الحكم حاتم حسنين لـ« الرجل»: الفروسية لياقة وثقة بالنفس.. سأقود الفارسات السعوديات للعالمية
تخصصه في المصارف لم يمنعه من تحقيق حلم حياته، سار في طريقه خطوة بخطوة، وبعد كفاح ومثابرة تكللت خطواته بالنجاح ليصبح أول حكم دولي برياضة الفروسية من المملكة السعودية، ويحقق إنجازات محسوبة لبلده، مؤكدًا أن شغفه تولّد من فرسان العرب، فكانت الخيل وما زالت رمزًا الشجاعة والقصص والتاريخ.
الحكم حاتم حسنين الحاصل على دكتوراه في المصارف، الذي يعشق رياضة ركوب الخيل وسباقاتها، يرى أن هناك طريقًا واحدًا للبطولة عنوانه الصبر والتحمل والعمل بصدق واللياقة العالية والثقة بالنفس، وشعاره بالحياة "لا للاستسلام، ولن أتوقف عن تحقيق أحلامي".
يشرف اليوم على فريق الفارسات السعوديات لسباقات القدرة والتحمل، جرى إطلاقه مؤخرًا، وهو منبثق عن برنامج صناعة الفارسات من الصفر للعالمية الذي استحدث للمرة الأولى بالسعودية، ويؤكد بثقة أنه "سيحقق إنجازات كثيرة وكبيرة لبلاده".
ضيف مجلة الرجل الدكتور حاتم حسنين يتحدث عن أهم المحطات في حياته وعائلته، وكيف طور موهبته، وجوانب مختلفة من حياته الشخصية والعامة.
موهبة ومحفزات
عشق الفروسية منذ طفولته، وبدأ بتعلم أساسياتها منذ عام 1977 في فيينا بالنمسا في أكبر المدارس الخاصة بالفروسية، كان عمره 7 سنوات، ولقي التشجيع والاحتضان من والديه -رحمهما الله-.
يقول "كان لأسرتي دور كبير في حياتي واستمراري في رياضة الفروسية، فوالدي مكتشفي ومشجعي هو الدكتور محجوب حسنين، كان يمثل المملكة العربية السعودية في منظمة أوبك في فيينا بالنمسا، وشغل منصب وكيل وزارة البترول وهو حاصل على شهادتي دكتوراه".
ويتابع: "أما والدتي فهي فائزة بنت عبدالكريم أركوبي، كان لها الفضل في تحفيزي وتشجيعي فهي خريجة إدارة أعمال من أمريكا، ومؤلفة كتاب «فن الطبخ السعودي والعالمي»، ولها مؤلف آخر «فن الأشغال اليدوية»".
وجانب آخر دفعه إلى حب رياضة الفروسية حيث يكشف أنه في طفولته كان يتابع مسلسل "بلاك بيوتي"، و"زورو" معترفًا بأنه "كان لهما الأثر الإيجابي في شحن طاقتي ودفعي لممارسة الفروسية".
كما ينوه الحكم الدولي حسنين لمجلة الرجل بدور التمرين والحرص على "ممارسة الفروسية بشكل يومي"، ما ساعده على التطور من فارس في قفز الحواجز محليًا حتى وصل للعالمية، مشيرا إلى أنه يملك اليوم مجموعة من خيول القفز، معتبرًا أن بدايته منذ الصغر صقلته للعمل والإنجاز وتجاوز الصعاب، وأهلته لنقل خبراته للجيل الجديد.
رئيس لجنة التحكيم
والمحطة الأخرى التي يتوقف عندها الحكم الدولي حسنين، بدأت مع توليه منصب رئيس لجنة التحكيم في الاتحاد السعودي للفروسية وذلك بالتزامن مع تأسس اتحاد الفروسية 1989، حيث كُلِّف باختيار الحكام وتدريبهم، يقول "هو منصب أفخر وأعتز به".
أما أبرز بطولاته ومشاركاته في الفروسية فيوضح "من عام 1981 م إلى عام 1989 شاركت فارس قفز في عدة بطولات محلية، ومنها بطولة شركة أرامكو التي أقيمت في «هابي فارم»، وحصلت على المركز الثالث الديساج على الجواد «تحدي»، وفي تلك الفترة كنت في بريطانيا في لندن (بطولة ريتش ماند)، وحصلت على المركز الثاني في قفز الحواجز على الجواد (لورنس)، ومن ثم إلى فيينا حصلت على المركز الأول على الجواد (بلاكي) في نادي الدانوب في فيينا بالنمسا، إضافة إلى عدة بطولات في قفز الحواجز محليًا بالسعودية".
