع المسامير من ألواح الخشب.
كان المقاول يعمل على بناء مدرسة، وأوكل لي مهمة نزع المسامير مقابل أجر قدره خمسة عشر ريالاً في اليوم، وفرت منها خمسين ريالاً في الأسبوع استثمرتها في تنمية تجارتي الصغيرة في المنزل، المتمثلة في الأشياء التي يحبها الأطفال مثل الحلوى وغيرها.
لقد عشت رحلة كفاح جميلة جدًّا واجتهدتُ من أجل تحقيق مبتغاي.. لم تكن تلك الرحلة -كلما تذكرت زملائي وكل أفراد أسرتي- أمرًا سهلاً أو تجربة تمر مرور الكرام.
وماذا عن اللعب وألعاب الطفولة؟
لعبت مع أقراني «طاق طاق طاقية» ، و«رن رن يا جرس» و«عظيم ساري» و«سبت السبوت»، ولكني عانيت فقْدَ أمي (عليها رحمة الله)، وأنا في سن الثامنة.
إلى أي مرحلة وصلت بتعليمك؟
درست الابتدائية، والمرحلة المتوسطة بقرية (عرجاء)، ولكن مع تلك الظروف العائلية الاقتصادية الصعبة؛ اضطررت إلى مغادرة مقعد الدراسة مبكرًا مكتفيًا بالمرحلة المتوسطة، وعوضت ذلك فيما بعد بكثرة القراءة والاطلاع، فالشهادات الدراسية تذاكر مُرور نحو الاستزادة من العلم.
الرحيل والتحدي
وكيف غادرت القرية وما الظروف التي رافقت رحيلك إلى العاصمة الرياض؟
تأثرت كثيرًا بالقصص التي كنت أسمعها في مجالس الكبار عن شظف العيش وكيف أن الناس يتغلبون على ذلك طلبًا للرزق بالترحال من مكان إلى آخر.
في البداية ذهبت إلى (الدوادمي) القريبة من العرجا، وعملت مثقب بطاقات إلكترونية، وهي وظيفتي الأولى في الحكومة، تلاها الثانية والأخيرة وظيفة (كاتب)في المحكمة الشرعية في الدوادمي .
ثم خطرت لي فكرة المغادرة نهائيًّا إلى العاصمة الرياض بحثًا عن وظيفة لكي أساعد والدي على مصاريف الحياة اليومية، كانت رحلة مليئة بالمنعطفات والمواقف، واجهت الكثير من الصعاب، لكني صمدت أمام الظروف، كنت في البداية مبتغيًا العمل الحكومي، لكن حبي للعمل الخاص عجّل في انتقالي إلى عالم مفعم بالمغامرة والتحدي، لأني كنت وما زالت أرى نفسي شيئًا آخر.
اقرأ أيضًا:رجل الأعمال صالح لوتاه: أستعدُّ لتحدّي "الرجل الحديدي".. والغربة مدرسة علمتني
ما أهم تحدٍّ في حياتك المهنية وبرأيك كيف يمكن للشباب البدء بمشروع عمل؟
جميع مراحل حياتي المهنية كانت حافلة بالصراع الدائم مع الوقت؛ الصناعة كانت أهم مراحل حياتي، لقد تحولت من مجرد مقاول إلى مُصنّع أو صانع للمنتجات رغم احتفاظي بشركة المقاولات ومشاريعها، وبلا شك إننا في المملكة ننظر للصناعة كمجال مكلف جدًّا ولا يمكن حصره، ولكنني أدعو أبنائي الشباب المقبلين على عالم الأعمال إلى الدخول في مجال الصناعة التي تمثل نشاطًا كبيرًا به مرحلة حياتية مهمة لأي رجل أعمال مبتدئ .
فيمكن البدء بهنجر صغير في أي مدينة صناعية كما بدأت أنا في الصناعية الثانية ثم تطور الموضوع ووصل حجم المصانع إلى (5) تشمل العديد من المجالات الصناعية، الأهم هو الطموح غير المحدود.
الجازع تملك 21 شركة
بصفتكم رئيس مجموعة الجازع القابضة.. أين وصلت أعمالكم؟ وعلام ينصب تركيزكم؟
بدأت مجموعة الجازع القابضة عام 1396 هـ كمؤسسة فردية، وقد وصلت اليوم لـ 21 شركة ومؤسسة، منها 5 مصانع، وشركة لوجستية، ومجموعة طبية تضم أكثر من 40 صيدلية طبية منتشرة على مستوى المملكة، وشركة مقاولات نفذت مشروعات تخطت 8 مليارات ريال على مدار الأعوام السابقة.
