الطائرات العملاقة خيار كبار الاثرياء الوحيد
لندن – عادل مراد
لم يعد قطاع الطائرات الخاصة يعتمد على ما تنتجه شركات هذا القطاع مثل بومباردييه وسيسنا وغالف ستريم بل تخطاه الى كافة قطاعات الطائرات حتى العملاقة منها. ويجد كبار اثرياء العالم ضالتهم في طائرات عملاقة يتم تجهيزها كطائرات اعمال لهم يطيرون بها في ارجاء العالم بلا حدود ويحملون معهم كل احتياجات اقامتهم بما في ذلك سياراتهم الخاصة.
وهناك على الاقل طائرة خاصة واحدة في الشرق الاوسط من طراز ايرباص 380 توفر اعلى معايير الخصوصية في العالم.
وتوفر الطائرة العملاقة التي يمكنها نقل 800 مسافر لمسافة ثمانية الافميل جوي قبل الحاجة الى الوقود، مساحات شاسعة للتصميم المنفرد الذي يتطلبه تحويلها الى طائرة خاصة حيث تحتوي على قاعة اجتماعات حول طاولة تتضمن شاشات تعمل باللمس، ومصعد لثلاثة طوابق داخل الطائرة يحيط به سلم دائري.
وتشبه الطائرة الخاصة الجديدة القصر الطائر وبها قاعة موسيقية تضم بيانو من الحجم الكبير ومقاعد لعشرة افراد. وتقول مصادر الصناعة ان الطائرة تشمل حماما من الرخام الذي لا يزيد سمكه عن مليمترين لتخفيض الوزن. وتتسع الطائرة لخمس مقصورات خاصة، بالاضافة الى مساحة لشحن سيارة من طراز رولزرويس. وقامت بالتصميمات الداخلية في الطائرة العملاقة شركة اسمها "ديزاين كيو".
وفي غرفة المكتب يمكن عرض اسعار الاسهم الفعلية والتواصل عبر الشاشة والفيديو مع خبراء على الارض في شؤون الاستثمار. ويوجد على الطائرة 20 مقعدا للنوم بتصميم مقاعد الدرجة الاولى في الطائرات التجارية. وهي طائرة فريدة من نوعها ولا يوجد في السوق طائرة ثانية تشبهها في الحجم والتجهيز بين طائرات الاعمال الخاصة.
وتعمل العديد من الشركات المتخصصة في تركيب انظمة الاتصالات الحديثة وتركيب ديكورات متطورة، في صناعة بدأت على نطاق محدود لعشرات الطائرات وانطلقت الى افاق غير مسبوقة، خصوصا في مجال تركيب انظمة الاتصالات التي تجعل الطائرة على اتصال دائم بعالم الانترنت والميديا على مدار الساعة.
وفي التسعينات،اقتحمت شركة بوينغ مجال المنافسة في قطاع طائرات رجال الاعمال وقدمت فيه "طائرة بوينغ للاعمال"، وهي طراز معدل من الطائرة 737، وكان ثمنها جديدة لا يتخطى 30 مليون دولار. حينذاك كانت طائرة بوينغ تمثل قمة الفخامة والسعة لانها كانت تمتاز بمساحة ارحب من طائرات الاعمال المتخصصة من شركات مثل بومباردييه وسيسنا وغالف ستريم. كما انها كانت تمثل قيمة متميزة لانها توفر مزايا اضافية بالثمن نفسه الذي يدفعه المشتري في طائرات اخرى اصغر حجما.
وعلى الفورقدمت ايرباص هي الاخرى طرازها المعدل من فئة 319 لرجال الاعمال بسعر مماثل لطائرة بوينغ. ومازال عدد من هذا النوع يعمل في منطقة الشرق الاوسط.