والدتي والفرس "فائزة"
لكل فارس وفارسة قصة عشق وألفة مع الخيول، يكشف الحكم حسنين لمجلة الرجل أن من أشهر الجياد التي كان يمتلكها في قفز الحواجز الفرس "بديعة"، وهي فرس عربية وتمتاز بسرعتها في أشواط التصفيات، وأيضًا الحصان "جنتل مان" إنجليزي، والفرس "زيزفون" وهي عربية، التي أنتجت منها الفرس الشهيرة "محبوبة حاتم"، التي حققت المراكز الأولى في أكثر الأندية والمحافل.
أما الفرس "فائزة" فقد كان لها قصة مميزة مع حسنين، ترتبط بوالدته وبالبطولة والتألق. يقول: "هذه الفرس إنتاج مربطي في طريق حرض بالرياض وسميتها على اسم والدتي بناء على طلبها يرحمها الله، حيث قالت لي حينها بالحرف الواحد «إنك سترى الخير على هذه المهرة»".
ويضيف: "جرى تدريب الفرس فائزة على المسافات الطويلة من مربط الخيل الخاص بي في الرياض، حتى وصلت إلى زيورخ في سويسرا مع فارستها كلاودية، وحققت إنجازًا لم يسبق له مثيل في المملكة حتى يومنا هذا، حيث قطعت 5283 كم مرورًا عبر الصحراء في فصل الشتاء على مسافات طويلة، حتى وصلت إلى الأردن واستقبلتها الملكة عالية على الحدود باعتباره إنجازًا عالميًا غير مسبوق، وبعدها إلى سوريا ومن ثم تركيا عبر جبال طوروس وبعد تركيا استمرت بالسير إلى دول أوروبا وصولاً إلى سويسرا تحديدًا مدينة زيورخ، وكانت تمتطيها الفارسة «كلاودية»، وهناك أقيمت احتفالية كبيرة بهذا الإنجاز الكبير للـدريساج (dressage كلمة فرنسية تعني الترويض)، مع الفارس «جوديت وكلاودية»".
خبرات عالمية
وفي عام 1987، حصل حسنين على المركز الثالث لدريساج (تقوم هذه الرياضة على ترويض الخيول) في بطولة أرامكو، حيث إن الانطلاقة كانت من مدينة الرياض السعودية إلى زيوريخ السويسرية.
ويضيف "بعدها توليت منصب رئيس لجنة اعتراضات بطولة الدنمارك في كوبنهاجن على كأس «إلدريك» عام 1994م، ورئيس لجنة تحكيم بطولة أوروبا 200 كم بدلاً من «جورج رايلدر». هذه المراحل جميعها أضافت لي خبرات عالية في طريقة التعامل مع الفرسان العالميين بمختلف الجنسيات، وكيف أن الفروسية رياضة نبيلة واستفدت من تلك الخبرات من نقلها وتطبيقها في السعودية".
كأس العالم
وترتبط أهم مراحل التميز لدى الدكتور حاتم حسنين باختياره من الاتحاد السعودي للفروسية عضو لجنة عليا لسباقات القدرة والتحمل، ويضيف "حتى وصلت إلى تأسيس واختيار منتخب يمثل المملكة في البطولات العالمية، وتوليت حينها في منظمة إلدريك لسباقات القدرة والتحمل كعضو فعال في الاتحاد الدولي سابقًا تحت مظلة الاتحاد الدولي للفروسية إلدريك".
ويتابع "وترأست الوفد والإشراف على فريق (شيف ديكيب- رئيس الفريق)، لكأس العالم وحصلت المملكة على كأس العالم في دولة قطر، حينها كنت «شيف» ودوري اختيار الفرسان والإشراف على تأهيلهم وتدريبهم، وحصلنا على كأس العالم".
الفارسات قادمات
وعن أول برنامج للفارسات السعوديات، الذي أعلن عنه ضمن احتفالية خاصة في منتصف شهر فبراير الماضي، يلفت حسنين إلى أنه "بحكم زيادة إقبال السيدات على رياضة الفروسية في الآونة الأخيرة، جرى إطلاق برنامج الفارسات السعوديات حتى يرى النور قريبا في السباقات العالمية". ويشير إلى أنه وجد أن "الفارسات لديهن رغبة كبيرة في تحقيق أهدافهن دون توقف، خصوصًا للوصول للعالمية، ولديهن الرغبة في تحقيق الإنجازات وقبولهن للتحديات وإثبات أنفسهن".
ويؤكد أن فكرة "برنامج صناعة الفارسة السعودية من الصفر هي والجواد، جاءت تماشيًا مع رؤية المملكة 2030 وأطلقنا البرنامج بعد بداية زوال جائحة كورونا نهاية عام 2021 لتكون الانطلاقة في تأسيس برنامج متكامل يضم مجموعة من الفارسات السعوديات المؤهلات للوصول للعالمية. كلها أعدها إنجازات وطنية، وأفتخر بها جميعًا".
