التعاملات المالية بين الزوجين.. أبرز النصائح لإنجاح العلاقات
تُعد التعاملات المالية بين الزوجين أحد أكثر الملفات الحساسة التي لا بُد من النظر فيها، فلا يخفى على أحد أن مُعظَم العلاقات التي تفشل تكون بسبب الماليات، أو على الأقل تكون الأمور المالية سببًا رئيسيًا فيها. من هذا المُنطَلق يتوجب على الزوجيّن أن يجدا أرضية مُشتركة ويضعا قواعد للتعاملات المالية يسيران وفقها إذا أرادا لزواجهما أن يستمر ولحياتها الرغيدة ألا تَفسد.
اليوم، نمد يد العون لقرائنا الأعزاء ونتحدث عن كل ما يخص هذا الموضوع بدايةً من أنواع المشاكل المالية بين الزوجين ومرورًا بالحديث عن وضع الأهداف المالية، وليس انتهاءً بنصائح ذهبية للإدارة المالية الناجحة وتجنب الخلافات بطريقة فعَّالة.
أنواع المشكلات المالية بين الزوجين
بغض النظر عن الزمان والمكان فعادةً ما تكون أسباب المشكلات المالية بين الزوجين واحدة، على سبيل المثال:
1. عجز الرجل عن تدبير نفقات المنزل الأساسية فضلًا عن تدبير أي مبلغٍ للمستقبل والحالات الطارئة.
2. استيلاء الرجل على ممتلكات زوجته وكأنها حقه الوحيد، وهذا أمر يثير العديد من المشكلات ويفقد الزوجة الثقة بزوجها.
3. بُخل الزوج والإنفاق عندما لا يكون هناك مفر من الإنفاق، فتجده لا يعرف للرفاهيات معنى ولا يدفع ريالًا واحدًا إلا لمأكلٍ أو لمشرب أو لشيء لا يمكن العيش بدونه، ونحن هنا لا نتحدث عن الرجل الفقير الذي لا يمتلك الرفاهية لذلك، بل عن الرجال ميسوري الحال.
4. عَيش اليوم بيومه كما يقولون، وعدم وضع خطة للإنفاق أو تحديد الأهداف والأولويات المالية مما ينتج عنه خلافات كبيرة قد تؤدي إلى الانفصال في النهاية، وهذا يأخذنا إلى الجزئية القادمة والمهمة للغاية، ألا وهي...
كيف تضع أهدافك المالية؟
يعتمد هذا الأمر على العديد من العوامل، ولكن لحسن الحظ أن هناك نصائح ثابتة يُمكن أن تسري على أي حالة زواجٍ مهما كانت، ومع ذلك، هذه النصائح بدورها تختلف اختلافًا جذريًا من حالةٍ لأخرى، ولكن لا تقلق؛ فأي زوجين يستطيعان وضع أهدافهما المالية بسهولة شديدة إذا أجابوا على هذه الأسئلة بصراحة وسلاسة:
1. ما هي أولويات كل طرفٍ في الحياة؟ وكيف يمكن للأمور المالية أن تؤثر على هذه الأولويات؟
2. ما هي الأهداف المهنية بعيدة المدى وهل قد تؤثر على دخل الأسرة بشكلٍ أو بآخر؟
3. هل سيحتاج أيًا منكما مالًا إضافيًا لأغراضٍ تعليمية مثلًا؟
4. من سيُربّي الأولاد ويتولى أمور المنزل؟ هل سيكون الأمر تشاركيًا؟
5. هل لأحدٍ منكما أولاد من زواج سابق؟ إذا نعم، فما هي نوع الالتزامات المالية تجاههم؟
6. هل لأحدكما التزامات أسرية يجب الإيفاء بها؟
7. متى تنويان التقاعد وما هي تطلعاتكما (في حالة عمل الزوجين)؟
8. ما هي فلسفتكما العامة تجاه الإنفاق والادخار؟ هل تُفضلان ادخار الأموال والتقشف لفترة من الزمن حتى تستثمران الأموال في مشروعٍ مثلًا يُدر عائدًا مستقبليًا؟
اقرأ أيضًا: ما صفات الزوجة المادية؟ وكيفية التعامل معها
تلعب هذه الأسئلة على أوتار حساسة للغاية فيما يتعلق بتحديد الأهداف المالية كما تُغطي أهم المواضيع التي يجب النظر فيها، وبالتالي فإن الإجابة عليها ستسهل الطريق على الزوجين وتُجنّبهما الكثير من السجالات قبل أن تحدث، والآن، وقبل أن نتحدث عن النصائح العامة لإنجاح الإدارة المالية بين الزوجين، دعونا نتعرف على طريقة تجنب الخلافات المالية بين الزوجين أساسًا.