ولكن هذا الوضع تغير الان حيث يقبل المزيد من الاثرياء على اختيار الطائرات العملاقة لسفريات اعمالهم ويجهزونها بأفخم المتاح في السوق من التجهيزات. وينتظر الاثرياء تسليم طائراتهم لعدة سنوات احيانا، وبعد تسلمها تبدأ عملية التجهيز الداخلي التي تستغرق هي الاخرى فترة تزيد عن العام.
ويتعين الاتفاق مع شركة تصميم داخلي واختيار المواد والالوان والتجهيزات ثم الاشراف على التركيبات التي قد تكلف اكثر من 40 مليون دولار، اضافة الى ثمن الطائرة نفسها. وعلى الارجح، فإن من يشتري مثل هذه الطائرات يمتلك ايضا طائرات اخرى اصغر حجما. وفي اكبر الطائرات حجما يضع الاثرياء لمساتهم الخاصة سواء كانت صنابير مطلية بالذهب او قاعات سينما او تريض او مقصورات اجتماعات اعمال بالفيديو.
وتستفيد الشركات المتخصصة من المساحات داخل طائرات الاعمال لاقصى حد، مع الاخذ في الاعتبار الالتزام بمعايير السلامة ايضا، وذلك من اجل تحويل التصميم الداخلي الى مناخ جذاب. والى جانب انظمة الاتصالات تقوم الشركات بتركيب انظمة البث التلفزيوني المباشر واجهزة تشغيل اسطوانات الفيديو "بلو راي" وتركيب الشاشات المسطحة في ارجاء الطائرات والتوصيل بالانترنت والبث التلفزيوني الحي.
وتقدم شركة "لوفتهانزا تكنيك" احد افضل انظمة تحديث الطائرات الخاصة، وهو نظام "نايس" الذي يتيح امكانية تشغيل الافلام او خفض اضاءة مقصورة الركاب عبر التعامل مع شاشة لاسلكية فعالة. وتوفر الشاشة العديد من المعلومات الاخرى بما في ذلك مشاهد خارجية عبر كاميرات مركبة على جسم الطائرة. وهناك تطبيقات لاجهزة "أي بود" و"أي فون" لاستخدامها في التحكم في انظمة الترفيه والاتصال في الطائرات الخاصة.
من الاثرياء الاخرين الذين يملكون طائرات عملاقة خاصة الثري الروسي مالك نادي تشيلسي الرياضي المقيم في لندن رومان ابراموفيتش، ومؤسس "غوغل" لاري بيج. وتقول جينيفر كلاي من شركة كلاي الاستشارية في نيويورك ان رغبة امتلاك الطائرات العملاقة ينبع من الحاجة الى المزيد من المساحة والراحة خصوصا في الرحلات طويلة الاجل التي تقطعها مثل هذه الطائرات.
ومن السهل لهذه الطائرات الاقلاع من الرياض والوصول الى اي مدينة في العالم في اي من قارات العالم. من لوس انجليس غربا الى سيدني وطوكيو شرقا. وتتيح المساحة الكبيرة امكانيات تجهيز الطائرات العملاقة وكأنها يخوت طائرة. فمقصورات النوم ووسائل الترفية ومكاتب العمل وغرف الاجتماعات ومواقع الاتصال كلها تحتاج الى مساحات لا توفرها الطائرات الصغيرة ولا المتوسطة. وهي تشير الى مسألة تهم كبار الاثرياء وهي المساحة الرأسية ايضا التي لا تتوفر كثيرا في طائرات الاعمال صغيرة الحجم التي تصل بالكاد الى ستة اقدام ارتفاعا داخل المقصورة.
ولكن عمليةالتحديث والتجهيز ليست سهلة او رخيصة. والسبب هو ان سلطات النقل الجوي والسلامة تؤكد على ضرورة الالتزام بمعايير صارمة مثل تأمين الاجهزة المركبة في الطائرات حتى لا تتدخل في اداء انظمة الملاحة، وعدم بث ادخنة سامة لو شب بها حريق كهربائي، وايضا عدم الانفجار في حالات فقدان الضغط الجوي المفاجيء او اثناء الهبوط الاضطراري. وهذا يعني ان الشركات المتاحة في السوق لتوفير هذه التجهيزات الملتزمة بمعايير السلامة، عددها قليل ويمكنها ان تطلب الثمن الذي تريده في تجهيز الطائرات بهذه الانظمة.