ويشير حسنين إلى أن "البرنامج انطلق بسباق القدرة والتحمل لقطع مسافة 160 كم"، لافتًا إلى أن "الاتحاد قدم له الدعم لتحقيق وتطوير هذه الرياضة بالمملكة"، ويضيف "أنا قدمت للاتحاد ونظمت عدة بطولات منوعة في مختلف مناطق المملكة مطبقًا القوانين الدولية واختيار منتخب رسمي للمملكة".
ويُذكّر بأن "سبق للمملكة أن حققت كأس العالم مع الرجال في عام 1996 وعددًا من المراكز والبطولات العالمية للرجال، وأعتقد أنه حان الوقت للفارسة السعودية أن تحقق العالمية في سباقات الفروسية".
ويَلحَظ أن هناك تطورًا كبيرًا واهتمامًا من القيادة في المملكة، حتى وصلنا للعالمية، ويلفت إلى أنه أشرف على تأهيل حكام ومصممين في عدة دورات محلية لدى معهد إعداد القادة، حتى وصولهم إلى مرشحين دوليين، كما عمل على إعداد المنتخب السعودي الأول وتأهيله لسباقات القدرة والتحمل بتكليف من رئيس الاتحاد السعودي للفروسية، واصفًا هذا بأنه مصدر فخر له.
العقبات والتحديات
وحول تجربته في تخطي العقبات والنصيحة لمحبي هذه الرياضة يوضح حسنين أن "الفروسية تختلف عن باقي الرياضات وتحتاج إلى جهد ومال، والحمد لله شخصيًا جرى تشجيعي ودعمي معنويًا من والدي، وشعاري «لا للاستسلام ولن أتوقف عن تحقيق أحلامي»، وهو ما ساهم في تجاوز كل العقبات".
وينصح "كل شغوف بهذه الهواية بالجهد والاجتهاد واليقين بالوصول للعالمية واكتساب الخبرات من أهل الخبرة في هذا المجال، ومتابعة تطور رياضة الفروسية محليًا ودوليًا، وبالتأكيد مع التركيز والمثابرة مع الحرص على أن يتم الجمع بين الدروس العملية والرياضية والنظرية، وبإذن الله ستتحقق المعجزات وتحقيق ما لم يحققه الآخرون".
دعم وتطوير
يؤكد الحكم الدولي حسنين أن "الدعم والتطوير مستمران لرياضة الفروسية في ظل التغيرات والتحديات التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على واقع الفروسية ونقلها إلى أفضل المستويات".
ويؤكد أن كثيرًا من العقبات تلاشت، وأن "التطوير واضح وملموس في كل الأنشطة وأنشطة الفروسية مثل سباقات الخيل، وحصولنا على سباقات «قروب وان» وقفز الحواجز بطولات خمس نجوم، وفي التحمل سباق العلا، الذي يضم أكبر جائزة".
الفارسة الصغيرة
وعن عائلته يقول "أسعى لرؤية أبنائي المحامية عهود والمهندسة معمارية جوان، والمهندس هاشم، وليان الفارسة الصغيرة، طالبة جامعية في التسويق، وفارسة في برنامج صناعة الفارسات".
أما فيما لو كان اتخذ الفروسية مهنة له فيؤكد أن "الفروسية حلمي لكن في الحقيقة هذا لا يكفيني ولدي مشروعاتي الخاصة، وشركاتي في مجال الاستشارات المالية ومكاتب المحاماة".
وعن هواياته غير الفروسية يكشف أنه يهوى "لعب الشطرنج والتزلج على الجليد، ويمارس هذه الهواية سنويًا في أوروبا وتحديدًا النمسا". كما يكشف أنه مارس ألعاب الدفاع عن النفس وحصل على مراكز متقدمة.
هوايات وأحلام
وردًا على سؤال يتعلق بالقدوة والمثل، يوضح "قدوتي هم فرسان العرب والصحابة رضي الله عنهم في غزواتهم والفتوحات، فكانت الخيل وما زالت رمز الشجاعة والقصص والتاريخ".
وعن أحلامه وطموحاته المستقبلية يقول الحكم الدولي حسنين "كل حلمي حاليًا أن نحقق وجود فريق عالمي قادر على الإنجازات بحكم وصول مكانة المملكة وموقعها بين دول العشرين وأنظار العالم لها بعدّها من أهم الدول عالميًا".
ويدعو كل من له هواية للانضمام للبرامج المتاحة حاليًا، متابعًا: "هناك برنامج خاص بالفرسان الصغار أيضًا لمن هم أقل من 18 عامًا، سيكون مكثفًا لتأهيلهم لبطولات ومسارات مختلفة، منها قفز الحواجز وسباقات القدرة والتحمل، وسيجري إطلاقه نهاية عام 2022".