كيفية تجنب الخلافات المالية بين الزوجين
1. تشاركا الإنفاق وفضّلا المصلحة العامة
يعتقد بعض الأزواج أن أفضل طريقة لتجنب الخلافات المالية هي بامتلاك حسابات بنكية مُنفصلة، أو بالأحرى أموالهما الخاصة بحيث يتعامل كل طرفٍ بأمواله، وهذه مشكلة تُمهد لمشاكل أكبر، إذ تنافي هذه الفكرة الهدف الأساسي من الزواج وهو المشاركة، فإذا كان الطرفان يعجزان عن مشاركة الماديات، فكيف سيتشاركان الأمور الأهم؟
كذلك من المهم أن يُفضّل الطرفان مصلحة الأسرة العامة ولا ينظرا لتفاوت الرواتب بينهما إن كان موجودًا، فليس معنى تقاضي الزوجة لراتبٍ أعلى من الرجل -مثلًا- أن يقع العبء الأكبر من الإنفاق عليها، والعكس صحيح.
2. تحدثا عن أسلوب حياتكما وتقبلا الاختلاف
لعل أحد أهم النصائح التي يجب أن يُطبقها أي زوجين هي توحيد أسلوب الحياة فيما يتعلق بالماديات، إذ لا يمكن أن يكون الرجل متقشّفًا والزوجة مُبذرة تسعى لشراء كل ما هو جديد في عالم الموضة مثلًا. صحيحٌ أن كل شخص له حياته وتفضيلاته الشخصية وهذا يجب أن يُحتَرم، ولكن عندما يتعلق الأمر بالماديات، فالرؤوس يجب أن تتساوى أو أن يُضحي أحد الطرفين في سبيل إسعاد الآخر وهذا ما لا نُحبّذه؛ من الأفضل أن يكون هناك توافق وتراضي.
3. أبقيا كل تعاملاتكما المالية على المليء
لا شك أن أحد أكثر مُسببات المشاكل والخلافات المالية بين الزوجين تتمثل في إخفاء أحد الطرفين أمرًا ماليًا عن الطرف الآخر، فتجد الزوج يفتح حسابًا بنكيًا دون إعلام زوجته التي بدورها تُنفق ببذخ مُدعية أنها لم تصرف فلسًا واحدًا سوى على المنزل ومتطلباته الأساسية. عند انقشاع الظلام عن هذه الأمور يكون من الصعوبة بمكان أن يثق أحدهما بالآخر ودائمًا سيدخل الشك بينهما مما يزيد من فرص الخلافات.
الحل الأمثل ألا يُخفي أحدهما شيئًا عن الآخر، حتى وإن كان سيعلم أنه سيُقَابَل بالرفض. جديرٌ بالذكر أن بعض الأزواج يُبقون راتبهم سرًا عن الطرف الآخر، وهذا خطأ جسيم أيضًا، إذ ما المانع من مشاركة الزوج/ة شيء كهذا؟ أين ذهبت الثقة؟
4. ما توقعاتكما المالية؟
عند ارتباط العلاقات بالأمور المالية، فإن التوقعات يمكن أن تتسبب في استمرار العلاقات أو فسادها، فالرجال مثلًا قد لا يعبئون بهدية عيد الميلاد أو بهدية الذكرى السنوية للزواج، في حين أن بعض النساء قد لا يتنازلون عن الهدايا الثمينة في هكذا مُناسبات، وهذا مجرد مثال واحد عملي، وعلى أضيق النطاقات الممكنة، فما بالك بالتوقعات المُتعلقة بالنطاقات الأهم؟
اقرأ أيضًا: لماذا تحب الزوجة سماع كلام حب من زوجها؟
5. لا تخضعا لكل رغبات أطفالكما
لا يأبه الأطفال سوى بمرادهم، بل لا يفهمون قيمة المال أساسًا، وعليه فإنهم ينفطرون من البكاء عند عزوف آباءهم عن شراء هذه اللعبة أو تلك. يجب على الآباء ألا ينصاعوا لجميع رغبات أولادهم ويُعلّموهم بشأن قيمة المال. لا نقول بحرمانهم من الألعاب والأشياء المُسلية بالطبع، ولكننا نقصد عدم الانصياع وراء جميع الطلبات بغض النظر عن ماهيتها، ولا بد أن كل الآباء والأمهات الذين يقرأون هذا الكلام يفهمونه جيدًا، ولكن وجب التذكير.