ولدينا أكثر من 12 محطة للبترول واسعة الانتشار، وشركة أخرى للسفر والسياحة (الحصن) بها قسم للحج والعمرة، وهناك شركة للفنادق داخل المملكة وخارجها.
ما الدور الذي تفخرون به في مجموعة الجازع؟ وما هدفكم الرئيس؟
نعتز بدورنا الحيوي في تعزيز نهضة القطاع الصناعي ونموّه في المملكة العربية السعودية على مدى العقود الأربعة الماضية، عبر توفير الدعم اللازم من المنتجات والحلول لإنجاح مشاريع تحديث البنية التحتية وتطويرها، التي شكلت الركيزة الأساسية لإحداث النقلة النوعية للوصول بالصناعة السعودية إلى مستويات جديدة من التميز.
يدور هدفنا الرئيس في الجازع الصناعية حول زيادة حصتنا في القطاع الصناعي في المملكة، وتأسيس شبكة واسعة من التحالفات الاستراتيجية في إطار رؤيتنا للوصول إلى مركز الريادة لقيادة القطاع الصناعي السعودي نحو المزيد من النمو والتطور.
نتطلع قُدمًا إلى توسيع نطاق أعمالنا في المملكة وضمن منطقة الخليج العربي خلال الفترة القادمة لنستفيد ممّا تقدمه من آفاق نمو جديدة وفرص استثمارية واعدة، ونسأل الله تعالى أن يديم التوفيق حليفًا لنا في مسعانا لخدمة الوطن والمساهمة في رفعته وازدهاره.
ونلفت إلى أننا غيّرنا استراتيجيتنا بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030 في مجال التقنية وأسلوب إدارة المشاريع الحديثة والتسويق الإلكتروني والترقيم والأتمتة.
التوطين ومبدأ المسؤولية
ما سياستكم تجاه العدد الكبير من الموظفين في شركاتكم؟
تؤمن مجموعة الجازع أن الموظفين هم أهم أصولها، ونفخر بفريق عملنا الذي يضم نحو 500 موظف من ذوي الكفاءات والخبرات العالية، ونحرص على توظيف الكوادر البشرية الوطنية وتأهيلهم، انطلاقًا من التزامنا المطلق بدفع عجلة التنمية الاجتماعية ودعم سياسة التوطين لتفعيل مشاركة الكفاءات الوطنية لا سيما الشباب.
ونركز في هذا الإطار على تطوير وتهيئة بيئة عمل مهنية قادرة على استقطاب الكفاءات السعودية وتحفيزها على العمل والعطاء للارتقاء بمستواها الوظيفي وتحقيق التطور الشخصي والمهني، وتلتزم بإعداد برامج وخطط شاملة لاستقطاب أفضل الكوادر البشرية والمحافظة على استمراريتهم وتطورهم.
اقرأ أيضًا:رجل الأعمال ناير السلمي: بدأتُ برأس مال لم يتجاوز 25 ألف ريال
بصفتكم عضو مجلس منطقة الرياض، رئيس لجنة المسؤولية الاجتماعية بغرفة الرياض.. كيف ترى دور الغرف التجارية في الحياة الاقتصادية بالمملكة؟
نسعى لترسيخ مبدأ المسؤولية الاجتماعية وتشجيعه لدى الشباب الذين لديهم الأساس العلمي والتقني.
الأكبر سنًا وقفوا عند مرحلة الوقف والأعمال الخيرية، أما العقول الشابة فتسعى لبناء آلية للمسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة للشركات والمؤسسات ويجب أن يكون هناك مزج بين الطرفين حتى يجري تحقيق مبادئ المسؤولية الاجتماعية لقطاع الأعمال، ويجب تنمية المسؤولية الاجتماعية لدى الأطفال عن طريق الأسرة والتربية منذ نعومة أظفارهم.
نصائح للشباب
● النصيحة التي تقدمونها للشباب السعودي لكيفية تحقيق آماله وطموحاته؟
ننصح بعدم التسرع في اتخاذ القرارات، ودراسة المشاريع بعناية ودقة متناهية واكتساب الخبرات والأفكار من أصحاب الأعمال والتجارب السابقة والاستشارات.
يجب الاقتناع بالفكرة أولاً ثم دراستها، وأن نبدأ بتكاليف بسيطة حتى ينجح المشروع الذي يتطلب على الأقل 3 سنوات لتظهر النتائج، كما يجب استقطاب مديرين جيدين يساعدون على الإدارة الحديثة للمشاريع، وعدم البخل على المشاريع.