وفي هذا القطاع يقول رئيس شركة "برايفت اير" كريغ توماس ان السوق ينقسم الى شقين، الاول هو من يريد استخدام طائرته الخاصة لرحلات شخصية فقط، وهو قطاع يمثل ثلثي حجم السوق. ام الشق الثاني، ويمثل ثلث السوق، فهو لهؤلاء الذين يتطلعون الى تأجير طائراتهم بين الحين والاخر في حالة عدم استخدامها. وفي هذاالقطاع تخضع هذه الطائرات لبعض شروط السلامة الاضافية الخاصة بنقل الركاب، وبالتالي لا يمكن تركيب بعض التجهيزات الخاصة فيها التي قد تنعكس سلبيا على سلامة الطائرة. ولكن في حالات الطائرات المخصصة للاستخدام الخاص يمكن للمشتري ان يقوم بتركيب ما يريده من تجهيزات.
وهناك العديد من شركات التصميم والتجهيز الداخلي للطائرات من اوروبا والولايات المتحدة تقوم بإعداد التصميمات بالاتفاق مع المشتري وتقوم ايضا بكل مراحل التنفيذ حتى تسليم الطائرة.
ومن احدث طائرات بوينغ التي دخلت مجال الطيران الخاص مؤخرا الطائرة 787 التيخضعت لعملية اعادة تصميم لنظام البطاريات فيها، وتلقت الشركة عدة طلبيات من العديد من زبائنها للاستخدام الخاص.
وعلى نمط طائرات بوينغ تقدم ايضا شركة ايرباص الاوروبية العديد من طرازاتها كطائرات خاصة بداية من الصغيرة 318 وحتى اكبر طائرة عملاقة في العالم وهي "ايرباص 380".
وتتسابق الشركات حاليا لتوصيل خدمات "برودباند" بتكلفة مقبولة للطائرات الخاصة، وخلال العام الماضي قامت شركة دنكان لخدمات الطيران بتركيب انظمة اتصال سريعة في اكثر من 70 طائرة خاصة بعد ان كان المعدل السائد خلال السنوات العشر السابقة ما بين 10 الى 15 طائرة سنويا. ومن المتوقع ان يصل عدد الطائرات الخاصة المزودة بخدمات الاتصال السريع، "برودباند" الى خمسة الاف طائرة في عام 2015.
وفي السوق الاميركي تقود شركة "ايرسيل" جهود تجهيز الطائرات بخدمات الانترنت السريعة عبر شبكة بث ارضي بموجات الراديو، وهي وسيلة اسرع وارخص من استئجار بث بالاقمار الصناعية غير مهيئة للتعامل مع كم كبير من المعلومات. وترى الشركة ان اكبر تحد لها هو اقناع مستخدمي الطائرات الخاصة بأن نظام "ايرسيل" لا يعاني من مشاكل الانظمة الاخرى التي لا يمكن الاعتماد فيها في السرعة او استقرار البث. ونجحت الشركة حتى الان في تركيب انظمة اتصال سريعة في اكثر من الف طائرة تجارية ونحو 200 طائرة اعمال خاصة. ويتكلف تركيب النظام في المتوسط نحو مائة الف دولار، وهو خفيف الوزن وسريع الاستجابة. وعلاوة على تكاليف التركيب يدفع المستخدم 13 دولارا لاستخدام الاتصالات اثناء رحلة جوية طوية المدى. ويعمل النظام بسرعات تصل الى 3.1 ميغابت في الثانية وهو يكاد يعادل انظمة الاتصال الارضي السريعة. وتتحسن هذه الخدمات وتزداد سرعتها وكفاءتها مع مرور الوقت.