نصائح لإدارة مالية ناجحة بين الزوجين
أخيرًا وليس آخرًا، حان الوقت لمجموعة من النصائح العامة لإدارة الأمور المالية بطريقة ناجحة، ولاحظ أن بعض هذه النصائح ستتقاطع مع النصائح العامة أعلاه:
1. توليَّا ماليات المنزل سويًا: كزوجين، لديكما مُطلق الحرية في تقاسم الماليات والإنفاق على المنزل بنهجٍ تشاركي أو منفرد. إذا كنتما تسعيان وراء الإدارة المالية الناجحة، فيجب أن تنطلقا من منطلقٍ تشاركي، سواء أكان هناك أطفال أم لا، فالمشاركة أساس العلاقات كما قلنا، ناهيك أنها تُحسن من التواصل وتجعلكما تشعران بالمسؤولية سويًا، وبالتالي تُقدران قيمة المال.
2. تحديد ميزانية مُشتركة للإنفاق: استكمالًا للنصيحة السابقة؛ إذا قررتما أن تتوليا الماليات سويًا، فعليكما أن تُحددا ميزانية مشتركة للإنفاق، بل في الواقع، يجب عليكما أن تُحددا هذه الميزانية سواء أقررتما مشاركة ماليات ونفقات المنزل أم لا. ويندرج تحت تحديد الميزانية المشتركة: تحديد ميزانية النفقات الأساسية من مأكل وملبس وإيجار إلخ، وكذلك تخصيص ميزانية للترفيه والنزهات الدورية وما إلى ذلك.
3. تتبع عادات الإنفاق: في ظل العصر الاستهلاكي الذي نعيش فيه، أصبح الإنفاق أسهل من أي وقتٍ مضى، فالمرء منا الآن يستطيع شراء أي شيء يتمناه وهو جالسٌ في سريره عن طريق الجوال. لهذا السبب يجب أن يتم تتبع عادات الإنفاق وعدم الخروج عن الميزانية المُحددة، فأولويات المنزل أولًا ومن ثَم بقية الأشياء.
4. وضع أهداف مالية مشتركة: تتطلب المراحل الحياتية المختلفة تدبيرًا مختلفًا للأموال، فضلًا عن اختلاف التطلعات المالية نفسها. فالإنفاق في بداية الزواج وفي غياب الأطفال أسهل كثيرًا من الإنفاق في حالة وجود أطفال مثلًا، ولهذا يجب أن يضع الطرفان خطة مالية مُحكَمة لكل مرحلة من مراحل حياتهما، في حدود المستطاع بالطبع.
5. الإنفاق بحكمة: لا شك أن اتخاذ قرارات مدروسة، لا سيّما قبل الإقدام على اتخاذ إجراء ماليّ كبير، هو أفضل نصيحة يمكن للمرء اتباعها للحفاظ على أمواله وإدارتها بشكل سليم. لهذا السبب يجب على الزوجين أن يتشاورا قبل شراء شيء ما لعل أحدهما يكون لديه وجهة نظر سديدة تقنع الآخر بالعزوف عن قراره.
اقرأ أيضًا: سيكولوجيا المال.. هكذا يتعامل عقلك مع الإنفاق والإدخار
في النهاية، يجب على كل الأزواج أن يبذلوا مجهودًا كبيرًا ليتوصلوا لأفضل طريقة يديرون بها أموالهم. الآلية تختلف حسب ظروف الزوجين، ولكن ما أوردناه بالأعلى ينطبق على الجميع وبتطبيقه، لن نقول لن تحدث خلافات مالية، ولكننا متأكدون أن فرص حدوثها ستقترب من الصفر.